مآس وحكايات تؤلم القلوب وتدمي النفس وتدمع العيون ومرضي لا حول لهم ولا قوة.. مرضي يعيشون الموت كل لحظة ما بين امرأة فقدت والدتها التي افترسها السرطان ونال من زوجها وظهرت عليه أعراضه فأصابها الاكتئاب وما بين مريض يعاني ويلات السفر ومرارة البحث عن أمل العلاج الذي كان دائما ما يكون بعيدا عنه لأنه ببساطة لم يصبه الدور. مأساة معهد الأورام لم تتوقف عند انهيار مبناه الذي أقيم منذ20 عاما فقط لان المأساة الحقيقية في حجم المعاناة التي يلقاها مرضي السرطان داخل المعهد. الأهرام المسائي رصد حالة المرضي في رحلة مأساوية استغرقت يوما بأكمله وبمجرد دخولنا شاهدنا معاناة بمعني الكلمة حيث قابلنا جودة إبراهيم محمد من السويس واحد المرضي حيث يقول اعاني من سرطان وكيمياموليا حادة وتبدأ رحلة عذابي من الساعة السابعة صباحا وعند ذهابي إلي المعهد في كل مرة لا أجد مقاعد للجلوس ولاأحد يهتم بنا وفي بعض الأحيان يقولون عبارة فوت علينا بكرة. وتابع: قبل الحجز يطالبونني بدفع مبلغ250 جنيها او تبرع أحد أقاربي بالدم خاصة وان مرضي السرطان في حاجة إلي صفائح دم يصل سعرها إلي410 جنيها وبندوخ علي ما نجدها ونقوم بشرائها من مستشفي الشبراويشي وأنا أرزاقي أجيب منين وأروح فين. أما محمد حسن عبدالقوي من قليوب وأحد المرضي فيقول كل15 يوما أذهب إلي المعهد لتلقي جلسة الكيماوي لم أجد أسرة فيقوم الطبيب باعطائي الجرعة علي السلم او في الطرقة أو علي الترولي بالإضافة إلي شدة الزحام كما أن مريض السرطان اذا فاتته جرعة العلاج يؤدي إلي تدهور صحته بالسلب. علي مدار عام ونصف العام اعتادت خلالها الحاجة فتحية محمود محمد من امبابة حيث تقول بحسرة من شدة التعب والألم كل يوم أذهب للمعهد الساعة التاسعة في انتظار دوري وفي كل مرة عند اعطائي جرعة الكيماوي يطالبونني بعمل قرار علاج علي نفقة الدولة ولحين استخراج القرار يكون ميعاد الجرعة فات والحالة تتدهور. وتضيف: لا يوجد اهتمام ويطردوننا ويقولون اطلعوا برة وقالت والدموع تتساقط من عينيها اهتموا بينا احنا غلابة تعبنا خلاص مش كفاية قسوة المرض ارحمونا. ** لكن الحاج إسماعيل السيد(74 عاما) من امبابة يقول كل3 شهور أعمل تحاليل واشاعات وانتظر النتيجة لمدة تصل إلي أسبوعين او ثلاثة وبين كل مرة وأخري احصل علي جرعة العلاج, وأضاف: لا يوجد اهتمام بالنظافة فالمرضي يقفون في الطرقات بالإضافة إلي أن النفايات الخطرة ملقاة علي باب المعهد بجوار استراحة المرضي( وتساءل قائلا أعمل ايه وأروح لمين وليس لدي معاش أستطيع من خلاله تحمل تكاليف علاج المرض خاصة وانا عامل علي باب الله. ** وقال ضياء الدين رفعت من امبابة أعاني من ورم في القدم اليمني وتوجهت إلي المعهد فقام الطبيب بإجراء عملية لي في2010/2/25 واكتشفت بعدها ان الجرح لم يلتئم حيث ظهر ورم آخر في نفس القدم إلي أن وصل إلي الرئة بسبب خطأ الطبيب لانه لم يقم باعطائي جلسة الكيماوي بعد العملية مباشرة, وأضاف اذهب كل أسبوع ويبلغونني بأن أمر عليهم الأسبوع القادم واخشي علي الجرح من التلوث. ** ويقول محمود عبدالتواب حسين من بني سويف واحد المرضي انه يقضي4 ساعات يوميا عند دخوله المعهد في انتظار الطبيب لتوقيع الكشف عليه لكن نظرا لزيادة الاعداد المتوافدة من مختلف قري الصعيد قد لا يلحق بدوره فيضطر للانصراف والعودة في يوم آخر. وخلال جولتنا شاهدنا اشرف محمود أحد المرضي وجالس في احدي طرقات المعهد حيث يشكو من عدم وجود مقاعد للاستقبال في جميع الأدوار وبالتالي يلجأ الأهالي إلي فرش الأرض بالبطاطين حتي يستطيعوا الجلوس. ** واقتربنا من عيد رضا أحد المرضي الذي ينتظر وصول الطبيب للكشف عليه حيث يقول بحسرة انني أتعب كثيرا وأذوق المر في الحصول علي العلاج ودخلت أكثر من مرة في غيبوبة بسبب تأخر العلاج بالمعهد. أما رحلة الحاجة فتحية عبدالواحد محمد فتبدأ من الساعة الثالثة فجرا من محافظة المنيا وتكلفها حوالي200 جنيه أجرة السيارة التي تنتظرها من بعد أذان العصر لحين مجيء دورها في قائمة الكشف الطبي. ** وقالت أعاني من ورم في الصدر والقدم ولم أجد بديلا سوي الجلوس علي رصيف المعهد في انتظار توقيع الكشف الطبي وأذوق الأمرين لحين مجيء دوري وأترك أولادي عند الجيران. ** مريم إبراهيم عبدالباري التي تجاوزت من العمر(67 عاما) تقيم بالدور الرابع( أ) بالمعهد وتعاني من ورم في المخ وبعد اجراء عملية جراحية انتشر المرض في جميع اجزاء وجهها وقالت في صوت منخفض هزمه الشعور باليأس تعبانة جدا. والطبيب المعالج أكد انها أعراض العلاج, وتساءلت أترك المستشفي ازاي وأنا تعبانة ووجهي مليء بالورم. وفي احدي الطرقات ارتفعت الصرخات والدعوات من المرضي للمطالبة للأطباء بالكشف عليهم أو باعطائهم العلاج هذا ما أكده ربيع متولي من المنوفية وأحد المرضي حيث يقول انه يعاني الأمرين عند دخوله المعهد ولايجد من بغيثه. ويضيف أن مرضي السرطان لهم طبيعة نظرا لضعف مناعتهم كما أن انهيار المبني الجنوبي كان له تأثير سلبي علي المرضي وبات لا يستطيع تحمل الأعداد المتوافدة عليه خاصة وأنها تفوق طاقته. وتشكو أميمة محمد من السويس من عدم تعقيم المناظير حيث تقول إن أخاها مصاب بالسرطان وأثناء اجراء عملية مناظير له فوجيء بأنه يعاني من وجود تلوث بالمعدة نتيجة عدم تعقيم الأجهزة نظرا للزحام الشديد. وتضيف نادية عبد الشفيق إحدي المرضي أن المعهد يعاني كثيرا من الفوضي والعشوائية في كل شيء بما في ذلك النظافة والمعاملة السيئة والأسلوب غير اللائق من قبل الأطباء, وتقول أن الممرضات اللاتي يفترضن أنهن ملائكة الرحمة يمارسن القسوة علي المرضي عن طريق الأمر والنهي. وفي نهاية جولتنا وجدنا هند يوسف عبد العزيز جالسة علي الرصيف توجهنا اليها وسألناها عن سبب عدم دخولها المعهد فقالت أعاني ورما في العمود الفقري وتم تحويلي من التأمين الصحي بمدينة نصر الي المعهد ونصحني الأطباء بضرورة اجراء عملية لاستئصال الورم وأحتاج جلسات اشعاع ذري ولكن أطباء المعهد رفضوا دخولي بحجة أنه لايوجد مكان لحالتي وأن العلاج بالإشعاع لن يفيدني وطلبوا مني الذهاب الي أي مكان آخر ولا أعرف ماذا سيكون مصيري في ظل تدهور حالتي وفي النهاية قررت مغادرة المعهد ولا أعرف أين أذهب لكن نصحني أحد الأطباء بالمعهد للتوجه الي مدينة الإسماعيلية حيث يوجد بها مكان لاستقبال حالتي. حملنا كل هذه الشكاوي الي الدكتور أشرف سعد زعلول مدير مستشفي المعهد القومي للأورام للوقوف علي حل هذه المشكلات وكان حريصا علي أن يؤكد عدم وجود مشاكل حيث قال إن المرضي يرغبون في الحصول علي كل شيء بسرعة ولا يراعون أن مرحلة قبل البدء في تلقي العلاج تستغرق وقتا طويلا خاصة التحاليل الطبية المتمثلة في رسم القلب وتحليل الكبد وصفائح الدم بالاضافة الي الاشاعات والتحاليل. ويوضح أن المبني الجنوبي تم اخلاؤه من شهر يناير2010 لكن بعد شهرين من حدوث الأزمة أصبحنا نقدم خدمة متميزة حيث نقوم بإجراء العمليات ومناظير المثانة وعمليات سرطان الثدي يتم اجراؤها في مستشفي الطلبة لتوفير الأسرة للحالات الحرجة نظرا لأن عدد الأسرة الموجودة حاليا بالمعهد تصل الي300 سرير بالإضافة إلي انخفاض قائمة الانتظار من35% إلي20% وهذا يعتبر في حد ذاته انجازا. ويقول: إنه توجد لدينا مشكلة لم نقم بحلها بطريقة سليمة وهي العيادات الخارجية حيث كانت تشغل مساحة5 أدوار مما أدي الي زيادة تكدس المرضي نتيجة الزحام الشديد وبالتالي كان الجو الذي يتلقي فيه المريض العلاج غير صحي الآمر الذي يؤدي الي سرعة انتقال العدوي نظرا لضعف مناعتهم بالإضافة إلي عدم قدرة الأطباء علي تقديم خدمة علي المستوي اللائق في ظل الحالة الراهنة للمعهد. ويضيف أن المريض من حقه الحصول علي خدمة متميزة لأن مريض السرطان أشد غلبا ويجب علينا أن نكرمه في مرضه من أجل الشفاء بالإضافة إلي ضرورة نشر ثقافة التبرع بالدم لأن مرضي العلاج الكيماوي يحتاجون الي6 جرعات صفائح دم خاصة وأن استهلاكنا في الدم فوق ال2000 إربة في الأسبوع. .. ويناشد الدكتور أشرف محافظ القاهرة تفعيل قرار الموافقة المبدئية علي استخدام الحديقة الملاصقة للمعهد القومي للأورام لبناء أماكن جديدة للمرضي يستطيعون من خلالها الحصول علي خدمة متميزة بالإضافة الي ضرورة مساهمة رجال الأعمال الوطنيين في تقديم الدعم المادي والاهتمام به غرار مستشفي سرطان الأطفال خاصة وأن معهد الأورام مشروع قومي لمصر. ويطالب بإنشاء معهد جديد للأورام بمدينة6 أكتوبر يلتف حوله جميع المصريين الشرفاء خاصة وأن ما يتردد علي المعهد سنويا يصل الي220 ألف مريض.