شاهدت مؤخرًا فى أثناء مشاركتى فى لجنة تحكيم المهرجان القومى للأفلام التسجيلية والقصيرة فيلمًا عن الكاتب الكبير الراحل سعد الدين وهبة، وكان السؤال الشائك الذى أجابت عنه سميحة أيوب، هو: لماذا احتكرت بطولة كل مسرحياته وأشهرها «سكة السلامة»؟ قالت إنها بعد الزواج صارت هى ملهمته التى يكتب لها كل مسرحياته، إلا أنه على الجانب الآخر لم يمنعها من بطولة المسرحيات التى كتبها كبار الكتاب المنافسون له.
الزواج الشخصى عندما يتحوّل إلى زواج فنى، قد يصبح نورًا إبداعيًّا يعيش فيه الطرفان أو يستحيل إلى نيران تحرق وتدمّر الزوجين ويمتد لهيبها إلى الحياة الفنية!!
وشاهدنا عبر التاريخ زيجات عديدة صارت إبداعًا فنيًّا خالصًا أو أسهمت فى إشعال نار الفتنة فى الوسط، أشهر حالة زواج دخلت التاريخ هى تلك التى جمعت بين فيروز والأخوين رحبانى عاصى ومنصور، بالطبع تزوّج عاصى من فيروز، بينما كان بينه وشقيقه الأصغر منصور زواج إبداعى، إنه زواج نادر الحدوث رغم انتهائه بالطلاق، ثم بالرحيل لعاصى، وبعد ذلك توقّف منصور قبل رحيله عن التعاون مع فيروز بقرار منها، ثم اقتصار أغانيها فقط بعد ذلك على الزواج من ألحان ابنها زياد!!
مثلًا أنور وجدى وليلى مراد قدّما معًا ثمانية أفلام من أنجح أفلام السينما المصرية الغنائية. ولا ينكر أحد أن ليلى خارج دائرة أنور قدمت للسينما عددًا من أروع الأفلام التى أخرجها يوسف شاهين، وبركات، وقبلهما توجو مزراحى.
المخرج عز الدين ذو الفقار تزوّج بفاتن حمامة وقدّما معًا العديد من الأفلام، مثل «موعد مع السعادة» و«موعد مع الحياة».. ولأن عز الدين مؤمن بموهبة فاتن حمامة التى كان يقول عنها إنها تحتل المرتبة الأولى حتى المركز العاشر، وبعد ذلك تأتى النجمات الأخريات بعدها من المركز الحادى عشر.
إلا أن عز بعد طلاقه هو وفاتن فى نهاية عام 1954،لم يتوقف التعاون الفنى بينهما، قدما «بين الأطلال» و«نهر الحب»، وهما بالمناسبة أروع أفلامهما معًا.
تزوّج عماد حمدى وبعده صلاح ذو الفقار من شادية، وكوّنت فى لحظة زمنية مع كل منهما ثنائيًّا ناجحًا، لكن هذا لم يمنع أن شادية لا يمكن أن ينسى لها التاريخ أنها قدّمت أروع أفلامها مع كمال الشناوى، وكان بينهما كيمائية استثنائية تجاوزت 35 فيلمًا، ولم يتزوّجا، والغريب أن كمال الشناوى تزوّج لمدة محدودة جدًّا شقيقتها عفاف شاكر، بينما ظلّت تأتيه، كما كان يقول لى، حتى آخر أيامه رسائل من المعجبين تسأله عن أخبار زوجته شادية!! هدى سلطان وفريد شوقى كوّنا ثنائيًّا ناجحًا فى أفلام مثل «الأسطى حسن» و«رصيف نمرة 5»، ولم يمارس عليها ضغوطًا سوى مرة واحدة عندما طلب منها أن تعتذر مثله عن بطولة فيلم «امرأة على الطريق»، ولكنها أمام جاذبية الدور تمسّكت به وأسندوا دور فريد إلى رشدى أباظة الذى شهد بعدها انطلاقة غير مسبوقة هدّدت حتى مكانة ملك الشاشة فريد شوقى.
محمود ياسين وشهيرة تزوّجا فى مطلع حياتهما الفنية، لكن أشهر ثنائى جمعه ونجلاء فتحى، نور الشريف كان متزوجًا بوسى وقدّما عشرة أفلام، أشهرها «حبيبى دائمًا» وكان آخرها «العاشقان»، أول تجربة إخراج لنور الشريف، إلا أن أهم الأفلام التى تحققت فيها الثنائية الفنية له كانت مع ميرفت أمين، 25 فيلمًا.
وفى مجال الموسيقى والغناء، بليغ حمدى تزوج وردة، ولكنه لم يحتكر صوتها، وكانت تقدّم ألحانًا لمحمد عبد الوهاب وكمال الطويل والموجى، وعلى الجانب الآخر هو يلحّن لشادية ونجاة وعبد الحليم حافظ، وغيرهم.
محمد سلطان تزوج بفايزة أحمد وكانت هى الأشهر، فأقام سورًا حديديًّا حول صوتها يحول دون تعاونها مع بليغ والموجى والطويل، باستثناء ملحن واحد فقط هو محمد عبد الوهاب، لأنه بالطبع خارج المنافسة.
الأجيال التالية من الممثلين، مثل أحمد حلمى ومنى زكى، رغم أنهما التقيا فنيًّا قبل الزواج فى «عمر 2000» ثم بعد الزواج فى «سهر الليالى»، فإنهما منذ ذلك الحين لم يلتقيا معًا فى أى عمل مشترك رغم العديد من المشروعات المشتركة التى يتم الإعلان عنها.
الزواج الشخصى قد يحقق بالفعل وجودًا وألقًا للطرفين، أو يتحول إلى عود ثقاب يحرق الزوجين ويشعل الحياة الفنية، وأترك لك عزيزى القارئ أن تحدد أنت الأمثلة!!