تعددت الجرائم والمتهم واحد وهو الغضب الذي هو عدو العقل فكثيرا ما نسمع عن إنسان قتل أو امرأة طلقت أو بنيان هدم أو أطفال شردوا بسبب الغضب يقول جعفر الصادق رحمه الله الغضب مفتاح كل شر وكيف لا وقد أوصي النبي صلي الله عليه وسلم: الرجل الذي جاء يطلب النصيحة بقوله "لا تغضب" فقد روي البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال للنبي صلي الله عليه وسلم أوصاني قال: لا تغضب. فردد مرارا والنبي صلي الله عليه وسلم يقول له "لا تغضب" والغضب يؤثر علي جميع أعضاء الجسد فهو يؤدي إلي غليان الدم في العروق ومن ثم تنتفخ الأوداج ويحمر الوجه وقد يؤثر الغضب علي اللسان فيؤدي إلي الشتم والفحش والسب ويؤثر علي باقي الجوارح كالبطش والضرب ويؤدي إلي القتل أحيانا وإذا غضب الإنسان فإن الشيطان يلعب به كما يلعب الأطفال بالكرة فرب جرعة غضب أوقعت صاحبها في النار يقول الحسن البصري "يا ابن آدم كلما غضبت وثبت ويوشك أن تثبت فتقع في النار". وهناك دوافع للغضب وهي الكبر والعجب والفخر والمزاح والإنسان بطبيعته جبل علي الغضب لذلك قال الشافعي رحمة الله "من استغضب فلم يغضب فهو حمار". علاج الإسلام للغضب وضع الإسلام عدة طرق لعلاج الغضب وكظم الغيظ ومن أبرز هذه الطرق: أولا: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم وقد علمنا القرآن الكريم ذلك: قال الله تعالي "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله" وفي حديث النبي صلي الله عليه وسلم ما يؤكد ذلك عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال كنت جالسا مع النبي صلي الله عليه وسلم ورجلان يستبان فأحدهما أحمر وجه وانتفخت أوداجه فقال النبي صلي الله عليه وسلم "إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" رواه البخاري. فإذا كان قائما فليجلس أو يخرج من البيت أو يغير مكانه فعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإذا ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع" رواه أحمد وغيره. ثالثا: الوضوء وذلك لأن الغضب كما يقول الغزالي "جمرة نار اقتبست من نار الله الموقدة التي تطلع علي الأفئدة مستكنة في الفؤاد استكنان الجمر تحت الرماد". فالغضب من الشيطان والشيطان خلق من النار لا يطفيء النار إلا الماء فقد روي أحمد في مسنده عن عطية السعدي رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفيء النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ". رابعا: السكوت وذلك لأن الكلام يجر بعضه بعضا والحرب أولها كلام كما يقول الشاعر وإن النار بالعودين تذكي وإن الحرب أولها كلام وقد روي أحمد في مسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إذا غضب أحدكم فليسكت". خامسا: تذكر جزاء من كظم غيظه وأنه ما من يد إلا يد الله فوقها. فإذا تذكر الإنسان ما له عند الله من جزاء عند تجرعه للغضب وكظمه للغيظ احتسب ذلك عند الله فقد روي أحمد في مسنده عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "من كظم غيظا وهو قادر علي أن ينفذه دعاه الله علي رءوس الخلائق يوم القيامة حتي يخيره من أي الحور شاء". وروي أسامة بن منقذ في مسنده أن مناديا ينادي يوم القيامة من وراء الجسر أين من لهم أجرا علي الله؟ فيقومون وهم قليل وهم "الكاظمون الغيظ والعافون عن الناس" فليتنا نعرف خطورة الغضب وكم أحل بدارنا من بلايا وكم أنزل بساحتنا من جرائم.