روح الثورة وصلت بالفعل للمعهد القومي للأورام وبدأ وضع نهاية ولو تدريجية لمعاناة المرضي المستمرة منذ عامين حين تعرض المبني الرئيسي لتآكل في الأعمدة وتم إخلاؤه لترميمه.. وكانت النتيجة تكدس المرضي في المبني الثاني في مشهد درامي ما بين الطوابير الطويلة وافتراش الأرض في الطرقات والمداخل والتزاحم في غرف الكيماوي وتعطل أجهزة الإشعاع وغيرها.. الأخبار السارة في انتظار المرضي هي أن العمل يجري علي قدم وساق للانتهاء من ترميم المبني الرئيسي وتخصيص الحديقة الملاصقة للمعهد لإقامة عيادات خارجية مؤقتة كعلاج للتكدس.. ونهاية الشهر الحالي سيتم تشغيل مستشفي التجمع الأول بطاقة استيعابية 80 سريراً.. ويتواكب مع هذه الجهود بدء الإجراءات التنفيذية لإقامة المعهد الجديد في ميدان جهينة بمدينة 6 أكتوبر. "المساء" زارت المعهد واستمعت لأنين المرضي وتنقل إليهم عبر هذه الصفحات محاولات إدارة المعهد لتخفيف معاناتهم. * أبوسريع محمد إبراهيم تاجر نتردد علي المعهد لمتابعة حالة زوجتي ونعاني أشد المعاناة من الزحام وطوابير المرضي التي تفترش الأرض في انتظار الكشف والدخول للحصول علي جلسات العلاج الكيميائي والتي تستغرق منا أكثر من عشر ساعات انتظاراً للدور!! 20 مريضاً في غرفة!! * أنجيل يوسف لمعي ربة بيت لا نجد من نلجأ إليه بالمعهد حتي يرحمنا ويحس بالتعب والمعاناة التي نجدها في رحلة العلاج.. فهل يعقل أن يتجمع حوالي 20 مريضاً في غرفة واحدة تكفي فقط لأربعة أو خمسة مرضي للحصول علي جلسة علاج كيماوي وذلك كله بسبب المبني الرئيسي للمعهد الذي أغلق ويجري ترميمه. * طاهر إسماعيل بالمعاش يتمني أن يوفر المعهد حقن العلاج الكيماوي للمرضي والتي يشترونها علي حسابهم توفيراً لرحلة البحث عنها في الخارج لأنها غير متوفرة بسهولة في الصيدليات فيكفي المرضي رحلة العذاب والآلام مع المرض اللعين الذي لا يرحم. * وجيهة حسن ربة منزل أتحمل مشقة الحضور مع ابنتي المريضة من مدينة العبور لمتابعة حالتها والعلاج بجلسات العلاج الإشعاعي لكننا منذ أربعة أشهر لم نحصل علي جلسة واحدة بسبب تعطل أجهزة الإشعاع وفي كل مرة نعاني الأمرين في سبيل حجز دور أمام حجرة الإشعاع دون فائدة.. فمن يخفف آلام ابنتي؟! وأين مستشفي التجمع الأول التي سمعنا عن تخصيصه لعلاج مرضي السرطان منذ شهور ولم يفتح حتي الآن؟ * أنور علواني موظف يحكي عن معاناته الأسبوعية حين يحضر مع زوجته المريضة للوقوف في طوابير المرضي انتظاراً للدور من الصباح حتي ساعة متأخرة من الليل وانتشار الفوضي وعدم النظام والمشاجرات بين المرضي والأهالي وفوضي افتراش المرضي لأرضيات وممرات مداخل المعهد والذل والإهانة التي تزيد حالة المعاناة النفسية والإحساس بالألم وقلة الحيلة. * بخيتة رشوان ربة منزل تتعجب من الأطباء والمسئولين الذين لا يحسون بآلام المرضي وبتوفير أكياس الدم داخل بنك الدم بالمعهد حيث يعاني المرضي من نقص الدم منذ 6 شهور تقريباً ويعاني أهالي المرضي للعثور علي أكياس الدم من المستشفيات الخاصة وبنوك الدم لإنقاذ حياة مرضاهم وإجراء العمليات لهم. * ماجدة جمعة موظفة تقول إن مرضي الأورام يتزايد عددهم ورغم ذلك تعجز الحكومة ووزارة الصحة عن توفير الرعاية اللازمة لهم ونتكدس في معهد الأورام بالمبني الجنوبي له الذي يعمل ويعالج آلاف المرضي يومياً.. فأين المعهد الجديد بمدينة 6 أكتوبر الذي جمعوا له تبرعات بالميلايين؟ "المساء" حملت هموم المرضي وشكواهم وصرخاتهم لعميد معهد الأورام القومي الدكتور علاء الحداد الذي اعترف أن أعداد مرضي السرطان في تزايد مستمر نتيجة لعوامل تلوث البيئة وزيادة التعداد السكاني وكذلك زيادة متوسط الأعمار وأيضاً التقدم الطبي في أجهزة التحاليل والأشعة وقدرتها علي التشخيص المبكر ورغم ذلك فلا يوجد في مصر حتي الآن إحصاء دقيق للمرضي بالأورام السرطانية. يضيف بأن المعهد يستقبل سنوياً حوالي 20 ألف حالة جديدة و200 ألف حالة تردد للعلاج الكيماوي والإشعاعي والتابعة وذلك داخل المبني الرئيسي للمعهد الذي تم إنشاؤه عام 1968 والمبني الجنوبي الذي أنشئ عام 1978 بطاقة استيعابية للمبنيين ل850 سريراً. يوضح أن الأزمة التي تعرض لها المبني الرئيسي وتصدع بعض أعمدته منذ عامين أدت إلي تفريغه من المرضي والأجهزة وإغلاقه ونقلهم إلي المبني الجنوبي بطاقة استيعابية 230 سريراً فقط. كما تم نقل العيادات الخارجية بصفة اضطرارية لمدخل هذا المبني مما تسبب في زيادة قائمة انتظار المرضي بالأقسام الداخلية وتكدس شديد للمرضي بالعيادات الخارجية. يؤكد أنه تم وضع خطط عاجلة وآجلة للتخفيف عن المرضي ورعايتهم وفقاً للإمكانيات المتاحة فأولاً عمليات ترميم المني الرئيسي تجري علي قدم وساق لاستئناف العمل به خلال شهور قليلة بالإضافة للحصول علي موافقة مبدئية من الدكتور عبدالقوي خليفة محافظ القاهرة منذ شهرين لتخصيص الحديقة الملاصقة لمبني المعهد واستغلالها في بناء عيادات خارجية بصفة مؤقتة لتقليل تكدس المرضي وتخفيف الاختناقات وطوابير الانتظار التي يعانون منها بسبب إغلاق المبني الرئيسي ومازال المعهد في انتظار قيام المحافظة بإخلاء الحديقة وتسليمها في أسرع وقت رأفة بالمرضي. يضيف أن هناك اتجاهاً آخر لتخفيف الضغط علي مقر المعهد الرئيسي بتشغيل مستشفي التجمع الأول بالقاهرةالجديدة والذي تم تجهيزه بالكامل بطاقة استيعابية 80 سريراً وسوف يبدأ التشغيل المبدئي له نهاية الشهر الحالي.. وتم تخصيصه للعلاج التلطيفي للحالات المتقدمة من المرضي.. كذلك لعيادات وجراحات أورام الثدي والعلاج الكيماوي. يقول إن الخطة المستقبلية هي بناء المعهد الجديد بميدان جهينة بمدينة 6 أكتوبر والذي خصصت له جامعة القاهرة مساحة 50 فداناً منذ عامين وتم القيام بحملة تبرعات أسفرت عن جمع عشرة ملايين جنيه تم وضعها في حساب المعهد.. وتم تشكيل مجلس أمناء جديد يتكون من رئيس جامعة القاهرة بصفته وعميد معهد الأورام القومي والوكلاء بصفتهم وكذلك خمسة أعضاء من هيئة التدريس بالمعهد وذلك عن طريق الانتخاب بالاقتراع المباشر من قبل أعضاء هيئة التدريس وسيتم ضم ستة من رجال الأعمال إلي هذا المجلس. يؤكد أنه يتم حالياً اتخاذ الإجراءات اللازمة لبناء المعهد وعمل حملات تبرعات جديدة كما تم تكليف إحدي الشركات الهندسية لمتابعة المشروع .