تعد علاقة الأزهر بالكتاتيب الأقوى من بين الأشكال التي اتخذها التعليم في السابق، فقد كان الكُتاب صاحب الدور الأول في تعليم مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن وتنشئة الأطفال على شيء من القيم والأخلاق الحميدة. كان يعرف القائم على التعليم في الكتاب ب"الفقيه" أو "السيد"، وكان له مساعده الذي يعرف ب"العريف"، وفي العادة كان العريف يُرقى لمرتبة الفقيه بعد موت أستاذه أو بأن يُعين فقيهًا في كُتاب آخر، بعد أن يكون قد اكتسب المعرفة والخبرة، وكان "الفقيه" في ذلك الوقت خاضعًا لرقابة القاضي، وله قدر وافر من الاحترام؛ كونه يحمل كتاب الله. أما عن الصبيان فكانوا يذهبون إلى الكتاب بزيهم المعروف وهو العمامة والقفطان، ليبدأ الدرس من الفجر وحتى فترة الظهيرة، وتكون عطلتهم يوم الجمعة، وأثناء شهر رمضان، وبعد أن ينتهي الصبي من مرحلة التعليم في الكتاب (كان يعد التعليم الأساسي آنذاك) التي يحفظ خلالها القرآن في فترة تتجاوز عامين أو ثلاثة، ويتعلم أيضًا الصلاة والكثير من القيم التي تعد نواة كل مسلم، يتجه للمرحلة التالية وهي الأزهر، وكان للمسجد دوره أيضًا في نشر الوعي والتعليم بين الصبيان، حتى لو لم يكن بمثابة الكتاب حينها، وقيل أيضًا إنه كان للفتاة الحق في الالتحاق بالكتاب، لكن هذا الأمر كان نادرًا. ورغم أن الأزهر كان النواة الأولى للكتاتيب، إلا أن دوره تراجع، وتراجعت الكتاتيب نفسها، بعد تطور العصر والتعليم، لاعتقاد أغلب الناس أن الكتاب لا يعلم سوى القرآن الكريم بطريقة الحفظ والتلقين دون الولوج في معانيه وتفاسيره، ومن ثم فهم يكتفون بما يتعلمه الطفل من قرآن في مدرسته بجانب تعلمه القراءة والكتابة، ولكن الحقيقة أن الكتاب كان يعلم في المقام الأول القراءة والكتابة؛ حتى ينتقل الصبي منه للأزهر.