أتمني ان تستعيد الدولة المصرية توازنها مستندة إلي الانجازات السياسية التي حققتها روافد ثورة 52 يناير وان تعود عجلة العمل والانتاج إلي الدوران تحقيقا للتقدم والازدهار الذي نتطلع إليه جميعا في المرحلة القادمة. لا جدال ان هدف كل ما جري هو ان يشمل التغيير كل مجالات الحياة بما يفتح الطريق أمام إقامة الدولة الحديثة التي نحلم بها جميعا. من المؤكد ان هناك متطلبات أساسية نحتاج إليها لمسايرة المتغيرات السياسية . ان مضاعفة طاقة العمل والانتاج من أجل قيام دولة قائمة علي دعائم اقتصادية قوية.. تأتي في المقدمة لبلوغ هذا الحلم. تواصلا لعملية إلقاء الضوء علي السياحة صناعة الأمل ودورها في دعم أوضاعنا الاقتصادية وحل مشاكلنا الاجتماعية المتمثلة في التصدي للبطالة فقد هزني علي مدي الاسابيع الثلاثة الماضية الازمة التي تتعرض لها مسيرتنا السياحية وأدت الي انحسار شبه تام للحركة السياحية الوافدة من الخارج . ترتب علي ذلك خسائر قدرها الخبراء بمليار دولار -خلال شهر واحد- كان يقوم بانفاقها مليون سائح اختفوا تماما مع الأحداث. كان للتحذيرات التي أصدرتها الدول السياحية لرعاياها الأثر الأكبر في هذه الظاهرة التي أصابت السياحة في الصميم وألقت بظلالها القاتمة علي مستقبل مشروعات سياحية تكلفت عشرات المليارات من الجنيهات. ونتيجة لذلك كان طبيعيا أن توقف العديد من شركات الطيران رحلاتها حفاظا علي مصالحها الاقتصادية المترتبة علي عدم وجود ركاب. من ناحية اخري ليس خافيا ان الهجمات الاجرامية التي تعرض لها المتحف المصري للآثار والعديد من المتاحف والمواقع التي تحكي مراحل الحضارة المصرية علي مدي التاريخ الانساني.. كانت عاملا اضافيا في نشر الرعب ليس بين السياح أنفسهم ولكن بين كل دول العالم. هذه الأيام كانت مليئة بمشاعر التشاؤم والقلق من أن يؤدي ما يحدث الي أزمة اقتصادية الطابع تمس صورة مصر السياحية.. مع بداية هذا الاسبوع ظهرت بعض تباشير انفراجة وان بدت متواضعة. مظاهر هذا التطورالايجابي تمثلت في تدفق اعداد من السياح البريطانيين لزيارة مصر خاصة إلي شرم الشيخ والغردقة. وكانت هذه المبادرة من جانب سياح بريطانيا فاتحة خير ومؤشرا علي التفهم والتجاوب مع معطيات ما جري ويجري في مصر مدعوما بحقيقة عدم تعرض أي سائح كان متواجدا بها خلال أحداث ثورة 52 يناير لأي مكروه. . تطورت هذه الظاهرة الي بدء وصول افواج للسياح من جنسيات أوروبية اخري. كما سبق ان أشرت في مقال سابق فقد توقع بعض الخبراء ان تتحول احداث الثورة ونتائجها الايجابية إلي عامل جذب تدفع السياح للحضور إلي المقاصد المصرية لمشاهدة تأثيراتها عن قرب. ومع بدء التحرك نحو عودة الحياة إلي طبيعتها.. توالي الغاء وتخفيف الدول لتحذيراتها بعدم زيارة مصر. انعكس ذلك في ارتفاع معدلات الطيران خاصة العارض منها إلي كل من الغردقة ومرسي علم وشرم الشيخ. وجاء قرار الدكتور زاهي حواس وزير الدولة للآثار بإعادة فتح متاحف مصر ومواقعها الأثرية للزيارات السياحية بمثابة خطوة مهمة لمساندة السياحة وتعظيم الايحاء بان الأمور تتجه نحو الاستقرار. ولا جدال ان تردد السياح علي هذه المتاحف والمواقع يعد في حد ذاته دعاية طيبة تنفي كل ما أذيع من مغالاة عن تخريب ونهب لهذه الثروة التي لا تقدر بمال. ومع تواصل استعادة السياحة لانطلاقها رويدا رويدا حتي تستكمل منظومتها السابقة باعتبار ان مصر أعظم وأجمل مقصد سياحي حضاريا ومناخيا وإمكانات ترويحيه فانني أرجو ان تفي الدولة بوعودها في مساعدة أصحاب المنشآت السياحية والعاملين فيها في مواجهة التداعيات والتي سوف تستمر لبعض الوقت . أرجو ان يكون لهذا القطاع نصيب عادل من الاعتماد الذي خصص لتعويض خسائر أحداث الثورة والذي يقدر بخمسة مليارات جنيه. من جانب آخر فإنني أرجو البدء فورا في حملة واسعة تأخذ الطابع الوطني الإنقاذي تقوم علي تشجيع المصريين علي ملء الفجوة الحالية بالاشغال في الفنادق بكل مستوياتها من خلال تنظيم برامج سياحية بأسعار جاذبة . إنني علي ثقة انه سوف تكون هناك استجابة لمثل هذه الدعوات في إطار روح التحدي والتكافل التي تتميز بها المشاعر الوطنية للمواطن المصري. لا جدال ان المهمة الملقاه علي عاتق وزير السياحة الجديد منير فخري عبدالنور ثقيلة تحتاج الي سرعة التعامل والتحرك .. ان كل المؤشرات تبشر بعودة مصر ان شاء الله مرة أخري .. قبلة لسياح العالم ليس لانها مصر ولكن لانها دولة عظيمة لأمة عظيمة.