على عكس ماتوقعه اعداء كاسترو لم يندهش المواطن الكوبي العادي لنبأ تقاعده رغم تعليق اعدائه لعقود امالهم على موته او تنحيه زاعمين ان ذلك سيدفع بالاف الكوبيين الى الشوارع للمطالبة باصلاحات ديمقراطية في الدولة الشيوعية. كان الزعيم الكوبي المريض فيدل كاسترو قد اعلن تقاعده بعد ان ظل على رأس السلطة في كوبا قرابة نصف قرن ممهدا الطريق أمام انتقال سلس للحكم الى شقيقه الاصغر راؤول كاسترو. لكن حين أعلن كاسترو (81 عاما) الذي لم يظهر في اي مناسبة عامة منذ نحو 19 شهرا في بيان للامة انه لن يعود لرئاسة البلاد او لقيادة الجيش وانه لن يسعى لفترة رئاسية جديدة حين يجتمع المجلس الوطني في 24 فبراير شباط الجاري لم يحدث ما توقعه أعداؤه وجاء رد فعل الكوبيين هادئا. البعض حزن لتقاعد كاسترو والبعض أمل في ان يجيء ذلك بتغييرات اقتصادية لكن لم يتوقع احد حدوث تغيير سياسي كبير في كوبا الشيوعية التي يحكمها حزب واحد. مضى الكوبيون في شؤون حياتهم اليومية كالمعتاد ولم يظهر وجود زائد للشرطة في شوارع العاصمة هافانا الرطبة الحارة الهادئة. وجرانما هو اسم السفينة التي ابحر عليها كاسترو ومعه 82 رجلا منهم تشي جيفارا الى كوبا من منفاه في المكسيك ليقوم بحركة ثورية عام 1956 ضد حكم فولجنسيو باتيستا لكن حرب العصابات التي شنها لم تنجح الا عام 1959 حين فر باتيستا الى الدومنيكان وسيطرت قوات كاسترو على هافانا وهزمت قوة من المقاتلين قوامها 800 فرد جيشا نظاميا يضم 30 الف جندي. وكاسترو الذي وصل الى السلطة في كوبا بعد ثورته المسلحة عام 1959 لم يظهر في مناسبة عامة منذ ان اجريت له جراحة لوقف نزيف معوي مما اضطره الى تسليم السلطة لشقيقه راؤول (76 عاما) في 31 يوليو تموز عام 2006 الذي ادار كوبا منذ ذلك الحين والذي من المتوقع ان يرشحه المجلس الوطني وهو المجلس التشريعي في كوبا رسميا خليفة لكاسترو ورئيسا للبلاد. وفى ميدان الثورة الذي اعتاد كاسترو ان يلقي فيه خطبه الطويلة امام حشود غفيرة من اتباعه بدت المدينة هادئة. وينزل تقاعد كاسترو الستار على مشوار سياسي حافل واكب الحرب الباردة وواجه عداء أمريكيا ونجا من مؤامرات اغتيال دبرتها وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه) كما واكب أفول نجم الكتلة الشيوعية السوفيتية. واشتهر كاسترو الذي يتمتع بشخصية قيادية جذابة بخطبه الطويلة التي كان يلقيها بزيه العسكري المميز ويلقى شعبية في العالم الثالث لوقوفه في وجه الولاياتالمتحدة لكن معارضيه يعتبرونه دكتاتورا قمع الحريات. أثار تقاعد كاسترو امالا بحدوث تغيير في الجزيرة وعبرت الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي عن أملهما في أن تشهد كوبا تحولا ديمقراطيا بعد تقاعد الزعيم الكوبي المخضرم. وقال الرئيس الامريكي جورج بوش "اعتقد أن انتقال السلطة من فيدل كاسترو يجب أن يكون بداية فترة انتقال ديمقراطي."، لكن الخبراء في شؤون كوبا رجحوا حدوث اصلاحات اقتصادية محدودة لا انتقال سياسي سريع. كما كان رد الفعل أيضا فاترا في مياميالامريكية معقل الكوبيين المنفيين المعارضين للشقيقين كاسترو. وقال وزير التجارة الامريكي كارلوس جوتيريز المولود في كوبا "هذا تسليم للسلطة من طاغية لاخر. يجب الا نخدع انفسنا. طالما فيدل حي فهو الذي سيدير العرض."