نقلا عن الاهرام13/12/07 كان رصيف المشاة فيما مضي ملكا خالصا وحقا مكتسبا للماشين علي أقدامهم, من هنا اكتسب اسمه: رصيف المشاة, وكانت نصيحة الآباء والأمهات التقليدية لصغارهم امشي علي الرصيف.. لكن أين هذا الرصيف الآن ؟ لقد اختفي المتاح منه تحت كل صور التعديات. كان سهلا أمام كل من يمشي عليه من المرضي وكبار السن, كان آمنا للأطفال والسيدات ولكل عابر سبيل, كان الكل يحترمه ويعرف حدوده فيه. أما الآن فقد حدث انقلاب علي الأرصفة, أصبحت حكرا لأصحاب المقاهي وحقا مكتسبا لتجار الشنطة والباعة الجائلين وتحولت أجزاء كبيرة منه إلي أماكن للانتظار وجراجات للسيارات. يقول محمد حسين موظف بوزارة الري إنه نسي كلمة رصيف منذ وقت طويل فهو أحد ساكني امبابة ويري أن أرصفة هذا الحي بأكمله أصبحت كمالة مقاه لأن كل صاحب مقهي لا يجد حرجا من إستخدام الرصيف الذي أمامه في توزيع المقاعد والموائد عليه لتوسيع نشاطه فيصبح مقهي ومطعما في آن واحد لاغيا وجود الرصيف تماما. وتضيف هبة أحمد ربة منزل أنهالا تجد سبيلا سوي السير وسط السيارات خشية التعرض لمضايقات الجالسين علي المقاهي الممتدة علي الأرصفة. أما خالد عبد الفتاح مهندس فيقول: حتي أصحاب السيارات الملاكي أصبحوا لايرون حرجا في ركن سياراتهم علي الرصيف. ويعلق بهاء السباعي سكرتير عام محافظة الجيزة علي هذه الظاهرة قائلا إن أزمة التعدي علي الأرصفة تكمن في عجز القانون عن توفيرالحماية له, فالقانون ينص علي مصادرة الإشغالات غير المرخصة و50 جنيها غرامة فقط وهو مبلغ زهيد جدا بالنسبة لأي صاحب مقهي حيث لايمثل له الأمر أي مشكلة. ويضيف أن حملات المصادرة لاتؤدي في النهاية إلا إلي امتلاء المخازن التابعة للمحافظة بكميات ضخمة من البضائع. من ناحية أخري يقول عبد الله غراب رئيس المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الجيزة إن مكافحة ظاهرة التعدي علي الأرصفة لا تتم بطريقة منظمة, فهو عمل تختص به ثلاث جهات تتمثل في ادارة الإشغالات بالمحافظة, والمجلس المحلي وشرطة المرافق وكل جهة منها تعمل وفقا لسياستها مما يعني غياب التنسيق الكامل فيما بينها. وإذا انتقلنا من حي امبابة إلي حي مدينة نصر الذي نتوقع أن نري فيه صورة للحي الراقي المنظم, فإن الوضع لايختلف كثيرا حيث يفترش الباعة أرصفة أشهر شوارع مدينة نصر ليبيعوا لعب الأطفال وحقائب المدارس, يقول أحمد محسن37 عاما يبيع أدوات المدارس إنه كان يفترش أحد أرصفة شارع طلعت حرب بمنطقة وسط البلد إلا أنه وجد أن زبون مدينة نصر أفضل لأنه أكثر سخاء في الدفع وأقل في الفصال. ويكمل مصطفي فضل42 عاما قائلا إنه من بني سويف وتعود منذ سنين أن يفترش الأرصفة لبيع المستلزمات الخفيفة, وعندما سألناه عن حملات شرطة المرافق أو الحي قال إن هناك ناضورجي وظيفته إخبارنا بقيام الحملة قبل وصولها. وعندما نقلنا هذه الصورة إلي اللواء محمد سيف رئيس حي غرب مدينة نصر أكد أن المواطن يعاني نتيجة طرده إجباريا من علي الرصيف, والمسئولون يعانون أضعاف معاناته مع أصحاب المقاهي والكافيتريات والإشغالات غير المرخصة . والحملات المكثفة التي تقوم بها إدارة الإشغالات بالحي لا تعد حلا مناسبا, لأن البائع الذي يفترش الرصيف يجد إقبالا من الزبائن الذين يقبلون علي الشراء منه لدرجة أن المواطنين أنفسهم يمنعون إجباريا رجال الحي من أداء مهمتهم المتمثلة في مصادرة إشغالات الأرصفة. أما بالنسبة للأرصفة غير المطابقة للمواصفات والتي تتجاوز الارتفاع المطلوب بشكل كبير فجار إزالتها وتركيب النموذج المطابق للمواصفات. الدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة أكد أن اغتصاب الرصيف يمثل كارثة حية, حيث لا يعقل أن تنفق الدولة أموالا طائلة لبناء الأرصفة ليستغلها البلطجية فيما بينهم, ومعالجة هذه الكارثة أكبر من مجرد القيام بحملات مرورية للكشف عن المقاهي غير المرخصة أو مصادرة بضائع بائعي الأرصفة فهذا الأسلوب قد يكون فعالا إذا كانت أعداد التجاوزات ليست بهذه الكثافة, كما أن الغرامات التي ينص عليها القانون من خلال هذه الحملات لاتجبر أصغر بائع علي الرصيف علي عدم معاودة البيع مرة أخري, لأنها غير رادعة. ويضيف د. وزير أن الحل الأمثل الذي نحاول تفعيله حاليا بالتعاون مع وزارة الكهرباء للحد من ظاهرة التعدي علي الرصيف سيكون باستخدام عداد الكهرباء, حيث سيتم تحرير محضر لأي مقهي أو محل أو كافيتريا يمتد خارج النطاق المصرح به له, ومن خلال هذا المحضر سيتم فصل الكهرباء عنه, ولن يستطيع استرجاعها إلا بعد سداد غرامة مالية كبيرة لوزارة الكهرباء, بالإضافة إلي تعهد بعدم تكرار التجاوز مرة أخري, وإلا فسيحرم نهائيا من تركيب عداد الكهرباء في نفس المكان. الحل الأمني: ويؤكد اللواء محسن حفظي مساعد أول وزير الداخلية لأمن الجيزة أن الدور الذي تقوم به مديرية أمن الجيزة لمكافحة الباعة الجائلين تجسده الحملات اليومية التي تشنها شرطة مرافق الجيزة حيث تمت إزالة أكثر من1200 حالة تعد متنوعة والتي تشمل فرش الخردوات وعربات الفول والكراسي الخشبية الخاصة بالمقاهي وعربات الكشري وعربات باعة الأسماك والخضراوات وتم إيداعها مخازن الأحياء والمدن المحلية. أما اللواء حسن غنيم مدير شرطة مرافق الجيزة, فيوضح أن أغلب المدن والأحياء لايوجد بها رصيف سوي في منطقتي جامعة الدول العربية وميدان سفنكس, مما يدفع الباعة الجائلين والمارة إلي استخدام الطريق العام المخصص لسير السيارات مما يسفر عن تكدس مروري شديد. وفي بعض الحملات التي تشنها شرطة المرافق, يفاجأ ضباط الحملة باختفاء العديد من الباعة داخل محال مرخصة مما يوضح أن بعض الباعة يقومون بتأجير واجهات تلك المحال. ويقدم مدير شرطة المرافق روشتة عاجلة لبعض الحلول للتخلص من تلك الظاهرة منها تغليظ عقوبة الغرامات المالية علي الباعة وتخصيص أسواق رحالة في جميع أحياء ومدن المحافظة علي أن يتم تقسيم الحي إلي سبعة قطاعات داخل كل قطاع يخصص شارع جانبي لعرض منتجات هؤلاء الباعة علي مدي أيام الأسبوع وفي الوقت نفسه يتولي مسئولية الإشراف عليها الأجهزة المحلية مؤكدا أن هذه الطريقة تتبعها العديد من دول العالم.