لا يوجد شيء طيب في قضايا التعدي علي أراضي الدولة في جميع المحافظات.. فلقد تعطلت المصالح.. الخسائر بالمليارات.. المستفيد هم مافيا الأراضي.. والمتضرر الوحيد هو المواطن البسيط الذي يعاني من غلاء الأسعار وتدهور الخدمات وانهيار الطرق والمشاكل لا حدود لها بسبب زيادة الفجوة بين الاغنياء والفقراء.. فلقد تضاربت تصريحات المسئولين وتعددت جهات الرقابة والولاية علي أراضي الدولة الأمر الذي كشف أوهام الشفافية التي سطعت في سماء تعاملات الاجهزة الحكومية حيث أكد الواقع العملي ان كل التصريحات كذب في كذب.. فمع كل صباح يتم الاعلان عن الاستيلاء علي أراضي الدولة التي لا صاحب لها.. فهذه الجرائم تعطي درسا للحكومة يجب الاسراع في استيعابه.. هذا الدرس يجب ان يكون اكثر عمقا وحزما وصرامة، العلاقة بين الحكومة ورجال الاعمال تحتاج الي مراجعة وتصحيح للمسار.. ووضع الحدود الآمنة للحفاظ علي أراضي الدولة واملاكها لانها كلها ملك لنا جميعا.. الأمر الذي يزيل الشبهات ويحقق الاحترام الكامل للقانون.. وأيا كانت الأمور فإن خلط الأوراق يفتح الباب لرياح السموم التي تهز مسيرتنا التنموية. لقد شهدت الشهور القليلة الماضية الكشف عن عوار شديد في تطبيق القوانين الخاصة بحماية أراضي الدولة.. ووقف التعدي عليها بأشكال مختلفة.. وظهرت مافيا أراضي الدولة في جميع المحافظات بلا استثناء مستغلة تعدد الجهات وتضارب القوانين والقرارات والاشتباك بين الوزارات والهيئات والمصالح وعجز المسئولين عن فك الاشتباك.. وتقدر الأراضي المعتدي عليها حوالي 5 ملايين فدان تم تحويلها من النشاط التنموي الزراعي الي السياحي الترفيهي.. وبجانب ذلك تم التعدي علي حرم الطرق الصحراوية والزراعية وتوقفت عمليات التوسعة بسبب عدم وجود صاحب لهذه الطرق وضاع حرم الطرق علي مرأي ومسمع كبار المسئولين.. كل محاولات تقنين وضع اليد باءت بالفشل بسبب التعارض بين مواد القوانين والقرارات وتوقفت المصلحة القومية.. الصراع تزايد بين هيئة مشروعات التعمير ولجنة تسعير أراضي الدولة ووزارات الزراعة والري والتنمية المحلية حتي الآن لم يتبين الخيط الأبيض من الخيط الاسود في قضايا التعدي علي أراضي الدولة.. قرار رئيس الوزراء رقم 2843 لسنة 2009 يواجه القانون رقم 148 لسنة 2006 فالقرار يسعي لتقنين وضع اليد علي الأراضي.. وهيئة التعمير ووزير الزراعة يمتنعون عن تنفيذ القرار. استيقظت الأجهزة المختلفة مؤخرا واعلنت عن جرائم التعدي علي أراضي الدولة .. خطوة مهمة لتصحيح المسار وكشف المستور.. فلقد حددت الحكومة اجراءات لمحاربة الفساد والعمل علي كشفه وعدم التستر علي المفسدين مهما كانت مواقعهم ومناصبهم وآخرها احالة ملف نواب العلاج علي نفقة الدولة الي النائب العام.. اعتقد ان اللجنة القومية المشكلة لمحاربة الفساد من كل الوزارات يجب ان يناط بها حماية أراضي الدولة بالتنسيق مع المركز الوطني لاستخدامات أراضي الدولة وهيئة التعمير واللجنة العليا لتسعير أراضي الدولة.. فكلما اتخذت الحكومة اجراءات لمحاربة الفساد تزداد الثقة الشعبية فيها حيث تظهر بين الحين والحين اشارات ولفتات مضيئة تستوجب التوقف عندها بالبحث والتأمل.. فالاستمرار في محاربة الفساد والضرب بأيد من حديد علي مافيا الاراضي يؤدي حتما الي يقظة قومية لتحقيق التقدم والازدهار.. وهذا يعزز الثقة في انفسنا وفي مسيرتنا الوطنية وخطوات الاصلاح.