حالة من عدم الاستقرار تشهدها أسعار صرف الدولار خلال الأيام الحالية والتى قد تكون هى الأصعب منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير رغم التحسن النسبى فى بعض المؤشرات الاقتصادية للدولة، وإقبالها على انتخابات رئاسية وبرلمانية تحدد ملامح الفترة المقبلة وتعيد بناء مؤسساتها من جديد. أسعار الدولار شهدت عدم استقرار منذ نهاية شهر مارس الماضى واستمرت فى الارتفاع حتى وصلت مكاسبها إلى أكثر من ثمانية قروش فى ستة أسابيع قبل طرح العطاء الاستثنائى، وارتفعت التوقعات بقيام البنك المركزى بطرح عطاء استثنائى لمواجهة الطلبات المرتفعة على العملة وهو ما حدث يوم الأربعاء الماضى. وعلى عكس المتوقع شهدت الأسعار ارتفاعات مفاجأة بقيمة خمسة قروش فى يوم واحد عقب طرح العطاء الاستثنائى زادت إلى ستة قروش تقريبًا بنهاية الأسبوع لتصبح مكاسب الدولار الإجمالية 15 قرشًا تقريبًا منذ نهاية مارس، وهو ما فتح الباب لاحتمالية تدخل البنك المركزى برفع الأسعار لتقليل الفجوة بين سعر السوق الرسمية والموازية وتنفيذ أهداف معينة تتعلق بالسياسات النقدية. كما فتحت تلك الزيادة المفاجأة الباب للعديد من التساؤلات حول تأثير ارتفاع أسعار الدولار على معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى احتمالية تأثيرها على فاتورة الواردات للدولة وارتفاع العجز فى الميزان التجارى، وكذا تأثيرها على المحافظ الائتمانية بالبنوك وحجم محافظ التعثر. الدكتور كمال الجنورى، رئيس الوزراء الأسبق، طالب مؤسسة الرئاسة بمراجعة الواردات بشكل مؤقت بسبب الضغط على الدولار، والذى سيؤدى حتمًا إلى تحميل المواطن الفاتورة النهائية لأسعار السلع وزيادة معدلات التضخم. وأضاف الجنزورى أن مصر استوردت سيارات فقط بنحو 1.5 مليار دولار خلال ستة أشهر وهو ما يتسبب فى نقص بالسيولة الدولارية لدى الدولة، مشددًا على أن خفض الواردات غير الأساسية يوفر للدولة نحو 15 مليار دولار. وقال د.محمود أبو العيون، محافظ البنك المركزى الأسبق، أن الزيادة التى شهدتها أسعار الدولار خلال الفترة الأخيرة مرتبطة كليًا بالعرض والطلب، مستبعدًا أن تكون تلك الارتفاعات بتوجيه من البنك المركزى لخدمة أهدافه المتعلقة بالسياسات النقدية. وفيما بتعلق بتأثير الارتفاعات على القروض الدولارية ومحافظ التعثر بالبنوك قال حمدى عزام، عضو مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية والعمال، أن ارتفاع أسعار العملة الخضراء بالطبع يؤثر على القروض الممنوحة من قبل البنوك بالعملة الدولارية ويعرض البنك والعميل لمخاطر تقلب الأسعار، وهو ما يجعل البنك يضع شروطًا تتعلق بمخاطر تقلب العملة فى العقود المبرمة بينه وبين العميل. وبخصوص محافظ التعثر بالعملة الاجنبية نوه حمدى إلى أن البنوك تتعرض لارتفاع فى قيم تلك المحفاظ نتيجة ارتفاع سعر الدولار وارتفاع معدلات الخطر المتعلق باحتمالية عد السداد ، لافتًا إلى أن البنوك تلجأ لمواجهة تلك المشكلة من خلال تجنيب مخصصات بالعملة الأجنبية لحل المشكلة. فى سياق متصل قال عمرو يوسف، نائب رئيس قطاع الخزانة ببنك بيريوس مصر، أن الارتفاع الذى شهدته العملة الأجنبية رغم ضخ العطاء الاستثنائى بقيمة 1.1 مليار دولار يرجع إلى ارتفاع طلبات الاستيراد القائمة لدى البنوك ما بين سلع أساسية وسلع استفزازية، موضحًا أن البنك المركزى حدد صرف العطاء فى السلع الأساسية الغذائية فقط لتلبية احتياجات شهر رمضان وهو ما جعل ارتفاع الطلب على العملة مستمر وبالتالى ارتفاع سعر الدولار. وأشار يوسف إلى أن البنوك نجحت فى تغطية كافة طلبات استيراد السلع الغذائية الأساسية، لكنها لم تستطع تلبية طلبات الاستيراد الأخرى مثل السلع الاستفزازية والسلع الأساسية الأخرى وهو ما جعل الدولار يرتفع مجددًا. وقال يوسف "لا أعلم إن كان المركزى تدخل مباشرة فى تحديد سعر الدولار لغرض ما يخدم السياسية النقدية المتبعة، لكن الزيادة التى حدثت ترتبط باستمرار الطلب المتزايد على العملة". واستبعد يوسف ارتفاع معدلات التضخم نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار موضحًا أن المستوردين كانوا يلجأون خلال الفترة السابقة للسوق السوداء لتلبية احتياجاتهم من العملة بأسعار تتجاوز ال 7.50 جنيهًا، وبالتالى توفير العملة المطلوبة فى السوق الرسمية مكنهم من الحصول على الدولار بسعر أقل من السوق السوداء وبالتالى فلن يكون له تأثير ملموس على التضخم. وحول مستقبل أسعار الصرف خلال الفترة المقبلة نوه يوسف إلى أن الأمر يتوقف على التطورات السياسية بنسبة كبيرة خلال الفترة المقبلة وإنهاء الانتخابات الرئاسية من جانب، بالإضافة إلى وضع الاحتياطى النقدى الأجنبى والذى تؤثر زيادته أو نقصانه على وضع سوق الصرف وتحرك الأسعار. مؤشرات اقتصادية سعر الدولار فى السوق الرسمية 7.11 جنيهًا للشراء و7.14 جنيهًا للبيع يتراوح السعر فى السوق الموازية ما بين 7.48 و7.50 جنيهًا 5.3 مليار دولار قيمة خمسة عطاءات استثنائية طرحها المركزى خلال عام ونصف 197 عطاء دولارى دورى تم طرحها بقيمة 8.360 مليار دولار منذ نهاية 2012 الدولار يحقق ارتفاعًا بقيمة 15 قرش تقريبًا منذ نهاية مارس حتى الآن 22% انخفاضًا فى قيمة الجنيه أمام الدولار منذ ثورة 25 يناير 17.489 مليار دولار حجم الاحتياطى النقدى الأجنبى بنهاية أبريل الماضى