من حقول الارز الخصبة بشمال إيران الي أسواق الحبوب المتربة في طهران يبدو الالم والمفارقات بسبب الازمة العالمية الناجمة عن ارتفاع أسعار الغذاء والوقود. فقد تجاوزت أسعار الارز الضعف في إيران منذ مارس/ آذار 2008 لكن مزارعين يعملون منذ شروق الشمس الى غروبها في منطقة تنتشر فيها زراعة الارز حول تشالوس وهي مدينة على بحر قزوين يقولون ان القليل من هذا المال يدخل جيوبهم. ويقول باقر كفايتي في مزرعته الواقعة بمنطقة داشت-اي نيشا، إن التجار اشتروا أرزنا بسعر بخس جدا، وخزنوه والان المضاربون أصحاب الثروات يبيعونه بسعر مرتفع،فلم يجن المزارفون ربحا لكن التجار ربحوا. والمضاربون أصحاب الثروات تجار أثرياء يشترون الارز بالجملة من المزارعين، ويشتري تجار الارز بكميات صغيرة من المستثمرين الرأسماليين ويبيعونه للمتاجر، ويلعبون دور السماسرة ولا يحققون مبالغ كبيرة من المال. وينحي بعض السماسرة باللائمة علي حكومة الجمهورية الاسلامية قائلين ان تأخرها في استيراد الارز خلال 2008 مما ساعد في اذكاء ارتفاع الاسعار عبر خلق فراغ أمكن استغلاله. والارز سلعة أساسية في ايران البالغ عدد سكانها 70 مليون نسمة والتي تمتد بين اسيا والشرق الاوسط وهي رابع اكبر دولة منتجة للنفط علي مستوى العالم. وتستفيد الجمهورية من طفرة النفط التي شهدت صعدت اسعاره قرابة 140 دولارا للبرميل، وفي نفس الوقت ضحية حيث ان ارتفاع أسعار النفط من العوامل وراء زيادة التضخم التي تعاقب فقراء البلاد. وتلوم البعض الآخر حكومة الرئيس محمود احمدي نجاد متهمينها بالاسراف في التعامل مع عائدات النفط غير المتوقعة في اشعال التضخم الذي ارتفع الى 25.3% خلال عام حتي مايو/ ايار 2008، كما ساهمت أسعار الغذاء العالمية التي ارتفعت أثر مخاوف من نقص الامدادات وقيود فرضت علي التصدير. وذكرت صحف ايرانية في مايو/ ايار أن سعر الارز المدخن الذي يحظى باقبال قفز الى 50 الف ريال للكيلوجرام (نحو 5.40 دولار) مرتفعا من 19 الف ريال، وارتفع سعر نوع ايراني اخر من 18 الفا الى 45 الفا، بينما تضاعفت أسعار أنواع أخرى 3 مرات. وللالم الذي تسببه الاسعار عواقب سياسية حتى في ايران الخاضعة لسيطرة محكمة، فقد ذكرت بعض الصحف أنه في جنوبايران وبعض المدن الاخرى احتج افراد من أصحاب الدخول المنخفضة علي التضخم وارتفاع الاسعار. ويطالب البعض احمدي نجاد الذي تولى الحكم عام 2005 بالوفاء بوعوده بتوصيل الثروة النفطية للشعب مع اقتراب إنتهاء ولايته واجراء انتخابات رئاسية في عام 2009. وتقول معصومة ناييري وهي عاملة نظافة وام ل5 ابناء في طهران "احمدي نجاد وعد بأن يأتي بأموال النفط الى طاولاتنا لكنه بدلا من هذا ينتزع الارز من طاولاتنا فالارز والخبز هما الشيئان الوحيدان اللذان نستطيع تحمل تكلفتهما كيف سأطعم ابنائي مع ارتفاع اسعارهما .. الحياة تصبح اكثر صعوبة كل يوم". وبلغت أسعار الارز الاسيوي 3 أمثالها تقريبا لتسجل أعلى ارتفاع لها علي الاطلاق حيث أذكت القيود التي فرضتها دول تعد المورد الرئيسي للارز انعدام الامن بشأن امدادات الغذاء، ومنذ ذلك الحين انخفضت الاسعار عن مستوياتها القياسية لدى ظهور بوادر على محاصيل اكبر ورفع الحظر عن التصدير. وتضررت ايران بشدة بوصفها مستوردة للارز خاصة لان طقس الشتاء القارس الذي تبعه الجفاف أثر علي محاصيل الارز المحلية مما زاد من اشتعال الاسعار للمستهلكين. وفي وقت سابق من يونيو/ حزيران 2008، نقلت صحيفة ايران نيوز عن وزير التجارة قوله ان طهران تحتاج الى استيراد 1.7 مليون طن من الارز خلال العام المنتهي في مارس/ اذار 2009 لتكملة الانتاج المحلي المتوقع أن يبلغ 1.5 مليون طن. ويقدر أن حجم الاستهلاك الايراني للأرز 3.2 مليون طن، وعلي مدار الاعوام القليلة الماضية حاولت الوصول الي الاكتفاء الذاتي لكن نتيجة لعدة مشاكل منها الجفاف لم تستطع الجمهورية الاسلامية تحقيق هذا الهدف. وأرجأت ايران شراء الارز من الاسواق العالمية - من تايلاند موردها التقليدي علي سبيل المثال- بسبب الاسعار المرتفعة لكن لتخفيف المخاوف الجماهيرية من نقص الكميات أعلن التلفزيون الايراني الحكومي في مايو/ ايار أنه تم شراء 100 الف طن على الاقل من باكستان، مما هدأ الاسعار الا انها ما زالت مرتفعة. ومثلما أنحي باللائمة علي المضاربين بالاسواق العالمية في تضخم ارتفاع أسعار النفط وزيادة تقلبها اتهم التجار الذين يعرفون باسم المضاربين أصحاب الثروات بالتلاعب بسوق التجزئة. وقال مسؤولون ايرانيون ان بعض التجار يحاولون الاستفادة من الجفاف وعدم توافر الارز المستورد لتحقيق أرباح، وأشارت تقارير اعلامية محلية الى أنه تم القاء القبض علي عدة تجار في مدن مختلفة لتخزينهم الارز. ويثير دور التجار غضب المزارعين وعمالهم في الاقاليم الشمالية الثلاثة وهي جيلان وجولستان ومازاندران حيث تجري معظم زراعة الارز. ويغير ارتفاع الاسعار من عادات الناس - وهو الموقف الذي يتكرر في أماكن أخرى - فبعد أن أصبح الارز باهظ الثمن استبدل الناس في غرب افريقيا الارز بمعجون المنيهوت (وهو نبات يستخرج من جذوره نشاء مغذ) أو أوراق المنيهوت او الخبز اما في بنجلادش فقد حثت الحكومة الناس على تبني البطاطس (البطاطا) لتكون غذاء أساسيا. (رويترز)