في مرحلة شباب كل واحد منا تبدأ رحلة البحث عن شريك الحياة وتوأم الروح، ونبدأ في رسم صورة كاملة ومثالية لمن نرغب في أن نقضي معه بقية الحياة رغم اقتناعنا بأن تلك الصورة الكاملة غير موجودة إلا أننا علي الأقل نرسم الخطوط العريضة لتلك الصورة متأملين أن تصبح حقيقة واقعة ونجد الشريك الذي نبحث عنه وان تتوفر فيه الصفات التي نريدها. سواء كنت شابا أو فتاة فلكل مواصفات ومعايير تضعها من أجل اختيار زوجة أو زوج المستقبل، الراية الأسبوعية في الموضوع في التقرير التالي تستطلع آراء الشباب الفلسطيني من الجنسين في أهم الصفات والمعايير المطلوبة التي يجب أن تتوفر في شريك حياته. أدهم محمد(23عاما) يري أن الصفات تختلف من شخص لآخر، بالنسبة لي فأكثر ما أريده في شريكة عمري أن تكون ذات أخلاق عالية وأن تكون متدينة لأنني بالتالي سأطمئن علي حياتي معها وأكون متأكدا علي أنها ستربي أولادي أفضل تربية، ولا يخفي أدهم رغبته بأن تكون شريكة حياته جميلة لكنه لا يشترط أن تكون فائقة الجمال، كما أن الجمال بالنسبة له لا يعتبر من أهم متطلباته في زوجة المستقبل، فالجمال الحقيقي حسب قوله هو جمال الروح. يحلم علاء عيسي(22 عاما) بزوجة جميلة متفهمة ربة منزل معتبرة وان تكون متدينة، ولا يشترط أن تكون متعلمة بمعني أن تحمل شهادة جامعية فهو لا يريد زوجة تعمل بعد الزواج، بل يكفي أن تكون متعلمة لدرجة تجعلهما يتفاهمان علي ما قد يحصل بينهما من خلافات، وفي ظل الظروف السياسية والاقتصادية في فلسطين يري علاء بأن من أهم الصفات التي يجب أن يبحث الشاب عنها لدي الفتاة نظرا للظروف هي أن تقبل بأبسط معاني الحياة وتقبل الشراكة ولو كان علي حقوقها، معللاً أن الظروف الاقتصادية التي يعيشها الفلسطينيون عامة لا تسمح إلا بتوفير الضروريات وقليل من الكماليات في بعض الأحيان لافتا أن رضا الفتاة بالقليل تكون مقياسا لمدي احترامها للحياة الزوجية وفهمها لها، وأن تشاركه الحياة بحلوها ومرها. رياض سامي في التاسعة والعشرين من عمره ومقبل علي الزواج فللمرأة لديه صفات مختلفة يريدها مزيجاً من العقل والحنان فيقول يجب ان تتصرف بحنكة وعقلانية فيما قد ينشأ من اختلافات بسيطة ولا تصعدها لتصل إلي الأهل، وكذلك أن تكون مخلصة في مشاعرها تجاهي تمنحني اهتماماً وعطفاً وحناناً، تغلب مصلحة الأسرة علي رغباتها وأن تقف إلي جواري بإخلاص وتفانٍ إذا ما غدر الزمان بي.. بمعني أن تكون مخلصة أصيلة، ولا يخفي رياض رغبته في أن تكون زوجة المستقبل جميلة لأن الله جميل يحب الجمال. أما أبو عريب 37 عاماً، فيقول إن أي رجل يحب أن يجد في زوجته ما يعتبره ضالته من توافق فعلي في القيم والأخلاق والمبادئ، لافتاً إلي أن التوافق أساس الحياة إن خلت منه انعدمت الحياة السعيدة الهادئة، ويتابع: "إن قضية الجمال لدي الرجال قضية نسبية تتفاوت بين مختلف الرجال"، أما عن الصفات التي يحبها ويقدرها في زوجته هي أن تكون صادقة وفية صبورة أمينة ذات عقل راجح، تقدر الحياة الزوجية وأن تكون محتوية لزوجها بكل تفاصيله غضبه وفرحه ألمه وحزنه، وأكثر ما يمقته في الزوجة هو عدم الذوق في مجال ترتيب وتنظيم البيت ناهيك عن عدم احترامها لعلاقاته الخارجية سواء علي صعيد الأرحام أو الأصدقاء ويري أبو عريب أن أروع صفة في الزوجة هو الاستسلام وقبول الركون إلي الزوج ما دام التعامل لا يشذ عما يتم الاتفاق عليه من معايير يتم بلورتها خلال الحياة. وتتغير الصفات التي يرغب الشاب في أن تتوفر في زوجة المستقبل من شاب إلي آخر، احدهم يريدها متعلمة وآخر لا، واحدهم يشترط الجمال والآخر يضع الجمال في آخر سلم الأولويات بينما يريدها البعض ويريدها متدينة أولا وأخيرا، لكن الجميع يتفق علي أن تتحلي الفتاة بالحياء والخجل اللذين يعكسان أنوثتها، وكذلك الحنان والعطف والعطاء والتضحية والحب والإخلاص والوفاء والإيثار، كما يطمح الرجل أن تكون زوجته مثالية تصبر معه علي السراء والضراء وتشاركه تفاصيل الحياة بقلبها وعقلها. متطلبات الفتاة تلك كانت الصفات التي يريدها الرجال والشباب الفلسطيني في زوجاتهم أما رأي الفتيات فقد كان أحياناً لا يتفق مع ما أدلي به الرجال وأحياناً أخري وجهوا لهم لوماً، تقول سارة متزوجة وربة بيت إن الزوج يريد زوجته بجمال فائق، وببراعة الشيف "أسامة" في الطبخ وتقديم أشهي المأكولات والأصناف وتكون تماماً مثل الست أمينة في مسلسل بين القصرين خاضعة مستسلمة لا تناقش ولا تجادل فقط تستمع وتنفذ رغبات الزوج حتي لو علي حساب نفسيتها ومعنوياتها، وتري أن الفضول أكثر ما يزعج الزوج من زوجته ناهيك عن رفع صوتها أثناء مجادلتها له في أي موضوع يعترض حياتهما اليومية. ربا حامد(30عاما) تقول بأنها لطالما تمنت زوجا حنونا ومتفهما ورومانسيا في المقام الأول، ولطالما كانت تلك الصفات التي تحلم بأن تتوفر في شريك الحياة، وتأتي بعدها صفات أخري أن يكون متعلما وصاحب شهادات عليا كما أن يكون وضعه المادي والاجتماعي جيدا جدا وعلي قدر جيد من الوسامة، معتبرة أن التفاهم بين الطرفين من أهم الأساسات التي تقوم عليها أي علاقة زوجية وأن أي صفات أخري هي دعامات للعلاقة. وتري هالة جرادات(23عاما) بأن من أهم الصفات التي تريدها في شريك حياتها أن يكون غنيا قادرا علي توفير متطلبات الزواج علي أكمل وجه، كما أن يكون وسيما محبا حنونا وأن يكون وعاء يستوعب كل عيوبها ومحاسنها علي حد سواء فهي تريده قويا قادرا علي تحمل المسئولية معها . الرأي العلمي ومن الناحية الاجتماعية فيقول شريف جرادات الأخصائي الاجتماعي بأن معايير الزواج في المجتمع الفلسطيني ينتابها التغيير بين الحين والآخر بفعل عوامل عدة لاسيما العوامل السياسية والاقتصادية. ومن بين ذلك خضوع تصور الرجل للفتاة الملائمة للزواج، وفي المقابل تصور الفتاة أيضاً للرجل المناسب كزوج للمستقبل. وحيث أن المجتمع الفلسطيني هو مجتمع شرقي أي بمعني أكثر وضوحاً مجتمع ذكوري فإن الرجل هو الذي يتحكم في معايير الزواج علي اعتبار أنه دافع المهر والمبادر في أغلب الأحيان لطلب الزواج بمن يرغب. وبالرغم من أن الإسلام قد حدد معايير الزواج من الفتاة وحدد أفضلها كما ورد في الحديث الشريف "تنكح المرأة لمالها وجمالها وحسبها ودينها، فأظفر بذات الدين تربت يداك"، وبالرغم من أنه وعبر الفترات التاريخية قد تم ممارسة هذه المعايير جميعها كل حسب طلبه ومنظوره لزوجة المستقبل، فإن المجتمعات قد شهدت في تطورها وما يطرأ عليها من متغيرات طارئة أو دائمة تفاوتا في البحث عن هذه المعايير والاحتكام إلي أحدها أكثر من الآخر. ومن هنا فمن الواضح أن المتغيرات التي شهدها المجتمع الفلسطيني في العقد الأخير من حيث تراجع فرص العمل للشباب داخل إسرائيل أو في الدول العربية النفطية، وعمل المعظم منهم حتي من حملة الشهادات الجامعية في الأجهزة الأمنية والعسكرية بمرتبات متدنية لاسيما في السنوات الأولي في الخدمة العسكرية وخصوصاً لمن يحمل شهادات جامعية، إلي جانب ارتفاع معدلات البطالة، هذا إضافة إلي تغير النمط المعيشي في المجتمع وتحوله إلي نمط معيشي استهلاكي كل ذلك ساهم في بروز ظاهرة البحث عن شاب أو فتاة اصحاب وظيفة لاقتران أحدهما بالآخر. واشتهرت مقولة: "قرشه علي قرشها بيعيشهم". وهكذا دار المجتمع في دائرة مادية بحته في نمط الاقتران الأسري. وتم تجاوز الكثير من محددات الأمس ومعوقاتها في الزواج مثل عامل السن أو الجمال أو حتي معايير الدين والحسب والأخلاق. ويضيف جرادات "تلعب التربية والبيئة دورا كبيرا في تحديد المعايير المطلوبة لأزواج المستقبل، كما توجد عدة عوامل أخري فبعض الشباب المتعلمين من حملة الشهادات الجامعية يرفضون وضع صفة غير المتعلمة لشريكة الحياة فهم يشترطون في زوجة المستقبل أن تحمل شهادة جامعية توازي شهادته ، مبررا ذلك بأنه يريد منها أن تشاركه أعباء الحياة من خلال البحث عن وظيفة تناسب شهادتها فهو لا يريد زوجة لا تعمل كل ما يهمها الطبخ والكنس، ومن وجهة نظر هؤلاء فإن الفتاة الحاصلة علي شهادة جامعية قادرة علي تفهمه والتغلب معه علي مشاكل الحياة التي تصادفهما بالحوار والمناقشة المتحضرة.ومن جهة أخري يقول جرادات"هناك الطبقة الأقل حظا في التعليم فهو ينظر إلي زوجة المستقبل كربة بيت ممتازة تجيد الوصول إلي قلبه عبر معدته عدا عن صفات أخري كالجمال والطاعة العمياء وأن لا تناقشه في أمر وأن تجيب دائما بكلمة حاضر. هذا ما يخص صفات الفتاة التي يرغب بها الشباب ، أما بالنسبة للفتيات فالوضع مختلف فهن يعتبرن متطلبات أكثر في شريك الحياة فهن يردن الحب والوسامة والشهادة والغني والمركز الاجتماعي المرموق وأكثر بكثير من ذلك في الشاب، فالفتاة منذ صغرها تحلم بشاب جميل المحيا بوظيفة ممتازة وسيارة فارهة وبيت فاخر، كل ذلك تريده في شخص واحد لكن تلك أحلام لا أكثر لذا تجد الفتاة تتنازل عن بعض تلك المطالب في شريك العمر لاقتناعها بعدم وجود شاب يجمع بين تلك الصفات كلها وان تمنت حدوث ذلك. ويقول جرادات بأن الوضع العام لفلسطين أدي إلي ظهور نماذج من الشباب الفلسطيني بكلا جنسيه وضعوا معيارا جديدا في شريك الحياة وهو أن يملك الطرف الآخر جنسية أجنبية طمعا في حصوله أو حصولها علي تلك الجنسية، فالظروف السياسية وما نتج عنها من اقتصاد مدمر وبطالة وتفكك اجتماعي وأخلاقي أدي إلي حلم الشباب الفلسطيني بالهجرة والسفر إلي الخارج وهذا ما يطمع الشباب والشابات في فلسطين الوصول إليه عبر الزواج ممن يملكون جنسيات أخري غير آبهين بأية معايير أو صفات لطالما حلموا بها في شريك الحياة.