هناك ضرورة واجبة علي المستويين العام والخاص اليوم، للتوقف بالفحص والدراسة والتدقيق والمراجعة، لكل ما جري وما كان، خلال الأيام والأسابيع والشهور الماضية، طوال العامين الماضيين منذ تفجر ثورة الخامس والعشرين من يناير وحتي الآن. ولعلنا ندرك أهمية هذا التوقف وضرورة تلك المراجعة للأحداث والوقائع، والأفعال في ظل ما وصلنا إليه حاليا، وما هو ظاهر وطافح علي السطح من استقطاب حاد، وانقسام قائم، واختلاف واضح بين جميع القوي والتيارات والأحزاب السياسية حول جميع القضايا والرؤي. وإذا كان التوقف للتدقيق، والمراجعة مطلوبا في كل الأحوال، للتأكد من سلامة الوضع وصحة التوجه، فإنه يصبح ضرورة حتمية في حالة الاحتقان الشديد والاستقطاب الحاد التي نحن فيها اليوم، والتي تؤثر بالسلب علي المسار الوطني العام، وتشيع جوا من الاحباط والقلق لدي جميع المواطنين. وفي رصدنا لواقع الحال الذي نراه قائما أمامنا وحولنا الآن، بعد مرور عامين علي الثورة، لابد أن نسجل حقيقة يبدو انها قد اصبحت في زاوية النسيان من الكثيرين، أو أنها اصبحت محل تجاهل من الكثيرين، وهي ان ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، يعود الفضل فيها إلي الشباب أولا، وثانيا وثالثا. هذه حقيقة مؤكدة يجب أن يضعها الكل نصب عينيه، حيث كانت البداية هي انتفاضة الشباب الطاهرة والمخلصة والصادقة، يوم الخامس والعشرين من يناير، مطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وهذه الانتفاضة تحولت إلي ثورة بعد التفاف الشعب حولها، وإيمانه بمبادئها، التي رأي فيها تعبيرا صادقا وأمينا عما يتطلع إليه ويأمل في تحقيقه. فإذا ما انتقلنا بعد ذلك إلي التدقيق والفحص والمراجعة، لوجدنا صعوبة واضحة في القول، بأن الواقع الذي نراه حولنا بعد عامين من الثورة أصبح محققا لما نادي به الشباب في انتفاضتهم، وما تبناه الشعب في ثورته التي أبهرت العالم كله شرقه وغربه. وقد يقول قائل، ان هناك ميراثا ثقيلا ورثته الثورة، علي المستوي الاقتصادي والاجتماعي والتشريعي والسياسي، وان ذلك الميراث يحتاج إلي سنوات لتعديله أو الخلاص منه واستبداله بما يحقق طموحات الشباب وآمال الشعب في ثورته. وأقول إن هذه المقولة تعبر عن تأتي وحكمة الشيوخ،...، ولكنها لا تلبي فورة الشباب، وقوة حماسهم، وصدق توجههم.