اليوم هو يوم الفصل في تاريخ مصر.. امس الموافق السادس والعشرين من شهر مايو هو اليوم الأول لجولة الانتخابات الرئاسية التي تجري علي مدي يومين.. بالتأكيد فإننا جميعا كنا نبتهل الي الله عز وجل طيلة الفترة التي أعقبت عزل الرئيس الإخواني في شهر يوليو من العام الماضي، أن يمن علينا بالاستقرار وأن تصل مصر إلي بر الامان، بعد أن أعيتها المؤامرات وأرهقتها المخططات. صحيح أن مصر هي 'المحروسة' دوما بمشيئة الخالق سبحانه وتعالي، فكم من غزاة دنسوا ترابها وكم من مستعمر أراد بها سوءا، وكم من حيل لعبت علي اللحمة الوطنية، ولكن مصر كانت مقبرة الغزاة، وستظل مصر شامخة وأبية، وسيعيش شعبها حرا رغم كيد الكائدين. مصر الوطن الذي تربطه بشعبها كيمياء خاصة يثير دهشة العالم جميعا، هو حب من نوع خاص وعلاقة لاينضب معينها من العطاء، فمهما ضاقت بالمصري السبل ومهما أرهقته ظروف الحياة لايمكن أن تضبطه متلبسا بكراهية الوطن، وحتي وإن اضطرته الظروف الي الهجرة والسعي وراء الرزق في أرض الله الواسعة، تجده شغوفا بمتابعة أحوالها ومتلهفا للعودة الي أحضان الوطن. وليس بعيدا النموذج الذي ضربه المصريون في الخارج الذين لبوا نداء الوطن وخرجوا ووقفوا في طوابير أمام السفارات والقنصليات انتظارا لاختيار رئيسهم، متحملين درجات حرارة قد تصل الي الخمسين درجة مئوية في دول الخليج، وبرودة طقس وأمطار في الدول الاجنبية، ليس ذلك فحسب، بل إنهم جازفوا بمصدر رزقهم كما فعل المصريون العاملون في قطر وتوجهوا بأعداد فاقت التوقعات الي السفارة المصرية للادلاء بأصواتهم في تحد واضح لسياسة الدولة التي يعيشون علي أرضها والتي تحيك المؤامرات ليل نهار ضد مصر وتؤوي قيادات الاخوان واتباعهم وتفتح لهم بوقها الاعلامي 'قناة الجزيرة' للتحريض ضد مصر. هكذا هم المصريون دوما يضربون المثل في روعة المواقف، تجمعهم روح واحدة وقت الأزمة، فتجدهم يهبون دفعة واحدة وعلي قلب رجل واحد لنجدة وطنهم، والتاريخ خير شاهد علي تلك المواقف التي يبدع ويتفنن المصريون في التعبير عنها بشكل مذهل. اليوم ونحن ننتخب رئيسنا نحتاج لوقفة كل مصري يشعر بالمسئولية تجاه وطنه، الموقف هنا يحتاج الحزم، لأن مصير هذا الوطن ومستقبل أيامه ستتحدد بهذه الانتخابات الرئاسية، وخلال الايام الماضية كنا نسمع من البعض عن الامتناع عن التصويت ومقاطعة الانتخابات والغريب أن هؤلاء ليسوا من أعضاء الجماعة المحظورة، ولكنهم مواطنون لهم أراؤهم التي تحترم علي أية حال، ولكن الوضع هنا لايحتمل المجازفة، وهو مايعني أننا جميعا كناخبين علينا المشاركة في هذا الحدث الأبرز في تاريخ الوطن. المشاركة هنا واجبة علي جمهور الناخبين، ليس مهما لمن سيعطون أصواتهم، ولكن المهم هو ممارسة حقهم الانتخابي، بل انني أقول للممتنعين انزلوا وشاركوا واذا كنتم لاتؤيدون ايا من المرشحين، أبطلوا أصواتكم إن شئتم، ولاتتركوا خاناتكم في سجلات الناخبين خاوية. أقول لقد اكتسبنا بعد ثورة 25 يناير حقا يجب ألا أن نفرط فيه بأيدينا هو حق الانتخاب والايمان بقيمة الصوت الانتخابي، خاصة أن هذا الحق لم نكن نستعمله طيلة السنوات التي حكم فيها مبارك، لأننا كنا نعلم مسبقا أن السلطة ستمارس التزوير وستخرج بالنتيجة التي تريدها، ولكن الان نحن اصحاب الحق في اختيار مانريد، والصوت الانتخابي الواحد في الانتخابات النزيهة يمكن أن يغير المعادلة. انزل وشارك ولاتترك صوتك ولاتتنازل عن حقك، فمصر التي تخطو خطوة واعدة نحو المستقبل تنتظر صوتك وتنتظر إرادتك.. فلاتخذلها.