محافظ الإسكندرية يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي (صور)    آخر تحديث لسعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري.. وصل لكام؟    «التضامن»: ضم فئات جديدة لمعاش تكافل وكرامة قبل نهاية سبتمبر المقبل    تفاصيل أعلى عائد على شهادات الادخار 2024 في مصر    البيت الأبيض: لا نريد احتلالا إسرائيليا لقطاع غزة    عاجل.. لحظة اغتيال القيادي بحماس شرحبيل السيد في قصف إسرائيلي    إحالة 12 متهما من جماعة الإخوان في تونس إلى القضاء بتهمة التآمر على أمن الدولة    رئيس مجلس الدولة: الانتخابات الحالية بداية جديدة للنادي    كرة يد.. الأهلي 26-25 الزمالك.. القمة الأولى في نهائي الدوري (فيديو)    طقس ال72 ساعة المقبلة.. «الأرصاد» تحذر من 3 ظواهر جوية    التصريح بدفن جثة تلميذ غرق بمياه النيل في سوهاج    شيرين تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: «أستاذ الكوميديا اللي علم الناس الضحك»    أشرف غريب يكتب: أحد العظماء الخمسة وإن اختلف عنهم عادل إمام.. نجم الشباك الأخير    الاستعدادات الأخيرة ل ريم سامي قبل حفل زفافها الليلة (صور)    النيابة تأمر بانتداب المعمل الجنائي لبيان سبب حريق قرية «الحسامدة» في سوهاج    جداول قطارات المصيف من القاهرة للإسكندرية ومرسى مطروح - 12 صورة بمواعيد الرحلات وأرقام القطارت    وزير الاتصالات يبحث مع سفير التشيك تعزيز التعاون بمجالات التحول الرقمي    أوكرانيا تسعى جاهدة لوقف التوغل الروسي فى عمق جبهة خاركيف الجديدة    استمرار تراجع العملة النيجيرية رغم تدخل البنك المركزي    بعد غلق دام عامين.. الحياة تعود من جديد لمتحف كفافيس في الإسكندرية (صور)    طيران الاحتلال يغتال القيادي بحماس في لبنان شرحبيل السيد «أبو عمرو» بقصف مركبة    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    مدير إدارة المستشفيات بالشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى فاقوس    حسام موافي يوضح أعراض الإصابة بانسداد الشريان التاجي    توخيل يؤكد تمسكه بالرحيل عن بايرن ميونخ    "بموافقة السعودية والإمارات".. فيفا قد يتخذ قرارا بتعليق عضوية إسرائيل    بريطانيا تتهم روسيا بتزويد كوريا الشمالية بالنفط مقابل السلاح    4 وحدات للمحطة متوقع تنفيذها في 12 عاما.. انتهاء تركيب المستوى الأول لوعاء الاحتواء الداخلي لمفاعل الوحدة الأولى لمحطة الضبعة النووية    عمر الشناوي حفيد النجم الكبير كمال الشناوي في «واحد من الناس».. الأحد المقبل    عمرو يوسف يحتفل بتحقيق «شقو» 70 مليون جنيه    سوليفان يزور السعودية وإسرائيل بعد تعثر مفاوضات الهدنة في غزة    علماء الأزهر والأوقاف: أعلى الإسلام من شأن النفع العام    تاتيانا بوكان: سعيدة بالتجديد.. وسنقاتل في الموسم المقبل للتتويج بكل البطولات    "بسبب سلوكيات تتعارض مع قيم يوفنتوس".. إقالة أليجري من منصبه    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    الوضع الكارثى بكليات الحقوق    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي    رئيس جهاز دمياط الجديدة يستقبل لجنة تقييم مسابقة أفضل مدينة بالهيئة للعام الحالي    «تقدر في 10 أيام».. موعد مراجعات الثانوية العامة في مطروح    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    مساندة الخطيب تمنح الثقة    أحمد السقا: يوم ما أموت هموت قدام الكاميرا    فريق قسطرة القلب ب«الإسماعيلية الطبي» يحصد المركز الأول في مؤتمر بألمانيا    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا إسرائيليا في إيلات بالطيران المسيّر    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    في اليوم العالمي ل«القاتل الصامت».. من هم الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة به ونصائح للتعامل معه؟    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    إحباط تهريب راكب وزوجته مليون و129 ألف ريال سعودي بمطار برج العرب    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التيارات الإرهابية تجرأت على الإسلام
الدكتور أسامة الأزهرى مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية
نشر في الوفد يوم 13 - 10 - 2021

تعدد موارد صناعة التطرف إشكالية كبيرة تواجه العلماء والمسئولين
كتاب «ظلال القرآن» منجم سموم تكفيرى واعتداء على الوحى
مصطلح «الولاء والبراء» يستهدف غسل العقول ونسف فكرة الوطن
لابد من إصدار تشريع لتحديد الجهات الخاصة بالفتوى
«السوشيال ميديا» الميدان الأول لتصحيح الوعى ويجب السباحة فيها بمهارة
عملية تنقيح التراث تحتاج إلى قراءة واعية وحوار علمى بين كافة الأطراف
الدكتور أسامة الأزهرى مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية أحد الدعاة المستنيرين فى سماء الدعوة الإسلامية وأبرز العاملين على نشر الفهم المستمد من التراث ومفاتيحه ليحتوى الواقع المعاصر من خلال خطبه ومحاضراته فى مختلف المحافل ودروسه.
ولد الدكتور أسامة الأزهرى فى الإسكندرية عام 1976 ونشأ فى سوهاج بصعيد مصر، حصل على الإجازة العالية «الليسانس» من كلية أصول الدين بالأزهر الشريف 1999 ثم الماجستير فى الحديث الشريف وعلومه عام 2005 وحصل على شهادة العالمية «الدكتوراه» من كلية أصول الدين بمرتبة الشرف الأولى مع التوصية بطبع الرسالة.
عمل معيدًا بقسم الحديث فى أصول الدين بأسيوط 2000 ثم مدرسًا مساعدًا بالكلية ذاتها عام 2005، ودرس العديد من العلوم الشرعية على عدد من العلماء الكبار المتخصصين فى علوم الحديث والتفسير وأصول الفقه والمنطق والنحو والعقيدة وغيرها، حتى حصل على الإجازة من أكثر من ثلاثمائة من العلماء أصحاب الإسناد من أقطار إسلامية مختلفة من أكابر علماء الشام واليمن والمغرب العربى.
«الأزهرى» عالم موسوعى رغم صغر سنه، حيث استطاع أن يتبوأ مكانة مرموقة بين كبار علماء الأمة لما يتمتع به من علمٍ واسعٍ وغزيرٍ، فقد أعاد إلى الأذهان صورة العالم المسلم الذى استطاع تقريب العلوم للأذهان بغير إخلال.
كرّس «الأزهرى» الكثير من جهده وفكره وكتاباته لإحياء فكرة «الإسناد» بكل ما تشتمل عليه هذه الفكرة من وظائف علمية متعددة الوجوه، من حيث تصحيح نقل المصادر وتوريث مناهج الفهم وتلقى الخبرات والمهارات والمفاتيح العلمية وتوريث الأخلاق والآداب الشريفة، كما نادى بعدد من الأفكار الجديدة، ويعمل على إحياء أفكار ونظريات إسلامية أصيلة يروج لها عبر مؤلفاته ومقالاته ومشاركته العلمية فى المؤتمرات الدولية.
كتب العديد من المؤلفات التى أثرت المكتبة الإسلامية فى مقدمتها موسوعة «جمهرة أعلام الأزهر الشريف» وكتاب «الحق المبين فى الرد على من تلاعب بالدين».
«الوفد» التقت فضيلة الدكتور أسامة الأزهرى مستشار رئيس الجمهورية وهذا نص الحوار:
بداية.. كيف أسهم الفكر الإخوانى فى تحول الشباب للتطرف والإرهاب؟
- الإرهاب والتيارات الإرهابية المختلفة تجرأت على الدين الإسلامى بتغيير ما هو مختلف عليه من مصطلحات مثل «الإمامة» التى تبنتها جماعة الإخوان الإرهابية منذ تأسيسها على يد حسن البنا، وتصديرها بوصفها الشكل الوحيد لإدارة آليات الدولة وربطها بأصول الدين، واستقرت التيارات الإرهابية على مصطلحات مثل (الحاكمية والتكفير) التى تبناها مؤسسو جماعة الإخوان الإرهابية وامتدادها إلى «انقطاع الدين عن الوجود» حتى بلغت تلك الأفكار إلى نشأة تنظيم داعش الإرهابى، كما أن مصطلح «الولاء والبراء» الذى تستغله الجماعات الإرهابية والمتطرفة، لبثه فى نفوس الشباب من خلال غسيل عقولهم لنسف فكرة الوطن وسرقة العقول للإقدام على الأعمال الإرهابية ضد المجتمع والأسرة ودور العبادة.
وكتاب «فى ظلال القرآن» لسيد قطب 6 مجلدات، 4500 صفحة، منها 300 صفحة كلها سموم تدور فكرتها حول فهم مغلوط فسره لنفسه فى قوله تعالى «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون»، فتولدت عنده نظرية الحاكمية التى انتقلت إلى التكفير، ثم بدأ يتنقل من التكفير إلى الجاهلية ثم إلى التمكين، والتى تكون من مجموعها نظرية متكاملة داخل عقل التيارات التكفيرية».
البعض يقول إن التطرف الذى نشهده الآن وفى العقود الماضية استقى فكره ومعلوماته من كتب وفتاوى ابن تيمية فما أهم إشكالية تواجه العلماء فى هذا الصدد؟
- هناك إشكالية تواجه العلماء والمسئولين، وهى تعدد موارد صنع التطرف، وأن التيارات المتطرفة عمدت إلى قراءة الوحى قراءة مغلوطة، عند انتزاع نص من القرآن الكريم، بخلاف وجود حالة من الالتباس تواجه البعض، وفى حالة تركها هكذا سيتحول إلى صاحب عقلية متطرفة، وأن أهل العلم يسعون للتفريق بين موارد صانعة للتطرف أو تكفيرية أو قاتلة، كظلال القرآن وغيره من المؤلفات التى تنحو نفس المسيرة، لذلك فإن كتاب «الحق المبين فى الرد على من تلاعب بالدين» يرصد المنبع الذى استقى منه أصحاب التيارات التكفيرية فكرهم وتطرفهم، ولا يتحدث عن كل موارد التطرف، كما أن إهدارعلم أصول الفقه أدى إلى تبديع كل شيء، ولو أن متطرفًا وضع يده على علم أصول الفقه لتبين له أن كل ما يدعى أنه بدعة له أصله الشرعى، كما أن علم أصول الفقه محطة مهمة فى محاربة التكفير والتطرف.
ما الفكرة الأساسية التى قامت عليها بقية مفاهيم التيارات الإسلامية؟
- الفكرة المحورية التى تأسست عليها بقية مفاهيم التيارات الإسلامية هى فكرة الحاكمية، وهى الجذر الذى نهضت على أساسه منظومتهم الفكرية بكل مقولاتها، ومفاهيمها، وفروعها، ومنها تولدت بقية مفاهيمهم انبثقت منها فكرة: شرك الحاكمية وتوحيد الحاكمية عند سيد قطب وأخيه محمد قطب، وتولدت من ذلك فكرة العصبة المؤمنة، وفكرة الوعد الإلهى لهذه العصبة المؤمنة، وفكرة الجاهلية، التى هى حالة بقية المسلمين، وفكرة المفاصلة والتمايز الشعورى بين الفئتين، وفكرة الاستعلاء من العصبة المؤمنة على الجاهلية وأهلها، وفكرة حتمية الصدام بين الفئتين عند سيد قطب لإقامة الخلافة، وفكرة التمكين، إلى آخر شجرة المفاهيم التى نتجت من قضية الحاكمية، والتى تتكون من مجموعها نظرية متكاملة داخل عقل تلك التيارات.
و(ظلال القرآن) لسيد قطب هو المدونة الأساسية التى ترتكز عليها، وتنبثق منها كل تلك التيارات التكفيرية، مما يحتم وضعه تحت المجهر، وقيام عمل علمى نقدى دقيق، يعتصر الكتاب، ويلخص مقولاته، ونظرياته الأساسية، وعباراته المفتاحية، ويستخلص من بين أجزائه وصفحاته المطولة.
والميدان الحقيقى الحالى للمعركة مع التطرف والإلحاد والإرهاب هو على مواقع التواصل الاجتماعى، وهى معركة طويلة وحقيقية، لمنع أبنائنا من الوقوع فى براثن الأفكار المتطرفة، وأن مدرسة أهل السنة والجماعة لا تقف أمام ذلك الفكر المتطرف إلا من خلال العمل الهائل على مواقع التواصل الاجتماعى، باستخدام شباب مؤهلين علميًا، راصدة لكل عنف، ولابد من هبّة جماعية ومجهود ذهنى وعلمى، ونشر، والحث على تعلم أصول الفقه،
لغلق كافة أبواب التبديع.
البعض يرى أن محاولات التجديد ومبادرات تفكيك الفكر التكفيرى مازالت عشوائية ولم تحقق الأثر المرجو منها على أرض الواقع فما ردك؟
- نثمن ونقدر جهود المؤسسات الدينية لكن ما زال هناك فراغ، هناك ملفات لا تزال فى حاجة إلى عمل كبير، فهناك مستوى من التجديد يكاد يشبه عمل رجل الإطفاء، فكل يوم يخرج علينا تيار من التيارات المتطرفة بكارثة من الكوارث التى تحتاج إلى ملاحقة شديدة للرد والتفنيد، وأغلب الجهود المبذولة من المؤسسات إلى الآن فى هذا الطور.
وبعد مرحلة ملاحقة الكوارث الفكرية التى تثيرها التيارات المتطرفة وتفنيدها يأتى مستوى آخر فى إعادة صناعة الفقه الملائم لهذا الزمن، الذى يملأ العقول مناعة من الفكر المتطرف، ثم يأتى المستوى الثالث، الذى لم يتم التطرق إليه حتى الآن، وهو إعادة صناعة النموذج المعرفى للمسلمين وإعادة صناعة الطرح الدينى والفكرى والعقلى.
ونحن كمسلمين توقفنا عن تجديد نموذجنا المعرفى منذ 4 قرون من الزمان، والنموذج المعرفى هو النظرية الكلية التى ينظر بها الإنسان إلى الكون وإلى الحياة وإلى الدين وإلى تعامله مع الحضارات بالأطر الكبرى.
ومازالت التيارات المتطرفة تجرى بسرعة، ومازالت تحتل مساحة هائلة على السوشيال ميديا لم تتوقف بعد عن محاولات اختطاف العقول، لم تتوقف بعد عن تصدير المفاهيم المغلوطة أكثر فى مختلف أنحاء العالم، ولذلك نحن نقدر الجهود المبذولة، لكن ندعو إلى مضاعفة هذه الجهود وإلى تبنى استراتيجيات ورؤى جديدة تدرك وتستوعب المداخل التى تنتهجها تيارات التطرف فى محاولة اختطاف العقول وهدم الأوطان، فتعليقى على هذه القضية يقوم على تثمين الجهود المبذولة على أرض الواقع، لكن الإشارة الملحة إلى أن الفجوة مازالت أوسع من الجهود المبذولة.
إحياء التراث والثقافة الإسلامية قضية مهمة.. كيف يمكن ذلك، وما السبيل نحو أمة إسلامية موحدة؟
- يجب أن نتعامل مع التراث على أنه توجد (4) مناهج، هناك منهج القبول المطلق بكل ما هو مدون بالتراث، وهذا خطأ، لأن التراث اشتمل على مناهج علمية رصينة ومهمة واشتمل على معالجات ناسبت ظروف زمانها، فمضى عليها الزمن ولم تعد صالحة لزمن آخر، ولو أننا قبلنا بكل ما هو مدون بالتراث سنستفيد بمنهجية علمية رصينة.
ولكن مع معالجات زمنية لم تعد مهمة لزمننا، أما الرفض المطلق، فهو الذى يجعلنا نتلافى مسائل متعلقة بزمن مضى ونهدر بجانبها مسائل علمية رصينة، فالقبول المطلق والرفض المطلق غير مقبولين، والمنهج الثالث يحاول أن يدرك أن هناك خطأ فى القبول المطلق وخطأ فى الرفض المطلق، فيتحول إلى حالة الانتقاء العشوائى وهذا خطأ آخر، ويبقى المنهج الأخير الذى يحتاج إلى ورش عمل وإلى صناعة عملية متقنة للانتقاء الواعى.
لا بد أن نؤكد أن عملية قراءة التراث وتنقيحه لا تتوقف على أفراد أو جهات أو مؤسسات، بل متوقفة على معيار ومنهج، والمنهج يكون من خلال حوار علمى غير نابع من نفوس محتقنة أو حالات ثأرية يحاول كل طرف فيها أن ينتقم من الآخر ويلحق الإهانة بالآخر، وغير نابع من حالة متعجلة أو قراءة غير واعية.
بل ينبغى أن تكون قراءة عن منهج علمى يمكن أن تقوم به الجامعات والأكاديميات والباحثون فى الدراسات العليا والماجستير والدكتوراه فيمكن أن تتحول مشروعات كتابة الماجستير والدكتوراه إلى هذه القراءة النقدية وفق المعايير الأساسية المعمول بها فى كل جامعات العالم فى المجالات المختلفة.
فى عام 2015 أصدرت كتابك «الحق المبين فى الرد على من تلاعب بالدين» فما أهم الأفكار التى تناولتها فيه وما الهدف منه؟
- الكتاب مشروع علمى أزهرى مؤصل، يستعرض على مائدة البحث العلمى والتحرير المعرفى الدقيق خلاصة المقولات والنظريات والأفكار التى بنى عليها فكر التيارات السياسية المنتسبة للإسلام فى الثمانين عامًا الماضية قيامًا بواجب البيان للناس وصيانة للقرآن الكريم من أن تلتصق به الأفهام الحائرة والمفاهيم المظلمة المغلوطة.
وغزا الكتاب العالم شرقًا وغربًا حتى وصل عدد طباعته إلى 13 لغة أجنبية مختلفة وفيه تفنيد وحصر مقولات الجماعات المتطرفة وضبطها وتلخيصها واعتصارها ومواجهتها بالحجة والبراهين.
وفكرة كتاب الحق المبين، ليست استعداء مقابل استعداء، ولا علاقة له بشخص الكاتب فهو بين يدى ربه، ولكن كاتب الظلال يعد المنجم التكفيرى الذى لابد من مواجهته، وفضح ما فيه من أخطاء واعتداء على الوحى، حتى لا يخرج علينا دواعش أخرى.
حصلت على جائزة الإمام الليث بن سعد.. فما أهم الخطوط العريضة التى أردت طرحها من خلالها؟
- شرفنى مركز القاهرة للدراسات الاستراتيجية بأن رشحنى للفوز بجائزة الإمام الليث بن سعد العالمية، وتم عقد ندوة لمنحى درع هذه الجائزة، وقد حضرها كوكبة من المسئولين والإعلاميين والبرلمانيين ومشايخنا الكرام وكان على رأسهم فضيلة الدكتور على جمعة وفضيلة الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية.
والإمام الليث بن سعد هو فقيه مصرى، عاش فى القرن الثالث الهجرى، توفى عام 75 ه، وكان حالةً مصرية فريدة، ونموذجًا نستطيع أن نقول بعمق إنه الإمام العالم الفقيه الصانع للحضارة، ويمكن تلخيص شخصيته وحياته فى 4 كلمات: العلم، الثراء البالغ المتدفق على المجتمع لسد احتياجات الناس، الثقة عند كل أرباب الدولة فى مصر أو مركز الخلافة فى بغداد آنذاك، والعمران، حيث برزت كلمة العمران فى فقه ومؤلفات الإمام الليث بن سعد.
موسوعة «جمهرة أعلام الأزهر الشريف».. ماذا عن أهم الأفكار التى أردت عرضها؟
- الموسوعة هدية منى إلى
الأزهر الشريف، وإلى مصر العظيمة، وإلى كل أزهرى عظيم كان نموذجًا مشرفًا لدينه ووطنه.
وعلى مدى ست عشرة سنة صُنع وتبلور ونضج هذا الكتاب، عشر سنوات منها كانت جمعًا للمادة العلمية، وست سنوات كانت عكوفًا وانقطاعًا وانكبابًا على التنفيذ والتدوين والتحرير والصياغة.
يتضمن الكتاب عشرات ومئات وألوفًا من الشخصيات الأزهرية، من المصريين وغير المصريين، ممن وفدوا إلى المعهد العريق المعمور، فنهلوا من العلم، واستنارت عقولهم به، ورجعوا إلى بلادهم شاهدين لمصر بالعظمة والسبق العلمى، فصاروا فى بلادهم دعاة علم وتمدن، يطفئون نيران الحروب، ويعمرون مدارس العلم ومعاهده. ويشمل الكتاب عددًا من الأزهريين الذين تقلدوا أرفع المناصب والرتب، مثل هوارى بومدين رئيس الجزائر الشقيقة، إضافة إلى من تقلد الوزارة أو القضاء أو الإفتاء أو التدريس أو الكتابة أو غير ذلك من الحرف والمهن التى تولوها، فلمس الناس منهم الحكمة والعلم والأخلاق وعمق التدين المبرور الهادى المتخلق بالأخلاق المحمدية المشرفة.
والكتاب نداء إلى الأجيال القادمة كى يكونوا على هذا المنوال الذى صنع حسن العطار، والأمير الكبير، واللقانى، والباجورى، ورفاعة الطهطاوى، والشمس الأنبابى، والصبان، والملوى، وعليش، والخضرى، وبخيت المطيعى، ومحمد عبده، والمراغى، والدجوى، ومحمد عبدالله دراز، والشعراوى، وعبدالحليم محمود، وصالح الجعفرى، وصالح شرف، والألوف من الرموز الحكيمة.
وأخيرًا أعتبر موسوعة «الجمهرة» بمثابة توثيق ودراسة لتراجم علماء الأزهر فى القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين، مرتبين على سنوات الوفيات، من وفيات سنة 1300 هجرية الموافق 1882 ميلادية، إلى وفيات العام الهجرى الماضى 1439ه.
كما أنها تناولت المنهج الأزهرى، وذلك ببيان ماهيته وأصوله ومكوناته ومعالمه وغايته والفرق بين المنهج الأزهرى وبين الكتب والمقررات الدراسية، وبيان سمات وخصائص الشخصية الأزهرية، ومن هو الأزهرى بالمعنى المطابق.
كيف نواجه فوضى الفتاوى.. وهل يمكن سن تشريعات تحدد المواصفات والمعايير الواجب توافرها فيمن يتصدى للإفتاء؟
- المستفتى عليه أمانة فى عنقه، وهى اللجوء إلى أهل الاختصاص الدقيق للتحرى فى هذه المسألة، وهنا يأتى دور المفتى للاجتهاد وبذل ما عليه من جهد فى فهم الواقع وفهم النص الشرعى وتنزيل هذا النص إلى هذا الواقع المتغير.
ولا بد من تقنين وتشريع يحدد الجهات المصرح لها بالفتوى، وقد ناقش البرلمان السابق مشاريع قوانين فى هذا الصدد، إلا أنها لم تخرج إلى النور لسبب لا أعلمه، إلا أننى أثق فى اللجنة الدينية حاليًا فى البرلمان، برئاسة العالم الجليل مولانا الشيخ على جمعة فى سرعة إنجاز ذلك، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لابد لدار الإفتاء المصرية من افتتاح فروع لها فى مناطق متعددة على مستوى الجمهورية لتملأ الفراغ، ثم من ناحية ثالثة لا بد لدار الإفتاء المصرية من نشاط زائد فوق نشاطها الذى نقدره فى عالم السوشيال ميديا، ثم أخيرًا لا بد من بناء وعى لدى الإنسان المصرى بحيث يعرف المصادر الموثوقة والمؤتمنة، التى يرجع إليها فى الفتوى.
هاجم مفتى إثيوبيا الحاج عمر إدريس شيخ الأزهر بشأن دفاعه المشروع عن حق مصر والسودان فى مياه النيل، معتبرًا أن الإمام الأكبر تجاهل حقوق الشعب الإثيوبى وأن هذا ليس عدلًا فما ردك؟
- أقول له مضى زمن النجاشى الذى لا يظلم عنده أحد، وجاء زمن تظلم فيه إثيوبيا مائة مليون نفس فى مصر، وأربعين مليونًا فى السودان، ومن اعتدى على حقنا فلا يلومن إلا نفسه.
إن عدد المسلمين فى إثيوبيا 33% وإذا لم يتخذ فضيلة مفتى إثيوبيا هذا الموقف فقد يقع ضرر عظيم على كل شريحة المسلمين فى إثيوبيا، فنحن جميعًا كمصريين نعذره فى موقفه، ولكن تعليقى هنا لتحصين عقول المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها من مغالطة قد تشوش العقول، حيث إن فضيلة المفتى الإثيوبى يقول إن إثيوبيا لها حق الانتفاع بمياه النيل دون ضرر لدول حوض النيل، فكيف إذا صار الضرر الواقع على مصر والسودان قطعيًا وظاهرًا وواضحًا وساطعًا، وأنه ضرر يؤدى إلى هلاك الملايين منا، والأنهار ملكية عامة تشترك فى منفعتها كل الدول التى يمر النهر الخالد بأراضيها.
ولا يحق لأى طرف أن يستحوذ ويستأثر ولا يبالى لهلاك غيره ممن يشاركه الموارد وله فيها نفس الحق.
ما رأيك فى القوافل الدعوية التى يطلقها الأزهر والأوقاف لمواجهة الفكر المتطرف؟
- نعم فى غاية الأهمية ونحتاج المزيد، والمطلوب من رجال الأزهر والأوقاف أن يكونوا على قدر الحدث والتحدى، ببناء أنفسهم علميًا ومعرفيًا بناءً محكمًا يفتح أبصارهم وبصائرهم على فهم الشريعة والواقع معًا، والمطلوب منهم الجرأة والجسارة فى مواجهة التحديات، والمطلوب منهم الانطلاق إلى المجتمع المصرى لتحصينه فى كل شرائحه الاجتماعية ومستوياته التعليمية من محاولات اختطاف الوعى والعقول التى تقوم بها بقايا تيارات التطرف ممثلة فيمن يدعون أنفسهم رجال دين وعلم، ثم عند ظهور الخطر ومواجهتهم يقولون (هذه اجتهادات شخصية ونحن لسنا علماء).. فى تقديرى أن هذا من أخطر التحديات التى يجب على علماء الأزهر والأوقاف سرعة مواجهتها، إنها مشكلة فراغ نابع من غياب رجال الأزهر، فتسلل إليه دعاة التطرف.
نعيش نوعًا حديثًا من الحروب وهى حروب الجيل الرابع التى تتمثل فى إطلاق الشائعات التى تنتشر عن طريق السوشيال ميديا كيف ننقذ الوطن من خطورة هذه الحروب؟
- من التحديات الكبيرة أمام علماء الشريعة من أبناء الأزهر أن يتمكنوا من اقتحام عالم السوشيال ميديا، لأنها الميدان الأول لتزوير الوعى، وتزييف الحقيقة، وتوجيه الرأى العام إلى اتجاه التشكيك والشائعات، كما أن السوشيال ميديا يمكن أن تكون الميدان الأول أيضاً لتصحيح الوعى وصناعته، لكن هذا يقتضى تدريبًا رفيعًا واهتمامًا ذاتيًا من علماء الشريعة بهذا المجال، وإلمامًا منهم بمفاتيح هذا العالم الافتراضى، ليتمكنوا من السباحة فيه بمهارة والاقتدار على تحويله إلى أداة بناء لا أداة هدم.
ماذا عن تصوركم لشكل الخطاب الإسلامى الذى يجمع بين مقاصد الشريعة ويحقق مصالح العباد؟
- نريد خطابًا يعتمد على رصد القضايا ذات الأولوية، فى بناء الإنسان وثقافته ووعيه، وتحصينه من كل صور الانحراف والتطرف، وتبصيره بمقاصد الشريعة من حفظ النفس والمال والعقل والدين والعرض، وبناء منظومة الأخلاق، وصناعة الحضارة، وحفظ الأوطان والسعى فى رفعة شأنها، إضافة إلى رصد كل الإشكاليات التى تمثل تهديدًا لنا، كالإرهاب والتطرف، والإهمال والتسيب، والاكتئاب، والعدوانية، والإدمان، والإلحاد، وعدم إتقان العمل، والفساد، والتحرش، وتراجع منظومة الأخلاق، ثم الانطلاق إلى منظومة القيم الدافعة للنهوض، كالأمل والثقة والتحدى والإنجاز والعلم والإتقان.
أخيرًا.. ما تقييم فضيلتكم لمبادرة الدولة فى وضع استراتيجية لحقوق الإنسان؟
- استراتيجية الدولة فى هذا المجال قائمة على رؤية ثاقبة للرئيس أعلنها منذ عدة سنوات فى بداية الولاية الثانية له حينما أطلق شعار «بناء الإنسان»، وكانت قضية بناء الإنسان هى الشغل الشاغل للدولة المصرية التى وجه الرئيس كل مؤسسات الدولة أن تنطلق فى اتجاهها، وأن تعمل على بناء الإنسان، وطبعًا بناء الإنسان عملية شديدة التركيب، ونستطيع أن نقول إنها صناعة ثقيلة تتضافر عليها كافة مؤسسات الدولة، وتأتى مثلًا مبادرة «حياة كريمة» فى القلب من هذه الاستراتيجية، وكان لى الشرف أن تم اختيارى أحد سفراء مبادرة «حياة كريمة»، كما أعلن عند إطلاق المبادرة قبل شهر والنصف تقريبًا، فالمبادرة تهدف مثلًا إلى تدشين ميزانية تبلغ 700 مليار جنيه مصرى من أجل العناية بالقرية المصرية من حيث المدارس، الطرق، الكبارى، الجسور، الصرف الصحى، المياه النظيفة، وكل هذا عمل دؤوب من الدولة المصرية على الرعاية المتكاملة لحقوق الإنسان فى مختلف شرائح الإنسان المصرى، ثم تأتى بعد ذلك مرحلة التعليم التى تبذل الدولة فيها جهودًا كبيرة خلال السنوات الماضية، ثم تأتى بعد ذلك إجراءات متتالية تبرز أن بالفعل قضية بناء الإنسان وكفالة حقوق الإنسان تحتل حيزًا عظيمًا فى رؤية الدولة المصرية يليق بمكانة الإنسان المصرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.