الأسطورة والموسوعة النابغة والمؤرخ الصحفى والكاتب.. السياسى، والدبلوماسي.. الأستاذ هيكل، صديق الملوك والشيوخ والأمراء والرؤساء، ألقاب تم إطلاقها على المحنك هيكل، الذى لا يعد مجرد كاتب، صاحب مدرسة ممنهجة، خاصة فى التعبير والأسلوب الفريد والعبارات المتميزة، الذى يتميز بسلاسة التعبير صوتا وصورة وكتابة، فضلا عن قوة ودقة وصحة المعلومات. هيكل موسوعة متنقلة ومكتبة ثرية وجريدة غنية ومجلة عفية وفضائية ذكية وأرشيفا قويما، يضم العديد من الوثائق والمستندات والملفات والتقارير والدلائل والبراهين، التى تكشف الكثير من الأسرار والخفايا والحقائق وبطائن الأمور، وذلك بحكم علاقاته الكبيرة القوية والمتعددة بجميع دوائر صنع القرار على جميع المستويات الداخلية والخارجية، التى يجب أن تحكمها قواعد محددة ومقاعد مثبتة، لم يترك المجال فيها للسماح لنفسه، أن يتحول إلى مجرد تابع أو ظل للرؤساء، بل كانت شخصيته شخصية المحاور والمفكر والناقد والناصح الأمين. ولهذه الأسباب السابقة ومعاصرة هيكل لكثير من الرؤساء، مما دفع الكثير من الكتاب والصحفيين والمفكرين والمؤرخين للكتابة عن هذه الأسطورة الهيكلية. من هؤلاء الكتاب الكاتب الصحفى الكبير أحمد بهاء الدين، مثلا فى كتابه )محاوراتى مع السادات(، حيث بدأها بمحاولة التأكيد، بل نفى زمالته مع هيكل فى مؤسسة الأهرام، والتى كان هيكل يحمل أعلى وأكبر منصبين إداريين وصحفيين، وهو: )رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير( وهى الفترة التى وصفها بهاء الدين، بأنها )أيام وضع هيكل غير العادى فى الحياتين الصحفية والسياسية فى مصر(. وقال عن علاقة هيكل بعبد الناصر: «فى تقديرى أن فك لغز شخصية جمال عبد الناصر الشديدة التميز والتفرد فى التاريخ المصرى، والعملاق الذى خرج من تراب مصر بعد قرون من الرقاد كفرعون جديد جبار، لا يمكن تفهمه، إلا إذا أمكن فك لغز علاقته بثلاث شخصيات وصداقات، كان لها أكبر الأثر فى حياته، كانت علاقة هيكل إحداها. لم يكن هيكل أقرب الناس إليه فى أول الثورة، ولكنه صار بعد ذلك أقرب الناس إليه على الإطلاق، فجعله شريكا فى الحكم على أعلى مستوى. «حين مرض عبد الناصر بأزمة قلبية عنيفة، اقتضت منعه من العمل تماما، شكل لجنة تحكم البلاد، باسمه، تكونت من: )شعراوى جمعة( وزير الداخلية – )أمين هويدى( وزير الحربية – )سامى شرف( مدير مكتب عبدالناصر،–)محمد حسنين هيكل( رئيس مجلس الإدارة والتحرير )الأهرام(. « وعلى الرغم من الأثر الكبير الذى تركته علاقته بعبد الناصر على حياته المهنية والسياسية، فإنها لم تتأثر بعد رحيله، حيث استمرت مع خلفه أنور السادات، والتى شهدت كثيرا من المحطات، بداية من الصداقة، والتى كانت تسمح له بمخاطبة السادات ومراجعته فى كثير من القرارات التى يتخذها وقضايا كانت تمثل خطا أحمر لكثير من المسئولين، وذلك فى أصعب الظروف فى أيام مظاهرات، واضطرابات عام 1972، التى دعا فيها السادات إلى تعديل قراره بتغيير مكان الاجتماع بالحكومة من القناطر الخيرية إلى قصر عابدين لدراسة وضع حلول هذه المظاهرات، حتى لا يقال إن المظاهرات منعت رئيس الدولة من دخول العاصمة. يقول بهاء الدين فى هذه المناسبة: «لا أنسى مرة عندما كنت جالسا فى مكتبه، وهو يتحدث تليفونيا مع السادات، فى يوم عصيب جدا، كان ذلك اليوم فى أوج مظاهرات 1972، وقد احتلت الجماهير واقعيا مدينة القاهرة وشوارعها وميادينها والسلطة عاجزة عن التصرف، والسادات قد دعا أعضاء مجلس الأمة إلى اجتماع عاجل فى قصر عابدين قبل تغيير مكان الاجتماع إلى القناطر بعد الأنباء التى وصلته عن احتلال القاهرة والوصول إلى ساحة قصر عابدين نفسه، وهو ما أزعج كبار المسئولين، وكان لا بد أن يراجع أحد السادات فى قراره، حتى لا يصور الأمر على أن رئيس الدولة غير قادر على دخول عاصمته، ولم يكن هناك غير هيكل وحده الذى يستطيع القيام بهذه المهمة، التى نجح فيها من خلال قدرته على الإقناع والتأثير فى محدثه ولو كان رئيس الدولة. المتحدث الرسمى باسم النادى الدبلوماسى الدولى Diplomatic Counselor Sameh Almashad