تربعت مصر على عرش تلاوة القرآن الكريم بقرائها وعلمها فى التجويد وعلم الوقف والابتداء والقراءات، فالقرآن الكريم هو جزء من الحياة اليومية للإنسان المصرى استماعاً وقراءة، وكل ذلك يؤكد صدق تلك المقولة التى أصبحت كالبصمة وهى التى تقول «إن القرآن نزل فى مكة وطبع فى اسطنبول وقرئ فى مصر» فالقراء المصريون شغلوا - عبر العصور - مكانة كبرى وسط قراء العالم، بل إنهم صاروا أعلاماً لقراء الدول الأخرى، حتى أصبحت أصوات المشايخ الكبار جزءاً مهماً من القوة الناعمة المصرية، ولا شك أن جمال الصوت فى قراءة القرآن الكريم له تأثير فى المستمع يأخذ القلوب والعقول، وقد زخرت مصر المحروسة منذ القرن الماضى بدولة القراء العظام الذين لم يشهد التاريخ مثيلاً لهم، أمثال الشيخ محمد رفعت ومصطفى إسماعيل ومحمود خليل الحصرى ومحمود على البنا وكامل البهتيمى الذين انطلقت أصواتهم عبر أثير إذاعة مصر بأيات الذكر الحكيم إلى العالم قاطبة بقراءات باهرة سطرها التاريخ، وسيظل العالم يستمع لها حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فقد نقشت فى الصدور وطبقت فى العقول، والتصقت بالآذان، حتى أن من يستمع لها لا يمكن أن ينساها، وكان لصعيد مصر نصيب الأسد من القراء المشاهير أمثال الشيخ عبدالباسط عبدالصمد ومحمد صديق المنشاوى وأحمد الرزيقى وأبوالوفا الصعيدى، ومازال الصعيد يبعث بأصوات حسنة ملأت الدنيا شرقاً وغرباً، ومن هذه الأصوات صوت القارئ الشيخ حسن عوض الدشناوى قارئ مسجد السيدة سكينة رضى الله عنها والقارئ الاحتياطى لمسجد السيدة نفيسة بالقاهرة ابن محافظة قنا بصعيد مصر والذى التقته «الوفد» لتستعرض معه مسيرته مع القرآن منذ انطلق من بلدته نحو العالمية عبر أثير إذاعة القرآن الكريم وهذا نص الحوار: لماذا="" عن="" البدايات="" - ولدت عام 1954م بمركز دشنا فى محافظة قنا بصعيد مصر، وأنتمى لعائلة «عوض» بصعايدة دشنا، وقد تعلقت بالقرآن منذ صغر سنى، حيث كنت استمع إلى القرآن فى الراديو بصوت المشايخ الكبار مثل الشيخ عبدالباسط عبدالصمد محمد صديق المنشاوى وقراء الصعيد الكبار، فبدأت أتلو القرآن مند الصغر، وبدأت فى حفظ القرآن على يد سيدنا الشيخ عبدالمطلب عبدالرحيم فى دشنا، وفى هذا الوقت كان لدينا قارئ - رحمه الله - اسمه الشيخ محمود محمدين، كان المشهور فى بلدتنا والبلاد المجاورة حولنا، وبدأت أن أرافقه فى القراءات والمناسبات الدينية، وكان يوجهنا وهناك زميل آخر اسمه الشيخ قاسم أحمد كان معنا، وكنا نحتاج إلى دراسة أحكام التلاوة والتجويد فى هذا الوقت، فذهبت إلى جرجا بمحافظة سوهاج، وأخذت وقتاً قصيراً هناك ثم انتقلت إلى القاهرة، وكان شيخ المقرأة فى مسجد مولانا الإمام الحسين هو الشيخ محمد سليمان أحمد من «شندويل» بمحافظة سوهاج، وقد تلقيت على يديه أحكام التجويد والقراءات، وبعدها التحقت بمعهد قراءات قنا، وحصلت على شهادة إجادة التجويد أول سنتين ثم المرحلة الثانية عالية القراءات، وفى المرحلة الثالثة حصلت على تخصص القراءات، فقد سلكت طريق التعليم الدينى منذ بداياتى. والحمد لله حصلت على شهادة من المعهد بعد إتمام الدراسة فى مراحله المختلفة. ثم عينت بعد ذلك مدرساً للتجويد والقرآن وعلومه فى معهد دشنا الإعدادى الثانوى بنين لفترة كبيرة. وماذا="" عن="" قصة="" التحاقك="" بالإذاعة="" ومن="" أعضاء="" لجنة="" - بعد أن ذاع صيتى فى دشنا والقرى المجاورة ومحافظات الصعيد، بدأ بعض السمعية فى الإلحاح علىّ بأن اتقدم لاختبارات الإذاعة، ولم يكن ذلك فى بالى، حتى كتب لى الطلب للاختبار، فضيلة العلم القرآنى الشيخ أحمد الرزيقى ابن قنا أيضاً - رحمه الله - وفوجئت بتحديد موعد الاختبار أمام اللجنة بالإذاعة، حيث تم اعتمادى فى الإذاعة عام 2000م بعد أن تم تأجيلى أكثر من مرة بسبب المقامات الموسيقية، وكان هناك عدد كبير من الأعضاء فى مقدمتهم الشيخ إبراهيم عطوة والشيخ رزق خليل حبة والشيخ أبوالعينين شعيشع، وكانت اللجنة تتكون من 12 فرداً على الأقل ضمن اثنين من الموسيقيين. وهل="" لابد="" للقارئ="" من="" دراسة="" المقامات="" الموسيقية="" قبل="" التحاقه="" - هذا هو الأفضل، أن يكون القارئ ملما وعلى دراسة بالمقامات الموسيقية، لكن غالبية القراء يعتمدون على الموهبة والسماع بعيداً عن دراسة المقامات الصوتية، وهناك قراء عظام من مشايخنا الكبار لم يدرسوا المقامات الموسيقية، فالقراءة وقتها كانت على الفطرة، لكن اللجنة توجه القراء للصالح، فاللجنة إذا رأت أن القارئ صوته طيب وخامته جيدة يمهلون القارئ (3) أشهر أو (6) أشهر لإعادة الاختبار، حتى يتدرب على الصوت والمقامات الموسيقية، فمن يكون دارساً للمقامات يعرف كيف يبدأ وكيف ينتهى وكيف يتنقل من مقام إلى مقام، ويريح المسامح فى القراءة. ماذا="" عن="" مرحلة="" الانطلاقة="" والشهرة="" بعد="" أن="" التحقت="" - بدأت أتلو القرآن فى الأمسيات والليالى القرآنية والاحتفالات بالمحافظات، وقد سافرت خارج مصر وكانت أول زيارة لى خارج البلاد إلى جزر المالديف فى المحيط الهندى، وهو بلد جميل وكان ذلك عام 2009م وكان رئيسها وقتها الدكتور مأمون عبدالقيوم، وهو رجل أزهرى فى الأساس، عاش فترة فى مصر ودرس فى الأزهر الشريف، كما سافرت إلى استراليا ولندن وإسبانيا وبلجيكا وتركياوالجزائر، بدعوات رسمية ضمن بعثة وزارة الأوقاف لإحياء ليالى شهر رمضان فى هذه البلاد، أما تركيا فكانت بدعوة شخصية وكذلك الجزائر فى الزاوية البلقاوية وكان شيخها محمد بلقايد - رحمه الله - الذى كان رفيق إمام الدعاة إلى الله الشيخ محمد متولى الشعراوى، وكان يديرها ابنه الشيخ عبداللطيف، وكنت أعتقد أنها زاوية صغيرة ظناً منى لما أعرفه عن زاويا مصر ومساحتها الصغيرة، لكن الزاوية فى الجزائر تقع على مساحة (30) فداناً على الأقل، لكن تسمى زاوية وتضم مساجد ومدارس أهلية لتدريس العلوم الشرعية، وهذه الزيارة كانت من أجل السفريات على الإطلاق، كما أننى سافرت إلى الجابون أيضاً. من="" من="" القراء="" الذين="" تعدهم="" قدوة="" - تأثرت فى البداية بالشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ محمد صديق المنشاوى والشيخ أحمد الرزيقى، وهم من أعلام القراء فى صعيد مصر، والشيخ محمود عبدالحكم، والذى كنت أميل إلى حد ما إلى قراءته، وهو من الكرنك، بمحافظة قنا، وكان من القراء الكبار أيضاً، لكننى - الحمد لله - تخلصت من التقليد للمشايخ، وقد قرأت مع معظم هؤلاء القراء فى شبابى فى سن مبكرة. وما="" رأيك="" فى="" ظاهرة="" - لا أحبذ التقليد حتى لو كان القارئ فى بداياته فمن الأولى أن يقرأ بصوته، لكن هناك فى بعض الأحيان تكون هناك أصوات متشابهة بعيداً عن التقليد، أما التقليد فأنا أرفضه ولا أميل له. يغالى="" بعض="" القراء="" فى="" أجورهم="" لإحياء="" الليالى="" والعزاءات="" فما="" - هى مسألة عرض وطلب بين القارئ ومن يطلبه لإحياء هذه الليالى، فمن يقبل بذلك فهو المسئول. هل="" ترى="" أن="" التكنولوجيا="" أصبحت="" عاملاً="" مساعداً="" فى="" انتشار="" - نعم.. بكل تأكيد، فالإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى إلى جانب أثير الإذاعة، كل ذلك يعطى مساحة كبيرة جداً للقارئ للانتشار فى مصر والخارج أيضاً. ما="" تقييمك="" لاهتمام="" الدولة="" المصرية="" بالقراء="" - ممتاز جداً، فنحن نرى طفرة حدثت فى الاهتمام بالقراء وأهل القرآن والمسابقات العالمية والمقارئ التى انتشرت فى المساجد، ونرجو المزيد من ذلك. ما="" رأيك="" فى="" المقارئ="" الإلكترونية="" وهل="" يمكن="" أن="" تحل="" محل="" - هى جيدة، لكنها لا تحل محل الكتاتيب، فالقرآن بالتلقى والسماع، ولابد لمن يحفظ القرآن أن يقرأ على يد شيخ ليصحح له النطق والأحكام، فلابد من الاحتكاك المباشر بين القارئ والمحفظ لتصحيح المخارج وتقويم اللسان، فالكتاتيب هى المصنع الأول لتخريج القراء المهرة بالقرآن. وكيف="" ترى="" حال="" دولة="" التلاوة="" المصرية="" الآن="" خاصة="" أن="" هناك="" من="" يقول="" إنها="" - دولة التلاوة المصرية مازالت بخير، وقد حبا الله مصر بالقرآن والقراء، وإن كانت تمر ببعض المعوقات، لكن الحمد لله نحن الآن نرى طفرة وجهوداً كبيرة من اهتمام الدولة المصرية بدولة التلاوة والقراء فى مصر. من="" أقرب="" المشايخ="" لك="" ممن="" رافقتهم="" فى="" - أغلب القراء، لأننا نلتقى فى مناسبات عديدة معاً داخل وخارج مصر، فقد سافرت إلى جرز المالديف برفقة الشيخ عبدالله طُبل، وقضينا شهر رمضان بالكامل هناك والدكتور أحمد عبدالرحمن الزارع وهو قارئ طبيب فى الإذاعة وحالياً هو فى أمريكا. هل="" سار="" أحد="" أولادك="" على="" نهجك="" فى="" طريق="" - رزقنى الله باثنين من الأبناء مصطفى وأحمد رحمه الله، والذى كان قريباً منى فى الصوت والأداء بالإضافة إلى أنه كان يجيد المديح. أخيراً..="" ما="" الذى="" تتمناه="" على="" المستوى="" - أتمنى أن نكون عند حسن ظن الله بنا، فالقرآن دائماً منهاج حياة ودستور لنا، وأتمنى أن يكون القرآن شفيعاً لنا عند الله سبحانه وتعالي، وأدعو القراء لتقوى الله فهى الأساس فى كل شىء.