قال جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي، أن الظروف التي تمر بها المنطقة تضاعف من التحديات التى تواجه البنوك والسلطات الرقابية العربية وقد أثبتت التجربة العملية أن دعم وتقوية القطاع المصرفى كان له أكبر الأثر فى صموده أثناء الأزمات بل وقيامه بمساندة باقى قطاعات الدولة ومساعدتها على تخطى تلك الأزمات ومواصلة النمو والإستقرار بمفهومه الشامل إقتصادياً وأمنياً من خلال دوره الطبيعى فى توفير التمويل ودعم الاقتصاد ، وأيضاً كملاذ آمن لمدخرات وثروات المجتمع. واستعرض نجم أهم هذه التحديات وهي زيادة المخاطر المصرفية، وهو ما القي مزيداً من الأعباء علي السلطات الرقابية بصفة عامة بهدف الحد من تلك المخاطر والتعامل معها سواء على المستوى الكلى للجهاز المصرفى بالدولة أو على المستوى الجزئى لبعض البنوك بها وضرورة إنتقاء الإجراء الرقابى المطلوب الذى يعمل على الحد من المخاطر وفى ذات الوقت بما يراعى عدم التأثير على نسب النمو وإنسياب إلائتمان بسلاسة فى شرايين الإقتصاد أخذاً فى الاعتبار مستوى السيولة المناسبة ومعدلات الربحية المقبولة ، كما يجب أيضاً مراعاة ما إستُحدث من ممارسات رقابية مصرفية عالمية ويجيء فى مقدمة ذلك مقررات بازل التى وضعت إطاراً عالمياً لإدارة المخاطر فى ضوء معايير محددة لرأس المال وأيضاً السيولة. واكد علي هامش مؤتمر اتحاد المصارف العربية الذي يُقام بمدينة شرم الشيخ لمدة ثلاثة أيام تحت عنوان "الاجراءات الرقابية الاحترازية والممارسات السليمة لإدارات المخاطر" أن مقررات بازل واضحة بشأن العلاقة بين مستوى المخاطر وحجم ونوعية رأس المال بمفهومه الرقابى وأيضاً وفقاً لنوعية ونشاط البنك وهيكل المخاطر لديه بحيث تستطيع السلطات الرقابية أن تُحدد وتفرض الحجم المطلوب لرأس المال لكل بنك وفقاً لذلك ، مشيراً إلى أن مقررات بازل أعطت إمكانية أن تفرض السلطة الرقابية نسباً مختلفة لرأس المال وفقاً لحالة الإقتصاد بالدولة ، كما أتاحت للسلطة الرقابية وفقاً للمحور الثانى إمكانية المراجعة الرقابية الدقيقة لكل ما هو يساهم فى تحديد حجم رأس المال المطلوب رقابياً وداخلياً مثل النماذج الداخلية ونظم الرقابة و المراجعة، أساليب إدارة المخاطر ، قواعد الحوكمة. وأشار إلى تكوين العديد من الخبرات والمعرفة لدى البنوك فى المنطقة العربية خاصة فى بعض الدول مثل مصر خلال الأعوام القليلة الماضية وذلك من خلال التجارب والظروف التى مرت بها أثناء تلك السنوات من كيفية التعامل مع ملفات الأزمات وضرورة وجود حدود وسياسات واضحة وعملية للتعامل مع المواقف المختلفة والمشاكل التى ترتبت على تلك الظروف وأهمية وجود نظام للتنبؤ والإنذار المبكر وخطط فعالة لإدارة الأزمات على كافة المستويات مثل خطط إستمرارية الأعمال وخطة طوارئ السيولة وأهمية إجراء اختبارات التحمل وفقاً لسيناريوهات متعددة سواء على مستوى المحفظة الائتمانية أو قطاعات النشاط الاقتصادى أو العميل وأطرافه المرتبطة أو تلك المتعلقة بمستويات السيولة على المستوى الكلى والجزئى. وشدد علي اهمية السعى نحو إبتكار أدوات ومنتجات تتناسب مع مختلف إحتياجات ونوعية العملاء مثل التمويل الصغير ومتناهى الصغر ، كما يأتي موضوع البنوك الاسلامية كأحد أهم القضايا التى يجب أن تناقش على المستوى المهنى والرقابى بما يكفل وجودها الفعال بجانب البنوك التقليدية. وأضاف "ساعدت تلك الخبرات أيضاً على وضع تصور فعال لكيفية إجراء الإصلاح المصرفى على مستوى الدولة لتحقيق الإستقرار المالى سواء بإجراء عدة إندماجات طوعية أو جبرية شريطة وجود إطار قانونى قوى يسمح للسلطة الرقابية بإجراء ذلك دون تأثير على أصحاب المصالح وأعنى بذلك المودعين فى المقام الأول والعاملين بالبنوك وأيضاً العملاء المقترضين وبالطبع المساهمين ويأتى موازياً لذلك أهمية وجود كوادر مصرفية ذات كفاءة للقيام بذلك وأيضاً لإدارة البنوك بعد إعادة الهيكلة والإصلاح المؤسسى وقد يشمل ذلك بالضرورة أيضاً الجهاز الرقابى ذاته". وأوضح انه رغم الظروف التى مر بها القطاع المصرفى فى مصر خلال السنوات الأخيرة أو حتى قبل ذلك فإن قضية السيولة لم تكن هاجساً يؤرق السلطة الرقابية بصورة كبيرة نظراً لتوافرها وفقاً للمعايير السائدة آنذاك إلا أن البنك المركزى المصرى يولى عناية كبيرة لهذا الموضوع تماشياً مع المتغيرات الرقابية وما إستحدثته مقررات بازل فى هذا الشأن. وأشار إلى قيام البنك المركزى بإصدار ورقة مناقشة لإدارة مخاطر السيولة وفقاً لمتطلبات المحور الثانى من مقررات بازل حيث يُبنى الإطار العام لتلك الورقة على مجموعة من المتطلبات الرقابية النوعية والكمية التى تتماشى مع أكثر الممارسات الدولية شيوعاً فى هذا الشأن ، كما تم إعداد وإصدار نماذج الأثر الكمى QIS وتحليل نتائجها للوقوف على أوضاع السيولة لدى البنوك المصرية ، وقد تم تحديث كلاً من ورقة المناقشة ونماذج الأثر الكمى أخذاً فى الاعتبار التعديلات الأخيرة الصادرة عن لجنة بازل للرقابة المصرفية بشأن نسبة تغطية السيولة LCR تمهيداً لإعداد الضوابط النهائية المتعلقة بها.