أظنك عزيزي القارئ تعلم من هو سيزيف وماهي قصته ( لا مش بيلعب في تشيلسي ياسيدي ・ إختيارات إيه بس ياعزيزي القارئ، هذا ليس بسؤال، تلك مجرد مقدمة ) ، ما علينا، تقول الأساطير اليونانية أن سيزيف هذا كان شخصاً ماكراً مخادعاً خبيثاً جشعاً ( وغالباً أشول )، ووصل به الأمر إلى خداع وتحدي الآلهة اليونانية (وليس هنا مجال سرد أفعاله الواطية ) فأثار حفيظة كبير الآلهة "زيوس" مما جعله يحكم عليه بعد مماته بعقوبة غريبة وهي أن يقوم بدحرجة أو حمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه، فإذا قارب الوصول إلي القمة تدحرجت الصخرة إلى الوادي، فيعود إلى رفعها إلى القمة، ويظل هكذا حتى الأبد، وإختلف المفكرون والفلاسفة في تفسير كُنه العذاب الذي يعانيه سيزيف من جرّاء هذه العقوبة (لا ياعزيزي القارئ، الصخرة لم تكن ثقيلة ولا مسننه، لا برضه، لم يكن سيزيف حافي القدمين ولا الجبل ملئ بالحصى، ماتهمد بقى يا عزيزي القارئ، لو أراد زيوس تعذيبه جسمانياً كان ولّع فيه وخِلِص)، كنت أقول أن البعض قد رأى أن هذا هو عذاب التكرار والروتين الممل، ورأى آخرون أنه عذاب اليأس من الوصول للهدف، ورأى غيرهم أنه عذاب الإحباط المتوالي، ورأى آخرون أنه عذاب الشعور بعبثية الجهد والمشقة، إلى هنا وتنتهي القصة ومغزاها بإختصار وإيجاز، ولكني نحيت كل هذا جانباً وسألت نفسي، ماذا لو أن زيوس بعد عشرات السنين ترك سيزيف يصل بالصخرة إلى القمة ولم تقع مرة أخرى وقال له "خلاص ياض يا سيزيف، كفاية كده"، بالطبع سيشعر سيزيف بالمفاجأة في أول الأمر ثم سيغمره شعور بالسعادة للتخلص من هذه المعاناة، و لكن ستمر أيام و ربما شهور و هو جالس على القمة بجوار الصخرة لا يدري ماذا يفعل، أوتدري عزيزي القارئ ماذا سيفعل، من المؤكد أنه سيلقي بالصخرة لتهوى بالوادي ليرجع إلي سابق عهده في محاولة الوصول بها للقمة، ولماذا يفعل ذلك، لأنه ببساطة لا يعلم وماذا بعد، أي أنه لا يعلم ماذا يفعل بعد الوصول بالصخرة للقمة، فبطبيعة الحال سيلجأ لما يعرفه وتعوده وأتقنه، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا على مَن تنطبق إسطورة سيزيف في واقعنا الآن، على الإخوان الذين جاهدوا عشرات السنين للوصول إلى السلطة، أم على الثوار والمعارضين الذين جاهدوا عشرات السنين أيضاً للقيام بالثورة، أم على كلاهما، لا أستطيع أن أُجزِم عزيزي القارئ ولكني علي يقين أن كلاهما لم يستعد أو يفكر في خضم معاناته للوصول بالصخرة إلي قمة الجبل في ・... وماذا بعد؟ --- [email protected]