لأسباب عديدة قد يجمع الرجل في عصمته بين أكثر من زوجة، وهو ما اصطلح على تسميته «تعدد الزوجات» أي أن يجمع الرجل بين أكثر من زوجة في وقت واحد. والتعدد جائز في كثير من الشرائع واذا كان الاسلام يحدد التعدد ب «4» زوجات كحد أقصى، فإن بعض الديانات لا تضع حدا على عدد الزوجات مثل طائفة المورمون، ويبدو التعدد ممارسة شائعة في دول الخليج، ولكنه لا يبدو كذلك في دول شمال أفريقيا. واذا كان بعض علماء النفس في الغرب يرون أن الميل الى التعدد فطري عند الرجل، واذا كان في التعدد جوانب مضيئة ومشرقة، فان النساء يجدنه ظالما لهن بصورة كبيرة، وأحيانا يكون سببا في حالات الانفصال والطلاق، عندما لا تكون هناك أسباب منطقية تبيح للزوج أن يجمع على زوجته زوجة أخرى أو أكثر، من وجهة نظرها. تابعوا معنا بداية تلك القصص الانسانية : «علّيا» قالت:«بعد عام واحد فقط من زواجي أكد الأطباء عدم قدرتي على الانجاب، ما دفع زوجي الى الارتباط بأخرى، أملا في الانجاب». مضيفة: «وعلى الرغم من أنني رحبت بأن يتزوج غيري، من أجل أن يرزقه الله بنعمة الولد الا أنه انصرف عني، ولم يعدل بيني وبينها، كما يأمره الشرع وأنا أعيش الآن حياة بائسة ضائعة لا أعرف كيف أتصرف». وتبدو «راندا» أسعد حظا من سابقتها، اذ انها دفعت زوجها للزواج من غيرها لمرضها، ولعدم قدرتها على الوفاء بواجباتها الزوجية ولكن زوجها يعدل بينها وبين زوجته الجديدة، ولا يحرمها من شيء، ويفيض عليها حبا وعطفا وحنانا، كما تربطها ب «ضرتها» علاقة انسانية طيبة. ولكن «فاطمة» تعتقد أنها سيئة الحظ، لأن زوجها يعاني أزمة «منتصف العمر»حيث تزوج أخيرا من فتاة في عمر أولادهما ينفق عليها جل دخله، مشيرة الى أنها عندما لامته على ذلك، أخبرها بأنه لم يقترف محرما، فالتنوع أباح له أن يجمع في عصمته «4» زوجات، وليس اثنتين فقط. واستطردت:«أعيش وأولادي حياة مريرة لأن زوجي لم يعد مهتما الا بزوجته الشابة اليانعة». وتشبهها «وفاء» التي أجبرها والدها على الزواج من رجل مزواج يغيّر النساء، كما يستبدل ملابسه، ويجمع في عصمته حاليا زوجات، لا يعدل بينهن في معاملة، أو كسوة أو أي شيء، كما أنه ليس من حقهن الاعتراض أو التبرم، حيث يردد أمامهن دائما:«اللي عاجبها الكحل تتكحل واللي مش عاجبها ترحل». وتحت وطأة الظروف الاقتصادية السيئة قد ترضى الزوجة مكرهة بأن يجمع زوجها عليها زوجة أو أكثر، لأنها تدرك لو أنها انفصلت عن زوجها، فسوف تذوق الأمرين، فسوف تصبح مطلقة بعدما ضاع شبابها، وغدت مثل الأشجار في فصل الخريف كما أنها لا تملك مالاً تنفق به على نفسها وهذا ما انطبق على «رانيا» التي تنكر زوجها لربع قرن من العشرة، وتزوج غيرها، بعدما أخبرها بأنها فقدت جمالها وبريقها وأنوثتها. «رانيا» قالت: انها مضطرة للتعامل مع هذا الجحود والنكران، ولن تطلب الطلاق، لأنها تعلم يقينا أنها لن تجد من ينفق عليها اللهم الا اذا تسولت من الناس كما أنها لا تكف عن الدعاء على زوجها بسوء العاقبة. رأي علماء الدين وعن وجهة نظر الدين في التعدد فان الاسلام أمامه قيود صارمة مثل:«العدل وعدم الهجر»، فيكون للمسلم أن يتزوج من «4» نساء، ويجمعهن في عصمته لقوله تعالى:«وان خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم، ذلك أدنى ألا تعدلوا» سورة النساء - الآية «3». وفي هذا الاتجاه أوضح الشيخ عبدالرحيم السيد «من علماء وزارة الأوقاف المصرية» أن الاسلام أباح تعدد الزوجات بشرط العدل بينهن والمساواة يعطي في كل شيء، قال تعالى: «ان الله يأمر بالعدل والاحسان». مؤكدا أن النبي الكريم حذر الرجل من عدم العدل والمساواة بين زوجاته حين قال في حديثه القدسي: «اذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط» أي نصفه مائل. وشدد على أن الاسلام أعطى للزوجة الحق في الطلاق، اذا لم ترض أن يتزوج زوجها عليها. منوها الى أن التعدد يعتبر حلا منطقيا، اذا كانت الزوجة الأولى مريضة أو عقيما، كما يعد حلا مناسبا لمشكلة العنوسة التي تواجه ملايين عدة من النساء في الوطن العربي. رأي علم النفس ولكن علماء النفس في الغرب يرون أن الميل الى التعدد فطري عند الرجل، كما أن هناك دراسة أميركية حديثة تقول: «ان السائر لدى علماء النفس والاجتماع الغربيين هو «أن الرجل يميل تكوينيا الى تعدد الزوجات، وأن نظام الزوجة الواحدة يتعارض مع طبيعته التكوينية، وأن الرجل خائن على مر التاريخ». وأظهرت دراسة على أكثر من «16» ألف شخص من جميع قارات الدنيا أن الرجال في أي موقع عزابا كانوا أم متزوجين يرغبون أكثر من النساء في أن يكون لهم أكثر من شريك جنس واحد. وعلى الرغم من أن غالبية العلماء لا يجاملون في أن التطور لعب دورا في تشكيل السلوك البشري فان الفكرة القائلة: «ان النزعة نحو اقامة علاقات متعددة موجودة في تركيب دماغ الانسان، ولذلك فانها طبيعية، لا يستطيع مقاومتها، حتى يتمكن من تبرير أفعاله قوبلت بهجوم شديد من بعض العلماء الذين أكدوا على أولوية الثقافة في تشكيل السلوك الانساني، وموجبات الخيانة، يخلفها المحيط الاجتماعي في الرجل. وأخيرا فاننا اذا تعاملنا مع تعدد الزوجات بتأنٍ ونحينا العاطفة جانبا، وكذلك اساءة استخدام بعض الرجال له فان التعدد يبدو لصالح المرأة ولصالح المجتمع فهو حل للعوانس والمطلقات والأرامل، ومن تجاوزن قطار الزمن وللرجال الذين يرفعون شعار «امرأة واحدة لا تكفي».