ارتفعت أسعار الارز في آسيا إلى نحو ثلاثة أمثالها خلال 2008، وزادت الأسعار في مجلس شيكاجو للتجارة أكثر من 80% لتسجل مستويات قياسية متتالية، في الوقت الذي تغذي القيود التي يفرضها كبار الموردين مشاعر القلق بشأن إمدادات الغذاء. ونظرا لأن حجم تجارة الأرز عالميا لا يزيد عن 30 مليون طن سنويا، أثارت القيود الحكومية التي فرضها مصدرون مثل الهند وفيتنام انزعاج المستوردين مثل الفلبين وبنجلادش في وقت تراجعت فيه المخزونات العالمية إلى النصف منذ وصولها إلى مستوى قياسي في عام 2001. قيود التصدير: ومن هذه القيود، حظرت الهند ثاني أكبر مصدر للارز بعد تايلاند في اكتوبر/ تشرين الاول 2007تصدير الارز غير البسمتي لكبح جماح الأسعار والسيطرة على التضخم ولكنها خففت الحظر في وقت لاحق من الشهر ذاته على بعض الانواع الممتازة من الارز. وفي مارس/ آذار 2008، حظرت الهند تصدير الارز غير البسمتي مرة أخرى مع وصول التضخم إلى أعلى مستوى في 14 شهرا مما أثار قلق صانعي السياسة. وإقتفت مصر أثر الهند، وأعلنت في الشهر ذاته حظر تصدير الارز ، مع بداية ابريل/ نيسان وحتي اكتوبر/ تشرين الأول 2008 لدفع الأسعار المحلية نحو الانخفاض. وتنتج مصر عادة نحو 4.6 مليون طن سنويا من الارز الابيض مما يترك فائضا محليا يبلغ نحو 1.4 مليون طن للتصدير. وفي ابريل/ نيسان 2008، مددت فيتنام ثالث أكبر منتج للارز في العالم العمل بالحظر على تصدير الارز حتى يونيو / حزيران للمساعدة في تثبيت أسعار الاغذية المحلية في إطار سعيها لكبح جماح التضخم الذي بلغ خانة العشرات، وسبق ذلك حظرا آخر علي التصدير إمتد بين مارس وابريل من العام نفسه. وتزامن ذلك، مع وقف البرازيل بشكل مؤقت تصدير الارز لتأمين الامدادات المحلية والحفاظ على استقرار المواد الغذائية الاساسية. يذكر، أن الدولة الواقعة في امريكا اللاتينية قد صدرت 313 الف طن من الارز في 2007، ولاتعد من كبار مصدري الارز على مستوى العالم. وشاركتهما اندونيسيا، أكبر مستهلك للارز في جنوب شرق آسيا، ومنعت تصدير الارز من الدرجات متوسطة الجودة من اجل مكافحة التضخم. وبموجب القواعد الجديدة لتصدير الارز في اندونيسيا لا تسمح الدولة لوكالة التوريد المحلية (بولوج) بيع الارز متوسطة الجودة في الخارج إلا عند وصول مخزوناتها إلى أكثر من 3 ملايين طن. التهافت على الاستيراد: تزامن ذلك مع تهافت الدول علي استيراد كميات وفيرة من الارز وتخزينها، ففي يناير/ كانون الثاني 2008، وقعت بنجلادش اتفاقات وبدأت استيراد 180 الف طن من الارز الابيض من جارتها ميانمار، وبدأت الحكومة وتجار القطاع الخاص في بنجلادش استيراد الارز بعد تضرر المحاصيل من الفيضانات في 2007. وهو ما أعلنته الفلبين في مارس/ اذار 2008، عندما قالت انها تهدف إلى استيراد ما يصل إلى 2.2 مليون طن من الارز خلال العام لسد النقص المحلي من السلعة، فيما بدا قد يصبح أكبر صفقة اجنبية لشراء الارز في عقد كامل بعد أن اخفق المحصول المحلي في تلبية احتياجات عدد السكان المتزايد مما رفع التضخم إلى أعلى مستوى في 16 شهرا. وتكهنت كوستاريكا بارتفاع وارداتها من الارز بنسبة 31% إلى 190 الف طن في السنة الزراعية 2008-2009 التي تبدأ في يوليو/ تموز نتيجة لإستبدال بعض المزارعين زراعة الارز بمحاصيل اخرى مثل قصب السكر والاناناس، كما أدى سوء الاحوال الجوية في مناطق رزاعة الارز الباقية إلى خفض توقعات المحصول. وقالت بنجلادش انها ستستورد 400 الف طن من الارز من الهند لتأمين المخزونات المحلية المتناقصة، ولن تخضع الواردات لارتفاع أسعار تصدير الارز نظرا لانها تتم بموجب اتفاق بين حكومتي البلدين. وفي سنغافورة، أعلنت الحكومة السماح لمستوردي الارز بجلب مزيد من المشتريات لتلبية الطلب المتزايد وسط مخاوف المستهلكين من نقص حاد في امدادات الارز وارتفاع أسعاره. المضاربة وارتفاع الأسعار: في مجلس شيكاجو للتجارة ساهم المضاربون الماليون في رفع أسعار الارز نحو 80% خلال 2008 لتسجل مستويات قياسية متعاقبة، وإلى حد ما فقد ساعد اقبال المستهلكين على تخزين كميات كبيرة من الارز في دفع أسعاره نحو الارتفاع من خلال تحفيز المستوردين على السعي للحصول على امدادات. تنويع استغلال الاراضي: في بعض الدول مثل الفلبين لا يلبي الإنتاج الطلب المحلي بسبب تحويل المساحات المزروعة أرزا إلى مناطق صناعية أو بسبب سعي المزارعين إلى زراعة محاصيل اخرى، وهذه قضية اطول اجلا ستسهم في شح الامدادات مستقبلا. تنامي الطلب: في الدول الصغيرة التي تواجه ارتفاع أسعار القمح والذرة إلى مثليها يزداد استهلاك الارز ولكن هذا يعوضه جزئيا تراجع متوسط استهلاك الفرد في الدول الكبيرة مثل الصين، وتظهر بيانات وزارة الزراعة الأمريكية أن الاستهلاك في الصين الذي يمثل 30% من الاستهلاك العالمي تراجع بنسبة 3.9% منذ عام 2003، فيما تزايد الاستهلاك العالمي ب 2.7% خلال نفس الفترة في دول مثل نيجيريا والفلبين وبنجلادش. (رويترز)