سؤال بريء.. هل تعرف كيف تتشكل سلوكياتك وحياتك؟!.. أنا أعلم أن معرفة كيف تتشكل حياتنا بدقة تحتاج إلي جهد كبير ووعي أكبر بما لدينا من أصدقاء ومعارف وإمكانات.. لا تستغرب فسوف أدلك علي طريقة بسيطة وسهلة تتمكن بها من معرفة كيف تتشكل أنت.. وأوضح لك كيف يرسم الأصدقاء والمعارف خارطة حياتنا معاً دون أن ندري.. اقرأ وركز فيما سوف أكتبه.. خد عندك.. هل لاحظت مثلا أن من يعملون بمهنة واحدة يتشكلون علي نحو مماثل.. فمن يعملون في الطب يعانون العديد من الأمراض وتنقل إليهم بعض العدوي نظرا لأنهم يمضون حياتهم حول أناس مرضي.. وينتحر العديد من الأطباء النفسيين لقضاء معظم أوقاتهم مع أناس يضيقون بالحياة ومكتئبين ويميلون لتنفيذ فكرة الانتحار.. ولا تجادل في أن معظم الآباء المدخنين أبناؤهم يدخنون.. والفقراء لا يصادقون إلا الفقراء والأغنياء تجد معظم أصدقائهم من الأغنياء.. وأيضا الناجحون تجد أصدقاءهم من الناجحين أيضا..! بعبارة أخري نحن نتشكل ممن حولنا نأخذ عنهم معتقداتهم وتصوراتهم وحتي طرق معالجتهم لمشاكلهم.. فلا أحد يمكن له الإفلات من تأثير عائلته أو أصدقائه وجيرانه وزملائه في العمل.. علاوة علي تأثير وسائل الميديا الحديثة وحتي الجرائد والمجلات التي نقرؤها.. أرجو ألا تجادل كثيرا وتنكر وتخدع نفسك وتقول إن هؤلاء الذين يعيشون حولنا ليس لهم تأثير علينا لأن لهم شئنا أم أبينا دورا في تشكيل أفكارنا وأحاسيسنا وأهدافنا وحتي تصوراتنا وتصرفاتنا ومستقبلنا.. لاحظ مثلا طفلا صغيرا لتوه دخل المدرسة وقد حافظ عليه أبواه من لغط الشارع وأصبح في غاية البراءة والسذاجة.. ففي لمح البصر ستجده وقد تعلم عددا لا حصر له من الشتائم ربما تفوق ما تعرفه وأنت كبير هكذا..! المقصد أننا معرضون للتأثر بمن حولنا وما حولنا بدرجة لا يستهان بها كقطعة صلصال ولا حول لنا.. فحين استلم عبد الله عمله في المصنع كان هناك عشر دقائق يقتطعها لتناول كوب من الشاي لكنه لاحظ بقية العمال يقتطعون أكثر من نصف ساعة في شرب الشاي والحديث.. بعد أسبوعين كان عبد الله يأخذ تقريبا نصف ساعة في تناول الشاي والحديث مع الزملاء حتي لا يعمل فترة أطول من زملائه..! بعد كل ذلك نجد البعض مازال غير مؤمن أنه يتشكل بمن حوله ببيئته.. ولو سألناه من حشر الأفكار التي في رأسك وكيف تعودت علي الطريقة هذه في عملك؟.. ربما لا يجد إجابة أو أجاب بطريقة سفسطائية بحتة يحاول فيها أن يظهر عدم تأثره بمن حوله وبيئته.. وما ذلك سوي عدم قدرة علي فهم نفسه وفهم طبيعة الأمور وشكل سريانها.. فليس سرا أننا إذا اختلطنا بالفوضويين فستصبح حياتنا فوضي، وإذا اختلطنا بأناس يجيدون النقد فسوف نتعلم كيف ننتقد الآخرين، وإذا عشنا وسط أناس يغلب عليهم الإحساس بالسعادة فسوف نتعلم معني السعادة. كل هذا يعني أننا ببساطة في حاجة ماسة إلي تحديد ما الذي نريده وعلينا أن نختار من نصادقهم ونزاملهم.. ربما يحتاج هذا إلي بعض الوقت والجهد وربما يغضب منك البعض.. لكنها حياتك تتشكل بهم ولن تعيشها مرتين.