"صدى البلد" يحاور وزير العمل.. 8 مفاجآت قوية بشأن الأجور وأصول اتحاد عمال مصر وقانون العمل    بروتوكول تعاون بين كلية الصيدلة وهيئة الدواء المصرية في مجالات خدمة المجتمع    أسعار العملات العربية في بداية تعاملات اليوم الأحد 30 أبريل    تراجع كبير في أسعار السمك اليوم الثلاثاء 30-4-2024.. البلطي ب57 جنيها    وزير الإسكان: 131 ألف حجز ل1747 قطعة أرض بالطرح الرابع لبرنامج «مسكن»    البنتاجون يكشف عن تكلفة بناء الرصيف المؤقت قبالة ساحل غزة    نجم الزمالك: الأهلي سيتوج بدوري أبطال إفريقيا    الأرصاد تكشف موعد ارتفاع درجات الحرارة (فيديو)    تعرف على حالة المرور في شوارع القاهرة والجيزة.. «كثافات أعلى الدائري»    النبي موسى في مصر.. زاهي حواس يثير الجدل حول وجوده والافتاء ترد    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    مفتي الجمهورية يهنئ العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نبني بلادنا    «أسترازينيكا مصر» ترد على جدل لقاح كورونا: آمن وفعال وأعراضه الجانبية طبيعية    اليوم.. الحُكم على 5 مُتهمين بإزهاق روح سائق في الطريق العام    إمام: شعبية الأهلي والزمالك متساوية..ومحمد صلاح أسطورة مصر الوحيدة    ماذا يحدث في جامعة كولومبيا بعد انتهاء مهلة فض اعتصام الطلاب الداعمين لفلسطين؟    التعليم تنظم المعرض السنوي وورش عمل طلاب مدارس التعليم الفني.. اليوم    اليوم.. استئناف فتاة على حكم رفض إثبات نسب طفلها للاعب كرة شهير    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    طريقة عمل طاجن البطاطس بقطع الدجاج والجبن    غدا.. "الصحفيين" تحتفل بميلاد رواد المهنة وتكرم الحاصلين على الماجستير والدكتوراه    سعر الدرهم الإماراتي بالبنوك اليوم الثلاثاء 30-4-2024 في مصر    حزب الله يستهدف مستوطنة أفيفيم بالأسلحة المناسبة    بكاء ريهام عبد الغفور أثناء تسلمها تكريم والدها الراحل أشرف عبد الغفور    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    «طب قناة السويس» تعقد ندوة توعوية حول ما بعد السكتة الدماغية    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء منتصف الأسبوع الثلاثاء 30 إبريل 2024    اليوم.. محكمة جنح القاهرة الاقتصادية تنظر 8 دعاوى ضد مرتضى منصور    مقتل 3 ضباط شرطة في تبادل لإطلاق النار في ولاية نورث كارولينا الأمريكية    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    تعرف على أفضل أنواع سيارات شيفروليه    اندلاع اشتباكات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال في مخيم عسكر القديم شرق نابلس    العميد محمود محيي الدين: الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال ل نتنياهو ووزير دفاعه    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    "المصل و اللقاح" عن الأثار الجانبية للقاح "استرازينيكا": لا ترتقي إلى مستوى الخطورة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نيويورك تايمز: إسرائيل خفضت عدد الرهائن الذين تريد حركة حماس إطلاق سراحهم    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    حشيش وشابو.. السجن 10 سنوات لعامل بتهمة الاتجار بالمواد المخدرة في سوهاج    تعيين إمام محمدين رئيسًا لقطاع الناشئين بنادي مودرن فيوتشر    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    تقديم موعد مران الأهلى الأخير قبل مباراة الإسماعيلى    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيمن بهجت قمر.. ساحر يطوع كلماتنا العادية ويحولها لأغنيات رشيقة
نشر في الدستور الأصلي يوم 03 - 03 - 2010

هو ليس حسين السيد أو مرسي جميل عزيز.. ولا هو صلاح جاهين أو عبدالرحمن الأبنودي.. لكنه حالة إبداعية خاصة جدا في جيلنا
أيمن بهجت قمر
مشكلة جيلنا الحقيقية والأسخف بين كل الأجيال، أننا لا نثق في أنفسنا، ولا نصدق أن هذا الجيل التائه المشتت بين الراغبين في التغيير فعليا - والذين يصفهم البعض بأنهم صيع وبلطجية- والقابعين بين براثن أحلام ثقافة «اللي تعرفه أحسن من اللي ماتعرفوش»، مشكلتنا أننا لا نصدق أنه يمكن أن يخرج من بين أبناء جيلنا وبناته من يحملون راية صلاح جاهين، بل ويتمردون عليها -«الراية»- أيضا، ومن يثورون علي أفكار جمال عبدالناصر ويطورونها، ومن يحترمون سيد درويش وبليغ حمدي ومحمد عبدالوهاب، ويعتبرونهم «أساتذة» يمكن تجاوزهم، أو -علي أقل تقدير- منافستهم، بل ويسهل جدا التفوق عليهم، واحترام أستاذيتهم في الوقت نفسه.
مشكلتنا الحقيقية أننا احترمنا رموزنا، وتجاوزنا مرحلة الاحترام إلي حد التأليه والتقديس، حتي فقدنا الرغبة في النجاح وتجاوز ما بلغه الأجداد والأباء، فمازلت أري في دعاوي العودة إلي أصولنا الفرعونية - مثلاً - مبرراً لرغبتنا في الرضا بالأمر الواقع والتفاخر بماض لم نشارك في صنعه ولم نكن جزءا منه إلا بالوراثة، صرنا -كما وصفت صديقتي نوارة نجم - كالطالب الفاشل الذي نطلب منه أن يذاكر حتي ينجح، فيقول بمنتهي البجاحة: «ما أنا ذاكرت السنة اللي فاتت.. مش مهم أذاكر السنة دي»، ثم يسقط بجدارة، ليعلن ويصرخ بمنتهي الفشل: إزاي أسقط وأنا ذاكرت السنة اللي فاتت؟!
مازلت أري - رغم سخف الواقع - بين رغبات من يعشقون النظر إلي زمن الفن الجميل - الذي يطلقون عليه هذا الوصف الغريب- ومن يتجاهلون جماليات عصرنا الحالي، أن من بين جيلنا، ومن بين من هم في سني ويحلمون نفس تراثي، ويعيشون في نفس زمني، ويعانون نفس معاناتي، ويتعايشون مع تجربتي التي قد أمر فيها بأزمات وإحباطات مادية ومعنوية.. من بيننا نحن يمكن أن يخرج مبدع.. يمكن أن يخرج شاعر مهم.. عالم محترم.. مفكر عظيم.. فنان جدير بالاحترام.
أيمن بهجت قمر.. ابن جيلي، الذي تربي علي أغنيات عبدالحليم وعشقها، لكنه لم يكن أبدا مشاركا في تجربتها، ولذا فقد عشقها بالتعود.. حاول التمرد عليها بمنتهي الاحترام.. خانته موهبته - أقصد الجيل - أحياناً - لكنه استمر في المحاولة.
أيمن بهجت قمر نموذج لأبناء هذا الجيل.. صحيح أنه ليس مرسي جميل عزيز أو حسين السيد، ولا هو صلاح جاهين أو نزار قباني وعبدالرحمن الأبنودي وأحمد رامي، لكنه حالة إبداعية خاصة جدا في جيلنا، ومن ينكر ذلك.. إما جاهل أو حاقد، فليس مطلوب منه أن يكون أي واحد من هؤلاء.
استمعت إلي أغنية «ستة الصبح» للمطرب الاماراتي عذب الصوت حسين الجسمي، وتعجبت فعلا من رشاقة وخفة واختلاف كلماتها والتي تبدأ ب«بتعدي في حتة أنا قلبي بيتكسر ميت حتة.. أفضل في مكاني أنشالله لستة الصبح بافكر فيك.. تقابلني في سكة قصادي تفوت.. أبقي أنا علي تكة ومش مظبوط.. حد يقولي أعمل إيه يحكمني عليك».. ما أروع الكلمات وسلاستها و-الأهم- معايشتها لعصرنا.
لقد مجدنا وعظمنا وأكدنا وصدقنا علي أن صلاح جاهين شاعر معتبر، وهذه أيضا حقيقة لا ينكرها إلا «متخلف عقليا» مع «عدم» احترامي الكامل لكل المختلفين مع موهبة صلاح جاهين، لكن أليس أيمن بهجت قمر أيضا شاعر يستحق التقدير لنقله لمشاعر هذا الجيل بمنتهي الصدق والتمكن، ألم يكن هو القائل علي لسان المطرب محمد فؤاد: «عديت علي البيت اللي كان فيه الحبايب.. راجع مليني الشوق ولهفة قلبي دايب.. أجمل صبا وناس طيبة.. هنا أجدع جيران.. هنا أصحاب زمان.. هنا حب عدي وفات عليه 10.. 15 سنة»، والتميز هنا في استخدام هذه التركيبة: 10.. 15 سنة.. كلمات ستعرف كاتبها حتي لو لم تقرأ اسمه علي غلاف الألبوم.
إننا أمام شاعر دارس للدارما، ويعرف جيدا كيف يوظفها في كلمات شعرية مختصرة تنقل لنا حالة شعورية يصعب تجاهلها، إن لم يكن من الصعب نسيانها، فمازلنا نتذكر أغنية محمد فؤاد: «خدني شوقي عند بابك.. جي دايب من غيابك.. واللي شفته شيء حزين.. شفت إيدك حاضنة أيده.. شفت جوه عنيكي عيده.. شفت ناس متجمعين.. ناس تغني.. ناس تهني.. واللي رد عليكي مني.. دمعتين».
أيمن بهجت قمر هو الشاعر الذي تمكن باقتدار وبموهبة متوهجة من أن يُفهم المطرب عمرو دياب أن للكلمات معني، وأن كلام الأغنيات قد يكون أهم كثيرا من الدقات والإيقاعات الصاخبة التي يرغب عمرو دياب دوما في أن تطغي علي كلمات ضعيفة لا يهتم بها المطرب كثيرا، لكن أيمن بهجت قمر، أعاد لأغنيات عمرو دياب هيبة الكلمات وجمال المعني في أغنيات مثل «أيام وبنعيشها»، و«بتخبي ليه»، و«صدقني خلاص»، و«نقول إيه»، و«وحشتيني»، و«كده عيني عينك»، و«حكاياتي» وتأمل جمال الكلمات هنا: «حكاياتي اللي أنا عشتها.. كلها تشبه بعضها».
قد يجد البعض سذاجة في الكلمات، لكن من قال إن المعاني العميقة لا يمكن نقلها بكلمات بسيطة؟ ومن قال إن الكلمات البسيطة السهلة، لا تؤثر فيمن يسمعها؟
ثم إن هذا الشاعر الشاب الذي يحمل نفس مفردات هذا الجيل، يحمل أيضا خفة الظل التي يتمتع بها شباب ال« فيس بوك» وربما كان هذا سببا في أن جمل أغنياته كانت إحدي أهم الجمل التي اختارها شباب الفيس بوك للتعبير عن حالهم وعن علاقاتهم، وعلي سبيل المثال.. كانت كل الجمل في أغنية المطرب محمد حماقي أهم الجمل التي تم استخدامها علي الفيس بوك، بكل ما تحمله من خفة ظل: «الله بقي اللخبطة دي ليه.. يا اللي خاطفني يا ريت تقولي.. إيه حصلي علي كده بقي ده اللي بالملي اللي أنا عشت أحلم بيه.. بين يوم وليلة أخدتني علي مشمي وكنت راضي.. ده أحنا يا دوب بنقول يا هادي.. أمال لو فات شهر هيحصل إيه؟».. هل هناك شاب أو فتاة بدآ قصة حب دون أن يرددا تلك الكلمات لبعضهما البعض؟!
ومع بساطة الكلمات وصدق المعني، صارت أغنية «باحبك وحشتيني» واحدة من أهم الأغنيات الوطنية، وأهم الأغنيات العاطفية في آن واحد بكلمات عادية جدا، لكن الذي اختارها واستخدمها هنا ليس أي شاعر، ولكنه أيمن بهجت قمر، وما أجمل هذه الجملة المحتارة التي نقلها الجسمي كأحسن ما يكون الإحساس: «بعدت وكنت هاعمل إيه.. مين اختار غربته بإيده.. ليه اتأسف علي الغيبة.. ماغبتيش لحظة وقريبة».
النقطة الأهم التي تميز أيمن بهجت قمر هو نقله لمفردات الشارع والكلام العادي وبراعته في توظيفها في أغانيه، فلم نكن نتخيل أن كلمات مثل «اتخنقت».. «أطبطب وادلع».. «حاجة تكسف».. «شيل ده من ده».. «قول عليا مجنون».. «مطلعة عيني».. «جتنا سبعة وستين خيبة».. «جت بظروفها».. «فخ.. أخ».. «جزوا».. «عامل عملة».. و«الواد أبو جيل في شعره».
أيمن بهجت قمر ساحر يطوع الكلمات العادية وينمقها ويصفها، ويحولها لأغنيات رشيقة تحمل معان جذابة.. مبهجة وخفيفة ومجنونة أحيانا، وتقطر شجنا وعذوبة ورقة أحيانا أخري.
وكما عبر أيمن بهجت قمر عن مشاعر شباب هذا الجيل، وكان خير سفير لهم، فإن تعبيره عن أدق وأعمق مشاعر امرأة وبنت هذا الجيل، كان هو تميزه الحقيقي الذي لم يتمكن أي شاعر غنائي من منافسته فيه، وهل أجمل من أن ينقل لنا هذا الرجل مشاعر امرأة ترفض أن تبدو ضعيفة أمام من تحب فيقول: «مابحبش حد يشوف أي دموع في عينيا علشان لا أصعب عليه ولا يزعل عليا.. وأضحك وكأن الضحكة بجد.. مش محتاجة طبطبة من حد.. ما أنا لو بانكسر من جوايا مش عايزة في نظر الناس اتهد»
«مابحبش أبان مغلوبة ضعيفة وصورتي في نظر الناس تتهز، ولا حد يشوفني يقول مسكينة يا عيني عليها وملهاش حظ».
أتصور أن صلاح جاهين لو كان يحيا بيننا لسحب هذا الشاب من يديه وقدمه إلي الجمهور معلنا أنه موهوب ويستحق الاهتمام والتقدير، بل وكان صلاح جاهين نفسه سيعلن أن هذا الشاب أفضل من كتب الشعر في جيله، وأهم من عبر عن أبناء جيله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.