بعد انتهاء الاستحقاق الثانى من خريطة المستقبل وانتخاب الرئيس الجديد للبلاد، يتبقى الاستحقاق الثالث وهو الانتخابات البرلمانية التى يثار الجدل الشديد بشأنها الآن فيما يتعلق بقانون الانتخابات على وجه التحديد.. فمازال هناك إصرار شديد على أن تجرى بالغلبة للنظام الفردى على حساب القائمة.. وقلت قبل ذلك إن هذا النظام، يعنى الإصرار الشديد على ذبح الأحزاب السياسية، وكلنا يرى حتى كتابة هذه السطور كيف أن الترويج الشديد للأحزاب على أنها ضعيفة وغير مؤهلة، بات حديث المتشيعين للنظام الفردى.. ولو افترضنا جدلاً أن هذه الأحزاب القديمة والحديثة ضعيفة كما يروج أصحاب المصالح الخاصة والمنافع، فلماذا لا نعمل جميعاً على تقويتها وتنشيطها، وهل هناك أهم الآن من تقوية الأحزاب؟! من غير المقبول أو المعقول أن تجرى انتخابات البرلمان بالنظام الفردى أو الغلبة له لأن معنى ذلك، هو المضى قدماً في ذبح الأحزاب السياسية واستمرار للسياسة الخرقاء العقيمة التى مارسها النظام السابق على مدار ثلاثين عاماً عندما كان يتخذ منها ديكوراً فقط لتزيين الحكم... ثم ان الاقدام على إجراء الانتخابات بالفردى يعنى إما تعطيلاً للدستور العظيم الذى أنتجته ثورة 30 يونية، وإما مخالفته، وفى كلتا الحالتين يعد هذا خرقاً شديداً وواضحاً فى خريطة المستقبل التى تحدد مفاهيم بناء الدلة الديمقراطية الجديدة التى نحلم بها جميعاً. نعلم أن هناك جماعات ضغط شديدة، ولوبى قوياً جداً من فلول الحزب الوطنى المنحل ومن على شاكلتهم وهناك من يتفق معهم خاصة الناصريين الذين يريدون العودة بنا الى زمن عفى عليه الزمن.. وتصوروا.. الوطنى والناصريون.. أن الأنسب هو إجراء الانتخابات بالفردى... رجال الوطنى تحركهم المصالح الشخصية والمنفعة الخاصة ورجال الناصرية يحنون الى حكم الفرد الذى ابتليت به البلاد لمدة زمنية ليست بالقليلة لدرجة أن بعضهم سمعته يقول جهاراً نهاراً لابد من حل الأحزاب قاطبة.. أليس هذا مضحكة ومسخرة ونحن فى عام 2014 وبعد ثورتين عظيمتين، وهناك من يحارب الأحزاب ويصر على الترويج لإضعافها، مثلما كان يحدث أيام نظام حكم حسنى مبارك، خلال فترة الفساد الكبرى التى حلت بالبلاد.. ثم إن اختيار نواب البرلمان بالنظام الفردى، يعنى أن السطوة والغلبة ستكون لرأس المال، والذين يمتلكون الأموال يسيطرون بالتالى على مقاعد البرلمان ومن حقهم طبقاً للدستور أن يشكلوا الحكومة ووارد جداً أن نفاجأ بأن رموز الحزب الوطنى عادوا من جديد مرة أخرى.. خاصة لو علمنا أن سلطات الرئيس طبقاً للدستور، ليست مطلقة كما كان سابقاً.. والآن يردد رجال الحزب الوطنى أنهم لن يتراجوا عن الحصول على 70٪ من مقاعد البرلمان فهل هذا يجوز، وهل المصريون يرضون بهذه المسخرة. ثم إن ذلك كله يتعارض مع مبدأ دستورى مهم وهو تداول السلطة وكيف يتحقق ذلك بدون أحزاب أو على الأقل حزبان أوثلاثة أقوياء، حتى ولو قامت الدولة بتنشيط الأحزاب، طالما أننا نسعي الى بناء مصر الكبرى الديمقراطية.. وما دون ذلك فهو هراء فى هراء وكأنك «يا أبوزيد ما غزيت».