يحاول القيادي اليساري حمدين صباحي، العزف على أوتار شعارات ثورة 25 يناير، في محاولته الثانية للوصول لكرسي الرئاسة التي تصطدم بالشعبية الجارفة لقائد الجيش السابق عبدالفتاح السيسي الذي يبدو فوزه شبه محسوم بهذه الانتخابات التي ستجرى الإثنين والثلاثاء المقبلين. خطاب صباحي، المناضل والمعارض المخضرم، يستند إلى شعار "خبز، حرية، العدالة الاجتماعية" المطالب الرئيسية التي نادت بها هذه الثورة عام 2011، لكن بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات السياسية والأمنية بات الشاغل الرئيسي لملايين المصريين هو الاستقرار الذي يرون أن السيسي، رجل البلاد القوي، هو الأقدر على تحقيقه. صباحي يراهن أيضًا على المخاوف من عودة نظام مبارك الاستبدادي مع قمع السلطات الجديدة للأصوات المنتقدة وملاحقة المعارضين التي امتدت لتشمل المعارضة العلمانية. وخلافا لمنافسه، المقيد باعتبارات أمنية، يشارك صباحي بنفسه في مؤتمرات انتخابية يعقدها في مختلف مدن البلاد حيث يلتقي بالناخبين في سرادقات تقام في الشوارع سواء في الدلتا أو في الصعيد. ولطالما أكد صباحي، القيادي اليساري، على أنه يسير على خطى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذي أطاح بالملكية في العام 1952 والذي تخطت شعبيته حدود مصر لتشمل العالم العربي كله من المحيط إلى الخليج مع فكرة القومية العربية. هنا أيضا يصطدم صباحي بالكاريزما القوية لمنافسه قائد الجيش السابق الذي أعلن أبناء عبد الناصر أنفسهم تأييدهم له. لعب صباحي (60 سنة) دورًا بارزًا في الثورة التي أسقطت مبارك بعد اعتصام دام 18 يومًا في ميدان التحرير في 11 فبراير 2011، وحل ثالثا في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2012 والتى فاز فيها الرئيس المعزول محمد مرسي. وبعد أن أصدر مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، إعلانًا دستوريًا يمنح به نفسه سلطات واسعة في نوفمبر 2012، تشكلت ضده جبهة معارضة واسعة كان صباحي أحد قادتها كممثل للتيار الشعبي الذي أسسه في سبتمبر 2012. قادت تلك الجبهة حركة المعارضة لنظام مرسي الذى انتهى الأمر بعزله في 3يوليو الماضي، لكن الفضل في التخلص من هذا النظام الإسلامي لم يذهب لصباحي وإنما للسيسي الذي أعلن بنفسه بيان عزل مرسي ليحظى منذ ذلك الحين بشعبية جارفة مع انتشار صوره واللافتات المؤيدة له في معظم الميادين والشوارع وعلى واجهات المحال عبر البلاد. في مواجهة هذه الشعبية الواسعة يحاول صباحي، صاحب الشعر الأبيض المميز، العزف على أوتار شعارات ثورة يناير مشددًا على أنه هو الذي يجسدها ومطالبًا القوى الثورية والشباب الذين شاركوا في الثورة بالتوحد خلفه لإنجاح أهداف هذه الثورة. يعد صباحي بتحقيق العدالة الاجتماعية ورفع مستوى معيشة المصريين وإن كان من غير الواضح كيف سيتمكن من تحقيق ذلك في ظل الظروف الاقتصادية المتردية التي تشهدها البلاد بسبب الاضطرابات.