تساؤلات يطرحها الزملاء الصحفيون حول مستقبل الصحافة القومية وما تفكر فيه الاحزاب والقوي السياسية، هل ستحافظ الدولة علي كل هذه المؤسسات الصحفية بعددها الحالي؟ ام ستعمل علي التخلص من المؤسسات الاضعف التي تحقق خسائر كبيرة بدون ان يكون لها حضور محسوس في السوق الصحفية أو ضم مجموعة من هذه المؤسسات؟ وهل مازالت الدولة حريصة علي الصحافة القومية في ضوء هجوم المسئولين السياسين والقراء والمواطنين علي الصحافة القومية، واتهامها بانها كانت بوقا للنظام السابق وارتكبت العديد من الاخطاء والخطايا، مما نتج عنه الاحجام عن مد يد المساعدة لها في الوقت الذي يمدون فيه ايديهم إلي الصحافة الخاصة ويقدمون لها الدعم سواء في المعلومات أو المساندة الاعلامية؟ هذه الاسئلة من الصحافة القومية لها ما يبررها وترتبط بشكل كامل برؤية اي نظام سياسي لاهمية الصحافة القومية ودورها وحدود العلاقة معها. الصحافة القومية ساهمت في الدفاع عن السياسات ولم تقف ضد رؤية الحكومات في الخطوط العريضة لكن ينبغي ألا تضيق الحكومة، اي حكومة بالنقد في تفاصيل التنفيذ والتقصير الذي قد يحدث هنا أو هناك، لان حرمان الصحافة من حق النقد أو معاقبتها علي ممارسة هذا الحق هو اشبه بتقييد ذراعي شخص والقائه في الماء ومطالبته بالسباحة! هناك متغيرات سياسية واجتماعية كثيرة قد حدثت في الصحافة والاعلام المصري بصورة عامة وشاملة بعد ثورة 52 يناير التي ستحتفل بعيدها الاول بعد ايام، وقد نال الاعلام والصحافة القومية بصفة خاصة انتقادات وهجوما حادا من كل الاتجاهات والقوي الوطنية والسياسية والمواطنين بسبب مواقفها من النظام السابق واشتدت المنافسة بعد الثورة في سوق صحفية مفتوحة، وهذه المتغيرات تتطلب من الصحافة ان تكون علي مستواها وقادرة علي المنافسة لان الصحافة القومية القادرة علي المنافسة تقدم الضمانة علي التوازن الاجتماعي والسياسي بعكس الصحافة الخاصة التي يطلق عليها اسم »المستقلة« وهذه تسمية مضللة حيث لا توجد صحافة مستقلة ولكن صحيفة تعبر بالمنطق وبالضرورة عن رؤية اصحابها أو تمثل المصالح التي يقف وراءها، كذلك الصحافة الحزبية فهي تعبر عن اهداف ومباديء ومصالح الحزب الذي تنطق وتصدر باسمه. والسؤال لماذا تخسر بعض هذه المؤسسات العملاقة. وهل الحل هو بيع الصحافة لتتحول إلي صحف للبيع؟! يمكن حصر اسباب خسائر المؤسسات القومية في عدد من العوامل اهمها: غياب دور مجالس الادارة والجمعيات العمومية فبعض المجالس تنقصها الخبرة المالية والادارية والفنية، بل ان البعض لا يعرف اختصاصات وحدود مسئولياته كعضو مجلس ادارة معين أو منتخب، وان ليس كل ما يطرحه رئيس مجلس الادارة هو الصح بعينه وعلي الجميع الموافقة.. إلا نفر قليل قد يعترض أو مجرد ابداء ملاحظة، لضمان تمرير طلباته الشخصية من رئيس المجلس وكذلك عدم توافر المعلومات امام الاعضاء. اضافة إلي ان محاضر الجلسات في بعض المؤسسات لا تطابق ما قيل في الجلسات السابقة وان ما قد يتخذ من قرارات وتوصيات لا ينفذ وكذلك تأخير مناقشة واعتماد الميزانيات في بعض المؤسسات لسنوات، مما يجعل مناقشتها عديمة الجدوي بعد فوات الاوان، وان ذلك اصبح مسألة شكلية؟! ووصل الامر في بعض الاحيان تعمد عدم دعوة بعض الاعضاء لحضور الجلسات في بعض المؤسسات منعا للمناقشات غير المطلوبة، اضافة إلي عدم دورية عقد الجلسات!! ايضا التغاضي عن تقارير الاجهزة الرقابية بسبب سلطة رؤساء المؤسسات والرد علي الملاحظات التي ترسلها هذه الاجهزة بعبارات انشائية فضفاضة مما كان سببا في حدوث اخطاء في بعض المؤسسات نتيجة عدم الإلمام بقواعد العمل أو تطبيق اللوائح والقوانين المنظمة للعمل، اضافة إلي كل ذلك حالة السبات التي ارتكن اليها ممثل الدولة في ملكية الصحف والمؤسسات منذ سنوات طويلة!! ما اثبتته الازمة الاقتصادية العالمية عام 2008 والتحرك الامريكي البريطاني لشراء البنوك والمؤسسات المعرضة للانهيار هو ان الحرية الاقتصادية المطلقة كانت خطرا كبيرا اوقع الاقتصاد العالمي في هذه الازمة فلم تكمل المنظومة الرأسمالية انفرادها بالكامل عقدين من الزمان حتي انهارت تماما وبدأت الدول الرأسمالية البحث عن طريق اخر. وفي ظل هذا التحول يجب ان تتنبه الدول التي لاتزال تمتلك قطاعا عاما ومن بينها مصر إلي اهمية هذا القطاع وان تحافظ علي مؤسساته وتعمل علي تطويرها.. ويجب ان تتغير الرؤية التي حكمت تصرفنا مع شركات القطاع العام وبنوكه خلال السنوات الماضية، بحيث لا يكون البيع هو اول واسهل الحلول، كما يجب ان تتريث في الدراسات والمشروعات المقدمة لتطوير الصحافة القومية خاصة ان الدراسة التي عرضها حزب الحرية والعدالة تشمل تصفية المؤسسات الصحفية القومية ببيعها أو نقل ملكيتها لهيئات عامة أو تملك العاملين بها مع إعداد قانون جديد للصحافة. لقد قدمنا علي بيع صروح صناعية وانتاجية عملاقة كانت تحقق ارباحا ضخمة ولها اصول بالمليارات بيعت بثمن بخس ومنها من كان يحقق خسائر ضخمة.. وبعد البيع. منها ما حقق ارباحا مضاعفة من بيع اراضي واصول بمبالغ ضخمة وطرد العمال للشارع ومنها من حقق خسائر ولم يدفع حتي الثمن البخس الذي اشتري به هذه الوحدات. والبعض الاخر اشتري وتملك وباع ولم يدفع كامل الثمن؟! فلا تكرروا التجربة يرحمكم الله! لذلك يجب ان يتكاتف الصحفيون لترسيخ حرية التعبير من خلال المطالبة بحقوقهم وفي نفس الوقت احترام التزاماتهم تجاه العملية الديمقراطية اي المطالبة بالغاء الحبس في قضايا النشر وفي نفس الوقت تحري الدقة عند النشر والابتعاد عن التجريح والهجوم الشخصي فحرية التعبير ليست وسيلة للعدوان علي الحقوق الشخصية للمواطنين سواء كانوا بموقع المسئولية أو.. لا وهناك دور للنقابة في وضع ميثاق الشرف الصحفي موضع التنفيذ، واصدار الملاحظات بشكل دوري علي الممارسة الصحفية، علي الرغم من ان المجلس الاعلي للصحافة يقوم بهذه المتابعة وهذا التقييم ولكن صدور ذلك عن مجلس النقابة المنتخب من جموع الصحفيين سيكون له وضع آخر. واذا كان حزب الحرية والعدالة يستعد لاعلان مقترحاته لتطوير منظومة الاعلام في مصر، والتي تستهدف تأسيس منظومة جديدة للاعلام تضم التليفزيون ومجلسا وطنيا للاعلام ومكتبا للاعلام الخارجي يكون بديلا عن هيئة الاستعلامات واعداد قانون جديد للصحافة ونقل اختصاصاته لنقابة الصحفيين مع تحسين ظروف العمل المادية والمهنية للصحفيين ووضع نظام متكامل للضمان الاجتماعي لمساعدتهم علي اداء عملهم بالاضافة لاصدار ميثاق جديد للشرف الصحفي ورفض التمويل الاجنبي للصحف المصرية واصدار تشريع لحرية تداول المعلومات. فأنا اطالب نقابة الصحفيين بإعلان موقفها من هذا المشروع فهو يمس مستقبل مهنة الصحافة والصحفيين بصورة مباشرة. اما الخطوة القادمة باتجاه مستقبل الصحافة القومية يجب ان تتخذها المؤسسات نفسها وحتي تكون المطالبة بإسقاط الديون أو جدولتها منطقية لابد ان ترشد المؤسسات اوجه الانفاق والبنود غير الضرورية وان يقر مبدأ الثواب والعقاب والتفاوت غير المبرر في الحوافز والمكافآت بحيث يحصل البعض علي عشرات الآلاف من الجنيهات والغالبية علي بضعة جنيهات! كما يجب محاسبة المخطئين والفاسدين وناهبي اموال المؤسسات ويجب ان تلتزم الصحافة بأهدافها الاعلامية والثقافية وتحد من الدخول في انشطة خارجة عن هذا الدور وبعيدة عن مثل العديد من المشروعات التجارية التي بدأتها المؤسسات في السنوات الماضية وحققت خسائر علي الدور الصحفية وكان مكسبها الوحيد لمصلحة قلة من المسئؤلين الذين استفادوا من البدلات والمكافآت التي يصرفونها بسبب تعدد هذه الانشطة والشركات المنبثقة من المؤسسات وكذلك عمليات التصرف غير المحسوبة في الاصول سواء بالبيع أو بالتوسع في المنشات، وبعد كل هذا يأتي ترشيد الاصدارات الصحفية المتنافسة في الدار الواحدة والتي تقلل من حصيلة كل اصدار في الاعلانات وتزيد من اعباء الطباعة! مقترحات تطوير منظومة الاعلام ضرورية حتي لو انتهت بتمسك الطرفين »الحكومة والصحافة القومية« بمواقفها ويبقي ملف العلاقة ومستقبل الصحافة القومية مفتوحا!!