إذا كانت كل أدوات التكنولوجيا تصل الدول المتقدمة أولًا فإن دول العالم الثالث تكون الأقل حظًا حتى وإن طالبت في البداية باستخدام نفس أنواع التكنولوجيا، وربما كانت اقتصاديات الدول الكبرى هي صاحبة اليد العليا في فرض سياسات بعينها على الشركات الكبرى المتحكمة في الإنترنت على مستوى العالم لتجد الدول الأقل دخلاً نفسها في خارج المعركة تنتظر تطبيق القرارات العليا في المعركة بين الشركات العملاقة والاقتصاديات الكبرى. طالبت عدد من الجهات بمصر وعلى رأسها مجلس الشعب المنحل بحجب المواقع الإباحية عن مصر عدة مرات على مدار العام الماضي، تواصلت مع الكيانات العالمية وطلبت من الجهاز القومي لتنظيم الإتصالات حجب المواقع، ووصل الأمر لمقاضاة الجهاز ولم تصل المفاوضات إلا لطريق مسدود. اليوم قرر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن شركات تزويد خدمات الإنترنت في البلاد ستحجب تصفح المواقع الإباحية بشكل آلي عن معظم الأسر البريطانية، إلا إذا اختارت هذه الأسر تصفحها. ولم تظهر حتى الآن أية أصوات معارضة خاصة "حكومية" في الوقت الذي ترى فيه معظم الهيئات والجهات الحكومية في مصر أنه من الصعب تقنيًا حجب الصفحات السيئة. وفقا لاستطلاع رأى أجرته مجلة "اموال الغد" في وقت سابق على ما يقرب من 50 مستخدم تبين ان 90% من العينة تعترض على القرار الخاص بحجب المواقع الاباحية حيث رات ان القرار يعد رغبة سلطوية فى مراقبة الافراد ومحاسبتهم ووضعهم تحت الوصاية بحجج وهمية ،بالاضافة الى انه سيكون بداية لالغاء الحريات الشخصية وغلق كافة المواقع المعارضة والمدونات بحجة الاخلال بامن الدولة كما يحدث فى السعودية حاليا. فيما وافقت نسبة 10% من العينة على قرار حجب المواقع الاباحية بطريقة علمية سليمة لحماية الابناء من الوصول الىيها حتى وان حاول مدمنوا تلك المواقع الوصول اليها بالطرق المختلفة . وعلى مستوى المملكة المتحدة وبعد قرار كاميرون الذي توقع أن يجد هجومًا بعده أشار إلى أنه لا ينظر إلى الأمر من ناحية الحريات على قدر ما يراه قد يتسبب بشكل أو بآخر في إنتشار العنف الجسدي وحوادث الاغتصاب موضحًا "في نبرة تحدي" أن شركات الإنترنت ومزودي الخدمات يجب أن تستجيب لقرارات رئيس الوزراء. وبعد تشديده على ضرورة حجب الكلمات "المثيرة" حسب تعبيره أشار إلى أن القرارات تخدم مصلحة الأطفال في البداية وتحافظ عليهم من العنف الجسدي ومشاهدة المواقع التى تتضمن محتوً قد يتسبب في أذى نفسي للأطفال على وجه الخصوص. من ناحية أخرى يرى ياسر علي مدير مكافي مصر أن حجب المواقع الاباحية يتيح تأمين مضاعف على شبكات الانترنت من الاختراقات المتوقعة مشيرًا إلى أن اغلب تلك المواقع تستخدم لاغراض اختراق وتجسس على المستخدمين بمناطق معينة. ويضيف أن عدد من شركات الحماية وتأمين الشبكات توفر حلول لحجب تلك المواقع يمكن استخدامها على مستوى شخصى أو تعميمها في الدولة ككل مشددًا على أن الشركات توفر للمملكة العربية السعودية الحلول لحجب المواقع المماثلة على مستوى المملكة بشكل عام. ويختلف معه الرئيس السابق للجهاز القومي لتنظيم الإتصالات الذي يعتقد أن عملية حجب المواقع بالكامل "مستحيلة فنيا" حيث ان كافة اساليب الحجب الكامل يسهل خرقها من جانب المستخدمين باستخدام ابسط برامج الخرق ، مؤكدا ان هناك دول مجاورة انفقت عشرات الملايين لحجب المواقع الاباحية ولكن ظهرت طريقة مبسطة وبرامج مجانية سهلة لاختراق عمليات الحجب ، مؤكدا على ان الحجب بالكامل مستحيل.