يموج الوطن بالحركة، منها السلبي و الايجابي و منها العاقل و المجنون، و منها المغرض و النقي. و لأن غالبية أجهزة الاعلام تتسم بأدنى درجات المهنية و أعلى درجات سوء النوايا، فانها تركز علي السلبي و المخيف و نقاط الاختلاف و نشر الغسيل القذر، و بالتالي لا يرى و لا يشعر الشعب بأي حركة ايجابية. يقيني أن التغيير الحقيقي سيتحقق بتغيير الاعلام و التعليم و القوانين،و حتى الآن لم نقترب منهم. ما علينا، خلونا في النص المليان و الايجابي. في المقال الأخير طرحنا أفكارا لمشروعات متنوعة و اقتراحات للتفعيل. و على مدى 10 أيام سعدت بتلقي مكالمات و اتصالات عديدة من جهات مختلفة، و بعدها قابلت مجموعات من الشباب و الجمعيات، و تناقشنا في مشروعات و أفكار عملية و ذات أهمية قصوى. و أرجو أن تسعفني الكلمات و السطور القليلة القادمة كي أنقل لكم شعورا جارفا بالفخر و الأمل ، و أيضا اشارككم قلقا مشروعا و مقترحات محددة لكيفية ضمان الاستمرارية و النجاح لهذه المشروعات. و قبل الاسترسال أؤكد أن هذه المشروعات هي قطرة في بحر و قد يكون هناك المئات من المجموعات الأخرى الناشطة. و أطالب الاعلام بالقاء الضوء عليهم، بما يتضمنه ذلك من تحميلهم المسؤولية الكاملة. كما أطالب هذه المجموعات بالتحاور و التقارب و الاندماج، فالاتحاد قوة، و نحتاجه الآن أكثر من أي وقت مضى، خاصة عندما يكون الهدف نهضة اقتصادية و اجتماعية حقيقية للوطن: -القمح : مشروع عبقري سبق تطبيقه في التسعينيات. ببساطة و بتطبيق أساليب زراعة متطورة و سهلة يمكن مضاعفة محصول القمح ليصل الى 3 أضعاف الانتاجية العادية. و يقف وراء المشروع مجموعة من شباب الثورة و معهم عالمة مصرية جليلة تحملت الكثير من أجل تطبيق المشروع ( حاربها النظام السابق لارتباط المصالح مع مستوردي القمح). و المشروع لا يقف عند الجزء الزراعي بل يمتد ليشمل بناء مجتمعات ريفية في قلب الصحراء و بأقل الامكانيات، متضمنا مشروعات صغيرة و تسمين مواشي . و القرية الواحدة قد تخلق فرص عمل لألف أسرة، و قد تم بالفعل التنسيق مع أكثر من محافظة لبدء التنفيذ، كما ساهم بعض المواطنين بتبرعات كافية لاطلاق المشروع. الفكرة عبقرية و مربحة ، و التحدي الذي يواجه الشباب هو في تحويل المشروع الي منظومة تنفيذية و يمكن نشرها في كل المحافظات من خلال فريق عمل و تخطيط موارد و جداول زمني للتنفيذ. يحتاجون للدعم المالي والبشري بالاضافة الى خبرات ادارية تساعدهم في مراحل التنفيذ. لدي معلوماتهم لمن يرغب في الاتصال بهم -مشروعات طاقة: مجموع أخرى من شباب الثورة أبهروني بحسن التنظيم و التخطيط و الفكر العملي و الطموح، بالاضافة الي اهتمامهم بالعمل الفعلي بعيدا عن ثورية البرامج التليفزيونية و الانجرار الى جدليات لا طائل منها. لديهم مشروعات متنوعة و طموحة و لكن أكثرها ايجابية و عملية في اعتقادي هي مشروع اعادة تدوير القمامة و مشروع صيانة الأجهزة المنزلية. و المشروع الأول تحديدا يقدم حلولا عملية لمشكلة القمامة التي أعيتنا لسنوات طوال و يوفر فرص عمل بالآلاف كما يقدم مردودا اقتصاديا كبيرا و عوائد مباشرة في خلال 6 أشهر من بدء المشروع. و قد اطلعت على دراسة مبسطة للمشروع و آليات تنفيذه و الموارد المطلوبة من موارد مالية و بشرية و غيرها، كما قام فريق العمل باعداد جداول زمنية للتنفيذ و برامج لتدريب العاملين في المشروع ( أولها في شهر سبتمبر القادم ان شاء الله). و من خلال نموذج عمل متكامل ، فان لديهم القدرة على تطبيق البرنامج مئات المرات في مختلف القرى و المدن المصرية ، و من خلال العديد من الجهات و الجمعيات الأهلية، يعني ببساطة فالمشروع يتمتع بامكانية الانتشار و التوسع ليصبح مشروعا اقتصاديا و انتاجيا قوميا. و فريق العمل في مجموعة طاقة مؤهلون علميا و اداريا، و كل ما يحتاجونه هو المزيد من التطوع و الدعم ، و المزيد من الجمعيات و الجهات المشاركة ، و لا خوف من مشاكل التبرعات و التمويل لأن التنفيذ دائما ما سيكون من خلال الجمعية الأهلية في كل منطقة. لدي نسخة شبه متكاملة من المشروع بما في ذلك التكاليف و العوائد المتوقعة و خطوات التنفيذ. و أراهم نموذجا ايجابيا و مثاليا لشباب ثورة مصر الحقيقيين. و لدي معلوماتهم لمن يرغب في الاتصال بهم -وماذا بعد: لا يتسع المجال لذكر مشروعات عديدة و متنوعة ، لقد سعدت و شرفت باللقاء و التحاور مع ما لا يقل عن 10 مجموعات و جمعيات و كتل و أحزاب، يتفقون جميعا على الايجابية و الطموح و الرغبة الصادقة في خدمة الوطن. كما يتفقون أيضا في ضعف التنظيم و التخطيط و تحديد الأولويات و الرغبة في العمل الفردي، و كلها عناصر تؤدي الى جهنم و الفشل الذريع. لذا فالمطلوب الآن أن تتحاور هذه المجموعات و تتعرف على بعضها البعض، و أن تتنازل عن بعض الكبرياء و تتقبل فكرة المشاركة في المشروعات و التنفيذ، و أن الرابح الحقيقي هو الشعب و هم جزء من هذا الشعب، لذا سنكون جميعا رابحين. من جهة أخرى فان الوقت قد حان لايجاد مركز رئيسي للمشروعات بمثابة حضانة أو وعاء رئيسي (Projects Incubator ) . و تكمن أهمية هذا الدور في تلقي و تصنيف المشروعات و تكوين قاعدة بيانات للمشروعات و دراسات الجدوى و الجمعيات المنفذة و من ناحية أخرى التنسيق مع جهات التوظيف و التأهيل و توفير العمالة و متابعة التنفيذ و تقديم الاستشارات و المساعدة التقنية و المالية. هذا الدور كان من المفترض أن تقوم به جهة مثل الصندوق الاجتماعي للتنمية ، لكن للأسف فقد القدرة و الامكانية نتيجة لسنوات من الافساد و الاستهلاك العشوائي لمئات الملايين من المنح و القروض، و الاستنزاف الدائم للفرص نتيجة لتعيين آلاف الموظفين غير المؤهلين من أصحاب الحظوة و أبناء المسؤولين. اذن فما البديل؟ كنت أتحدث اليوم مع أحد الشباب الناشطين في مجال العمل التطوعي و المشروعات الصغيرة و الذي يتمتع بالخبرة في دعم المشروعات الصغيرة. و هناك أيضا مركز معلومات مجلس الوزراء و الذي ( بصراحة ) لا يوجد دور محدد له و لكن في نفس الوقت يتمتع بالمقومات الاساسية المطلوبة للعب مثل هذا الدور. و يرأسه في الوقت الحالي المهندس هاني محمود و هو من القيادات ذات الخبرة العملية الهائلة في الادارة و التخطيط و الموارد البشرية ، كما أعلم جيدا قدر حماسه المتدفق لخدمة الوطن و هو الأمر الذي حدا به الى العودة لمصر تاركا منصبا دوليا مرموقا في شركة عالمية. و في كل الأحوال فالحل الأمثل هو طرح المشروع في شكل مناقصة عامة يتقدم لها كل من يجد في نفسه القدرة لادارة مثل هذا الكيان الحيوي، و يقدم مشروعا و منظومة متكاملة للادارة و التنفيذ . و لدينا من الخبراء و الاستشاريين الكثيرون من القادرين على اعداد كراسة الشروط الفنية الملائمة ( Terms of Reference ). - نقطة البداية : سمعت كلاما طيبا عن محافظ الجيزة. كما تعاملت كثيرا و أحمل الكثير من التقدير و الاحترام للدكتور عادل زايد محافظ القليوبية و الذي سبق له القيام بالعديد من الأعمال و المشروعات الناجحة خلال عمله في جامعة القاهرة و الأكاديمية العربية. أطلب من كل منهما أن يجعلا محافظتيهما مركزا رئيسيا للمشروعات و المبادرات. ستكون هناك بعض الصعوبات و المشاكل عند التطبيق للمرة الأولى و لكن أيضا ستستفيد كلتا المحافظتين من الثمار كاملة، كما ستشجعان باقي الجهات و المحافظات على التنفيذ و الانتشار في التطبيق. على صعيد شخصي، و برغم قلة الحيلة و النفوذ، فلن أتوانى أنا و غيري عن مجهودات التواصل و الجمع بين أصحاب الأفكار و المشروعات، و تقديم النصح و الخبرات العملية و الادارية لكل من يحتاجها أو يطلبها، بغض النظر عن ما قد يصيبنا من رذاذ و رصاص طائش متنوع ما بين العمالة و الخيانة و التطرف و الانحراف عن مبادئ الثورة و غيرها.. كله خير ان شاء الله.. -حاجات مستفزة و أسئلة بلا اجابات: أكاد أجن عندما أشاهد و أستمع لآراء و مواقف لا تبدو منطقية و يمر عليها الأفاضل من الاعلاميين و المحاورين و الكمسارية مرور الكرام، كأنهم سعداء بايقاع الآخرين في الخطأ و باشتعال الأمور و الأجواء، بعض النماذج فيما يلي: -تحالف: يجتمع حوالي 15 حزب و كتلة في تحالف موحد لخوض الانتخابات، جميل. و لكنهم أيضا يعلنون بصراحة أنهم مختلفون في التوجهات و الفكر ، فمنهم اليساري و الليبرالي و المحافظ، اذن مجتمعين على ايه؟ على التمسك بالدولة المدنية، و مين قال غير كده ؟ السنا جميعا متفقين على المادة الثانية من الدستور و أن الدين الاسلامي هو مصدر التشريع؟ يعني في الآخر انتم متفقون ضد شيء معين و ليس مع شيء محدد، لستم متفقين على توجه اقتصادي و لا خلق فرص عمل و لا دور مصري دولي و اقليمي و لا مواقف محددة من قوانين شائكة مثل دور العبادة و الضرائب و التطهير و الغدر و قانون الايجارات و غيرها، بالذمة ده كلام؟ -اعلان مبادئ دستوري: كان أمام الثورة منذ اليوم الأول أحد اختيارين: اما أحكام استثنائية و ثورية عاجلة أو أحكام مدنية طويلة الأجل. و اختارت الثورة الطريق المدني الطويل. و كان أمامها اختيار الغاء الدستور أو تعديله، و اختارت الثورة التعديل. و تم التعديل عن طريق استفتاء شعبي حتى يكتسب الحصانة. و اليوم، و خوفا من الفزاعة الدينية، تتسارع الخطى و يتقبل الجميع فكرة اعلان دستوري مباشر و مطلق من المجلس العسكري بمبادئ حاكمة و فوق دستورية، اشمعنى دلوقتي ممكن؟ تذكروا جيدا، من يقبل باستثناءات لمصلحته اليوم سيضطر لقبولها في مرحلة أخرى ضد مصلحته. كما أنني لا أستسيغ أن يبرئ أحد قادة الثورة نفسه من اختيارات الثوار و يقول ( أنا شخصيا ما اختارتش عصام شرف ، ما كنتش موجود معاهم يومها). بالذمة ده كلام؟ يعني يومها كنت في السينما؟! يعني ضحكوا علينا و اللي اختار عصام شرف كان فلول؟ -المحاكمات العسكرية: للمرة الألف، هناك قواعد و قوانين لكل لعبة، و اذا كنت لا تريد تطبيقها فلا تلعب. موضوع شائك أنا عارف، و لكن ببساطة شديدة القانون بيقول ان أي قضية أو شكوى أو اتهام يتعلق بشخص عسكري يجب أن يعرض على النيابة و المحاكم العسكرية، من أول حادث طريق الى اتهام بالخيانة العظمى. اذن لا يعقل كلما تعرض مواطن للعسكر و حوكم عسكريا أن ترتفع الأصوات بالاحتجاج و الصدمة، مش هو ده النظام و القواعد اللي كلنا عارفينها؟! ألم نوافق جميعا على تطبيق قانون البلطجة من خلال المحاكم العسكرية؟ لا يمكن أن تطبق جزءا من القانون فقط. كما أننا لا نستطيع أن نتقبل تبريرات مثل (أصل كانت أعصابها بايظة و كانت في حالة وحشة عشان كده غلطت و شتمت). و كل من يسخنون و يشعلونها على الشاشات لن يمسهم شيئا لأنهم يعلمون الحدود و يلعبون طبقا للقانون. بعض التروي و التفكير قبل اكتساب عداوات غير مبررة -داخلية: اذا كان هناك فلول في الوطن فمن الواضح أن وزارة الداخلية مازالت هي أم الفلول. معقول حتى اليوم لم نر صورا للقناصة و أسمائهم؟! بالذمة ده كلام ؟ ألم نكن نعرف أسماء المتهمين في كل جريمة و اعتداء ارهابي بعدها بساعات قليلة؟! الاجابة سهلة ،لأن الشرطة لن تقبض على نفسها. و الحل بسيط أن يتولى التحقيقات جهاز مستقل اما قضائي أو عسكري، غير كده مش هنخلص و النار المشتعلة ستحرق الأخضر و اليابس -هل لا يوجد شخص واحد متفرغ من ضمن مئات اللواءات تعطى له مسؤولية ملف المرور و يعطى صلاحيات محددة لمجرد تطبيق القانون لا أكثر و لا أقل؟! - اعلام رمضان : هل كان من الذكاء أن تفتح كل القنوات أبوابها لمناصري النظام السابق للدفاع عن أنفسهم، فيتحول الأمر الى مرافعات حماسية و دعاية مرعبة لأحد اسوأ الأنظمة القمعية في التاريخ الحديث. تعليق واحد ينطبق على هذا الأمر و أعتذر مقدما عن سوقية المثل الشعبي، و لكن فعلا ( الفاجرة ست جيرانها).. آسف مرة أخرى.. حاجات تحرق الدم ، لكن حاجات تانية بتدي أمل. اذن خلينا مع الأمل.. رمضان كريم..