رسالة مهمة وجهتها مؤسسة اخبار اليوم الاسبوع الماضي الي قرائها وإلي الرأي العالم المصري، رسالة مطمئنة ومتفائلة ومبشرة حول مستقبل الصحافة في مصر والصحافة القومية بوجه خاص.. وتبدو اهمية هذه الرسالة في التوقيت والسياق المحلي والدولي الذي تعيشه صناعة الصحافة، فهناك منافسة شرسة في السوق الصحفي المصري، اكثر من 005 صحيفة ما بين قومية وحزبية وخاصة تتنازع القراء وتحاول جذبهم فضلا عن عشرات القنوات الفضائية وآلاف المواقع الالكترونية الاحترافية والشعبية علي شبكة الانترنت. وعلي مستوي العالم. نعيش الان عصر سقوط الصحف الكبري وانهيار الصحافة المطبوعة حيث تراجعت ارقام توزيعها وهبطت ايراداتها الاعلانية واضطرت الي تسريح مئات من العاملين بها، بل ان صحفا كبري مثل الكريستيان ساينس مونيتور قررت مع بداية هذا العام ان تتوقف عن الاصدار اليومي لتصبح مطبوعة يوما واحدا وتصدر باقي الايام علي شبكة الانترنت، وتشتد الازمة الي حد اضطرار مالكي صحيفة لوموند الفرنسية الشهيرة الي عرضها للبيع مؤخرا »في ظل خسائر بلغت 021 مليون يورو« وكذلك مجلة نيوزويك الامريكية »بعد خسائر قاربت 04 مليون دولار«.. وفي وسط هذا التحدي الذي يواجه صناع الصحافة المطبوعة والجدل الصاخب حول الصحافة القومية ومستقبلها في مصر، ودعوات البعض لإعادة هيكلتها واصلاحها، لا بل بتفكيكها وبتصفيتها وطرح اصولها للبيع، علي الرغم من اهميتها كأحد الاصول الثقافية والاعلامية للدولة المصرية، والتي مازالت تشكل حجر الزاوية ونقطة التوازن في المعالجة الاعلامية للاحداث والقضايا!. الرسالة جاءت خلال اجتماع الجمعية العمومية لأخبار اليوم التي اشرف بعضويتها ضمن عدد من الشخصيات العامة من خارج المؤسسة منذ عام 5002 والتي كشفت عن ان الادارة الاقتصادية للصحف القومية تستطيع ان وظفت امكانات تلك المؤسسات ان تقف وتصمد وتنافس وتربح وتطور نفسها وتحافظ علي مكانتها بل وعلي ريادتها في السوق الصحفي المصري. فالارقام والاحصاءات وبشهادة الجهاز المركزي للمحاسبات والادارة قالت ان مؤسسة اخبار اليوم قد نجحت من خلال اصداراتها المختلفة »اخبار اليوم الاخبار اخر ساعة اخبار الحوادث اخبار النجوم اخبار الرياضة بلبل كتاب اليوم« وبفضل تضافر جهود ودعم قطاعات الادارة المختلفة »الاعلان والتوزيع والمطابع« بقيادة الدكتور محمد عهدي فضلي رئيس مجلس الادارة ان ترفع رأسمال المؤسسة وان تحقق ارباحا فضلا عن تسديد مديونياتها لدي البنوك، في ظل تطوير مستمر للبنية الاساسية وتحديث تكنولوجي ورعاية اجتماعية للعاملين ودور تنويري وثقافي تحرص عليه.. وتبقي ابرز دروس تجربة اخبار اليوم مؤكدة ان نجاح العمل الصحفي المؤسسي ينطلق في الاساس من الاداء الصحفي الملتزم بقيم المجتمع، ويستند علي الادارة الاقتصادية الرشيدة المدركة لابعاد الواقع ومشكلاته والمستعدة للمستقبل برؤية استراتيجية واقعية، والمرتكزة علي البعد الانساني المؤمنة بالبشر باعتبارهم الاستثمار الاساسي، وكذلك الشفافية والمصارحة، والرضا الوظيفي للعاملين صحفيين واداريين وعاملين والممارسة الديمقراطية والتي شهدت جلسة الجمعية العمومية الاخيرة جانبا كبيرا منها، حيث وجدنا اعضاء الجمعية العمومية المنتخبين من الصحفيين والعاملين بالمؤسسة يسألون ويناقشون ويعترضون ويختلفون ويتفقون مع قيادة المؤسسة في سيمفونية رائعة من الممارسة الاعلامية الديمقراطية التي اتمني ان تمتد عدواها الي المؤسسات الصحفية الخاصة.. تجربة اخبار اليوم تؤكد ان الصحافة القومية المصرية لها مستقبل مشرق اذا تمت ادارتها بشكل اقتصادي وديمقراطي، وان ديمقراطية الاعلام والصحافة الحقيقية تبدأ من داخل المؤسسة الصحفية بديمقراطية الادارة والمشاركة داخل المؤسسة. كاتب المقال: رئيس قسم الصحافة - كلية الاعلام - جامعة القاهرة