يبدو أن قانون المرور الجديد لايزال في مرحلة الطفولة المبكرة، وأصبح عاجزاً عن القضاء علي حوداث الطرق التي بلغت ذروتها خلال العام الماضي، والأخطر من ذلك ما كشفت عنه احصائية حديثة بأن عدد وفيات حوادث الطرق يفوق شهداء مصر في كل الحروب، فيما اعترف مجلس الوزراء المصري بأن مصر أولي دول العالم في حوادث الطرق. ورغم وجود مئات الطرق والكباري الجديدة والتوسعات فإن الضحايا في تزايد مستمر، وبات الأمر أكثر تعقيداً لتقف معه الحكومة موقف المتفرج فقط. وبرصد واقع بعض حوادث الطرق وجد أن ضحاياها بالجملة، ولم تتوقف علي محافظات بعينها، بل امتدت لجميع أنحاء الجمهورية، وكان من أشهرها حادث تصادم مروع بين ميكروباص وسيارة نقل بالمقطورة بالكيلو 15 بمدخل طريق مطروح - سيوة أدي إلي وفاة 6 ليبيين وإصابة 15 آخرين حيث كانت البداية ببلاغ تلقاه اللواء حسين فكري مدير أمن مطروح بوقوع الحادث وتبين من المعاينة اصطدام السيارة رقم 189207 جماهيرية قيادة خليل السنوسي 40 سنة كانت قادمة من ليبيا بسرعة جنونية وفوجئت بالسيارة رقم 10308 نقل مطروح قيادة إسماعيل حسانين 51 سنة ينحرف أمام الميكروباص ولقي جميع ركاب الميكروباص مصرعهم وشهدت محافظة سوهاج تصادماً مروعاً حيث لقي خمسة مصرعهم وأصيب 16 آخروين بسبب جنون السرعة، بدأت الواقعة ببلاغ تلقاه اللواء أحمد خميس مدير أمن سوهاج بإشارة من مأمور مركز المنشأة بالحادث وتبين تصادم السيارة 38070 أجرة سوهاج قيادة حمادة محمود 40 سنة من البلينا عندما اختلت عجلة القيادة واصطدم بالدراجة البخارية رقم 29250 سوهاج قيادة رمضان هاشم مما أدي إلي انقلاب السيارة الأجرة وأسفر الحادث عن مصرع خمسة وإصابة 16 آخرين.. في محافظة المنيا وقع حادث مروع حيث لقي 8 مصرعهم وأصيب عشرة آخرون بسبب اشتعال النار في سيارتين إثر اصطدامهما سيارة أجرة كان اللواء محسن مراد مدير الأمن قد تلقي بلاغاً باصطدام السيارة رقم 15927 نقل سوهاج بالسيارة 285 أجرة الفيوم عند مدخل أسيوط وتولت نيابة سمالوط التحقيق في الحادث، وصرحت بدفن الجثث وفشلت أكثر من خمس سيارات إطفاء في السيطرة علي الحريق الذي استمر لوقت طويل مما أدي إلي مصرع 8 وإصابة عشرة آخرين. وفي محافظة بني سويف صرح المحامي العام الأول لنيابات بني سويف المستشار حمدي فاروق بدفن جثث الضحايا الثلاث في حادث تصادم سيارتين أجرة بمدينة ببا بسبب الشبورة الكثيفة وكذلك متابعة أكثر من 19 مصاباً تم نقلهم إلي المستشفي لتلقي العلاج اللازم. وقرر وقتها عزت عبدالله محافظ بني سويف السابق صرف ثلاثة آلاف جنيه لأسرة كل متوفي وتكليف مديرية الشئون الاجتماعية بصرف المساعدات والإعانات العاجلة للمصابين وكان الحادث قد وقع علي الطريق الزراعي السريع أمام عزبة يوسف التابعة لمركز ببا وأكدت تحريات المقدم محمد مصطفي رئيس مباحث ببا أن سبب التصادم السرعة الجنونية والشبورة الكثيفة وعدم وجود إضاءة كافية علي الطريق. كما قعت حوادث مرورية في يوم واحد بمحافظة البحيرة بوسط الدلتا، بدأت بتصادمات وانقلاب سيارات نقل بطرق البحيرة بسبب سوء حالة بطريق والسرعة الجنونية حيث تلقي اللواء مجدي أبوقمر مدير أمن البحيرة إخطارات بالحوادث التي وقعت بطرق دسوق - دمنهور أمام قرية الحمامية وبطريق رشيد - أدفينا عند قرية ديبي وأمام كفر مجاهد كوم حمادة وأمام قرية الفخورة بكفر الدوار وعند مدخل الرحمانية ولقي 16 مصرعهم. وأصيب عشرون آخرون في حوادث طرق بمحافظات سوهاج وكفر الشيخ والمنوفية في يوم واحد بسبب الشبورة الكثيفة حيث اصطدمت السيارة 657067 نقل غربية. وشهد مركز المنشأة بمحافظة سوهاج حادثاً مروعاً حيث اصطدمت سيارتا أجرة بسبب السرعة والشبورة وكذلك وقع الحادث الثالث في بلطيم بكفر الشيخ حيث اصطدمت سيارة نقل بمقطورة بسيارة ملاكي ولقي كل من بالسيارة الملاكي مصرعهم. وتشير الإحصائيات المفزعة إلي أن عدد الوفيات بسبب حوادث الطرق يفوق عدد شهداء مصر في كل حروبها التي خاضتها منذ 1950 م بما يقرب من 100 ألف شهيد ومصاب وهو رقم أقل بكثير مقارنة بضحايا حوادث الطرق حيث ارتفع عدد الوفيات بنسبة 30.24 % بين عامي 1990 إلي عام 2009 وحالات الإصابة بنسبة 51.7% خلال الفترة نفسها وأكدت تقارير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أن مصر تحتل المركز الأول في عدد الوفيات نتيجة حوادث الطرق علي مستوي العالم بالنسبة للدراسة التي أجراها علي عدد كبير من الدول حيث سجلت الإحصائيات أن 156 حالة وفاة بكل مركبة.. ففي عام 2008 وجد أنه خلال 4 أشهر فقط وقع 700 حادث علي الطريق وتؤكد إحصائية قطاع الرعاية العلاجية والعاجلة في وزارة الصحة المصرية أن نسبة الحوادث في البلاد وصلت إلي خمسة وعشرين ضعفاً عن المعدلات العالمية مما يجعل مصر من أكثر دول العالم التي تشهد حوادث طرق منذ عام 1990. وأشارت الإحصائية إلي أنه في عام 2008 فقط كان عدد الضحايا من القتلي والمصابين 252 ألف شخص وأن حوادث الطرق في مصر هي السبب الأول لوفاة الفئة العمرية من 5 إلي 30 سنة وأنه بحلول عام 2020 ستكون الحوادث المرورية هي السبب الثالث للوفاة علي مستوي العالم خاصة في مصر. ويؤكد خالد الشيخ عضو مجلس الشعب أنه تقدم بطلبات إحاطة بسبب وقوع عشرات الحوادث المروعة خاصة علي طريق القاهرة - الإسكندرية الزراعي وطريق شبين الكوم - مدينة السادات وهو الطريق الإقليمي بسبب انعدام الإضاءة والطرق المتهالكة وغياب الرقابة المرورية خاصة في طريق مدينة السادات - شبين الكوم الذي تمر عليه أكثر من 100 ألف سيارة يومياً وأكثر من 80% منها سيارات نقل بمقطورة تنقل الزلط والرمل والبضائع من المنطقة الصناعية بمدينة السادات إلي محافظات مصر المختلفة وهو طريق متهالك ولا توجد به إنارة كافية ويحتاج إلي توسعته. بينما أكد اللواء محمد منصور مدير الإدارة العامة للمرور الأسبق أن أسباب حوادث الطرق واستمرارها بالرغم من حزمة القوانين والتشريعات التي تم تطبيقها مؤخراً يرجع في المقام الأول إلي السلوكيات الخاطئة من جانب السائقين وتعاطي عدد كبير منهم للمخدرات حيث أسفرت الحملات المرورية المستمرة التي تم تنفيذها مؤخراً في كل محافظات مصر للكشف عن السائقين ولتحليل لهم أن عدداً كبيراً منهم يتعاطي مخدرات وتم ضبط عدد كبير منهم وبحوزتهم المخدرات المختلفة وكذلك تجاهلهم لعلامات وإشارات المرور التحذيرية والالتزام بالسير يمين الطريق والسرعة المقررة وتغييرهم المسارات دون حرص وسوء صيانة المركبات وعدم الكشف المستمر عليها. وأكد أن 75% من الحوادث سببها العنصر البشري واختلاط السيارات الخاصة بالسيارات النقل حيث أكدت الدراسات والإحصائيات أن أكثر من 75% من حوادث الطرق يكون أحد طرفيها سيارة نقل. ويقول العميد خالد العباسي مدير مرور المنوفية أن سوء حالة الطرق وعدم توسعتها وصيانتها وسوء حالة الفوالق وانتشار المطبات العشوائية التي يصنعها الأهالي تساعد علي وقوع الحوادث وانقلاب السيارات خاصة مع انعدام الإنارة علي الطرق وضعف الميزانيات المخصصة لصيانة شبكة الطرق وأن نقل البضائع في مصر يعتمد علي سيارات النقل بنسبة تتجاوز ال 90 % وليس علي باقي وسائل النقل مثل السفن والسكك الحديدية. وأضاف أن خسائر مصر بسبب الحوادث بلغت 4 مليارات جنيه حسب تقرير مجلس الوزراء وأن هذه المبالغ يمكن الاستفادة منها وتوجيهها إلي مشروعات تنموية أخري وتأثير حوادث الطرق في الاقتصاد المصري والسياحة خاصة أن هذه الحوادث تسببت بالفعل في تراجع السياحة بسبب الحوداث التي شهدتها مصر في عام 2008/2009 وكان من بين ضحاياها عدد كبير من السياح الأجانب من مختلف الجنسيات. وأعلن أن وزير الداخلية اعتمد خطة تهدف إلي الحد من وقوع حوادث الطرق مثل نشر كاميرات المراقبة الإلكترونية علي الطرق ومراقبة السيارات التي تتجاوز السرعات المقررة وزيادة عدد الأكمنة لمراقبة ومتابعة الطرق وعدم منح التراخيص الخاصة بالقيادة إلا بعد اجتياز الدورات التدريبية والاختبارات اللازمة للقيادة وقال د. محمد عز العرب أستاذ الهندسة ورئيس جامعة المنوفية أن مشكلة حوادث الطرق في مصر تحتاج لمزيد من تضافر الجهود وليست وزارة الداخلية وحدها مثل وسائل الإعلام المختلفة بضرورة توعية المواطنين والسائقين بالالتزام بالقانون والسلوكيات الصحيحة والالتزام بقواعد السير علي الطرق وعدم تحميل السيارات بأكثر من العدد المقرر وتحميل سيارات النقل بأكثر من الحمولة المقررة والتي غالباً ما تؤثر فيها وتؤدي إلي انقلابها وكذلك ضرورة سرعة وقف سيارات النقل بالمقطورات لأنها تتسبب في أكثر من 70 % من حوادث الطرق وعدم منح السيارات تراخيص إلا بعد توفيق أوضاعها وتطبيق قانون المرور الجديد. وأوصي بسحب الرخص من غير الملتزمين بذلك وعدم منحها لهم مرة أخري وضرورة إزالة المطبات العشوائية وإحلال وتجديد شبكة الطرق التي تهالكت بسبب تضاعف أعداد السيارات المارة عليها.