دعونا نعرج معا إلي التعديل المقترح للمادة 93 من الدستور وإن كنت كرجل قضاء أود أن نربأ جميعاً عن الدخول في دهاليز هذه الاختلافات التي أوقعتنا فيها اللجنة المشكلة لتعديل الدستور وإن كان ذلك من وجهة نظري قد تم بدون قصد سيما ان تلك اللجنة من خيرة رجال المحكمة الدستورية العليا وأساتذة القانون الدستوري.. لكن دعونا نطرح بعض الأسئلة لنصل إلي حل هذه المشكلة نبدأها بسؤال هام لماذا تم تعديل المادة 93 ثم سؤال آخر لماذا قامت اللجنة بنقل الاختصاص من محكمة النقض إلي المحكمة الدستورية العليا؟ وقبل الاجابة علي تلك الاسئلة لزاما علينا أن نوضح أن النص قبل التعديل كان علي النحو التالي : " يختص المجلس بالفصل في صحة عضوية أعضائه و تختص محكمة النقض بالتحقيق في صحة الطعون المقدمة إلي المجلس بعد إحالتها إليها من رئيسه ويجب إحالة الطعن إلي محكمة النقض خلال خمسة عشر يوما من تاريخ علم المجلس به . ويجب الانتهاء من التحقيق خلال تسعين يوما من تاريخ إحالته إلي محكمة النقض و تعرض نتيجة التحقيق والرأي الذي انتهت إليه المحكمة علي المجلس للفصل في صحة الطعن خلال ستين يوما من تاريخ عرض نتيجة التحقيق علي المجلس ولا تعتبر العضوية باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس " .. وأما بعد التعديل أصبح علي النحو التالي : " تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب و تقدم الطعون إلي المحكمة خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب و تفصل المحكمة في الطعن خلال تسعين يوما من تاريخ وروده إليها تعتبر العضوية باطلة من تاريخ إبلاغ مجلس الشعب بقرار المحكمة ".. أما عن الغاية من تعديل المادة 93 موضوع سؤالنا آنف البيان فهي كما يعلم القاصي والداني للقضاء علي أسطورة أن المجلس سيد قراره فلا يستقيم أن تختص محكمة النقض طبقاً لهذه المادة قبل تعديلها بالتحقيق في صحة الطعون المقدمة وتنتهي للرأي فيها بالفصل في صحة الطعن وفي النهاية يكون الرأي الأول والأخير لمجلس الشعب، وهذا هو الغاية من التعديل ولم يكن من وجهة نظري هناك ضرورة لسلب اختصاص محكمتنا العليا (محكمة النقض) في هذا الشأن سيما أن محكمة النقض تملك بحكم خبراتها مكنه الفصل في هذه الطعون والتي دائما وابداً كانت تعرض عليها وظلت صاحبة الفصل في صحة تلك الطعون طوال تاريخها بالاضافة إلي عدد أعضاء محكمة النقض الذي يمكنها من مواجهة عدد الطعون المتزايد الذي يصل إلي أكثر من ألفي طعن.. أما عن اجابة السؤال الآخر بشأن لماذا قامت اللجنة المشكلة لاجراء التعديلات الدستورية بسلب اختصاص محكمة النقض في هذا الشأن فالاجابة لايمكن الاجتهاد فيها وهي لدي تلك اللجنة وحدها وإن كنت أري أنه كان من الأفضل قبل إقدام اللجنة علي هذا الأمر أن تستطلع رأي مجلس القضاء الأعلي حتي لاتقع في مغبة هذا الاختلاف بين جهتين قضائيتين يشار لهما دائماً بالبنان وهما محكمة النقض والمحكمة الدستورية العليا .