عبدالجليل الشرنوبي
أوجاعٌ تسري تُهاجم كل خلايا الجسد بغير تفريق، يدٌ قاسية، الأصابع تقبض على أدق تفاصيل البدن، تفرك كل مقاومة لعضو، وتعصر كل ثمار المُمانعة المختزنة في قواه، تقطر الروح في قلب موجوع، تئن متطلعةً إلى رحماتٍ المولى ليتوقف فعل أيدي (...)
تفتَح الوعى على ارتباطٍ بأُمِّنَا (الأرض)، تلك التى صب من طينها الخالق قالِبَنَا الأول، ونفخ فيه من روحه ليغدو الأبُ (آدم) بشرًا سويًا، وهكذا بات للطين أو الطمى مكانته فى خلفية التصورات عن الحياة، ومما لا شك فيه أن هذا الارتباط، كان نِتاجَ بساطةٍ (...)
عن قصة حقيقية أبطال واقعها يعيشون بيننا لليوم، خرج للنور نهاية الشهر الماضى المسلسل الأمريكى (عندما يروننا)، وبمجرد الانتهاء من متابعة حلقاته الأربع، أحالتنى الذاكرة إلى صفحة الأديب والسيناريست الكبير محمد حلمى هلال، والذى كان قد سطر عليها رأيًا طغى (...)
قريبًا من ذكريات حميمات يذوب طعمها فى الروح كلما زادت أيامُ العمر واشتعل الرأس شيبًا، وبعيدًا عن أى ضجيجٍ لمَدِينة، فى واقعنا الذى خبزَ التطور مُدُنَهُ، بأيادٍ قاسيات العَجّنِ والوَجَعْ، كان صباح كلُ عيدٍ، يحملنى رُفقة والدى الشيخ الجليل إلى القرية، (...)
ليلةٌ خير من ألف شهرٍ، تسير متخفية بين ليالٍ عشر، فى الثلث الأخير من شهر الرحمات والمغفرة والعتق من النيران، ليلةٌ نزل فيها القرآن وفيها تتنزل الملائكة لتشهد البركات والنفحات، ليلة وصَفَها الله جل فى علاه بأنها مباركة، وسماها فى عليائه (ليلة القدر)، (...)
فى براح مصاحبة مِداد الحرف، يكتسب الأخير قدراتٍ خاصة تؤهله لتجاوز أطر الواقع، والانطلاق نحو عوالمٍ حاضرة رغم عدم تَجسدها، ويُقَرِرُ مِدادُ اليومِ أنْ يُدوِّن تجربه (إبْلِسْ)، وهو شيطان يافع عُمّرًا ومُتَّقِد نشاطًا، وطامح لأنْ يحقق فى عالم الأبلسة، (...)
فى أيامٍ رمضانيةٍ خالية من طعم رمضان المُختمر بخميرةٍ مصريةِ اليقينِ والطعمِ والرائحة، يُصبح السعى لابتعاث الإنسانية فى النفوس غاية الساعين للإفطار على وطن، وفى وطنٍ مُبتلى بغياب مواطنه الفاعل، يَغْدُو إنشاد المسحراتى للتَنَبُّه فرضًا على أفئدة (...)
من باب تسلية الصيام يجلس (أيوب المصري) بين يدى معاجم اللغة ليُفتش عن أصل معنى كلمة تسلية النفس، وقاده البحث إلى إجماع على معنيً هو (إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى النَّفْسِ وَإِبْعَادُ الضَّيْمِ عَنْهَا )، وحيث أن (سلِّى صيامك) بات الشعار المفروض بفعل (...)
بما أننا أمةٌ تستعد لاستقبال شهر رمضان المعظم، ولأننا فى أيامٍ عنوانها السعى لاستنقاذ ما بقى من إنسانيتنا، ولكون هذا المِداد يسرى من وعى يرى الإيمان واحدًا من أعمدة البناء الأصيلة فى الشخصية المصرية، تكون البداية من واقع المُكاشفة سعيًا لتقييم ما (...)
فى مِثل هذه الأيام من عام 2013 كان التشكيلى المصرى (وجيه وهبه) يسير على رصيف شارع 26 يوليو الذى يخترق قلب حى الزمالك، حينها جمعتنا الأقدار للمرة الأولى وجها لوجه، وكان أن تتابعت اللقاءات ومنها ما ضمنا فيه منزله المَرسَمْ، ليُتاح للعبد لله أن يتجول (...)
جلس (أيوب المصري) على (المصطبة) التى تُطل على حيث نجتمع، تملك هذه المصطبة قدرة مُذهلة على فتح مساحات للرؤية بمستويات متعددة المشاهدة ومتباينة طبقات الحضور، قرَّر (أيوب) الاستعداد والتأهب لمتابعة تفاعل بنى قومِه مع الحدث المصيرى المُتَمَثِّل فى (...)
فى مشهد الحياة الحالي، ينفرد بطلٌ مهيمنٌ وحيد، متربعًا على عرش صدارته دونما منازع، نجماً لكل شباك، وصاحبًا لأعلى الإيرادات، ومُتصدرًا جميع (الأفيشات)، ومهيمنًا على ألباب الشيوخ قبل السيدات والآنسات، ونموذجًا للخير الطيب، ومجسدًا للشرير الوغد، تلهث (...)
مُنْذ القِدم يحيا على أرض هذا الوطن المصرى (أيوبْ)، بينَهُ وبين الوطن علاقة إنباتٍ واستنبات، تحيل علاقة المصرى بأرضه إلى حالة عشقٍ متبادل، ويستحيل معها كل مصرى (أيوب) فلاحًا قديمًا جديدًا (أبو سويلم مثلاً)، لا ينتهى فيلمه حين يُقَرِرُ المستبد أن (...)
مستريحًا يجلس المهندس ذو اللحية الكثة على أريكته الوثيرة، منح نفسه توصيف (شيخ)، ومنحه تيارهُ صك المتحدث الرسمى باسم السلفية فى مصر، وقرر صانعو هذا التيار أن يمنحوا توصيف (بدعةٍ) على كل براح وهبه الله للإنسان، قرر المهندس ذو اللحية الكثة، أن يُمارس (...)
صبيحة جُمعَةٍ من أيام واقعنا القاسي، ينطلق شابٌ استرالى مُدَججًا بالسلاح، نحو مسجدين فى الدولة الساكنة بالمحيط الهادى (نيوزيلاندا)، ينطلق قائدًا سيارته فيما تنبعث موسيقاه الخاصة من حوله، وتلتصق به (كاميرا) تُوَثِق دقائق التوحش وتبثها عبر شبكات (...)
تفشل كل محاولاته لاسترضاء الحرف الآبق من كل تمام لبيان، يغدو الواقع مُحَمَّلًا بأسباب تثبيط تحيل القلم إلى السكون، وتُحيلُ صاحبهُ إلى خانة حسدٍ، لذلك (العربجي) الأُمِّى الذى يجلس على زاوية عربته (الكارو)، يُطالع صورةً لممثلةٍ لا يعرفها تحتلُ مساحة (...)
فى سُباتِ أمتنا الذى طال، ينزوى (أيوب المصري) فى ركُنِه الحميم، مُفَتِشًا عن كسرات (فايش) هاربةً من جِراب الخَزين، يَقْضمهُ بأسنانٍ تقاوم شيخوخة البدن، لتبدأ فور انتهاء جولة القضم جولات مضغ متتالية تسمح مع متابعتها بأن ترتاح الرأس على حائط الذكرى (...)
يبوح الأبٌ المهمُوم بمستقبل ابنتيه، (كل واحدة منهما لها رأي، وهذا أشجعه وأنميه فيهما من الصغر، لكنى مؤخرًا بدأت ألحظ عليهما تطرفًا)، بالمناسبة الأب يتحدث عن ابنتيه اللتين فى الثانوى والإعدادي، ورغم تدين الأسرة إلا أن أيًا منهما لم ترتد الحجاب، أى (...)
انتهى العرض الموجز فى المقالين السابقين إلى أن (ساحات القتال) المفتوحة على الجبهتين العراقية والسورية أوشكت رحى معاركها على التوقف، وبحسب أحدث الإحصائيات فهناك ثلاثون ألف مقاتل متنوعو الجنسيات والأعمار بدأوا هجرة هذه الساحات عمليًا أو إجرائياً، بعد (...)
بعيدًا عن الدراسات المُوَثَّقَة، وتقارير المراكز البحثية، وحتى شهادات العيان، وسعْيًا للاقتراب من واقع الحالة النفسية لذلك الذى قَرَّر الخروج من وطنه وأهله نحو ما يرى أنه (جهادٌ فى سبيل الله)، يَسرُد تاريخ التجربة الشخصية لكاتب هذه الأسطر ما كان فى (...)
(جُنْد الفَزَعْ) عنوانٌ لسلسلة مقالات إن أذنَ الله للمِدادِ امتدادًا، وعلى ما فى العنوان من صدمة إلا أن صدمةَ الوعيِ بالخطر استشرافًا تتجاوز ربكةَ الصدمة إلى امتلاك أدوات التَنَبُه لاتخاذ تدابير تجفف منابع الخطر قبل أن يستحيل تهديدًا حقيقيًا، وبحسب (...)
تظل (الخلافات) هامشًا في واقع صفحةِ (بهية)، تتصارع أسبابُها لتحتل مساحة أكبر من صفحة الحياة القديمة المتجددة، غير أن (بهية) التي فُطِرَتْ على أن تخبز للحياة خبزها، سُرعان ما تُعالج أسباب الخلاف لتصد زيف أحرفهِ بأصالة أحرفٍ لقيماتها ثورةٌ على كلِ (...)
فى معالجات واقعنا الإعلامية، يضع سيناريوهات المشهد الإنساني، مجموعة من (خبراء عصر جحا)، الذين شكلوا برؤاهم الفذة توجهات تعاطى الرأى العام فى الحادثة الشهيرة التى تشارك بطولتها مع (جحا) كل من ابنه وحمار، وحملت سيناريوهات الواقع (جحا) على أن يتخلى (...)
فى مشهد العشق الوطني، تَحمِلُنا أعْيُن الرؤية على أجنحةِ المِدَادِ إلى مساحات من تأمُل فى مشهد وداعٍ لشهيد غرام، يَسوقه الواجب إلى ساح التضحية، يجود بالروح وفى غمضة عين يحمل صفة (شهيد) قبل اسمه ودعوة بعده (الله يرحمُهْ)، وتَزُفهُ إلى مثواه الأخير (...)
حين يكون استنهاض الإنسان المصرى هو السبيل لبلوغ حلم الوطن محطة الواقع، تتجاوز الذكرى حدود الشجن والحنين إلى تنقيب الحالمين عن مكامن الوعى الدفين تحت ركام السنين، هكذا يدعونا المِدادُ إلى التدبر ونحن على أعتاب ميلاد عامٍ جديدٍ من أعمارنا والوطن، (...)