ونحن في رحاب شهر رمضان الكريم الذي يعتبره المتسولون موسم خاص للتسول نلاحظ انتشار ظاهرة التسول في معظم دول العالم في ظل تدهور وتدني الأوضاع الاقتصادية والانسانية. لم يعد التسول قاصر علي شديدي الفقر وغير القادرين علي توفير الحد الأدني من العيش وحسب دراسة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية يقدر عدد المتسولين بنصف مليون متسول وأصبحت مهنة تعول أسرا بأكملها. حيث تشير التقديرات غير الرسمية إلي أن متوسط الدخل اليومي للمتسول الواحد يصل إلي دولارين يوميا. أي في السنة 730 دولارا. ويرتفع هذا الدخل في شهر رمضان والأعياد. حيث يزيد المصريون صدقاتهم. وتتفاقم ظاهرة التسول بالملابس الرسمية التي يرتديها عمال شركات النظافة في مصر في أواخر رمضان وبدء عيد الفطر في مصر. بعدما بدأت بعض محال الملابس المستعملة في الأسواق الشعبية مثل "وكالة البلح" وغيرها في تصنيع وبيع هذه الملابس ذات اللون البرتقالي أو الأخضر التي تميز عمال شركات النظافة كي يشتريها محترفو التسول. ولا يخلو شارع من أشهر الشوارع المصرية أو طريق عام خاصة في الأحياء الراقية من العشرات من هؤلاء المستولين الذين تقتصر عدة الشغل لديهم علي هذا الزي. اضافة إلي مقشة يمثل بها دور تنظيف الشارع. والذين انضم لهم أعداد أخري من المتسولين بأشكال مختلفة منها: حمل عدة خشبية لسن السكاكين. ووضع ضمادات طبية أو حمل صبي أو عجوز معاق علي كرسي متحرك! وعلي حين يدرك المصريون كافة هذه الأشكال القديمة للتسول خصوصا في شهر رمضان والعيد. بدأ متسولون جدد أشكال جديدة - نيولوك - من التسول خاصة في مواقف السيارات واشارات المرور ومحطات الانتظار تتركز علي ارتداء زي عمال النظافة والامساك بمقشة من عروش النخيل. أو حمل فوطة أو ممسحة من القماش لتنظيف السيارات بها كنوع من التحايل للحصول علي المال. والطريف ان من هؤلاء المتسولين بالفعل عمال شركات النظافة المصرية بالزي الرسمي. الذين يقفون في اشارات المرور صباحا ومساء ينظفون الشوارع وينتظرون مساعدة قائدي السيارات. بيد أن تعاطف مالكي السيارات خاصة في الأحياء الغنية معهم ودفع أموال لهم. أغرت آخرين علي البحث عن هذا الزي الرسمي وارتدائه للوقوف في اشارات المرور وتسول المساعد المالية. وقدم المركز القومي للبحوث الاجتماعية بحثا جديدا عن تقديم أفكار جديدة للتطوير التسول في مصر بحيث يأخذ المتسول دورات تدريبية للقيام بعمل يحتوي علي نوع من الابداع كعزف الموسيقي أو اللعب بالكرات الملونة أو تقديم عرض من أي نوع بدلا من الجلوس وانتظار المساعدة علي الأرصفة. وربما جاءت هذه الفكرة بدافع من تطوير صناعة التسول بعد الفشل في القضاء عليها.. تطوير يناسب المفهوم الغربي والعالمي للتسول. ففي اوسلوا كاد يطلق علي شارع "كارل يوهان" شارع "المتسولون" من كثرة عددهم. وقد كان هذا الشارع يقتصر علي متسولين من أصحاب البلد الذين غالبا ما يكونوا مدمنين حيث لا يكفيهم الراتب الذي يحصلون عليه من الحكومة في شراء سلعهم. غير أن منافسين آخرين من اللاجئين والمهاجرين بدأوا الآن يظهروا في الميدان لزيادة الدخل وحتي يتمكنوا من ارسال النقود لأهاليهم. وتطورات المهنة فأصبح هناك عصابات منظمة تجعل من التسول مهنة تدر الأرباح. وفي أسلو حارت السلطات النرويجية في هذه الظاهرة وانقسمت الأحزاب حولها فدعت الأحزاب اليمنية إلي مرتع للمتسولين من انحاء أوروبا أما الأحزاب اليسارية المعارضة فطالبت بجعل التسول أمرا مشروعا ورفع قانون منع التسول في الأماكن العامة فقد يكون التسول أفضل من اللجوء إلي السرقة والإجرام. أما المتسولون أنفسهم فيواصلون القيام بمهنتهم بجد ونشاط في انتظار القرار الذي ستتخذه السلطات في شأنهم لكنهم في الوقت نفسه يلاحظون أن الجمهور أصبح يعاملهم بحدة وعداء. في المدن النمساوية الكبري خاصة فيينا تشهد زحفا للمتسولين القادمين من شرق أوروبا وابتداع المتسولون - خاصة مدمني الكحوليات والمدخنين - أساليب مختلفة للوصول إلي هدفهم فمرة بالعزف الموسيقي وأخري بانتحال شخصية مسلم محتاج يقف أمام المساجد لاستجداء عطف المصلين. وهناك عقوبات رادعة في النمسا تصل فيها غرامة التسول في فيننا إلي 700 يورو أو الحبس المؤقت مع ترحيل المتسول إلي وطنه إذا كان من المهاجرين لكن ذلك لم يقضي علي الظاهرة هناك. مظهر آخر من مظاهر التسول في العواصم الأوروبية يرتبط بالاحتفالات الدينية الإسلامية حيث تنشط في شهر رمضان من كل عام حركة التسول أمام المساجد فتنتشر النساء "مرتديات أغطية رأس" والأطفال أمام أبوابها يتصيدون المصلين يقينا منهم ان المسلمين يكثرون من العطاء في هذا الشهر الكريم.