«الجارديان»: الحرب تعمق جراح الاقتصاد الأوكراني    الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في القمة العربية بالبحرين    القائد الأعلى لقوات الناتو في أوروبا: روسيا غير قادرة على تحقيق اختراق في خاركيف    مصطفى شلبي يعلن جاهزيته لنهائي الكونفدرالية    وصول إلهام شاهين وعايدة فهمي افتتاح الدورة الثانية من مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    النيابة تعاين موقع حريق مخزن مصنع شركة الأدوية بأسيوط الجديدة (احترق بالكامل)    جامعة بني سويف من أفضل 400 جامعة عالميا.. والرابعة محليا    إنطلاق المشروع القومي لتطوير مدربي المنتخبات المصرية لكرة القدم NCE    "زراعة النواب" تطالب بوقف إهدار المال العام وحسم ملف العمالة بوزارة الزراعة    حدث في 8 ساعات| الرئيس السيسي يشارك في القمة العربية.. ومصر ترفض طلبات إسرائيلية    بالفيديو.. كواليس كوميدية للفنانة ياسمين عبد العزيز في حملتها الإعلانية الجديدة    بالفيديو.. نصيحة هامة من الشيخ خالد الجندي إلى الأباء والأمهات    بالفيديو.. خالد الجندي: أركان الإسلام ليست خمس    باسم سمرة يعلن انتهاء تصوير فيلم اللعب مع العيال    الهلال السعودي يراقب نجم برشلونة    شي جين بينغ بمناسبة قمة البحرين: العلاقات الصينية العربية تمر بأفضل فترة في التاريخ    وزارة الصحة: إرشادات مهمة للحماية من العدوى خلال مناسك الحج    مترو التوفيقية القاهرة.. 5 محطات جديدة تعمل في نقل الركاب    وزيرا التعليم والأوقاف يصلان مسجد السيدة نفيسة لتشييع جثمان وزير النقل السابق - صور    نقابة المهن الموسيقية تنعي زوجة المطرب أحمد عدوية    سكاي: فونيسكا الخيار الأول لخلافة بيولي في ميلان    حريق في طائرة أمريكية يجبر المسافرين على الإخلاء (فيديو)    قرار حكومى باعتبار مشروع نزع ملكية عقارين بشارع السبتية من أعمال المنفعة العامة    نائب محافظ الجيزة يتابع ميدانيا مشروعات الرصف وتركيب بلاط الإنترلوك بمدينة العياط    لجنة مركزية لمعاينة مسطح فضاء لإنهاء إجراءات بناء فرع جامعة الأزهر الجديد في برج العرب    "الصحة" تنظم فاعلية للاحتفال باليوم العالمي لمرض التصلب المتعدد .. صور    كيف تؤثر موجات الطقس الحارة على الصحة النفسية والبدنية للفرد؟    "هُتك عرضه".. آخر تطورات واقعة تهديد طفل بمقطع فيديو في الشرقية    هالة الشلقاني.. قصة حب عادل إمام الأولي والأخيرة    15 يوما إجازة رسمية بأجر في شهر يونيو المقبل 2024.. (10 فئات محرومة منها)    تفاصيل اجتماع وزيرا الرياضة و التخطيط لتقييم العروض المتُقدمة لإدارة مدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية    السفير المصري بليبيا: معرض طرابلس الدولي منصة هامة لتسويق المنتجات المصرية    جامعة الفيوم تنظم ندوة عن بث روح الانتماء في الطلاب    شرطة الكهرباء تضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي    وكيل الصحة بالقليوبية يتابع سير العمل بمستشفى القناطر الخيرية العام    التصلب المتعدد تحت المجهر.. بروتوكولات جديدة للكشف المبكر والعلاج    قطع مياه الشرب عن 6 قرى في سمسطا ببني سويف.. تفاصيل    نجم الأهلي مهدد بالاستبعاد من منتخب مصر (تعرف على السبب)    إطلاق مبادرة لا للإدمان في أحياء الجيزة    الخارجية الكورية الجنوبية تعرب عن تمنياتها بالشفاء العاجل لرئيس الوزراء السلوفاكي    هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة بنية واحدة؟.. الإفتاء توضح    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    ببرنامج "نُوَفّي".. مناقشات بين البنك الأوروبي ووزارة التعاون لدعم آفاق الاستثمار الخاص    أمير عيد يؤجل انتحاره لإنقاذ جاره في «دواعي السفر»    "العربة" عرض مسرحي لفرقة القنطرة شرق بالإسماعيلية    توقيع بروتوكول تجديد التعاون بين جامعة بنها وجامعة ووهان الصينية    جولة جديدة لأتوبيس الفن الجميل بمتحف الفن الإسلامي    قرار قضائي جديد بشأن سائق أوبر المتهم بالاعتداء على سيدة التجمع    بدء التعاقد على الوصلات المنزلية لمشروع صرف صحي «الكولا» بسوهاج    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    الطاهري يكشف تفاصيل قمة البحرين: بدء الجلسة الرئيسية في الواحدة والنصف ظهرا    أنشيلوتي يقترب من رقم تاريخي مع ريال مدريد    «الداخلية»: ضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    محكمة العدل الدولية تستمع لطلب جنوب إفريقيا بوقف هجوم إسرائيل على رفح    كولر يحاضر لاعبى الأهلي قبل خوض المران الأول فى تونس    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024 عبر بوابة التعليم الأساسي (الموعد والرابط المباشر)    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجارب نووية مؤثرة في المناخ
نشر في صوت البلد يوم 03 - 09 - 2010

بالتزامن مع طرح مشكلة تغير المناخ على المستوى الدولي والعالمي، ومع تحميل غاز ثاني اوكسيد الكربون المنبعث من استهلاك الوقود الاحفوري (لتوليد الطاقة) المسؤولية الأكبر عن تغير المناخ... تحرك اللوبي النووي العالمي لإعادة تسويق الطاقة النووية، كطاقة بديلة وصديقة غير مؤثرة على تغير المناخ. وقد استغل اللوبي النووي المسألة المستجدة وتقارير خبراء الأمم المتحدة التي تركز على استهلاك الطاقة الاحفورية كمسبب رئيسي لانبعاثات غازات الدفيئة لإعادة الاعتبار للطاقة النووية، بعد ان كانت قد تعرضت لانتقادات حادة في الدول المتقدمة جراء الحوادث التي نجمت عن التجارب النووية او عن انفجار مفاعلات وتسرب إشعاعي خطير، او عن مشكلة كيفية التخلص من النفايات النووية ودفنها في أماكن آمنة وبأكلاف معقولة... ما جعل هذه التقنية في غاية الخطورة وغير مقبولة شعبيا في كل أنحاء العالم تقريبا.
وقد لوحظ في الفترة الأخيرة نشاط أعضاء النادي النووي بشكل لافت في المؤتمرات الدولية السنوية التي تنظمها الامم المتحدة، ولا سيما مؤخرا، للبحث في كيفية تطبيق بروتوكول كيوتو، وقد خصص الاجتماع ما قبل الأخير (في كوبنهاغن) الذي عقد في بوزنان في بولندا، لمحاولة إقناع هذه الدولة في أوروبا الشرقية التي لا تزال تعتمد اعتمادا رئيسيا على الفحم الحجري لإنتاج الطاقة، لمحاولة إقناعها باستبدال هذه التقنية بمحطات تعمل على الطاقة النووية، وقد بذل الرئيس الفرنسي جهدا استثنائيا وشبه علني لمحاولة إقناع المسؤولين البولنديين بضرورة اعتماد التقنيات النووية لتوليد الطاقة بدل تلك التي تعتمد الفحم الحجري.
كما تحركت مؤخرا الدول الأعضاء في النادي النووي باتجاه المنطقة العربية، ولا سيما في بلدان الخليج العربي ومصر والأردن لإعادة تسويق هذه التقنية. وقد عقد مؤتمر دولي مؤخرا في عمان للبحث في الموضوع، كما زار «وفد استطلاعي نووي» بعض البرلمانيين اللبنانيين لاستطلاع رأيهم في إمكانية ان يشتري لبنان طاقة من الأردن اذا ما تم إنشاء مفاعلات هناك، نظرا لوجود كميات لا بأس بها من اليورانيوم في الأردن ولوجود نية كبيرة لتسويق هذه التقنية في المنطقة.
ولعل الخطوة الأبرز كانت مع قرار الحكومة المصرية الأسبوع الماضي للبدء في بناء أول محطة للطاقة النووية على ساحل البحر المتوسط الذي أعلن عنه الرئيس المصري حسني مبارك. وتسعى العديد من دول المنطقة إلى تطوير قدرتها لتوليد هذه الطاقة القذرة والمكلفة والخطرة، وهو أمر اعتبرت غرينبيس في بيان لها أمس انه يشكل تهديداً للمنطقة بأسرها، اذ تقوض الطاقة النووية جهود إنقاذ المناخ وتغلق الباب أمام الاستثمار في موارد الطاقة المتجددة اللازمة للحد من انبعاثات الكربون. وقد تم اعتبار الطاقة النووية بمثابة «الإرث القاتل من القرن العشرين». وتصح تسمية «الارث القاتل» على الطاقة النووية، ليس لكونها طاقة خطرة على البيئة والصحة العامة ومكلفة على الاقتصاد ولا في استعمالاتها المسماة تسويقا «سلمية»، بل لكونها قد تتسبب في زيادة النزاعات بواسطتها أو حولها في المنطقة. فهذه الطاقة قد تحولت اداة سيطرة واستقواء عند الدول المسماة «كبرى»، والى «قوة إرهاب» عند المجموعات الاضعف التي تشعر بأن هناك من يريد إضعافها واستغلالها. وقد انتقلت هذه القوة النووية في الفترة الاخيرة من «قوة ردع»، باعتبارها ضمانة متناقضة للسلام (كما كانت الحال زمن الاتحاد السوفياتي)، الى إمكانيات لقوة مواجهة او ممانعة. وهذا ما يعيد طرح الاسئلة حول الجدوى وحول مسؤولية الاكبر على استيعاب الاضعف، ولا سيما عندما يتعلق الامر بتغييرات مناخية خطرة قد تهدد شروط الحياة على الكوكب.
لقد خفت الحماسة على الطاقة النووية بعد الكثير من الحوادث التي حصلت، حتى جاء من يعيد إحياء هذه التقنية الخطرة بعد تفاعل قضية تغير المناخ عالميا، كونها البديل الافضل. فما مدى صحة هذا الزعم؟
الاستاذ الجامعي الدكتور علي قعفراني يخص «السفير» بجزء من دراسة غير منشورة حول المسكوت عنه من تأثيرات التقنيات النووية على تغير المناخ.
حبيب معلوف
الحوادث النووية المعلنة
لماذا يتجاهل العالم فرضية الدور الذي تلعبه التقنية النووية في إحداث تقلبات في مناخ الأرض، خاصة بعد الحوادث الكبرى التي حصلت في المفاعلات النووية (حادثة مفاعل ويندسيكل في المملكة المتحدة بتاريخ 8/10/1957، وحادثة مفاعل ثري ماييل ايلاند في الولايات المتحدة الاميركية بتاريخ 28/3/1979، وحادثة مفاعل تشير نوبل في الاتحاد السوفياتي (سابقا) بتاريخ 26/4/1986)... إضافة الى عشرات الحوادث الصغيرة والمتوسطة التي لم يعلن عنها، مع العلم ان الحوادث التي اعلن عنها كان لا مفرّ من إعلانها؟!
الى جانب التجارب النووية التي بلغت 1900 تجربة نووية تجريبية أجرتها ما يعرف بدول النادي النووي حتى العام 1986، حيث ان الطاقة النووية الناتجة من الانشطار هي واحدة من مجموعة نواتج تسمى نواتج الانشطار النووي، والإشعاعات المؤينة التي لها القدرة على فصل الالكترونات من محيط الذرة الخارجي أو من أي مدار للذرة وبالتالي تأيين جزيئات أو ذرات المواد التي تمر خلالها وتبدأ من الاشعة فوق البنفسجية، ثم إشعاعات جاما، فالاشعة الكونية التي تصل الى الارض من الفضاء الخارجي وتتكون من 85% من البروتونات و14% من اشعة (الفا) وتتميز هذه الاشعة بالانهمار بصورة متجانسة وهي تملأ جو الارض في الارتفاعات التي تزيد عن 25 كلم حيث تصطدم مع قوى ذرات العناصر المكونة للغلاف الجوي. ينتج من ذلك أشعة ثانوية فتتكون من بوزترونات والكترونات ونيترونات هذا وعلى ارتفاع 15 كلم تكون الأشعة الكونية قد تحولت الى بوزترونات والكترونات وفوتونات التي تتأثر بالتفجيرات النووية التجريبية وبنواتجها الانشطارية التي قد تصل الى طبقة الستراتوسفير بعد قطعها طبقة التروبوسفير وذلك حسب قدرة التفجير النووي.
نواتج التفجيرات النووية
تتفاعل نواتج الانشطار النووي مع المادة الموجودة في الغلاف الجوي محدثة للبعض منها تأين. والاشعاعات المؤينة نوعان: إشعاعات جسيمية عبارة عن أجزاء من الذرة منطلقة في الفضاء بسرعات مختلفة منها جسيمات الفا، وجسيميات بيتا، والنيترونات. وإشعاعات كهرومغناطيسية مثل أشعة جاما والاشعة فوق البنفسجية والاشعة الكونية التي معظمها من الجسيمات المشحونة وعند دخول جسيما مشحونا مجالا مغناطيسيا، كمجال الارض ينحرف عن مساره المستقيم ويأخذ مسارا دائريا، وبسبب اختلاف شده المجال المغناطيسي للارض فإن مسار الجسيم يأخذ الشكل اللولبي مؤديا الى حصر الجسيمات في منطقة محيطة بالكرة الارضية تشبه الحزام، وقد زادت كثافة هذه الاشعة النووية الكونية عن بعد يتراوح بين 1000 و7000 كلم القريب الى سطح الارض والتي يتكون معظمه من بروتونات ذات طاقة 30 مليون الكترون فولت. أما النطاق الخارجي الذي يقع على الكترونات ذات طاقة بضعة مليون الكترون فولت، وتغذي الانطقة بالاشعة الكونية المنهمرة بصورة مستمرة وتسرب منها كميات الى الارض بسبب تغير شدة المجال المغناطيسي للأرض. إلا انّ المفاجئ هو زيادة كثافة هذه الاشعة في الانطقة بسبب التجارب النووية التجريبية فوق سطح الارض، الذي توزع طوبوغرافيا الى ثلاثة انواع، هي المحلي والتروبوسفيري والستراتوسفيري. ان نواتج التفجيرات النووية التجريبية تستقر بحسب كبر قطرها. فالتي بقطر حوالى عشرين مايكرومتراً، تستقر على ارتفاع 160 كيلومتراً فوق سطح الارض. أما في طبقة التروبوسفير فتستقر النواتج الاصغر ذات قطر بضعة مايكرومتر. تختلط هذه النواتج مع الهواء في الغلاف الجوي وتتفاعل معه مما يؤدي الى تغيرات مناخية حصلت بعد حادثة تشرونوبل اذ استمرت التقلبات المناخية حوالى عشر سنوات لأن النشاط الاشعاعي يضمحل مع الزمن. لكن بعض نواتج الانشطار النووي يمكن ان تستمر مئة سنة لكي يضعف نشاطها، تفجير نووي صغير (15 كيلو طن)، ترتفع نواتجه الانشطارية الى ارتفاع يصل الى نهاية طبقة التروبوسفير، أما التفجير النووي التجريبي بقدره (ميغا طن)، ترتفع نواتجه الانشطارية على شكل غيمة الى طبقة الستراتوسفير حيث تبقى المواد المشعة تدور حول الأرض لمدة قد تتراوح عشر سنوات، وقد تحدث تأثيرات كبيرة على الأشعة الكونية المقبلة من الفضاء الخارجي وعلى مكونات طبقة الستراتوسفير وهذا بدوره يؤدي الى تغيرات مناخية.
تجارب الدول النووية
أما التجارب النووية التجريبية تحت سطح الارض فتحدث تلوثا اشعاعيا، في منطقة التفجير إلا ان نسبة التسرب الاشعاعي لا تتجاوز 35%.
أحاطت الولايات المحتدة الاميركية بعض تجاربها النووية بالسرية حتى عن حلفائها، حيث أجرت اكبر عدد من التفجيرات بلغ 48% من مجموع عدد التفجيرات النووية في العالم. أما مجموع عدد التجارب النووية التي أجرتها أميركا بين العام 1945 والعام 1989 فقد بلغ 942 تجربة. أما الاتحاد السوفياتي السابق فقد أجرى 713 تجربة، بريطانيا 41 تجربة، فرنسا 181 تجربة، الصين 34 تجربة، الهند تجربتين... وهكذا يبلغ عدد التجارب النووية فوق سطح الارض وتحته ما مجموعه 1900 تجربة معلنة من العام 1945 حتى العام 1989، أي بمعدل تجربة نووية كل أسبوع. كما ان القدرة الكلية لهذه التفجيرات النووية كلها تصل الى أربعين الف مرة اكبر من تفجير هيروشيما!
ان الدراسات العلمية تؤكد أن دول النادي النووي، أي الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفياتي السابق والصين، هي من ساهم وأثقل النصف الشمالي من الكرة الارضية بتلويث غلافه الجوي، أما النصف الجنوبي للكرة الارضية فتولت تلويثه فرنسا وبريطانيا. وشكلت استراليا مختبرا للتجارب النووية البريطانية حيث أجرت مئات التجارب النووية، أهمها ثلاثون تجربة احتوت على البلوتونيوم (239) مسببة أسوأ حالات التلوث، كما استخدمت فرنسا اراضي الجزائر لتجاربها النووية.
في الفترة بين عامي 1945 و1996 نفّذت القوى النووية (الولايات المتحدة، الاتحاد السوفياتي، بريطانيا، فرنسا والصين) 2045 تجربة تفجير نووية، أي بمعدل انفجار نووي واحد كل تسعة أيام.
كانت التفجيرات تتم في البحر على عمق 60 متراً وتحت الأرض على عمق 240 متراً تحت السطح. وفي الجو وصلت الى ارتفاعات مختلفة في الفضاء، وهذا أدى الى إثقال الغلاف الجوي للأرض بطبقاته المختلفة حتى ارتفاع 480 كيلومترا بنواتج الانشطارات النووية.
أماكن التفجيرات النووية
تصنف التفجيرات النووية الى أربعة انواع حسب موقع التفجير: 1 – تفجيرات قرب سطح الأرض. 2 – التفجيرات الجوية التي تمتد الى بعد عشرة كيلومترات عن سطح الارض.
3 – التفجيرات تحت سطح الارض او تحت الماء. 4 – التفجيرات الفضائية وهي تكون خارج منطقة التريبوسفير أي على ارتفاعات أعلى. هذه التفجيرات هي الاسوأ التي تؤثر نواتجها الانشطارية على الأشعة الكونية القادمة من الكون. وهذه الاشعة تساهم في تشكيل طبقة الاوزون اذ ان الاشعة فوق البنفسجية هي التي تساهم في تشكيل الاوزون في طبقة الستراتسفير وان أي تأثير على هذه الأشعة سيؤدي الى خلل في طبقة الأوزون، وان نواتج الانشطار النووي عامل أساسي في إحداث خلل في هذه الطبقة مع عوامل اخرى كالكلوروفلورو كربونات وغيرها من الغازات التي ينفثها الانسان في الغلاف الجوي. كما أن نواتج الانشطارات النووية تؤثر في مكونات طبقة الستراتسفير وتحدث بها اختلالات معينة، مما يؤثر على التقلبات المناخية على سطح الارض. كما تؤدي التفجيرات النووية في جو طبقة التروبوسفير وعلى ارتفاعات مختلفة، الى «المتساقط النووي» الذي يعقب التفجير، والذي يستمر من أسابيع الى سنوات عديدة حسب ارتفاع التفجير وقوته، مما يؤدي الى التأثير الكبير على الظروف المناخية.
بالاضافة الى ذلك ينطلق خلال الدقيقة الأولى بعد الانفجار «الاشعاع النووي الاولي» وهو يتألف من نيوترونات وأشعة جاما. تنبعث النيوترونات وإشعاعات جاما من الكرة النارية بصورة فورية تقريبًا. أما بقية إشعاعات جاما، فتنطلق من سحابة هائلة تشبه الفطر من المواد المشعة التي يكوّنها الانفجار.
مشكلة النفايات النووية
تصنف النفايات النووية المشعة حسب نشاطها الاشعاعي الى ثلاثة انواع: النفايات الواطئة المستوى، النفايات العالية المستوى، ونفايات ما بعد اليورانيوم. تتشابه النفايات الواطئة المستوى والعالية المستوى بنوعية الاشعاع المنبعث منها وهي اشعة بيتا وأشعة غاما وتختلف في شدة تركيز النشاط الاشعاعي. أما نفايات ما بعد اليورانيوم فهي تبعث اشعة الفا ذات عمر نصف طويل مما يتطلب أسلوبا خاصا للتعامل معها وخزنها. ان معدل نشاط النفايات الواطئة المستوى يقل معدل نشاطها الاشعاعي عن 1.3 تيرا بيكوريل للمتر المكعب (اي الف بليون بيكوريل م3). أما نفايات العالية المستوى فيتراوح نشاطها الاشعاعي بين 1 و1.5 بيكوريل لليتر الواحد (أي 100 – 1500 كوري للغالون الواحد) وهو سائل، وان الخطورة فيه لأنه يصاحب هذا النشاط الاشعاعي العالي إنتاج طاقة حرارية عالية. أما نفايات ما بعد اليورانيوم، فمعدل نشاطها الاشعاعي هو 370 بيكوريل للغرام الواحد. انه لمن المؤسف ان عملية إنتاج النفايات عالية المستوى وما بعد اليورانيوم أسهل بكثير من عملية التخلص منها.
ان الاحتفاظ بالنفايات المشعة شكل مشكلة كبيرة لدول النادي النووي، هناك خزن فوق سطح الارض، وتحت سطح الارض وفي اعماق المحيطات ولن نتطرق لكيفية خزنها لأنها ليست موضوع اهتمامنا، بل سنتطرق الى عمليات الخزن للنفايات النووية في القطب الشمالي والجنوبي وكما ذكرنا بأن هذه النفايات تولد درجة حرارة عالية وممكن ان تكون هي المساهمة في عملية إذابة الجليد في الاقطاب.
دفن النفايات النووية
نصت اتفاقية لندن لعام 1972 على عدم رمي النفايات المشعة العالية المستوى في المياه الدولية، لكن هذه المعاهدة لم تحرم رمي النفايات الواطئة المستوى والمتوسطة. والمؤسف ان أكثر الدول التي مارست هذه الطريقة هي بريطانيا واليابان. فبريطانيا ترمي كميات كبيرة من نفاياتها، في البحر الايرلندي، اذ رمت بين عامي 1950 و1963 حوالى 15300 طن من النفايات المشعة التي تحتوي على 14.14 تيرا بيكوريل من مصادر اشعة الفا و41.12 تيرا بيكوريل من مصادر أشعة بيتا وغاما. أما كميات النفايات المشعة التي دفنت بين عامي 1949 و1982 في مواقع متعددة من شمال شرق المحيط الاطلسي فقد وصلت الى 73530 طنا معبأة في 149627 علبة (مع الاشارة الى أن الوقود النووي المستهلك هو 15 الف طن). وقد تم التقليل من المواقع لدفن هذا النوع من النفايات في العالم بعد ذلك، بسبب معارضة الناشطين البيئيين في العالم لما تحدثه من خلل وتلوث للبيئة البحرية.
الخزن في أقطاب الكرة الأرضية
ان أحد الحلول العالمية الذي نوقشت هي رمي النفايات الساخنة والتي تولد طاقة حرارية هائلة في اقطاب الكرة الارضية، اذ ان هذه الفكرة لا تتطلب تقنية عالية فالمنطقة معزولة جغرافيا وتوفر عزلا طويل الامد حيث ان النفايات بسبب حرارتها سيحفر لها خندق في الجليد يصل الى الطبقة الصخرية والتي تقع على عمق 4000 متر تحت الجليد. إلا انه غير مسموح دوليا حتى الآن تخزين النفايات في الاقطاب.
ولكن تشير معظم الفرضيات الى انه كما تحصل تجارب نووية سرية فإن رمي النفايات النووية لا يخضع لأي اعتبارات دولية او إنسانية، لأن ما يحصل اليوم في الاقطاب الشمالية والجنوبية للكرة الارضية يدل على ان التغيرات الحاصلة لطبقة الجليد يعود الى فرضية تخزين النفايات في الجليد، وقد تؤدي الحرارة الناتجة من خزن النفايات النووية بين الجليد والطبقة الصخرية الى زيادة كمية المياه بين الطبقة الصخرية وطبقة الجليد، مما يتسبب في انهيارات جليدية. وان المتهم الاول للانهيارات الجليدية ولزحف الجليد هو وجود مياه بين طبقة الجليد والطبقة الصخرية، مما يسبب انزلاقات جليدية. من هنا أصبحت فرضية رمي النفايات النووية وخزنها واقعا وموضوع نقاش في دول النادي النووي الذين أرادوا التخزين في أقطاب الكرة الارضية في مناطق غير مأهولة في السكان. لكنهم على ما يبدو لم يأخذوا بعين الاعتبار ارتفاع درجة حرارة النفايات النووية وتأثيرها على طبقة الجليد الفاصلة بين الجليد والطبقة الصخرية المقترح التخزين فيها على عمق 4000 متر.
محطات الطاقة النووية
ان معرفة مستويات القذف الحراري الناتج من توليد الطاقة الكهربائية من جميع أنواع المحطات (الحرارية والنووية) ترشدنا الى أن القذف الحراري يحدث تغيرات رئيسية في البيئة (الطقس، الحرارة، الرياح، الرطوبة ...الخ). وقد دلت الحسابات على ان اعلى قدرة للمحطات الكهربائية يجب ألا تتعدى (109) ميغاواط حراري، وعندما تصل قدرات المحطات الكهربائية في العالم بحدود 4 ، 2 ×ا 108 ميغاواط حراري، وهذا يؤدي الى رفع درجة حرارة الارض (0.4) درجة مئوية. ان الطاقة النووية تؤدي دورا متميزا في انتاج الطاقة الكهربائية وان النسبة المئوية التي تشكلها الطاقة النووية من مجموع الطاقات الاخرى المستهلكة في عشرين دولة تعتمد انتاج الطاقة الكهربائية بواسطة المحطات النووية باتت كبيرة وخطرة. تأتي في الصدارة فرنسا كون 70% من استلاكها للطاقة الكهربائية يأتي من المفاعلات النووية (لديها 63 مفاعلا)، بلجيكا 67% وعدد مفاعلاتها (10)، السويد 65% وعدد مفاعلاتها (12)، كوريا الجنوبية 44% وعدد مفاعلاتها (12)، الولايات المتحدة الاميركية لديها 119 مفاعلا، الاتحاد السوفياتي السابق لديه 85 مفاعلا، تايوان (44%)، اليابان (25%)، تشيكوسلوفاكيا (21%)، بريطانيا وهنغاريا (18%)، الى جانب كل من المانيا الشرقية، الارجنتين، افريقا الجنوبية... وهذه المحطات انجزت حتى العام 1986. بينما الآن نرى أن محطات الطاقة النووية في العالم تزداد وان مجموع قدراتها قد تزداد ما دامت دول النادي النووي تعتمد أساسا على الطاقة النووية من أجل إنتاج الكهرباء.
وتنتج المحطات النووية تأثيرات إشعاعية، وتأثيرات حرارية، تؤثر الاولى مباشرة على الانسان والحيوان والنبات والهواء والغذاء، بينما تؤثر الحرارة مباشرة على البيئة، ومن المعروف ان جميع المحطات التي تولد الطاقة تسبب تلوثا حراريا، حيث ان جزءا بسيطا فقط من الطاقة الحرارية يتحول الى طاقة كهربائية، فيما يتبدد الباقي في البيئة بنسبة كبيرة مقدارها (60%). للمحطات النووية تأثير مضاعف، فمن أجل انتاج 1000 ميغاواط من الطاقة الكهربائية في المحطات النووية، يتطلب تلوثا حراريا تصل قيمته الى 2000 ميغاواط حراري، اذ ان التلوث الحراري التي تحدثه المحطات النووية أعلى بكثير من التلوث الذي تحدثه المحطات الحرارية وهذا بسبب أسلوب التبريد المنتج في المحطات النووية. يتم إنشاء المحطات النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية بالقرب من الانهار والبحيرات حيث يتم استعمال المياه في تبريد المحطة، وقد ترتفع درجة حرارة المياه من 6 درجات الى 16 درجة مئوية، ثم تلقى المياه ثانية في مصدر المياه. وتستهلك المحطة النووية التي تستخدم مفاعلات الماء الخفيف المتوسط 50 مترا مكعبا في الثانية لكل جيغاواط كهربائي، وقد وجد ان القذف الحراري الناتج من محطات توليد الطاقة الكهربائية يؤدي الى ضخ الحرارة في البيئة، مما يؤدي الى ارتفاع درجة حرارة الأرض، وهذا أمر في غاية الصعوبة والتعقيد.
يحصل تداخل العوامل والمؤثرات الحرارية الاخرى في الغلاف الجوي من مسببات اخرى تؤدي لرفع درجة حرارة الارض وهذه عوامل متداخلة ومؤثرات متعددة، واعتمادا على ما سبق، يمكننا نظريا تحديد قدرات محطات الطاقة النووية في المستقبل حيث ان اكبر قدر مسموح به لمثل تلك المحطات، يجب ان لا يتجاوز مستوى القذف الحراري (50 واط / متر مربع) في المنطقة المحيطة.
مسؤولية الدول الكبرى الملوثة
وتبقى الاسئلة الملحة عن ظاهرة الاحتباس الحراري محيرة، لماذا استغرقت بحوث العلماء كل هذا الوقت الطويل (اكثر من 50 عاما)؟ هل اتجه العلماء الى الطريق الخاطئ، وتاهوا عن الطريق الأسهل؟ هل ان محاولة العلماء كانت متأخرة؟ ومتى سيظهر العبقري الذي سيجد الحل؟ هل يمكن الثقة بالعلماء، اذا كان بينهم من تعميه الرغبة في الشهرة والمال عن تقصي الحقيقة؟ لماذا لم تتكلم أي دراسة عن تأثير التفجيرات النووية التجريبية على الغلاف الجوي للأرض، وعن خزن النفايات النووية في الكرة الارضية؟ هل العلم خاضع للتسييس؟
متى تقوم هذه الدول الكبرى الملوثة بحشد السياسيات البيئية، وكل قدراتها في مسار موحد لحماية البيئة من الكوارث التي تتفاقم، من تلوث في الهواء والمياه والتربة؟ متى تستيقظ الدول الفاعلة والمؤثرة في القرار لاتخاذ خطوات تنفيذية جريئة وفورية، بعيدا عن اي مؤثرات سياسية او اقتصادية، ولا سيما تأثيرات مصالح الشركات الكبرى؟
في السنوات السابقة لم يتم التعاطي مع قضية البيئة جديّا وحتى مؤتمر كوبنهاغن الاخير. برزت عدم جدية دول القرار التي تتحمل المسؤولية الاساسية والمباشرة للمشكلة البيئية التي تعانيها الارض. ان ارتفاع درجة حرارة الارض سيؤدي الى ان يفرغ الغلاف الجوي كل طاقته الحرارية من خلال زيادة عدد الاعاصير والعواصف التي ستضرب محدثة نتائج كارثية خاصة في الولايات المتحدة الاميركية التي من المتوقع ان تضربها الاعاصير لهذا العام ابتداء من نهاية آب وحتى نهاية كانون الثاني. أما الاعاصير المتوقع ان تحدث أضرار ايضا مادية وبشرية في كل من الصين والهند وبنغلادش وشرق الصين الى جانب الشاطئ الغربي لبريطانيا بصورة لم يسبق لها مثيل وسوف تستمر هذه الاعاصير لتحدث نوعا من التوازن بعد ان يفرغ الغلاف الجوي طاقته الحرارية اذ ان الارض تتكفل بالاشراف على كل العمليات الطبيعية، الكيميائية والفيزيائية التي تحفظ كوكبنا بصحة جيدة، وهي التي تعمل على توازن عناصرها، فإذا ارتفعت درجة حرارة الارض كما يتوقع فسيؤدي هذا الى استمرار العواصف والاعاصير والى المزيد من انصهار الجليد الذي سيؤدي حتما الى غرق جزء من اليابسة حتى تصل الطبيعة الى حد توازنها التي تسترد بها عافيتها، اذا كانت نقطة التوازن في السابق هي فناء الديناصورات (حدث ذلك منذ 65 مليون سنة)، حينها يكون الانسان مثّل دور المجرم القوي الذي يقتل كل من حوله ومن ثم ينتحر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.