يصدر الكيان الصهيوني في المشهد الحكومي الفترة الأخيرة الشخصيات الأكثر تطرفًا وعنصرية، حيث بدا واضحًا أن ما تتخذه حكومة الاحتلال من تغييرات حكومية وقوانين تنتهج سياسة متشدده ومتطرفة تجاه الفلسطينين والصراع العربي الإسرائيلي، وذلك في مواجهة كل الجهود الدولية إزاء حل القضية الفلسطينية. وصف هذه الحكومة والشخصيات المسؤولة في الاحتلال الصهيوني بالمتطرفون في الفترة الأخيرة لم يأت من قِبَل المناهضين لها من الفصائل أو السلطة الفلطسينية فقط، بل وصف كثيرون داخل الاحتلال هذه التغييرات بالمتشددة، فبعد أن خرج للعلن اقتراح بضم افيجدور ليبرمان للحكومة الصهيونية، وبدأت الاستقالات تظهر على السطح، حيث استقال وزير الدفاع موشية يعلون ووزير البيئة آفى جاباى من منصابهم، وهاجم رئيس المعارضة الصهيونية يتسحاق هرتسوج الحكومة الإسرائيلية الحالية بشدة، بعد توسيع الائتلاف الحاكم بانضمام حزب «يسرائيل بيتنا» اليميني المتشدد إليها، مشددًا أن تشكيلة الحكومة الحالية «يمينية متطرفة». ورغم أن أغلب المسؤولين الإسرائيليين يوصفون دائمًا بالتطرف، إلَّا أن كثيرًا من المتابعين يرون أن المشهد يشير بوضوح إلى سيطرة كاملة وشاملة للأكثر تطرفًا على الحياة السياسية والتشريعية في الكيان الصهيوني، فليبرمان قال قبل ذلك حين كان في الحكومة بمنصب وزير الخارجية: «لا مجال لتحقيق سلام، انطلاقًا من مبدأ الأرض مقابل السلام، وهو القائل: إنه لا توجد إمكانية لتحقيق رؤية الدولتين، وإن إقامة دولة فلسطينية على أجزاء من الضفة تستدعي تبادلًا سكانيًّا يريح إسرائيل من فلسطينيي المثلث، ليبرمان، أيضًا هو من أصر منذ البداية، ويواصل الإصرار على ضرورة اقتلاع حركة حماس والمقاومة من غزة، حتى لو تطلب ذلك إعادة احتلال القطاع». وما يشير إلى اعتماد الكيان على الأكثر تشددًا وتطرفًا في الحكومة، كانت أقوال نائب رئيس الأركان الصهيوني يائير جولان، التي فجرت أصل الخلاف بين رئيس الحكومة وموشية يعلون، فلقد قال: إن الوضع في الكيان الصهيوني يشبه الأوضاع التي كانت عليها ألمانيا عشية الحرب العالمية الثانية، حيث مرت برلين في ذلك الوقت بظروف تشهد على تصاعد العنصرية والنازية، والغرور الذي دفع البلاد إلى أتون حرب مدمرة انتهت إلى سقوط النازية وتقسيم ألمانيا، بعد أن قدمت خسائر ضخمة أعاقت تطورها لكثير من الوقت. وقبل تصريحات نائب وزير الدفاع الإسرائيلي كانت وزيرة الخارجية السابقة تسيفي ليفني قد صرحت بأن سياسة حكومة نتنياهو تدفع إسرائيل إلى جهنم، ولا تريد تحقيق السلام بتصديرها للمتطرفين للمشهد الصهيوني، حيث أكد البعض أن وجود شخصية غير عسكرية مثل ليبرمان في وزارة الدفاع، مع كتلة برلمانية توسع قاعدة التطرف في الكنيست، سضيف إلى المنطق السياسي للحكومة المتطرفة أصلًا، تطرفًا أكثر يدفعها نحو المزيد من المغامرات. ويرى المراقبون أن تغيير وزير متطرف من الليكود هو وزير الدفاع السابق يعالون بوزير أشد تطرفًا، هو أفيجدور ليبرمان لا يخالف كلاهما السياق الذي يتجه نحوه الكيان وسياساته المتطرفة التي لم تتغير، لكن من الممكن زيادة وتيرتها، مشيرين إلى أن هذه التغييرات تأتي في إطار مساعي نتنياهو للسيطرة على الأجهزة الأمنية، كما أنه لا يتخوف من زياده وتيرة التطرف في حكومته، في سبيل تحقيق مساعيه للسيطرة على الجيش دون أن يضع نفسه في الواجهة، وليبقى حكمًا متحكمًا في عملية تطويع الجيش. وفي ضوء ذلك تشير التوقعات إلى أن هناك عمليات جديدة من الممكن أن تنفذ ضد الفلسطينيين، حيث تتمحور مساعي نتنياهو للسيطرة على الحكومة لعدم تقديم أي تنازلات من أجل قيام دولة فلسطينية وحل القضية، وقد كانت تصريحات نتنياهو ووزير دفاعه واضحة تمامًا بعد اتفاقهم الأخير؛ الأمن أولًا، والأمن يعني عند هؤلاء المتطرفين مزيدًا من القمع، ومزيدًا من الحرب على الشعب الفلسطيني، ومزيدًا من الاغتيالات. دخول المتطرف يهودا غليك إلى الكنيست ولم يقتصر الوضع على ليبرمان، حيث فتحت أبواب الكنيست الإسرائيلي أمام واحد من أكثر الحاخامات الصهاينة تطرفًا وهو يهودا غليك، وذلك بعد تقديم وزير الحرب الإسرائيلي السابق، موشيه يعالون استقالته من منصبه كوزير للحرب وكنائب في الكنيست عن حزب «الليكود». ويعد غليك حاخامًا إسرائيليًّا متطرفًا، تسبب في العديد من الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى، ودخوله للكنيست ينذر بالمزيد من هذه الاقتحامات والاستفزازات التي يقترفها المتطرفون الصهاينة داخل باحات المسجد، بالشكل الذي يهدد بعودة التوتر من جديد للمدينة المقدسة، وحاول هذا الحاخام المتطرف أن يكرس التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى في العديد من المناسبات، وهو معروف بتأييده لإحياء الشعائر التلمودية باستمرار داخل المسجد، وعقد مراسم الزواج اليهودية فيه، وذبح القرابين وكل ما يتبعها من ممارسات عدتها حركة المرابطين والمرابطات مستفزة وتستلزم ردًّا. إطلاق سراح المتطرف اليهودي الأكثر خطورة ولم يقتصر المشهد على تصدير المسؤولين الأكثر تطرفًا للمجال السياسي والعكسري، بل ظهرت في الإفراج عن المتطرفين اليهود، ففي خطوة توضح عدم اكتراس الكيان الصهيوني بالمطالبات الدولية والفلسطينية والعربية بالتحقيق الشفاف في حرق عائلة الدوابشة، أطلق الكيان الصهيوني اليوم الأربعاء، سراح المتطرف اليهودي الأكثر خطورة مئير إيتنجر، بعد اعتقاله إداريًّا لمدة عشرة أشهر. وقال المتحدث باسم مصلحة السجون عساف ليبراتي: إنه تم إطلاق سراح إيتنجر صباح اليوم وتم وضعه رهن الإقامة الجبرية، وكان قد تم اعتقال إيتنجر خلال حملة شملت متطرفين يمينيين، بعد إشعال مستوطنين النيران في منزل لعائلة الدوابشة خلال نوم أفراد العائلة، مما أسفر عن اسشهاد طفل، يبلغ 18 شهرًا، على الفور، واستشهاد الوالدين لاحقًا، وأدين إسرائيليان في الهجوم، كان من بينهما مئير إيتنجر.