المعهد القومي للأورام أحد المعاهد الكبري المتخصصة في مصر. يرتاده مرضي الأورام من جميع المحافظات. ويتردد عليه ما لا يقل عن 200 ألف مريض سنوياً للحصول علي علاج كيماوي وإشعاعي. ويجري نحو 6 آلاف عملية كبري داخل 5 غرف عمليات فقط. في مبني مكون من 7 طوابق ويضم 300 سرير بعد تصدع المبني الرئيسي وإخلائه بالكامل عام .2009 كثرة أعداد المرضي تزيد معاناتهم داخل معهد الأورام. حيث تزدحم الطوابير ويضطر المرضي ومرافقوهم افتراش الأرض انتظاراً دورهم في الكشف أو تلقي جلسات العلاج. "المساء" التقت عدداً من المرضي ورصدت معاناتهم علي أرض الواقع كما التقت مدير المعهد وألقت بين يديه بحجم الآلام التي يتجرعها المرضي في رحلة البحث عن علاج للمرض الخبيث.. فاعترف بصحة الشكاوي وبعث لهم برسائل طمأنة عبر التحقيق التالي: * يحكي محمد عبدالله فلاح عن معاناته مع زوجته المريضة داخل المعهد والتي يحضر بها مرة كل أسبوع ويقضيان ما يزيد علي 10 ساعات في انتظار دورها في جلسات العلاج الكيميائي أو نقل الدم إليها حيث تعاني أنيميا شديدة منذ إجرائها لجراحة استئصال الورم.. وما يخفف عنه معاناة الانتظار هو العلاج الاهتمام الذي تحصل عليه زوجته المريضة داخل المعهد بالمجان دون أي تكلفة عليه. تقول نادية رزق ربة منزل : هناك ازدحام في الطوابير داخل المعهد بسبب كثرة المرضي والمرافقين لهم في انتظار الدور في كل عيادات المعهد يقابله ربط في الإجراءات وضيق في المكان وذلك منذ إغلاق المبني الرئيسي الذي تصدعت أعمدته.. وأصبحت العيادات والأقسام الداخلية كلها في مبني واحد.. فمتي ينتهي هذا الزحام ويلغي المرضي آلامهم ومعاناتهم مع المرض والأمراض التي يعانون منها بعد أخذ جلسات العلاج الكيميائي أو الإشعاعي. * يؤكد حسام الدين سيد موظف : أن العيادات الخارجية المكدسة بالمرضي والأطباء مكان غير آدمي.. حيث يحضر مع والدته التي أجريت لها عملية جراحية لاستئصال ورم سرطاني في القولون.. وتزداد معاناتها مع الزحام وافتراش المرضي لمداخل وطرقات المعهد في انتظار الدور للكشف أو إجراء الأشعة أو العلاج. * يقول نجاح سيد أحمد موظف من بني سويف : نتردد علي المعهد أسبوعياً لمتابعة حالة زوجتي التي أجريت لها عملية استئصال ورم بالثدي تلقي جلسات العلاج ونقضي اليوم كله في انتظار الدور وأحياناً يتعطل جهاز الإشعاع.. ويقوم المسئولون بالمعهد باستضافتنا في دار ضيافة ويتم نقلنا إليها بأتوبيسات ثم يقومون بتوصيلنا للمعهد في موعد الجلسات دون أي تكلفة علينا.. فهناك عدد من دور الضيافة تابعة لأهل الخير لخدمة مرضي الأورام. * يروي درويش يوسف "بالمعاش" معاناته مع المرض الخبيث حيث لا يستطيع الوقوف في الطوابير وافتراش الأرض حتي ينادي علي اسمه لدخول عيادة الكشف أو صرف الدواء لحين تحديد موعد لتلقي جلسات العلاج الكيميائي لأن حاله كما أخبره الأطباء لا تنفع معها جراحة.. ويتمني أن تقوم الحكومة بزيادة مستشفيات الأورام للقضاء علي مهزلة الطوابير التي لاترحم آلام المرض الخبيث. * يشير أسامة حسن لبيب مصور إلي تردده علي المعهد مع زوجته المريضة وأن جميع العاملين والأطباء وهيئة التمريض بالمعهد لا يترددون في تقديم المساعدة لكل مريض ولكن الأعداد الرهيبة للمرضي في معهد وحيد للأورام هي سبب المعاناة والازدحام. * تقول فوزية محمد مريضة : تلقيت أكثر من 27 جلسة إشعاع بعد عملية استئصال للرحم منذ سنتين ولكن نقص عدد أجهزة الإشعاع وتعطلها في أي لحظة يزيد من معاناتي حيث أحضر من محافظة المنيا واضطر للبقاء في دار ضيافة تابعة للمعهد حتي أحصل علي جلسة العلاج وكان الله في عون أطباء المعهد لأن عدد المرضي يفوق التصور فالعمليات الجراحية لمرضي الأورام لا تنهي المعاناة تماماً ولكن لابد من استمرار جلسات العلاج لمحاصرة المرض.. وتتمني زيادة الأجهزة لمواجهة الزيادة في عدد المرضي. * تتساءل زينب محمد ربة منزل : أين مبني العيادات المجمعة الذي وعدونا به لحل مشكلة الزحام بمعهد الأورام الذي تجري أعمال البناء داخل الحديثة المجاورة له.. وتمر الشهور ولا نجد أي بوادر للقضاء علي الطوابير والاختناق الذي يعاني منه المرضي والمرافقون لهم في انتظار دورهم في جلسات الإشعاع. يوضح عبدالرحمن مسعود مدرس من الشرقية أن هناك مهازل وصعاب يصطدم بها المرضي داخل معهد الأورام والروتين القاتل وصعوبة وجود سرير داخل الأقسام الداخلية وأنه يعاني في رحلة الذهاب والعودة مع شقيقه المصاب بورم خبيث في المثانة.. وبعد أن قرر الأطباء بالمعهد ضرورة إجراء جراحة سريعة له قبل انتشار الورم في باقي أجزاء جسمه.. ولكنه يجد سريراً منذ أكثر من 40 يوماً. ** المساء نقلت معاناة المرضي إلي د.علاء حداد عميد معهد الأورام القومي فاعترف بأن هناك معاناة كبيرة للمرضي داخل جدران المعهد.. وأن هناك طوابير وافتراشاً لطرقات العيادات والمداخل بالإضافة إلي تعطل أجهزة الإشعاع وقائمة انتظار لمرضي الأقسام الداخلية وبطء إجراءت الكشف والعمليات بسبب الظروف والانمكانيات التي يعمل بها المعهد والضغوط والأعداد المتزايدة من المرضي حيث إن المعهد هو الملاذ الأخير والجاذب لمرضي الأورام. أضاف يستقبل المعهد 20 ألف حالة مرضية جديدة كل سنة بالإضافة إلي 200 ألف حالة تتردد للعلاج الكيميائي والإشعاع وذلك كله داخل مبني المعهد القديم المكون من 7 أدوار والذي تم إنشاؤه عام 1969 والذي يضم 5 غرف عمليات و300 سرير ويعمل بطاقة استيعابية 100%.. في حين أن المبني الرئيسي المكون من 13 طابقاً تصدعت أعمدته وتم إخلاؤه بالكامل منذ عام 2009 لتر ميمه وتم إسناد عملية الترميم لشركة مقاولات بالأمر المباشر بالمخالفة للقانون أيام حكومة د.نظيف.. وتجري عملية تخارج مع الشركة وطرح عملية الترميم لمناقصة بين الشركات. أكد د.حداد أن مستشفي القاهرةالجديدة بدأ التشغيل التجريبي بإجراء المناظير والعمليات الجراحية الصغري أما التشغيل الفعلي فسوف يبدأ في مارس المقبل وسيكون أول مستشفي متخصص لأورام الثدي.. وقد تم تجهيز أتوبيسات لنقل المرضي والموظفين من أمام المعهد إلي مستشفي القاهرةالجديدة والعودة بهم وأن مشكلة تعطل أجهزة الإشعاع بسبب كثرة استخدامها وزيادة أعداد المرضي سوف تنتهي بعد أسابيع قليلة حيث تم شراء جهازين للإشعاع ثلاثي الأبعاد يسمي "المنشط الخطي" بتكلفة 20 مليون جنيه للجهاز الواحد للقضاء علي الزحام الشديد وتقليل ساعات انتظار المرضي لتلقي جلسات العلاج الإشعاعي.يري د.عمر زكريا أستاذ جراحة الأورام بمعهد الأورام أن المعهد هو المجني عليه حيث لا يجد أي اهتمام من الحكومة أو وزارة الصحة.. رغم أنه أول صرح طبي لمرضي الأورام ويستقبل ما لا يقل عن 200 ألف مريض سنوياً.. وتصل تكلفة العملية الجراحية للمريض الواحد من 20 إلي 25 ألف جنيه سواء إعداد المريض قبل العملية أو رعايته بعدها.. ويجري فريق أطباء الجراحة بالمعهد نحو 6 آلاف عملية كبري سنوياً داخل 5 غرف عمليات فقط. يتفق معه في الرأي د.خالد السماحي أستاذ التخدير بالمعهد بأن نقص الإمكانيات بالمعهد وزيادة أعداد المرضي تتم مواجهتها بالكفاءة والخبرة الفائقة للأطباء بمختلف تخصصاتهم بمن فيهم أطباء الجراحة خاصة أن أغلبية المرضي يصلون إلينا بعد تدهور حالتهم وتمكن المرض منهم. ونجري ما لا يقل من 25 عملية جراحية يومياً بأحدث أجهزة تخدير الأعصاب الطرفية وتركيب القساطر داخل الأوردة المركزية أو الطرفية والتي تشعر المريض بالأمان وتقلل مضاعفات المرض.. بالإضافة لأجهزة متابعة الوظائف الحيوية أثناء الجراحة وأثناء فترة الإفاقة بالعناية المركزة وأجهزة الأشعة. يؤكد م.عماد رشاد المسئول عن تنفيذ مبني مجمع العيادات المجاور لمعهد الأورام أن جمعية أصدقاء معهد الأورام هي التي تتولي بناء المبني وهو دور واحد أرضي من الحوائط الجاهزة هدية منها للمرضي ويتكلف البناء 230 مليون جنيه.. ويضم عيادات جراحة وباطنة وأطفال وغرف انتظار للمرضي والمرافقين لهم وهي مجهزة بشكل آدمي.. وكذلك بها صيدليات لصرف الأدوية.. وسوف نسلم المبني مبدئياً في نهاية مارس المقبل.