تجددت أزمة الوقود مرة أخرى في محافظة شمال سيناء، ولكن بشكل أكثر حدة عن ما سبق ليزيد الأمر بحظر التجوال الإجباري ليلًا والحظر خوفًا بالنهار وانقطاع الخدمات بشكل تام، ما دفع الأهالي لاستخدام الحطب للحصول على الطاقة والاعتماد على الزراعات والتربية والصيد في الغذاء في عودة إلى العصور الوسطى، ناهيك عن الوقوف لساعات أمام محطات الوقود للحصول على السولار في طوابير يطلق عليها المواطنون وخاصة سائقي التاكسي "طوابير العذاب". تعاني المحافظة من نقص اسطوانات الغاز في المستودعات والمخازن، كما تشهد أزمة بمحطات التزود بالوقود، ليقف المواطن بالساعات في الطوابير بأنبوبته الفارغة في انتظار "الفرج" وكذا أصحاب السيارات على المحطات لتزويد سياراتهم بالوقود، والمسؤولين لا يرون أن هناك أزمة في هذا أو ذاك. عودة للعصور الوسطى أدى انقطاع إمدادات المحافظة بالوقود من البنزين والسولار، وغياب اسطوانات البوتاجاز وانقطاع الكهرباء والمياه على مدى الساعة إلى عودة الأهالي إلى استخدام الحطب كمصدر أساسي للحصول على الطاقة وطهي الطعام والتدفئة، في مشهد يعيدنا للعصور الوسطى، بعد توقف شركات البترول والبوتاجاز عن إرسال سياراتها إلى هناك على خلفية إصابة السائقين خلال الأيام الماضية بالطلقات النارية المجهولة وغياب الأمن على الطرق، ما دفع السائقين إلى عدم التوجه إلى مدينتي رفح والشيخ زويد؛ حرصًا على حياتهم وعلى البضائع التي تحملها سياراتهم . ندرة الحطب ترفع أسعاره ما "زاد الطين بلة" هو ندرة الحطب وارتفاع أسعاره، فقد استهلك الأهالي في فصل الشتاء أغلب المخزون المتوفر في التدفئة، فلجأوا إلى حطام المنازل والأكواخ، وقطع أي أشجار للحصول على الخشب للتدفئة . يقول علي كمال، من الشيخ زويد: نلجأ لاستخدام الحطب لندرة أنابيب البوتاجاز بالمنطقة وحظر التجوال الذي يمنعنا عن ممارسة حياتنا الطبيعية، لكن مع تفاقم أزمة البوتاجاز وجدنا أسعار الحطب ترتفع للضعف، مختتمًا: "مش عارفين هنلاقيها منين ولا منين". مغامرة "الأنبوبة" ويقول أحمد عيسى، أحد أهالي الشيخ زويد: إنهم يتوجهون إلى العريش للحصول على اسطوانة البوتاجاز، في مغامرة محفوفة بالمخاطر لساعات من السير بالدروب الجبلية حتى الوصول إلى المدينة، وهناك تبدأ معاناة أخرى للحصول على الاسطوانة بأسعار خيالية من السوق السوداء، ثم العودة مرة أخرى في مغامرة جديدة "حياتنا هي ثمنها" سواء برصاص طائش أو على يد الجماعات الإرهابية المسلحة . وأضاف عيسى: الحكومة تركتنا فريسة لكل من السوق السوداء والإرهابيين، ولا تهتم بأمرنا كمواطنين قدر اهتمامها بمدينة العريش أو بالقضاء على أي إرهاب يزعجهم في الشيخ زويد ورفح، وهو ما ندفع ثمنه الآن". ويقول حسين عبد الغني: تشهد المحافظة أزمة طاحنة في أنابيب البوتاجاز، مؤكدًا أن المواطنين يصطفون بالساعات أمام المستودعات دون الحصول على الأنبوبة حتى يضطروا لشرائها ب40 جنيهًا أو أكثر . التموين: سعر الاسطوانة 16 جنيهًا قال فتحي جمعة، مدير التموين والتجارة الداخلية، بمحافظة شمال سيناء: سعر اسطوانة البوتاجاز اليوم 16 جنيهًا "توصيل للمنازل"، بينما في المستودع ب10 جنيهات فقط، مؤكدًا أنه تم عقد اجتماع مع اللواء عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، بشأن متابعة الكميات التي يتم إرسالها. وأشار جمعة إلى أن تلك الكميات تقدر بنحو 60 طنًّا لمدينة العريش، و20 طنًّا لمدينة بئر العبد، و10 أطنان لمدينة رفح، و15 طنًّا لمدينة الشيخ زويد، لافتًا إلى أنه يتم شن حملات مشتركة بين مباحث التموين بالمديرية، مدعومة بقوات من الجيش والشرطة على المستودعات في المحافظة؛ لضبط عملية بيع الاسطوانات على المواطنين. طوابير الوقود تشهد مدن ومراكز محافظة شمال سيناء أزمة حادة في نقص الوقود بأنواعه كافة، وصلت لوضع أغلبية محطات الوقود فوق ماكيناتها لافتة "لا يوجد وقود"، ويقف العشرات من السائقين في طابور أمام محطات الوقود؛ خاصة بمدينة العريش، منتظرين التزود بالوقود إن وجد، وتنشب العديد من المشاجرات أمام بعض المحطات؛ لتكدس السيارات أمامها دون تنظيم، وتسبب ذلك في شلل بعض الطرق الرئيسة نتيجة لتكدس السيارات في الشوارع. ارتفاع أجرة التاكسي يقول أحمد عبد العليم، سائق أجرة: نتسول للحصول على الوقود وملء خزانات سيارتنا بالبنزين أو السولار، ونشتريه بأسعار مضاعفة، مما يدفعنا إلى مضاعفة الأجرة، فضلًا عن مغامرة السير في الدروب الجبلية والمرور على الأكمنة التي لم يعد المرور عليها بسهولة كما كان في السابق . وتابع عبد العليم أنه تضامن مع أصحاب المحطات والعاملين فيها لمطالبة المسؤولين بإرسال الوقود إلى المحطات الخاوية، وخاطبوا شركات البترول بمحافظة السويس ووزارة البترول للتدخل وحل الأزمة، كما طالبوا محافظ شمال سيناء للتدخل لحل الأزمة وإنهائها . ويقول محمود علي، سائق: وقفت أمام محطة البنزين لما يقرب من ال5 ساعات متواصلة حتى أستطيع تزويد سيارتي بالوقود؛ لكي أذهب للعمل لأتحصل على قوت أولادي، مختتمًا: "يرضي مين وقف الحال اللي احنا فيه دا"؟ واتهم علي أصحاب المحطات بتخزين الوقود لبيعه في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، مما تسبب في غضب أصحاب السيارات، وفي ظل غياب المسؤولين بالمحافظة، وغياب مديرية التموين ومباحث التموين في التفتيش على المحطات واتخاذ الإجراءات القانونية ضدها. دواعٍ أمنية أوضح محافظ شمال سيناء اللواء عبد الفتاح حرحور، أن قرار توقف مرور سيارات الوقود والغاز والبوتاجاز جاء بناءً على قرارات أمنية ولدواع أمنية، بعد أن تم رصد استخدامها في العمليات الإرهابية وانفجارها في الأكمنة، مؤكدًا أن المحافظة تدرس مع قوات الأمن طرقًا أخرى لحل الأزمة، يكون الجيش فيها هو المسؤول عن إمداد المحافظة بالوقود والرقابة عليه حتى وصوله للمستهلك، مناشدًا المواطنين التوقف عن التكالب على المحطات والتزاحم، نافيًا شائعات زيادة أسعار المنتجات البترولية.