شهدت مجلس الشعب في جلسته أمس مواجهة مثيرة بين المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات من ناحية ووزير المالية يوسف بطرس غالي والدكتور عثمان محمد عثمان وزير الدولة للتنمية الاقتصادية من ناحية أخرى، ودارت المواجهة خصوصا حول مستوى الفقر في مصر. واتهم الملط الوزيرين بالتشكيك في الأرقام الصادرة عن الأممالمتحدة حول نسبة الفقر في مصر، وقال: "متهكما لا مانع عندي أن نشكك في الأممالمتحدة وصندوق النقد الدولي ولو أن ده هيزعل وزير المالية رئيس اللجنة المالية بصندوق النقد الدولي". وفي إشارة إلى أكوام من التقارير التي اصطحبها معه خلال جلسة الأمس، قال الملط: كنت ناوي أحضر الجلسة من غير الشيلة دي معايا، لكن الحمد لله جبت الشيك دي معايا علشان لو حد عاوز يشكك أو لدية استفسار أقدر أرد عليه بالدليل وأن رئيس الجهاز لا يتحدث من عندياته. بدأت المواجهة عندما تحدث وزير التنمية الاقتصادية مشككا في الأرقام التي ذكرها المستشار الملط يوم السبت الماضي لدى استعرض تقرير جهاز المحاسبات حول الحساب الختامي للسنة المالية 2008/ 2009 متناولا نسب الفقر في مصر، قائلا إنها بلغت 23.4% من إجمالي عدد السكان مقابل 20% في السنة السابقة، بحسب تقرير التنمية البشرية التابع لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي عام 2009. وقال عثمان إنه اعتقد بوجود خطأ مطبعي لدى قراءة الصحف حول وجود زيادة في نسبة الفقر في مصر، لافتا إلى أن تقرير البنك الدولي أعده بالاشتراك مع وزارة التنمية الاقتصادية تحدث عن انخفاض ملحوظ في معدلات الفقر في مصر من 223% في 2005 إلى 18.9% في عام 2009، وأنه لم تستأثر فئة أو طبقة بعينها بمنافع النمو الاقتصادي بل كانت الاستفادة واسعة، وأن نسبة الفقر بالريف انخفضت من 31% إلي 26% وفي الحضر انخفضت نسبة الفقر من 13% إلى 8.6%. وأشار التقرير إلى أن هناك 8.5 مليون شخص خرجوا من دائرة الفقر وأصبحوا فوق خط الفقر في عام 2009م وأن عام 2008م الذي شهد الأزمة العالمية في أسعار الحاصلات الزراعية الغذائية شهد تضرر 6 مليون مصري فقط من الغلاء، ومضى الوزير قائلا إن مصر سوف تتخلص من الفقر في عام 2015م- أي بعد خمس سنوات- بعد القضاء على الفقر في الألف قرية المستهدفة. وذكر عثمان، أن أدني مرتب يحصل عليه الموظف في مصر الآن هو 265 جنيها وأن من يقول إن الحد الأدنى لمرتب الموظف هو 35 جنيها فإن هذا كان رقما تاريخيا، وكان لافتا أنه بينما كان يتحدث كانت المظاهرات خارج المجلس تتوالى وتتحدث عن أجور لا تتعدي 149 جنيها في الشهر. وأيد نواب الحزب "الوطني" الوزير مقللين من الأرقام التي أوردها المستشار الملط،، وتساءل النائب سمير موسي: "كيف يقول المستشار الملط إن نسبة الفقر وصلت في الريف 77% طب أزاي الفلاحين بقوا مرفهين وبياكلوا عيش من الفرن"؟، وقاطعه المستشار الملط نافيا، وقال: "أنا لم أقل أن 77% من الريف المصري فقراء لأن لو ده صح تبقي مصيبة.. لكن قلت إن النسبة العامة 18% وإن 77% من هؤلاء في الريف". واستغرب الملط استعانة الوزير بتقارير البنك الدولي عن الفقر بينما هو اعتمد على تقرير التنمية البشرية لعام 2009 الصادر عن الأممالمتحدة والذي لم تشارك فيه أي وزارة مصرية، "بمعنى أن هذا التقرير من أوله لآخرة من إنتاج الأممالمتحدة أما تقرير البنك الدولي الذي يتحدث عنه الوزير فهو يتحدث عن الأداء الاقتصادي الكلي". وأضاف أن التقرير الذي استعان به الوزير قال إن "الأداء الاقتصادي المصري لم يترجم إلي تحسن في مستوي معينة الفقراء ولا تزال النسبة عند 18% عموما وإنها وصلت 40% في صعيد مصر". وقال الملط: "إذا كان هناك طعن لأرقام رئيس الجهاز فيجب أن يوجه إلى المصدر وليس الملط أو لجهاز المحاسبات وأنا قلت إنني لن أتحدث إلا بذكر مصدر حديث ولا مانع عندي أن تشككوا في أرقام الأممالمتحدة أو صندوق النقد ولو أن زميلي وزير المالية هيزعل لأنه رئيس اللجنة المالية بصندوق النقد الدولي". من جانبه، علق النائب المستقل طلعت السادات حول أرقام الفقر، مستخدما المثل العامي: "يا بخت من بكاني وبكي الناس عليا ولا ضحكني وضحك الناس عليا"، واعتبر أن ملاحظات الجهاز معناها أن "ما فيش فايده زى ما قال سعد زغلول منذ 100 سنة". لكن عبد العزيز مصطفى وكيل المجلس الذي كان يرأس الجلسة قال للسادات "ما تخليهاش ضلمة يا طلعت،" ورد الأخير: "من ناحية مضلمة فيها مضلمة مضلمة"، وقال إن العملية "محتاجه ثورة تصحيح والبلد رايحة علي فين لما يوصل الدين العام الداخلي والخارجي ترليون جنيه". وأضاف: "مين اللي حيدفع هذا الدين وزير المالية أم حكومة نظيف.. لو سرحنا الشعب يبيع مخدرات مش هيقدر يسد الفلوس دي"، وقد تم حذف هذه العبارة من المضبطة. وكان وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي قد خرج من القاعة عند المواجهة بين الملط والوزير عثمان، وعندما عاد سأله المستشار الملط: كنت فين؟، رد قائلا: يا جماعة أنا كنت في الحمام. من جانبهم، أفاض نواب الحزب "الوطني" بقيادة الدكتور عبد الأحد جمال الدين رئيس الهيئة البرلمانية بعبارات المديح للمهندس أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب وأمين التنظيم بالحزب، وقالوا إن التقرير الذي أعده عن الحساب الختامي "جبار من قائد جبار".
