شهدت جلسة مجلس الشعب أمس مواجهة مثيرة بين المستشار «جودت الملط» رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات من ناحية، ووزير المالية «يوسف بطرس غالي» والدكتور «عثمان محمد عثمان» وزير الدولة للتنمية الاقتصادية من ناحية أخري، وقد تركزت المواجهة حول مستوي الفقر في مصر، ووصل الحال إلي تصدي المستشار «الملط» بقسوة للوزيرين، واتهمهما بالتشكيك في أرقام الأممالمتحدة عن نسبة الفقر في مصر، وقال متهكماً: «لا مانع عندي أن نشكك في الأممالمتحدة وصندوق النقد الدولي حتي لو زعل وزير المالية وقال لي إنه رئيس اللجنة المالية بصندوق النقد الدولي»، وقال المستشار «الملط» مشيراً لأكوام من التقارير اصطحبها معه «أنا كنت ناوي أحضر الجلسة من غير الشيلة دي معايا لكن الحمد لله جبت الشيلة دي معايا علشان لو حد عاوز يشكك أو لديه استفسار أقدر أرد عليه بالدليل وأن رئيس الجهاز لا يتحدث من عندياته». وقد بدأت المواجهة عندما تحدث الوزير «عثمان» وقام بالتشكيك في الأرقام التي ذكرها المستشار «الملط» يوم السبت الماضي عند قراءة تقرير جهاز المحاسبات عن الحساب الختامي لموازنة 2008/2009 عن «نسب الفقر في مصر»، وأشار «عثمان» إلي تركيز الصحف حول هذه الأرقام، وقال: «أعتقد أنه كان هناك خطأ مطبعي فيما ذكرته هذه الصحف وخصوصاً عند الإشارة إلي تقرير البنك الدولي حول وجود زيادة في نسبة الفقر في مصر»، وأضاف «عثمان» أن تقرير البنك الدولي هو تقرير أعده البنك بالاشتراك مع وزارة التنمية الاقتصادية، وقد تحدث بإيجابية عن مصر، وقال: «إن هناك انخفاضاً ملحوظاً في معدلات الفقر في مصر من 23% في 2005 إلي 9.18% في 2009 بنسبة انخفاض 19%، وأنه لم يستأثر فئة أو طبقة بعينها بمنافع النمو الاقتصادي، بل كانت الاستفادة واسعة النطاق، وأن نسبة الفقر في الريف انخفضت من 31% إلي 26%، وفي الحضر انخفضت من 13% إلي 6.8%»، واستمر «عثمان» في رسم صورة وردية فذكر أن تقرير البنك الدولي مع الوزارة أشار إلي أن هناك 5.8 مليون فرد خرجوا من دائرة الفقر، وأصبحوا فوق خط الفقر في عام 2009، وأن عام 2008 الذي شهد الأزمة العالمية في أسعار الحاصلات الزراعية الغذائية شهد تضرر 6 ملايين مصري فقط من الغلاء، وقال «عثمان» إن هناك استهدافاً جغرافياً الآن للفقر في مصر من خلال تحديد 1000 قرية هي الأكثر فقراً وتضم نصف المصريين الفقراء، واعتبر «عثمان» أن مصر سوف تتخلص من الفقر في عام 2015 بعد القضاء علي الفقر من الألف قرية المستهدفة. كما ذكر «عثمان» أن أدني راتب يحصل عليه الموظف في مصر الآن هو 265 جنيهاً، وأن من يقول إن الحد الأدني لراتب الموظف هو 35 جنيهاً فإن هذا كان رقماً تاريخياً، وقد ذكر «عثمان» هذا بينما المظاهرات خارج المجلس تتوالي وتتحدث عن أجور لا تتعدي 149 جنيهاً في الشهر. وقد انضم نواب الحزب الوطني للوزير «عثمان» واستنكروا الأرقام التي ذكرها المستشار «الملط»، وقال النائب «سمير موسي» عن دمياط كيف يقول المستشار «الملط» إن نسبة الفقر وصلت في الريف 77% طب إزاي والفلاحين بقوا مرفهين وبياكلوا عيش من الفرن. وهنا تدخل المستشار «الملط» وقال: أنا لم أقل إن 77% من الريف المصري فقراء لأن لو ده صح تبقي مصيبة.. ولكن قلت إن النسبة العامة 18% وإن 77% من هؤلاء في الريف، واستغرب «الملط» استعانة الوزير «عثمان» بتقارير البنك الدولي عن الفقر، وقال: أنا لما اتكلمت اعتمدت علي تقرير التنمية البشرية لعام 2009 الصادر عن الأممالمتحدة، وهذا التقرير لم تشارك فيه أي وزارة من الوزارات في الحكومة المصرية، بمعني أن هذا التقرير من أوله لآخره من إنتاج الأممالمتحدة، أما تقرير البنك الدولي الذي يتحدث عنه الوزير كما قال «الملط» فهو يتحدث عن الأداء الاقتصادي الكلي، وأن هذا التقرير ذكر أيضاً رغم استعانة الوزير به أن «الأداء الاقتصادي المصري لم يترجم إلي تحسن في مستوي معيشة الفقراء ومازالت النسبة عند 18% عموماً، وأنها وصلت إلي 40% في صعيد مصر». وقد ركز نواب الحزب الوطني بقيادة «عبدالأحد جمال الدين» رئيس الهيئة البرلمانية في حديثهم علي كيل المديح للمهندس «أحمد عز» رئيس لجنة الخطة والموازنة وأمين التنظيم بالحزب وقالوا إن التقرير الذي أعده عن الحساب الختامي «تقرير جبار من قائد جبار».