سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في الليلة الثانية لاعتصام التحرير.. هتف الألتراس للشهيد: «سنأتى بحقك وأنت عند ربك» مشادات كلامية بين بعض المعتصمين ومؤيدى الإخوان بسبب الانتخابات.. ودعوات لتنازل مرسى لمصلحة «قائد من الميدان»
«يا مشير ويا عنان.. الثورة لسه فى الميدان»، كان هذا هو الهتاف السائد فى الليلة الثانية لأيام الاعتصام بميدان التحرير أمس الأول، وهى ليلة هادئة -نسبيا- قضاها المعتصمون وسط أجواء «شبه أسرية»، آباء وأمهات يتطلعون إلى المستقبل، وأطفال يطوفون فى الميدان فرحين حول أسرهم، وشباب يرددون هتافات حماسية تندد بأحكام محاكمة القرن، وتطالب بإسقاط حكم العسكر. وظلت المسيرات تطوف الميدان طوال الليل، مرددة هتافات تطالب بإسقاط الفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء فى عهد مبارك، واستبعاده من السباق الرئاسى، وأخرى تطالب بمحاكمة جميع المسئولين من النظام السابق. وعلى مدخل الميدان من جهة كوبرى قصر النيل، كتب المتظاهرون على الأرض: «حكم رفعت باطل.. عاوزين محكمة ثورة» كعنوان لمطلب الاعتصام، بينما راحت تجمعات متفرقة فى أنحاء الميدان تناقش الدعوات المطالبة بمجلس رئاسى مدنى، مكون من الحاصلين على أعلى الأصوات من مرشحى الرئاسة، ما عدا المنتمين للنظام السابق. وبينما دعا البعض لمقاطعة الانتخابات، دعا آخرون إلى التصويت لمرشح حزب «الحرية والعدالة» الدكتور محمد مرسى، مطالبين بإخراج الفريق أحمد شفيق من سباق الإعادة، وقال أحمد شوقى -مهندس بالشركة المصرية للاتصالات-: إن الاعتصام فرصة ثانية لانتزاع مطالب الثورة، أو على الأقل خروج شفيق، آخر رئيس وزراء فى عهد مبارك من السباق الرئاسى، مؤكدا أنه سيدعم أى مرشح ثورى حتى لو كان من جماعة الإخوان المسلمين ما دام المرشح الذى أمامه من فلول النظام السابق، على حد قوله، داعيا إلى تشكيل المجلس الرئاسى المدنى. وتمركز أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بالقرب من مسجد عمر مكرم، وانتشر بعضهم فى أماكن متفرقة من الميدان، وجرت مناقشات بينهم وبين المتظاهرين حول السباق الرئاسى بين متظاهرين مؤيدين للمقاطعة وآخرين ينوون التصويت لمرسى، وحاول أعضاء الجماعة إقناع المتظاهرين بضرورة توحيد الصف والالتفاف حول مرشح ثورى أيا كان ما ينتمى إليه. وبين الحين والآخر، كانت تقع مشادات كلامية بين بعض المعتصمين وعدد من مؤيدى جماعة الإخوان المسلمين حول قضية الانتخابات، فبعض المتظاهرين كانوا يحاولون إقناع المؤيدين للجماعة بضرورة انسحاب الدكتور محمد مرسى لمصلحة مرشح مدنى من قلب الميدان، أو تأييد فكرة المجلس الرئاسى المدنى، وفى المقابل كان مؤيدو الإخوان يبررون رفضهم لفكرة المجلس الرئاسى المدنى بعدم دستوريته. واصطف عدد من أعضاء الجماعة حول الدكتور أسامة ياسين رئيس لجنة الشباب بمجلس الشعب عضو المكتب التنفيذى للحرية والعدالة، وجرت نقاشات واسعة بينه وبينهم، ووجهوا له العديد من الأسئلة التى تتعلق بالانتخابات الرئاسية، ورد ياسين بأن «أى فصيل سياسى ثورى سيصعد إلى السلطة لا بد أن يشارك معه باقى الفصائل»، واصفا هذه الفترة ب«المعركة الأخيرة» للنظام السابق، إما أن ينتهى بخسارة شفيق أو يعود للسلطة، ويقضى على الثورة. واستنكر ياسين مقاطعة الانتخابات، بحجة أن مثل هذا التصرف سوف يزيد من فرص التزوير، على حد قوله، معتبرا أن كثافة التصويت فى أيام الانتخابات هى التى ستحمى الانتخابات من التزوير وتضمن عدم صعود مرشحى النظام إلى سدة الرئاسة، معتبرا أن الوضع الحالى يعد مأزقا كبيرا، وأن على القوى السياسية أن تتحد وراء مشروع واحد، رافضا فكرة المجلس الرئاسى المدنى، بدعوى أنها ستكون محل خلاف على أشخاص المجلس، فالبعض يرشح الدكتور محمد مرسى والدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وحمدين صباحى، وآخرون يقترحون محمد البرادعى، وبعضهم يشترط وضع المرأة والأقباط فى ذلك المجلس. وعلى مدخل الميدان من ناحية مسجد عمر مكرم، نصب المتظاهرون شاشتين على يمين ويسار الطريق، واحدة ناحية المجمع عرضت لقاءات تليفزيونية مع شفيق، يشن فيها هجوما على الثورة والمتظاهرين فى التحرير، وكانت الشاشة الأخرى من نصيب المجلس العسكرى، إذ عرضت عدة مقاطع وفيديوهات تصور هجوم قوات الجيش وسحلهم للمتظاهرين فى أحداث ماسبيرو، ومحمد محمود، ومجلس الوزراء. وبين الكعكة الحجرية وحديقة المجمع، أنشأ المعتصمون ما يشبه النصب التذكارى على الأرض، الذى ضم لافتات مختلفة رُفعت فى العديد من الأحداث السابقة، و«بانر» للشهيد «شهاب» الذى استشهد فى أحداث محمد محمود، وهتف أعضاء «ألتراس وايت نايتس»: «سنأتى بحقك وأنت عند ربك»، ولافتة أخرى كتب عليها: «دولة الباطل ساعة.. ودولة الحق إلى قيام الساعة»، وثالثة كتب عليها: «شهيد تحت الطلب»، فضلا عن صور لشهداء 25 يناير، ومحمد محمود، وصورة لمينا دانيال، وبعض الأقنعة المضادة للغاز المسيل للدموع، بالإضافة إلى قبور رمزية كتب عليها أسماء الشهداء وصورهم. وعند التاسعة والنصف، نظمت مجموعة من ذوى الاحتياجات الخاصة الذين يتحركون على كراسى كهربائية مسيرة أخرى، طافت أنحاء الميدان، لحث المعتصمين على الاستمرار فى الاعتصام، وعدم ترك الميدان حتى «إعادة محاكمة رموز النظام السابق أمام محكمة ثورية». وظهر فى الميدان العشرات من أبناء الصعيد القادمين من سوهاج، الذين رفعوا صورة أحد شهداء الثورة ويدعى عزت عبدالواحد، توفى فى أحداث محمد محمود بطلق نارى، وقال مصطفى عبدالواحد شقيق الشهيد: «نحن لم نكن نشارك فى المظاهرات، لكننا نداوم على المشاركة فى المليونيات منذ استشهاد شقيقى، ونريد أن نثأر له». ونظم بعض المتظاهرين مسيرة إلى كوبرى 6 أكتوبر أدت إلى غلق الكوبرى لأكثر من ساعة، مطالبين بإعادة محاكمة مبارك ونجليه ووزير الداخلية وكبار مساعديه، وتطبيق العزل السياسى على شفيق فى جولة الإعادة والقصاص العادل لشهداء الثورة، ثم عادت المسيرة إلى الميدان مرة أخرى. بينما أصبح شارع محمد محمود مكانا للراحة، نظرا لقيام أصحاب المقاهى بوضع أعداد كبيرة من الكراسى داخل الشارع لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المعتصمين، الذين حولوا جدران جميع المحال الموجودة داخل الشارع إلى جداريات اعتراضية، وكتبوا عليها عبارات من قبيل: «شفيق بهيس.. وعاوز يبقى ريس»، و«يجب إقالة النائب العام»، و«الإعدام مطلبنا.. ومش هانسيب حق إخواتنا». ثم أصيب الميدان بالذعر عندما قام العشرات بالركض نحو مسجد عمرو مكرم قائلين: «بلطجية، بلطجية». وعندما ذهبوا إلى المسجد، تبين أنه حادث سيارة لم يسفر عن إصابة أحد، فعادوا إلى الميدان مجددا. وبعد العاشرة والنصف، بدأ العشرات من المعتصمين الذهاب إلى كوبرى قصر النيل لاستنشاق الهواء بعيدا عن زحام الميدان، بينما بدأ آخرون الاستعداد للنوم خلف مجمع التحرير وأمام المتحف المصرى. وفى الحادية عشرة، انخفضت أصوات هتافات شباب الألتراس وقلت أعدادهم وتفرق المتظاهرون فى الميدان وتحولوا إلى مجموعات، ورددت كل مجموعة على حدة هتافات مختلفة وبدأ العشرات من المواطنين فى ترك الميدان عائدين إلى منازلهم، فيما افترش آخرون الأرض للاستعداد لقضاء الليلة الثانية فى الميدان. والتف أغلب المعتصمين حول الباعة الجائلين لشراء المأكولات والمشروبات قبل النوم؛ ولكن عند الواحدة والنصف تحول ميدان التحرير إلى ساحة غنائية كبيرة حيث أطلق أغلب الباعة الجائلين الأغانى من مكبرات الصوت بصوت عال، للفت الانتباه إليهم، وفى الثانية صباحا رفع العشرات من الشباب علم مصر بطول 50 مترا ونظموا مسيرة داخل الميدان من أجل «عودة الروح» بعد أن هدأ المعتصمون، بينما استمرت الحلقات النقاشية ولعب الكرة حتى صلاة الفجر. وظهر شبان من «ألتراس أهلاوى» داخل شارع محمد محمود، حيث افترشوا الرصيف المقابل لبوابة الجامعة الأمريكية، أما أعضاء «ألتراس وايت نايتس» فظلوا متمركزين فى مكانهم المفضل عند حديقة المجمع. وأدى المتظاهرون صلاة الفجر فى جماعات بالقرب من مسجد عمر مكرم، وحديقة المجمع، والكعكة الحجرية، وأنحاء أخرى متفرقة من الميدان. وبعد صلاة الفجر، بدأت أعداد المتظاهرين تقل تدريجيا، ودخل البعض الخيام للنوم، بينما نظم عدد من الشباب أنفسهم بعد شروق الشمس مباشرة، وأحضروا مقشات وأكياس قمامة، وبدأوا فى تنظيف الميدان تمهيدا ليوم اعتصام جديد.