وأنا صغير لما كنت بتخانق مع عيل من عيال الشارع ويضربني كنت اطلع بيتنا اعيط أمي تقول فيه إيه؟ أقول لها فلان ضربني. فطبعا أول رد فعل إنها تهبدني قلم وتقولي بس اسكت الراجل ميعيطش. وبعدين تقوم مجرجراني ع الشارع وتنادي علي فلانة وتفرجها علي وأنا بعيط. وتقولها ابنك ضربه وتفضل تتخانق وأنا واقف عمال اعيط وزيطة. طيب فلنفترض أني قلت لها مثلا إني مش عايز مامته تضربه؟ مين يسمع بقي هي. كانت ما بتصدق تلاقي خناقة وكان لازم تجرجرني معاها وتفرج الشارع عليا لحكمة.. علشان اتعلم بعد كده ان اللي يضربني اضربه أنا كمان مروحش اشتكي واعيط زي البنات. بعدين لما فكرت في اللي والدتي عملته معايا اكتشفت بتفكيري المحدود انها عودتني علي حاجتين مهمين. أولا: إن اللي يضربني مفكرش أبدا اني اشتكيه لأي سلطة تقدر تجيبلي حقي إنما آخد حقي بايدي. ثانيا: لو أنا مقدرش اخد حقي والواد نزل فيا ضرب؟ يبقي اضرب وانا راجل بالتالي كنت بضرب وبعيط واتبهدل علي إيد أمي وأفضل مستني لما تجيلي فرصة الانتقام. طيب هنتقم مثلا من العيال اللي كانو بيهروني ضرب؟ مانا لو كنت أقدر مكنتش اضربت من الأول، وبالتالي كان دايما الحل اللي قدامي هو تامر اللي ساكن في الشقة اللي تحت ضعيف وطيب وبيتهته في الكلام. أقوم اتلككله علي أي حاجة واعجنه ضرب واطلع أمي تقولي انت كل شوية خناقات وزفت منتاش نازل تلعب في الشارع تاني. وطبعا هما يومين وانزل عادي. بس هو ده كل العقاب لما اضرب واد غلبان وابهدله. اللي أجمل من كده أني كنت من شباك أوضتي بسمع أم تامر وهي عمالة تعايره بخبيته وتتريق عليه وممكن اسمعها بتضربه هو كمان علشان بيعيط طبعا والدتي وام تامر مكانوش ستات أشرار. إنما كانوا ستات طيبين جدا وحنينين جدا لكن مقتنعين ان دا الصح وانهم كده بيعملوا مننا رجالة ومهماش حالات منفردة يعني انما أنا اعتقد أنهم نموذج منتشر جدا في مصر. تامر دلوقتي عايش في الإمارات وهو الحقيقة السبب اني افتكرت ذكريات الطفولة المزعجة دي. السنة دي اخته اتجوزت وابوه مات وهو مجاش خالص وامبارح جه أخيرا عشان يقف في جنازة والدته. الغريبة اني كنت دايما معتقد أن الأمية هي العامل الأساسي في تصرفات والدتي ووالدة تامر دي. إنما اللي استغربتله بجد بقي. إني قريب كنت قاعد عند اختي وهي متعلمة وبكالوريوس تجارة ومسمعتش الحوار كله اللي كان في الصالة بينها وبين أحمد ابنها وسمعتها بتقوله: أحسن مانت لو راجل كان اللي يضربك تضربه انما تستاهل بقي خليك كده دا غير اني سمعت ابوه كذا مرة وهو بيتريق عليه ويقوله "يا خيخة" وابوه دا موظف في شركة بترول وبرضه عايز ابنه يبقي راجل طبعا. هو بجد دا صح وانا اللي فاهم غلط ولا ايه الحكاية بالظبط؟