سلام عليكم.. أنا خاطب وعندي مشكلة كبيرة، وهي إني لما بازعل من خطيبتي حتى ولو من حاجة صغيرة جدا بافضل متضايق كتير أوي لدرجة إني باتعب. في الأول هي ماكنتش بتصالحني أوي زي دلوقتي، لكن حتى دلوقتي مهما عملت وقعدت تصالح فيّ بابقى خلاص مش زعلان منها وبتصعب عليّ، لكن برده بافضل متضايق، لدرجة إني في الآخر أنا اللي باصالحها وباقعد أقول لها ماتزعليش مني، وهي بتقول لي لأ مش زعلانة، بس إنت تكون خلاص رضيت. أرجوكم تساعدوني؛ لأني بحبها أوي ومابيهونش عليّ أعمل معاها كده. ده غير إن أنا كده أكيد غلط، بس حاولت أتغير كتير وماقدرتش مش باستحمل أي حاجة.. وشكرا "بص وطل". farra صديقي العزيز.. بعد قراءة متأنية لرسالتك تيقنت أن المشكلة ليست في زعل خطيبتك منك.. المشكلة الحقيقية تكمن فيك أنت، وفي سرعة الغضب التي تجتاحك كلما تعرضت لموقف ولو كان بسيطا.. وبما أن حياتنا اليومية تكتظّ بالضغوط والمواقف التي من شأنها -إذا استسلمنا للغضب- أن تقضي على حياتنا إما بشكل فعلي أو بشكل معنوي، فليس من المعقول أن نغضب على كل شيء وأي شيء، فالغضب يا عزيزي هو العدو الأشرس للعقل. فالشخص كثير الغضب غالبا ما نجده مصابا بأمراض كثيرة؛ كالسكر والضغط والقولون العصبي، كما أنه وبلا شك كثير الندم. وعلى الرغم من أن الغضب انفعال طبيعي بل وصحي في حالة وجود سبب منطقي له، فإنه مع الأسف كثير منا لا يحسن الغضب إن غضب! فمن الطبيعي أن نعبّر عن الغضب إذا تعامل معنا أحد بطريقة غير لطيفة أو بعدوانية أو باستعلاء أو دون مراعاة لمشاعرنا.. ولكن السؤال الأهم هو كيف نعبّر عن هذا الغضب بحزم خالٍ من العدوانية، بمعنى أن نغضب بالشكل الذي يساعدنا على التخلص من المشاعر السلبية التي تصيبنا عندما نغضب دون أن نتأثر أو نتضرر من هذا الغضب. وليكن تعريف الفضيلة هو مدخلنا، فإذا أردنا أن نُعرّف الفضيلة فسنجد أنها الوسط بين كل رذيلتين؛ لا يمين ولا شمال بل الوسط، وإذا طبقنا هذا التعريف على التعامل مع الغضب سنجد أننا إذا كبتنا الغضب ولم نسمح له بالخروج سنصيب أنفسنا بأذى بالغ، بل قد يتطور الغضب البسيط مع الكبت إلى ثورة عظيمة تتسبب في انفعال مدمر! وإذا تركنا الباب على مصراعيه وأفسحنا الطريق للغضب أيضا ستكون النتيجة سيئة؛ فقد نتحصل على راحة مؤقتة متبوعة بندم وشعور سيئ لفترة طويلة. وسنحاول سويا معرفة كيف يمكننا التعامل مع المشاعر السلبية للغضب من خلال علماء النفس، ومن خلال معلم البشرية حبيبنا ورسولنا محمد صلوات الله وسلامه عليه. ولتكن أولى الخطوات هي التنفس ببطء وعمق عن طريق استنشاق هواء من الفم ببطء، ثم حبسه ثم إخراجه ببطء من الأنف، على أن نكرر هذه العملية ثلاث مرات. ثانيا: لا تتسرع في الردّ سواء بالقول أو بالفعل على من أغضبك، فمن الأفضل أن تأخذ وقتك حتى تهدأ، ويمكنك أن تذهب إلى غرفة خالية لا يمكن أن يسمعك منها أحد وقل ما تريد واصرخ كما شئت. وأخيرا.. فرّغ طاقة غضبك بعمل بعض التمرينات السريعة كالضغط مثلاً، أو قم بأحد المهام التي تتطلب مجهوداً بدنيا. هذا رأي علماء النفس فانظر ماذا جاءنا به معلم البشرية منذ آلاف السنين. ولنبدأ ببعض الأحاديث التي وردت على لسان سيدنا وحبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- والتي يعلمنا فيها كيف نتعامل مع الغضب. قال صلى الله عليه وسلم: - "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". - جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أوصني ولا تكثر عليّ؛ لعلي أحفظ"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تغضب". - "من كظم غيظا وهو يقدر أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من أي الحور شاء". - "إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع". صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم ننتقل للخطوات الأربع التي علمنا إياها محمد -صلوات الله وسلامه عليه- إذا وقع الغضب: 1- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم. 2- الوضوء. 3- تغيير الحالة التي عليها الغضبان. 4- استحضار ما ورد في كظم الغيظ من الثواب، وما ورد في عاقبة الغضب من الخذلان. عزيزي.. انجُ بنفسك من هذا الفخ والكمين القاتل.. قد تستغرب من جدية ردي عليك، وقد تتهمني بالمبالغة ولكني -ويشهد الله على ذلك- ما أريد لك إلا الصلاح، وأخشى عليك أن يتطور إحساسك بالغضب وتضيع حياتك سدى، ولتعلم أنك قادر على طرد الغضب الزائد عن الحد من حياتك فقط بقليل من الإرادة.. ولتنعم بعدها بحياتك مع خطيبتك وأهلك وكل من حولك.. وأخيرا لم أجد أجمل مما قاله باب مدينة العلم سيدنا علي رضي الله عنه وأرضاه؛ فقد قال: "لذة العفو يلحقها حمد العاقبة، ولذة التشفي يلحقها ذم الندم"!