إذا كان زواج الفتيات في سن مبكر قضية تشغل الكثير من علماء النفس والاجتماع في العالم أجمع، فما بالنا بزواج الأطفال، ففي إيران انتشرت ظاهرة زواج الأطفال، دون سن العاشرة، مما يعد جريمة في حقهن، علماً بأن الأمر غير قاصر علي الفتيات فحسب، بل الصبية أيضاً، مما نتج عنه آلأف الفتيات في هذا السن دخلن ضمن قوائم المطلقات والأرامل . حول هذه الظاهرة قال "فرشيد يزداني" عضو جمعية حقوق الأطفال في إيران، لوكالة أنباء "مهر" الإيرانية: إنه وفقاً للإحصائيات فإن معدل زواج الأطفال في إيران، دون سن العاشرة، تضاعف خلال الثلاث سنوات الماضية. وأضاف أنه في عام 2010 تم زواج أكثر من 700 طفلة، جميعهم أقل من 10 سنوات ، كما يوجد 342 ألف أقل من 18 عام ، 42 ألف حالة زواج ما بين 10 : 12 عام ، مشيراً إلي أن الأعداد أخذت في الارتفاع خلال الثلاث سنوات الأخيرة . وأوضح "علي أكبر مخزون" مدير مصلحة الأحوال المدنية بطهران أن الأمر لم يقتصر علي الفتيات فحسب ، بل إن هناك بعض الصبية يقبلون ، يجبرون علي الزواج أيضاً . ففي العام الماضي تم تحرير نحو 3 ألاف و 929 عقد زواج لفتيات و صبية ، تتراوح أعمارهم بين 10 : 14 عام . لعل ما يثير الدهشة، هو ارتفاع زواج الأطفال في المدن الإيرانية ، بمعدل أكبر من القري، حيث أشار "مخزون" إلي أن نسبة الزواج في العاصمة، المدن الكبرى تقدر بنحو 55 % ، في حين أن 45 % في القري ، المناطق النائية بإيران . في الوقت نفسه أكد أن الفقر لم يكن الدافع وراء انتشار هذه الظاهرة ، لكنها عادة أخذت في التوسع داخل طبقات المجتمع الإيراني . نظراً لأنهم غير مؤهلين للحياة الزوجية ، فإن معدل طلاقهم يزداد كبير . فهناك أكثر من 800 ما بين 10:14 سنة ، 15 ألف فتاة تتراوح أعمارهم ما بين 15 : 19 عام مطلقات و أرامل . قال "أبو الفضل أبو ترابي" رئيس اللجنة التشريعية بالبرلمان أن القوانين تمنع من زواج الأطفال ، القانون لا يسمح بتحرير عقود زواج للفتيات دون العاشرة ، الصبية دون 15 ، بالتالي فإن حالات التجاوز ، تتم عن طريق التلاعب ليس إلا . نظرة ساخرة علي زواج الأطفال جاءت التقارير الرسمية ، التي كشفت عن زواج الأطفال في إيران صادمة إلي حد بعيد ، بالتحديد في العامين الآخرين ، حيث انتشار الظاهرة . لأن الكاريكاتيرات تعبر عن نبض المجتمع ، مشكلاته بشكل ساخر ، خرجت العديد من الرسومات الكاريكاتيرية المنتقدة لهذه الظاهرة . حيث نشرت موقع "شفاف" الالكتروني الإيراني، كاريكاتيراً للفنانة الإيرانية "فيروزه مظفري"، تصور فيها الزوج في عمر والد العروس ، شعره أبيض، ممسك ب"الرق"، يكاد يرقص من الفرح بعروسه، التي حملها بيده الأخرى، تبدو في مقاربة له في الطول، لكنها مجرد خدعة، حيث أن العروس، لم تكن سوي طفلة صغيرة، جلست علي يده، ممسكة بعروستها، التي تشبهها في الحجم تقريباً ، فهي لم تكن كبيرة ، لكن الدور، الذي تلعبه في هذه الليلة، هو الذي كبير عليها ، تماماً كفستان العروس، الذي ترتديه . دعوات علي الفيس بوك بين الشباب الأكبر سناً ترفع شعار "ممنوع الزواج" في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة زواج الأطفال ، تنتشر دعوات بين الشباب في سن الزواج تدعو إلي عدم الإقبال علي الزواج نهائياً، حيث دشن عدداً من الشباب الإيراني صفحة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، تحت اسم "ممنوع الزواج"، التي تعدي عدد معجبيها 190 ألف . دعت الصفحة إلي عدم الإقدام علي هذه الخطوة ، التحذير من السقوط في فخ ما يعرف بعش الزوجية، الحب، الوعود الحالمة، الكلام المعسول، وقال أدمن الصفحة في التعريف بها أن الزواج مسؤولية كبيرة، من الحماقة أن تشارك أحد حياتك الخاصة . نشرت الصفحة بعض النكات ، الساخرة من الزواج ، أعباءه ، كما انتقدت زواج الأطفال، ارتفاع معدل الطلاق في إيران بنسبة كبيرة ، الأمر الذي دفع الكثير من الشباب الإيراني لإعادة التفكير أكثر من مرة في أمر الزواج . ارتفاع معدل الطلاق داخل المجتمع لم ينحصر الخلل في المجتمع الإيراني علي زواج الأطفال فحسب ، بل إن ارتفاع معدل الطلاق بين الأزواج ازداد بمعدل كبير في السنوات الأخيرة . حيث صرح "محمد الذهبي" رئيس اللجنة الثقافية و الاجتماعية لمجلس مدينة "طهران" أن معدل الطلاق في العاصمة الإيرانية "طهران" وصل إلي 30 % ، إلي جانب 50 % من الأزواج يعانون من مشكلات فيما بينهم ، و حياتهم غير مستقرة ، لكنهم لم يصلوا لمرحلة الانفصال التام . ووفقاً لما ورد في تقرير وكالة أنباء "إيلنا" فإن أعضاء مجلس مدينة "طهران" اقترحوا وجود خطة لتدعيم و تقوية الروابط الأسرية ، و تعليم المقبلين علي الزواج فنون و مهارات الحياة الزوجية ، حتي يستطيع الطرفان تجاوز أية مشكلات تصادفهما بعد الزواج، و تجنباً للصدام المستمر الذي يؤدي في النهاية للطلاق ، نتيجة عدم الخبرة ، و الصبر علي مواجهة المشاكلات . و أضاف "الذهبي" أن هذا المعدل خطير ، يهدد كيان المجتمع الإيراني بأكمله ، و إن لم نتصدى لهذه الظاهرة ، فإن المجتمع سيصاب بحالة من الفوضى، لذا قمنا بوضع خطة "تقوية الروابط الأسرية" ، أنه تم الاستعانة ب100 متخصص في العلاقات الزوجية ، تم تدريبهم علي أعلي مستوي و تأهيلهم كي يتمكنوا من القيام بمهامهم علي أكمل نحو . كما أفاد راديو "فردا" معدل الطلاق في إيران يرتفع كل عام ، فالعام الماضي كانت هناك 142841 حالة طلاق وفقاً لما ورد في سجلات الطلاق الرسمية للدولة . و أضاف "فردا" أن إيران تستعين بالسينما و الأفلام الروائية ، الوثائقية التي يتم إنتاجها خصيصاً لحل هذه المشكلة نظراً لتأثيرها السريع و الفعال في نفوس المشاهدين ، و ذلك بهدف إقناع الأزواج باستئناف حياتهم الزوجية ، دون اللجوء للطلاق، و يتم عرض هذه الأفلام يومياً في محاكم الأسرة .