سلم المعهد وقد تحول إلى استراحة للمرضى إذا قادتك قدماك أمام المعهد القومي للأورام ستشهد صورة صارخة للبؤس والمعاناة تدمي القلوب. مئات المرضي مكدسون أمام رصيف المعهد بعد أن ضاق بهم المكان داخله.. الباعة الجائلون انتهزوا الفرصة وحولوا الرصيف إلي كافيتريا عشوائية تبيع كل أنواع الأطعمة والمشروبات للمرضي دون حسيب ولا رقيب. المأساة بدأت منذ إغلاق المبني الرئيسي للمعهد بعد تصدعه.. وتكدس جميع المرضي في مبني واحد رغم زيادة عدد المرضي الذين يستقبلهم المعهد ولا يقل عددهم علي 002 ألف مريض سنويا. رصدت »الأخبار« المعاناة اليومية للمرضي علي أرض الواقع في رحلة البحث عن علاج للمرض الخبيث.. كما رصدنا تكدس الباعة الجائلين أمام المعهد.. ففي البداية يتحدث عبدالحي خلاف »فلاح« عن معاناته مع زوجته المريضة داخل المعهد والتي يحضر بها مرة كل اسبوع ويقضيان ما يزيد علي 5 ساعات في انتظار دورها في جلسات العلاج الكيميائي أو نقل الدم إليها حيث تعاني من أنيميا شديدة منذ إجرائها لجراحة استئصال الورم وفي بنها حيث لا يوجد مكان لتناول الكيميائي.. وما يخفف الانتظار الاستراحة خارج المعهد علي رصيف الكورنيش وتناول الغذاء والشاي والقهوة من العربات بأسعار قليلة. أضافت صباح عبدالمنعم »05 عاما« ان هناك زحاما شديدا داخل المعهد بسبب كثرة المرضي والمرافقين لهم في انتظار الدور في كل عيادات المعهد فمنذ إغلاق المبني الرئيسي الذي تصدعت أعمدته، أصبحت العيادات والأقسام الداخلية كلها في مبني واحد مما أدي إلي تكدس المرضي وضيق المكان، فمتي ينتهي هذا الزحام والمعاناة التي يشهدها المريض بعد أخذ جلسات العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، وتضيف: ما يهون علينا الانتظار الجلوس علي الرصيف في الهواء وتوفير سندوتشات »الفول والطعمية« والعصائر.. فلا يوجد بالمعهد مكان للراحة أو الانتظار. أضاف سعيد عبده »بالمعاش«: من منطقة الصف ويذهب إلي المعهد كل اسبوع لتلقي جلسات العلاج الكيميائي انه لا يستطيع الوقوف في الطوابير حتي ينادي علي اسمه للدخول.. ويتمني ان تقوم الحكومة بزيادة مستشفيات الأورام للقضاء علي مهزلة الطوابير التي لا ترحم آلام المرض الخبيث بدل الاهتمام بالقضاء علي الباعة الجائلين الذين يقدمون المساعدة لمرضي المعهد وتوفير الطعام والمشروبات الغازية والمناديل وكل ما يحتاجه المريض! وأضافت عفاف عثمان من المنوفية انها تعاني رحلة عذاب مع والدها المصاب بمرض خبيث بالمثانة وأن وجود الباعة وتوفير الأكل والشراب يوفر علينا الذهاب لأماكن بعيدة ويسلي وقتنا.. الباعة والمرضي أطباء معهد الأورام حاولوا »قطع رزقنا« أكثر من مرة هذه الجملة بدأ بها الحديث أيمن خميس كبير الباعة فيقول: أنا مسئول عن أسرة كاملة وعندي ولدين وبدفع ايجار 006 جنيه، مضيفا: أنا ببيع سندوتشات »فول« وبكسب بالحلال ومش بأذي حد بل بالعكس أنا بخدم المرضي وبوفر لهم الطعام، وقال: قامت حملات عديدة بإزالتنا أكثر من مرة ولكن نعود مرة أخري.. فهذا المكان رزقنا الوحيد في الحياة، ونطالب الحكومة بالنظر إلي حالتنا وظروف المعيشة وتوفير »لقمة عيش حلال«. وأضاف شريف سيد »بائع بطاطس وطعمية«: ان جميع المرضي سعداء بتواجدنا أمام المستشفي لتوفير الفطار والشاي والقهوة وجميع مستلزماتهم ويتساءل: أين المشكلة في ذلك؟ ويضيف مؤكدا: إذا قامت البلدية بإزالتنا هنيجي تاني »فهذا المكان باب رزقنا الوحيد«. وأضافت هيام فتحي »بائعة شاي وقهوة ومشروبات ساخنة«: أنا بشتغل وباكل عيش بالحلال، وأشارت: أنا أعاني من مرض الكبد وبصرف علي أمي وعلاجي وأخواتي.. وتواجدنا لا يسبب ضررا لأحد والحكومة حاولت عدة مرات قطع لقمة عيشنا، وفي كل مرة نعود مرة أخري. وأضاف عادل كمال »بائع عصائر« وطالب في الصف الثالث ثانوي ويعمل في الصباح ويذاكر بالليل: أنا بقالي سبع سنين وأقف في نفس المكان ولكن عندما تزايد عدد الباعة بدأ الأطباء بتقديم الشكاوي ضدنا بسبب سوء مظهر المعهد من الخارج وظهور روائح الأكل. استغاثة الأطباء ومن جانب آخر أكد أطباء المعهد القومي للأورام علي ضرورة إزالة الباعة الجائلين نهائيا تخوفا علي صحة مرضي السرطان من تناول الأطعمة والمشروبات الفاسدة التي لا يشعر بها المريض ولكن تؤثر سلبيا علي سوء حالته الصحية وأضاف دكتور ماجد مسعد بالمعهد القومي للأورام: إن المعهد يعمل بنصف طاقته بعد ان تصدعت أعمدته وتم إخلاؤه بالكامل وذلك أدي إلي الزحام والتكدس وعدم توفير الامكانيات اللازمة والأماكن لتحمل المرضي فهناك طوابير وافتراش لطرقات العيادات ومداخل الكشف والعمليات بسبب الظروف والامكانيات التي يعمل بها المعهد والضغوط والأعداد المتزايدة من المرضي حيث ان المعهد هو المكان الوحيد للعلاج من مرض الأورام.. أما عن الباعة الجائلين الذين يفترشون أمام المعهد فيقوم مدير المعهد بتقديم الشكاوي والبلاغات للحي وتم الاستجابة أكثر من مرة ويتم عودتهم مرة أخري.. ونناشد المسئولين بضرورة وضع حل لهؤلاء الباعة الذين يبحثون عن الرزق علي حساب صحة المرضي دون النظر إلي السلبيات التي تعود علي مريض السرطان. وأكد د. محمود بسيوني استاذ جراحة بالمعهد القومي للأورام ان المعهد يستقبل 002 ألف حالة مرضية جديدة كل سنة بالإضافة إلي002 ألف حالة تتردد للعلاج الكيميائي والإشعاع وذلك كله داخل مبني واحد فقط مما يؤدي إلي الزحام وتكدس المرضي داخل المعهد ومعظم المرضي تنتظر خارج المعهد.. وأضاف ان تزايد أعداد الباعة أمام باب المعهد يمثل خطراً كبيراً علي صحة المريض بسبب الأطعمة والمشروبات الملوثة. وأضاف: إن الحكومة حاولت إزالة الباعة أكثر من مرة ولكن بعد مرور أيام يعود الوضع كما هو عليه. مرضي السرطان في انتظار الاطباء علي الرصيف أحد الباعة أمام معهد الأورام