اطلعت باهتمام شديد على مقال المستشار الدكتور عبدالله خلف نائب رئيس هيئة قضايا الدولة المنشور بصحيفة الأهرام بتاريخ 26/9/2014 تحت عنوان (هيئة قضايا الدولة.. وحماية حقوق الدولة في الهيئات العامة). ونوجز كلمات مقال سيادته بأن السلطة التنفيذية قبل 25 يناير أفسحت المجال لنهب أموال وممتلكات الدولة من جراء إحلال محامي الإدارات القانونية بالهيئات والبنوك والشركات العامة بالدفاع عن حقوق أموال الدولة بتلك الجهات بدلاً من محامي هيئة قضايا الدولة الذين يتمتعون بالاستقلالية والصفة القضائية. وفي البداية يجب أن نشيد بغيرة المستشار الدكتور عبدالله خلف على الحقوق والأموال العامة بالدولة وهيئة قضايا الدولة التي ينتمي إليها وصاحبة الدور الهام والبارز في مكافحة الفساد والحفاظ على المال العام منذ إنشائها عام 1875م. ولكن دعونا نختلف معه فيما سطره (بأن كل من تبنى تفسيرًا فاسدًا لولاية الإدارات القانونية في الهيئات والبنوك والشركات العامة بزعم أن هذه الإدارات هي بديل هيئة قضايا الدولة في الحفاظ على حقوق هذه الكيانات فهي جريمة في حق الوطن ومدعيًا سيادته أن القانون المنشئ لهذه الإدارات صريح في أنها جهات معاونة وتابعة لرئيس مجلس الإدارة بالنسبة للشركة أو الهيئة التي يترأسها وتربطه بالإدارة القانونية علاقة وكالة من أصيل إلى محام مقيد بنقابة المحامين ومن ثم فإن محامي الإدارة القانونية لا يعبر عن إرادة ذاتية له في القضايا التي يباشرها ولكنه يعبر عن إرادة مجلس الإدارة في حدود التوكيل وفي حدود أعمال الإدارة أما ملكية الشركة ذاتها وأعمال التصرف فيها فهي للدولة والسلطة القضائية وحدها متمثلة في هيئة قضايا الدولة هي صاحبة ولاية الدفاع عن حقوق المجتمع وفي الختام يقول نائب رئيس هيئة قضايا الدولة بمقاله إن القول بأن اختصاص الإدارات القانونية يحجب اختصاص هيئة قضايا الدولة في حماية الحقوق والحريات في مجال عمل الشركة أو الهيئة العامة هو قول يقود إلى نتائج غير دستورية). ونرد على سيادته فيما ذهب إليه من انتقاص لمحامي الإدارات القانونية بالهيئات والشركات العامة عن زملائهم محامي هيئة قضايا الدولة لا أساس له من الصحة ودون سند قانوني سليم وذلك على النحو الآتي ووفقًا للدستور والقانون ومبادئ المحكمة الدستورية العليا وما سطرته هيئة قضايا الدولة بنفسها في هذا الأمر بمذكرات القضايا. أولاً الدستور: نصت المادة (198) منه علي أن (المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وسيادة القانون وكفالة حق الدفاع ويمارسها المحامي مستقلاً وكذلك محامو الهيئات وشركات القطاع العام... الخ). المادة 34 (للملكية العامة حرمة لا يجوز المساس بها وحمايتها واجب وفقًا للقانون). ثانيًا القانون: نصت المادة الثانية من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 علي أن (يعد محاميًا كل من يقيد بجداول المحامين التي ينظمها هذا القانون وفيما عدا المحامين بهيئة قضايا الدولة يحظر استخدام لقب المحامي على غير هؤلاء). والمادة الثالثة أيضًا من قانون المحاماة (يجوز للمحامي أن يمارس مهنة المحاماة في الإدارات القانونية للهيئات العامة والشركات.. الخ). ولعل من الضروري التوضيح والبيان للمختصين وغيرهم بوحدة الاختصاص ووحدة المراكز القانونية لمحامي هيئة قضايا الدولة ومحامي الهيئات والشركات العامة من خلال النص التشريعي الخاص بالاختصاص لهؤلاء وهؤلاء. أولاً: نص المادة الأولى من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن محامي الإدارات القانونية التي تخضع لهم عددًا من الاختصاصات وأولها (المرافعة ومباشرة الدعاوى والمنازعات أمام المحاكم وهيئات التحكيم ولدى الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي ..الخ). ثانيًا: نص المادة السادسة من القانون رقم 10 لسنة 1986 المعدل والخاص بهيئة قضايا الدولة علي أن (تنوب هذه الهيئة عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى كافة المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصًا قضائيًا... الخ). ثالثًا: مبادئ المحكمة الدستورية العليا: المبدأ الأول والصادر بالدعوى رقم 86 لسنة 18 ق دستورية بتاريخ 6/12/1997 (وكان استقلال المحامين في أداء أعمالهم واحتكامهم إلى ضمائرهم وسلطان القانون دون غيرهما ينفي بالضرورة تبعيتهم لجهة عمل تتولى توجيههم وفرض رقابتها عليهم). المبدأ الثاني وأهم المبادئ الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا بنفس الدعوى السالفة (وحيث إنه عملاً بنص المادة الثانية من قانون المحاماة يعد محاميًا كل من يقيد بجداول المحامين التي ينظمها هذا القانون ولا يجوز إطلاق هذه الصفة على غير هؤلاء فيما عدا المحامين بهيئة قضايا الدولة). المبدأ الثالث بالحكم الصادر بالدعوى رقم 6 لسنة 13 ق دستورية بتاريخ 19/5/1992 (وكان من المقرر أن المحامين ورجال القضاء يلعبون معًا دورًا متكاملاً في مجال ضمان إدارة أفضل للعدالة وأنه في مجال مهنة المحاماة فإن الحماية الملائمة لحقوق الأفراد وحرياتهم مناطها أن تزيل الدولة من خلال تنظيماتها التشريعية القيود غير المبررة التي تحول دون النفاذ الفعال إلى الخدمات القانونية التي يقدمها المحامون لمن يطلبونها وكان مبدأ المساواة أمام القانون مؤداه ألا يخل المشرع بالحماية القانونية المتكافئة فيما بين الأشخاص المتماثلة مراكزهم القانونية). وبعد استعراضنا لمبادئ المحكمة الدستورية العليا في هذا الصدد نأتي: خير دليل على أن المركز القانوني لمحامي هيئة قضايا الدولة ومحامي الهيئات العامة واحد وهو ما سطرته هيئة قضايا الدولة بنفسها بمذكرة دفاعها بالدعوى رقم 1822 لسنة 6 ق بمجلس الدولة (أما المحامون العاملون بالإدارات القانونية بالهيئات والمؤسسات العامة وإن كانوا يمارسون ذات اختصاص وإجراءات أعضاء هيئة قضايا الدولة إلا أنهم لم يكتسبوا اختصاصات وسلطات الهيئة القضائية). ونقول لسيادتكم طالما هؤلاء وهؤلاء يمارسون ذات الاختصاص والإجراءات فلماذا لا تطالبون لمحامي الهيئات العامة بالتمتع بالاستقلال والصفة القضائية مثل زملائهم محامي هيئة قضايا الدولة وذلك لصالح الحقوق والأموال العامة. المحامي بالنقض