يبدو أن رد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن مزيد من العلاقات الدافئة بين القاهرة وتل أبيب وربط هذا الدفء بإيجاد حل للقضية الفلسطينية لم يتأخر، حيث من المرجح أن يستقدم نتنياهو لمنصب وزير الدفاع، أفيجدور ليبرمان، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، وهو الشخصية الصهيونية التي تتسم بمعاداتها لفلسطين ومصر على حد سواء، بدلًا من الوزير المستقيل، موشيه يعالون. تداعيات استقالة وزير الدفاع الصهيوني أعلن وزير الدفاع موشيه يعالون عن استقالته من الحكومة والكنيست أمس الجمعة، مشيرًا إلى عدم ثقته بنتنياهو. وقال يعالون في بيان صدر للإعلام "أعلمت رئيس الوزراء أنه نظرًا لسلوكه خلال التطورات الأخيرة، وعلى ضوء عدم ثقتي به، أقدم استقالتي من الحكومة والكنيست، وسآخذ استراحة من الحياة السياسية. وقالت مصادر مقربة من وزير الدفاع إنه قدم استقالته الجمعة، وستدخل حيز التنفيذ في غضون 48 ساعة، وتحدثت أنباء عن نية نتنياهو عرض حقيبة الخارجية على يعالون، ولكن يبدو أن هذا لن يحدث في ظل اتهامات يعالون لنتنياهو بعدم الثقة. وتأتي استقالة يعالون وسط تعديل وزاري دراماتيكي، تم خلاله تسليم منصبه لرئيس حزب إسرائيل بيتنا، عضو الكنيست أفيجدور ليبرمان؛ في محاولة لضم ليبرمان إلى الائتلاف الحكومي الذي يرأسه نتنياهو بأغلبية ضئيلة (61 مقعدًا). ليبرمان والخبرة العسكرية ليبرمان، الذي يقيم في مستوطنة في الضفة الغربية، هو رئيس حزب (إسرائيل بيتنا) الصقوري، وتشمل خطته لصنع السلام رسم حدود إسرائيل لاستبعاد جزء كبير من مواطني الكيان الصهيوني العرب، وأقحم نفسه في الخطاب الأمني الإسرائيلي من خلال انتقاد نتنياهو، متهمًا إياه بالتردد خلال حرب غزة 2014، ومن خلال الدعوة لفرض عقوبة الإعدام على منفذي العمليات. ويرى المراقبون الصهاينة أنه حتى لو افترضنا أن الخبرة التي راكمها نتنياهو في موضوعات أمنية يمكن أن تعوض عن نقص خبرة ليبرمان، فإنه يجب أن نعرف أن وزير الدفاع يتخذ منفردًا عشرات القرارات ذات الأهمية الكبيرة أسبوعيًّا، دون التشاور مع رئيس الحكومة، فهو الذي يوافق على الخطط التشغيلية للجيش وعلى خطط الشراء، قبل عرضها للحصول على موافقة رئيس الحكومة والطاقم الوزاري المصغر. ماذا يحدث إذا أصبح ليبرمان وزيرًا للدفاع؟ يبدو أن الأيام القادمة ستشهد حدة في المواجهات بين الشعب الفلسطيني وقوات الاحتلال الصهيوني، وتصعيدًا بين الدول العربية والكيان الصهيوني، وحتى الدول العربية التي تسعى للتذلل للكيان الصهيوني ستكون مطالبة بتقديم المزيد من التنازلات، فالمهاجر المولود في مولدوفا اتخذ مواقف متشددة في جميع المجالات تقريبًا المتعلقة بالقضايا الأمنية، حيث إن ليبرمان من أشد الداعين إلى عقوبة الإعدام على منفذي العمليات، إلى درجة أنه جعل منها شرطًا لا غنى عنه للانضمام إلى الائتلاف الحكومي. مؤخرًا دخل يعالون في مواجهة مع نتنياهو والمعسكر اليميني في الحكومة حول جندي قتل منفذ هجوم مصاب في الخليل بعد إطلاق النار عليه، وعلى عكس يعالون، الذي وجه انتقادًا حادًّا للجندي، وقال إنه ينبغي معاقبته بأقصى عقوبة يسمح بها القانون، انتقد ليبرمان رئيس هيئة الأركان غادي آيزنكوت لتوجيه لائحة اتهام ضد الجندي، واصفًا المحاكمة بأنها "نفاق وغير مبررة". وأضاف "من الأفضل أن يكون هناك جندي قام بارتكاب خطأ، وبقي على قيد الحياة، من جندي تردد، وسمح للإرهابي بقتله". في ديسمبر الماضي اقترح ليبرمان أن يقوم الكيان الصهيوني بإعطاء القيادي في حركة حماس إسماعيل هنية مهلة 48 ساعة لإعادة جثتي الجنديين إسرائيليين، أورون شاؤول وهدار غولدين، المحتجزتين حاليًّا في غزة، وإذا لم يفعل ذلك، يتم اغتياله. وعلى مدى السنوات الماضية قفز ليبرمان بين عدد من الحلول، من بينها استيلاء كامل على القطاع وتسليم القطاع الساحلي للأمم المتحدة، وتسهيل القيود الاقتصادية المفروضة على سكان غزة؛ لثنيهم عن الانضمام إلى حركة حماس. وفي يوليو 2014، في خضم حرب غزة، قال ليبرمان "علينا الذهاب حتى النهاية. لا يوجد هناك بديل". وأضاف "النتيجة النهائية للعملية يجب أن تشهد سيطرة للجيش الإسرائيلي على غزة". ولم يقتصر هجومه عل حماس، بل طال فتح أيضًا، حيث دعا إلى إسقاط الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقد ترى السلطة الفلسطينية في ليبرمان عدوًّا لأسباب أخرى، فليبرمان يعتبر صاحب علاقات مع محمد دحلان، أشد خصوم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. مواقف ليبرمان على الصعيد العربي أظهر ليبرمان خلال السنوات الماضية تطرفًا غير مسبوق بمواقفه وتصريحاته، ففي مصر هدد ليبرمان بضرب سد أسوان؛ ما أدى إلى منعه من زيارة مصر. وفي لبنان حض ليبرمان على ردود "غير متكافئة" على أعمال عدائية لحزب الله، على الرغم من خشية الكثيرين في الجيش الإسرائيلي من أن استراتيجيته قد تعمل على تصعيد الوضع في الشمال إلى حرب كاملة، وقد تكون أيضًا بمثابة جريمة حرب. وفي العراق دعا ليبرمان إلى الرد المكثف على كل ضربة يوجهها العراق إلى الكيان الصهيوني؛ "كي لا يعتدي علينا أحد في المستقبل". ويرى مراقبون أن استبدال ليبرمان مكان يعلون هو بمثابة إعطاء الإذن للإصبع السهلة على الزناد، الأمر الذي قد يقلب السحر على الساحر؛ ليصب في صالح فلسطين، وذلك بتعجيل فرص تحويل المحاولات الفردية بالطعنات إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة مكتملة الأركان.