يحل علينا شهر رمضان الكريم لنبدأ مواجهة سيل الأعمال الدرامية التليفزيونية ومهرجان المسلسلات المصرية على جميع القنوات الفضائية، والمدهش أن الاقتصاد المصري يحاول الخروج من الأزمة المالية التي أحلت به خلال السنوات الماضية، ورغم ذلك فإن مصر تتصدر الدول العربية في الأكثر إنتاجا للأعمال الدرامية. المشكلة الحقيقية ليست في عدد الأعمال الدرامية والانتاج الضخم، ولكنها في الرسالة والمغذى والقضايا المطروحة في تلك الدراما المصرية وطرق تناولها ومعالجتها في المجتمع والواقع المصري. إن ما يعرض في الآونة الأخيرة أصبح يسلط الضوء على فساد رجال الأعمال وإعطاء نماذج سيئة على ذلك القطاع من المجتمع المصري وتشويه صورة المستثمرين وكأن الفساد نابع من هؤلاء فقط. إن الدراما المصرية استحلت شرف وعرض وسمعة رجال الأعمال في محاولات مستميتة لإلصاق تهمة الفساد بهم من خلال مسلسلات تشهد أكبر نسبة مشاهدة ومتابعة طوال العام وكأنها خطة إعلامية موجهة لتشويه رجال الأعمال وتطفيش المستثمرين. لقد تعود القائمون على المسلسلات والدراما المصرية تصوير رجال الأعمال وكل من يعمل في مجال البيزنس والاقتصاد بالثراء الفاحش والحياة المرفهة في القصور والبيوت الفخمة البعيدة كل البعد ليس فقط عن الواقع بل عن حياة المصريين البسطاء وكأنهم أفراد عصابة مهمتهم الوحيدة سرقة أفراد الشعب وإذلالهم وانتهاك حقوقهم وسرقة أحلامهم البسيطة. يتأثر المتابعون والمشاهدون بتلك الدراما بشكل أو بآخر بل وتسيطر على مخيلتهم ، مما يحدث فجوة بين أبناء الطبقات الاجتماعية المختلفة. نحن في مرحلة حرجة من أجل النهوض بالبلاد وجلب الاستثمار وتوفير فرص عمل للشباب وزيادة احتياطي العملة الأجنبية وجذب رؤوس الأموال العربية والأجنبية وتنشيط عجلة الإنتاج.. فلماذا إذن تظل نفس الرسالة ووصمة العار تلاحق رجال الاعمال في مصر، رغم كافة مجهودات الدولة في الداخل والخارج من أجل تحسين صورة الاقتصاد المصري ؟ لماذا لا تتطرق الجهات السينمائية والدرامية إلي أنواع أخرى من الفساد، مثل فساد دواوين الحكومة وفساد الجهات الادارية وفساد الإدارات التنفيذية وفساد الموظف والعامل وفساد الطبيب وإلخ. إن إصلاح منظومة الدولة ومكافحة الفساد ليس بالضروري أن يكون على حساب المستثمرين ورجال الأعمال، علما بأن رأس المال جبان.