تقولوا عليّا بسّخن الجو .. بحفّز الناس.. عايزها تولع .. قولوا اللي تقولوه.. ميضعش حق وراه مطالب .. سلسلة مقالات على شكل حلقات سأكتبها .. كل يوم عن شهيد.. اللي البعض اسكثر عليه هذه العطية الربّانية العظيمة .. ومن جهله قال : ما كفاية عليه الشهادة .. هو حينهب. صحيح هو الآن في الجنة ، لكن له حق لم نأت به بعد ، لتبرد نار أهله .. وما هذه السلسلة إلا للتذكير .. فأفة حارتنا كما قال نجيب محفوظ النسيان. وابدأ ب احمد بسيوني: كان شابا زي زهرة الفل والياسمين .. كله حيوية وهمة ونشاط ، وأهم من ده كله ، كان رجلا حرا .. وفنانا تشكيليا واعدا .. نفسه ومنى عينه يشوف مصر كما يراها الآخرون البعيدون عنها .. عظيمة .. كان يغني لها ويرسمها : عظيمة يا مصر يا أرض النعم .. يا مهد الحضارة يا بحر الكرم .. نيلك ده سكر .. جوك معطر .. بدرك منور بين الأمم .. عظيمة يا مصر يا أرض النعم. واحمد واحد من الناس من أبناء الطبقة المتوسطة .. اتعلم وكافح وتزوج البنت اللي أحبها ، والحال ماشي ، بياكل ويشرب وعنده عربية متواضعة كان يقول عنها " حمارتك العرجة تغنيك عن سؤال اللئيم " .. باختصار لو قارناه بغيره لاعتبرناه باشا.. ولكن من قال ان الرجولة ان تكون فقط رجلا في بيتك مسئولا عنه .. بالبلدي مكفّيه .. ويُلهيك هذا الأمر البسيط عن الأم الكبرى مصر .. هو كان شايف إن فيه حاجة غلط ، والغلط لابد من إصلاحه .. بص لابنه اللي عمره عامين .. ولد زي القمر والبدر في ليلة تمامه .. ضحكته تخليك تضحى بعمرك ، وتفضل الضحكة دي منورة البيت والدنيا كلها.. عشانها نزل الميدان. قال لزوجته : متخفيش عليّا .. العمر واحد والرب واحد .. فشاف في عينيها اليمين خوفا وقلقا .. وفي الشمال تحفيزا ودفعا ومباركة .. ماهى زيّه .. بنت مصرية أصيلة .. نفسها يكون بكره أحلى من النهارده .. نفسها تخلف تاني وتجيب نص دستة عيال ، ولاد على بنات .. بس ازاى والبلد محتلة مِن مَن أعطينا لهم الأمان .. أكلوها والعة ولاد الكلب .. لا همهم مستقبل عيال ولا حتى سابوا لهم حاضر عِدل يشموا فيه نفسهم. قالت له انزل يا احمد ومتخفش علينا .. وانا لولا حمادة ابننا ، كنت نزلت معاك .. إنزل يا احمد واحنا في انتظارك .. واوعى ترجع إلا لما مصر تنظف من اللي فيها. قبّل يديها وأخذ حمادة في حضنه وقال له وهو يقبل يديه ورأسه : أنا نازل عشانك انت ياحمادة .. وإذا مارجعتش .. حسيب لك نيشان تعلقه على صدرك لما تكبر ، وتقول وراسك في السما : بابا مات شهيد. ونزل احمد الميدان وقبله.. عدى على أمه وأبيه.. قالت له الست الحاجة : برضه ناوي يا احمد .. دول أيدهم طايلة يا حبيبي ، ومكلبشين في الحكم ومش بالساهل يسيبوه .. بلاش ياحبيبي تنزل .. ماجتش عليك انت . ضحك ورد : خايفة عليا يا ام احمد ؟ فقالت : وانا ليا مين غيرك يا نور عيني فقال وهو يميل على رأسها ويقبلها: ادعي لي يا حاجة فقالت له : ابنك لسه صغير يا حبيبي فرد : انا نازل عشان لما يكبر يشوف بلده أحلى بكتير فقالت وعيناها دامعة: قلبي وربي راضيين عنك يا ابن بطني يا غالي. وراح احمد للميدان.. ومرجعش .. مات .. والغريبة اللي كانوا معاه وهم يحاولون إسعافه .. شافوه باصص للسما وبيضحك ، كأنه شاف مكانه هناك. حتقولوا مات الولد .. أقول لكم لأ عاش .. ما الجنة مافيهاش موت .. ولا تندخل ببلاش.