أيام قليلة تفصلنا عن الحدث الأهم في تاريخنا، وهو اجراء اول انتخابات رئاسية،وفيها سيختار الشعب بنفسه رئيسه من بين ثلاثة عشر متنافسا تنافسوا طيلة الايام الماضية من اجل إرضاء المواطن للحصول علي صوته الانتخابي،قدموا البرامج والحلول لمشاكل حياتنا اليومية، وطافوا قري ومحافظات مصر للوصول للناخب في كل بقيع وصوب، للوصول لهدف واحد هو الفوز والانتصار علي المتنافسين . تلك المنافسة الرئاسية أسهمت في حراك سياسي هام علي مستوي المواطن البسيط بعيدا عن النخبة والمثقفين، فالمواطن العادي تابع البرامج لكل مرشح وناقش واستمع لكل ما دار طيلة العملية الانتخابية من المرشحين المتنافسين، واستشعر هذا المواطن البسيط ان صوته بات فارقا في العملية الانتخابية وأنه مشارك فعال في تحديد اسم رئيس الجمهورية القادم، وهو اكبر إنجاز تحقق للمصريين، وتحول رئيس الجمهورية الي موظف، أعماله وأفعاله هما سبيله لإرضاء الشعب صاحب وجوده في هذا المنصب . ولكن ما يشغلني نتائج الانتخابات،فعصر الفوز بنسبة 99٪ انتهي والفائز في هذه الانتخابات سيحصل علي 50 +1 او بزيادة قليلة لا تتجاوز 3٪ ومعني ذلك ان هناك مايقرب من النصف يعترضون علي وجود ونجاح الفائز، وهو امر طبيعي في كل انتخابات العالم وآخرها فرنسا فأولاند حصل علي 52٪ وهو بهذه النتيجة اصبح رئيساً لفرنسا ولكن هنا نحن لم نتعود بعد علي هذه النسب في النجاح بالانتخابات وهنا بيت القصيد، فقد نادت بعض القوي السياسية الاعتصام في ميدان التحرير في حالة فوز اسماء من المتنافسين بينما خرجت بعض التصريحات التي تنادي بالكفاح المسلح حيال فوز هذه الاسماء، وهو أمر عبثي لأن من نادوا بذلك لم يحترموا إرادة صندوق الانتخابات وكأننا في صراع حول الاستحواذ علي مصر ورغبة أكيدة للسعي نحو عدم استقرارها والخروج بها من أزماتها الحالية . وانا هنا لا اغلب تيار علي آخر ولكني اغلب إرادة شعب علي كل من يدعو الي دحض خياره او السعي لزعزعة استقراره، فجميع المرشحين لانتخابات الرئاسة محترمون وكشفوا لنا ان مصر لديها من الاشخاص الذين يستطيعون قيادتها والنهوض بها في أصعب لحظات في تاريخها،والاختيار بينهم صعب للغاية، فعمرو موسي صاحب شعبية ودبلوماسي قدير وأبو الفتوح صاحب تاريخ نضالي وخدمي وحمدين صباحي الرجل الذي لم يتلوث طيلة عمره وخالد علي الحصان الاسود ومفاجأة الانتخابات ومرسي الاستاذ والمدعم من جماعة لها وجود وشعبية كبيرة والفريق احمد شفيق الذي تزداد شعبيته في الشارع كل يوم محصن بتاريخ طويل من الانجازات والخدمات التي قدمها في كل المواقع التي عمل بها . كل واحد منهم يمتلك القدرة علي قيادة مصر للسنوات القادمة، ويكفيهم جميعا انهم تقدموا الصفوف ليحملوا الأمانة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بمصر الآن ويكفيهم جميعا ذلك، ولكن يبقي الصندوق هو الفيصل في الاختيار فيما بينهم ولابد من احترام الإرادة التي بداخله مثلما احترمنا إرادة الناخب في استفتاء مارس والانتخابات البرلمانية، واحترام إرادة الناخب هي البداية الحقيقية نحو ديموقراطية سليمة مبنية علي اساس سليم واحترام متبادل بين كافة القوي السياسية المتنافسة علي تقديم خدماتها لجموع الشعب المصري . ستظل الإرادة الشعبية واحترامها هي المقياس الاساسي لاحترام الشعوب ومدي تقدمها ودون ذلك فلن نكون علي الخريطة وسنعود للوراء وكأننا لم نحقق شيئا وسينظر لنا علي كوننا كنا نتنافس من أجل سلطة وليس من اجل نهضة وخدمة شعب، دعونا نبدأ حياة جديدة مبدؤها العدل والحرية وهما جناحا النهضة الحقيقية لأي دولة ترغب في التقدم ومنافسة الدول الكبري، دعونا لا ننسي اننا الشعب انتفض علي الظلم وغياب العدل وانتشار الفساد واسقط نظاما كنا نتصور أنه يستحيل إسقاطه، وهو الدرس الذي يجب ان يعيه كل المرشحين، فليس معني فوز احدهم وانعقاد الإرادة الشعبية عليه ان الامر انتهي ولكن الشعب لن يسكت عن حقوقه فقد تعلم من الماضي وآمن أنه مصدر اي سلطات في بلده وحان وقت التطبيق .