أبناء سيناء: الإرهاب أوقف الحياة وشهدائنا مع الشرطة والجيش طهروها بدمائهم    4 أيام متواصلة.. موعد إجازة شم النسيم وعيد العمال للقطاعين العام والخاص والبنوك    بعد ارتفاعها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي 2024 وغرامات التأخير    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 3 مايو 2024 في البنوك بعد تثبيت سعر الفائدة الأمريكي    رسميًّا.. موعد صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    إسرائيل تؤكد مقتل أحد الرهائن المحتجزين في غزة    فلسطين.. وصول إصابات إلى مستشفى الكويت جراء استهداف الاحتلال منزل بحي تل السلطان    إبراهيم سعيد يهاجم عبد الله السعيد: نسي الكورة ووجوده زي عدمه في الزمالك    أحمد شوبير منفعلا: «اللي بيحصل مع الأهلي شيء عجيب ومريب»    الأرصاد تكشف أهم الظواهر المتوقعة على جميع أنحاء الجمهورية    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    جناح ضيف الشرف يناقش إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية بمعرض أبو ظبي    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    فريق علمي يعيد إحياء وجه ورأس امرأة ماتت منذ 75 ألف سنة (صور)    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    جمال علام يكشف حقيقة الخلافات مع علاء نبيل    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    إسرائيل: تغييرات في قيادات الجيش.. ورئيس جديد للاستخبارات العسكرية    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    موعد جنازة «عروس كفر الشيخ» ضحية انقلاب سيارة زفافها في البحيرة    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    طبيب الزمالك: شلبي والزناري لن يلحقا بذهاب نهائي الكونفدرالية    رسائل تهنئة شم النسيم 2024    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    حسام موافي يكشف سبب الهجوم عليه: أنا حزين    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    سفير الكويت بالقاهرة: رؤانا متطابقة مع مصر تجاه الأزمات والأحداث الإقليمية والدولية    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الإنارة جنوب مدينة غزة    د.حماد عبدالله يكتب: حلمنا... قانون عادل للاستشارات الهندسية    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    بسبب ماس كهربائي.. إخماد حريق في سيارة ميكروباص ب بني سويف (صور)    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    فوز مثير لفيورنتينا على كلوب بروج في نصف نهائي دوري المؤتمر الأوروبي    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    تركيا تفرض حظرًا تجاريًا على إسرائيل وتعلن وقف حركة الصادرات والواردات    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محافظات الفتنة:10‮‬ملايين مواطن تحت نيران التطرف فى الصعيد
نشر في الوفد يوم 27 - 04 - 2011

إبراهيم شعبان-محمد عبداللطيف-حسام السويفي-عزة الفشني
ليست هناك أسباب طبيعية أو كونية تقف وراء بقاء‮ »‬الصعيد‮« معقلاً‮ للفتنة الطائفية علي مدي‮ 30‮ سنة كاملة في مصر‮. لكن بالطبع هناك أسبابا سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية وسلفية وجنسية وإرهابية‮! هي التي تعمل علي استمرار هذا الملف مفتوحًا كل هذه السنوات وخصوصًا في محافظات بعينها‮.. قنا وأسيوط والمنيا بما جعلها مسرحًا دائمًا لعمليات احتقان وتوتر طائفي،‮ وليس حادث‮ »‬أبوقرقاص‮« الأخير في المنيا،‮ وعملية الاحتجاج الواسعة علي مدي أسبوعين في‮ »‬قنا‮« اعتراضًا علي تعيين محافظ قبطي جديد هو اللواء‮ »‬عماد ميخائيل‮« بعد قبطي سابق هو اللواء‮ »‬مجدي أيوب‮« إلا مؤشرًا خطيرًا لحالة من الفتنة ليست نائمة كما يشاع،‮ ولكنها يقظة وجاهزة للاندلاع والاشتعال وهو ما ظهر جليا بعد ثورة‮ 25‮ يناير في حوداث متفرقة مثل قطع أذن قبطي اتهموه بتسهيله الدعارة لامرأة مسلمة ومظاهرات حاشدة للسلفيين للافراج عن وفاء وكاميليا الاسيرتين في أديرة الكنيسة وخرجت من الصعيد لتهدم كنيسة أطفيح بحلوان‮.. كل هذا بعد الثورة سبقتها علي مدي السنوات الماضية مجزرة نجع حمادي يوم عيد الميلاد سنة‮ 2010‮ وقبلها وبعدها عشرات الجرائم الطائفية الكبري التي وصلت إلي نحو‮ 165‮ حادثا طائفيا كبيرا وعشرات الحوادث الصغيرة‮.. فماذا يجري في الصعيد؟
‮- الحاصل أن المتتبع لحوادث الفتنة وخصوصًا في محافظات‮ »‬قنا‮ - أسيوط‮ - المنيا‮« سيشعر بالحزن عند النظر في هذا الملف وتبعاته،‮ ويكفيه أن يعدد أسماء المراكز الكبري في هذه المحافظات الثلاث ليتذكر حادثًا طائفيا علي الفور مرتبطا باسم المركز فهناك حادثة ديروط والقوصية ومنفلوط ونجع حمادي وفرشوط،‮ ودشنا وبني مزار،‮ ومغاغة وسمالوط،‮ وديرمواس،‮ والمنيا وأبوقرقاص كل مركز عنوان بحادث طائفي إما بسبب نزاع علي قطعة أرض،‮ أو الصراع علي بناء كنيسة هنا أو هناك أو قصة عاطفية بين شاب مسلم وفتاة مسيحية‮!!‬
وهذا بالطبع يعود إلي مشاكل لا يريد أحد علاجها كمسألة البناء الطائفي في هذه المحافظات الثلاث،‮ وبالطبع الفتنة ليست قاصرة عليهم لكنهم في صدارتها‮ - لمئات من المساجد وعشرات من الكنائس والهدف هو البناء والبناء فقط لزيادة العدد إضفاء طابع ديني وطائفي وكأنها مباراة يحشد الجميع صفوفهم ليربحوها ويصبح‮ 10‮ ملايين مصري مهددين بنيران الفتنة في هذه المحافظات الثلاث حال اندلاع أي حادث،‮ أو توتر طائفي‮.‬
تحالف النظام مع الكنيسة
يري المفكر المسيحي‮ »‬جمال أسعد‮« - عضو مجلس الشعب السابق‮ - أن المناخ الطائفي يسود الوطن بكامله وليس محافظات قنا وأسيوط والمنيا فقط،‮ فالتوتر الديني يتم تكريسه داخل النفوس سواء بشكل ظاهري أو باطني وعندما تحدث مشكلة يتفجر ما بالداخل بين هؤلاء وأولئك،‮ وثورة‮ 25‮ يناير لم تلغ‮ التناقضات ولم تقض علي الفتنة الطائفية،‮ فمنذ الثورات تختفي المشاكل الكبيرة ولا تنتهي وهو ما حدث في أطفيح وفي قنا‮.. وكما قلنا من‮ 20‮ عامًا فإن هناك مناخًا طائفيا يتم تكريسه ستحرق نيرانه الجميع وهو ما نراه اليوم‮.‬
ويري‮ »‬أسعد‮« أسبابًا كثيرة للمأساة منها التحالف بين نظام مبارك السابق والكنيسة مما أدي إلي تنازل الدولة عن الأقباط للكنيسة وكأن الكنيسة هي المسيحيون والمسيحيين هم الكنيسة وهي المسئولة عنهم وهذا‮ غير صحيح ويدل علي المعالجة الطائفية من قبل رأس النظام للقضية،‮ وقيام المجلس العسكري بتعيين محافظ مسيحي لقنا يؤكد استمرار الأساليب العتيقة في السياسة فلا يوجد مبرر لهذا علي الاطلاق،‮ ويري‮ »‬أسعد‮« أن سبب اشتعال الفتنة في الصعيد‮ - والتي يرفض إضفاء هذا الوصف عليها ويصر علي تسميتها بالمناخ الطائفي‮. هو وجود عدد كبير من الأقباط في الصعيد منذ القدم فعدديا هم متواجدون بشكل ملحوظ ولهم ممارسات كنسية ودينية ملحوظة هذا طبيعي،‮ لكن أدي ذلك للأسف في ظل المناخ الطائفي إلي ظهور التيارات المتشددة مثل الجماعة الإسلامية التي ظهرت في أسيوط ثم المنيا وكانت تؤيد العمل الإرهابي في مرحلة سابقة وظهور جماعة الجهاد والتي استحلت أموال المسيحيين واعتدت علي تجار الذهب،‮ وسط هذا ظهر إعلام منحاز وحكومة لا تريد الحل وقيادة كنسية تتحالف مع النظام كل هذا أحدث فرزًا طائفيا،‮ فالدولة لم يكن يهمها سوي ارضاء البابا شنودة وكأن المسيحيين كتلة واحدة صامتة وهذا خطأ فهناك الرأسماليون والعلمانيون والناصريون والمتشددون وتنازل الدولة عن حق الولاية عن الأقباط للكنيسة أدي إلي تجذر المناخ الطائفي‮.‬
ورقة التناقضات
ويؤكد‮ »‬أمين إسكندر‮« - وكيل مؤسسي حزب الكرامة تحت التأسيس أن السبب في الطائفية التي لا تلبث أن تهدأ ثم تعاود الاشتعال هو نظام مبارك السابق الذي كان يتعمد إدارة البلاد باللعب علي ورقة التناقضات حتي تبقي كل الخيوط في يده وحتي يبقي علي الكرسي في ظل عدم وجود رؤية أو مشروع للنهضة لذا حرص علي إذكاء نيران التناقضات بين من هو مسلم ومسيحي والعمال والفلاحين والبدو والمصريين وهي فلسفة أمنية تظهر مع أي رئيس مستبد‮!‬
لذلك كانت القيادات الأمنية دائمًا في المقدمة وعلي رءوس المحافظات فمشروعه أمني وفلسفته أمنية لضمان بقائه‮.‬
ومحافظتا المنيا وأسيوط في مشروع جمال عبدالناصر كانتا قويتين ولم تكن هناك أية مشكلة طائفية لكن منذ حادث الخانكة سنة‮ 1974‮ وقعت مئات الحوادث الطائفية منها‮ 165‮ حادثا طائفيا كبيرا‮.‬
الصعيد بحكم البيئة المتخلفة والبنية الاقتصادية والاجتماعية والموروثة وانتشار القبلية والجهوية والعائلات الكبري وتركز الثروة كان هو الأنسب للتوتر الطائفي محملاً‮ نظام مبارك السابق المسئولية كاملة عن هذا الملف‮.‬
فتن مفتعلة
ويري المستشار‮ »‬محمود الخضري‮« - نائب رئيس محكمة النقض السابق‮ - أن الفتنة الطائفية فيها جانب كبير من الافتعال،‮ وكان نظام مبارك يتعمد اشعالها ليشغل المصريين عن قضاياهم الرئيسية،‮ والنظام لم ينهار إلا من شهرين فقط فمازالت له جذور هنا وهناك هي التي تضغط في هذا الملف مشيرًا إلي أن‮ »‬الفتنة‮« دعوة تنم عن الجهل وعدم الالمام بالشريعة الإسلامية والمسيحية،‮ وفي ميدان الثورة لم يشعر أحد أنه مسلم أو مسيحي والكل واحد فالمسيحيون جزء‮ غال من الوطن والمعالجة الأمنية العاجزة هي التي أدت إلي استمرار الحالة الطائفية،‮ وفي المنيا وقنا وأسيوط المسيحيون عددهم كبير والمستوي الثقافي قليل من هنا كانت بيئة خصبة للتوتر‮.‬
أسباب ونتائج
ويري الباحث في الحركات الإسلامية د‮. »‬عماد علي حسن‮« أسبابًا عديدة للتوتر يسردها في عدة نقاط،‮ الصعيد عبر تاريخ طويل يعاني من‮ »‬ميراث فقر‮« متواصل وفي المجتمعات التي تعاني من الندرة يكون الناس أكثر حساسية في قضايا الهوية والعلاقة مع الآخر‮.‬
توجد نسبة كبيرة من المسيحيين في الصعيد قياسا بعددهم علي مستوي الجمهورية والنسبة في بعض هذه المحافظات تصل إلي‮ 30٪‮ بينما العدد لا يزيد علي‮ 8‮ أو‮ 9٪‮ بالكثير في المحافظات الأخري وهناك قري كاملة داخل أسيوط والمنيا للمسيحيين،‮ وعبر التاريخ عندما يكون العدد قليلا فإن الأقلية تعمل علي التكيف مع المحيط الاجتماعي المسلم حولها خوفًا من عواقب الفتنة،‮ ولكن عندما يزيد العدد يتملكها شعور بالقوة النسبية وينعكس هذا في أساليب وسلوك ورغبة في بناء الكنائس،‮ ومن خلال الحياة اليومية من الممكن أن تتحول نزاعات عادية إلي طائفية‮.‬
لم تنل مجتمعات الصعيد بالكامل حظها من التعليم مثلما حدث في القاهرة ومحافظات الوجه البحري وحسب دراسات عديدة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية فإن القري الأكثر فقرًا تتركز في قنا والمنيا وأسيوط وسوهاج،‮ كما أن نسبة الأمية والجهل تصل في بعض هذه القري إلي أكثر من‮ 63٪‮ وهذا كله مدعاة للتعصب والرؤية الضيقة‮.‬
فضلا عن أن الصعيد خلال ال40‮ سنة الأخيرة كان معقلاً‮ للجماعات الإسلامية المتشددة وعلي رأسها الجماعة الإسلامية التي نشأت في أسيوط وكانت الأكثر تشددًا وتطرفًا في التعامل مع الوضع الطائفي هناك مخاوف الآن من تزايد البعض الطائفي بعد الممارسات الأخيرة‮.. ويختتم عمار كلامه بأن حادث القديسين في الإسكندرية يؤكد أن‮ »‬مبارك‮« كان يستغل التوتر الطائفي أسوأ استغلال لضمان بقائه‮.‬
وساطة مرفوضة
ويشير د‮. مصطفي كامل السيد‮ - الخبير في العلوم السياسية إلي أن التوتر الطائفي ليس مسئولية النظام السابق وحده ولكنه مسئولية كل القوي السياسية ويتحملها الآن مجلس الوزراء برئاسة د‮. عصام شرف والمجلس العسكري فهناك جرائم طائفية ترتكب دون أن يقدم مسئولوها للمحاكمة مثل جريمة قطع أذن قبطي،‮ وحادثة أطفيح وكلها جرائم طائفية بعد الثورة‮.‬
وطالب‮ »‬السيد‮« بألا يكون المجتمع المصري والمجلس العسكري أسري للجماعات السلفية،‮ كما ينبغي أن نكف عن إرسال مشايخهم للوساطة‮.. فهذا عبث والاستمرار فيه يهدد مصير الوحدة الوطنية في هذا البلد‮.‬
ويشير اللواء فؤاد علام‮ - وكيل جهاز مباحث أمن الدولة السابق‮ - إلي أن استمرار الفتنة في محافظات المنيا‮ - وقنا وأسيوط يرجع إلي وجود احتقان طائفي وخلافات عائلية واحتكاكات يومية واستمرارها يرجع إلي عدم رغبة أي مسئول في التصدي لها ومعالجتها بالشكل الصحيح مطالبًا بتشكيل جهة أو هيئة مستقلة من المسيحيين والمسلمين والسياسيين والمسئولين تكون مهتمها الانتقال إلي جميع النقاط الساخنة طائفيا هيئة لها صفة رسمية تستطيع أن تحقق في أية حادثة وتحمل مسئوليتها لمن يرتكبها سواء كان مسلمًا أو مسيحيا لا يهم‮. رافضًا تعويل أسباب الفتنة علي وجود جماعات سلفية أو إرهابية من قبل في الصعيد عمدت إلي تقسيمه ومؤكدًا أن هناك مناخًا من الاحتقان يتجاوز هذا وذاك له ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية ودينية‮.‬
خفض الاستثمارات
من جانبه يري د‮. مهد النجار‮ - أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها ونائب رئيس لجنة الاقتصاد بالمجلس الأعلي للثقافة
أنه طوال تاريخ كل النهضات والتقدم لم تحدث فتنة طائفية في مصر وكل الذين قدموا مشاريع تنموية لمصر مثل محمد علي أو الخديو إسماعيل أو جمال عبدالناصر لم تظهر في عهودهم أدني بذرة للفتنة رغم أن المسلمين والمسيحيين هم أنفسهم ولم يتغيروا،‮ لأنه كان هناك مشروع قومي تلتف حوله الأمة المصرية فلا تجد وقتًا للتنازع السطحي‮.‬
وفي صعيد مصر فهناك تمايز مسيحي‮ - إسلامي أوضح من الدلتا والقاهرة لأسباب ترتبط بالحضارة المصرية التي نشأت أساسًا في الوجه القبلي وكانت القاهرة والدلتا منطقة برك ومستنقعات وتحديدًا في قنا وأسيوط،‮ فالأقباط هناك أكثر اعتزازًا بمسيحيتهم وأكثر كثافة والحساسية واردة،‮ كما أن الفقر وتردي الأحوال الاقتصادية والاجتماعية لفئات كثيرة في الصعيد تجعلهم أقرب للاثارة مع أي نزاع فالصعيد منهك ومهمش وخصوصًا في المحافظات الثلاث بالاضافة إلي سوهاج وهناك اهمال متعمد من جانب الدولة وحسب ندوة اقامها معهد التخطيط حول السكان والتنمية البشرية فالمشكلة في مصر ليست زيادة السكان ولكن توزيع الدخل القومي وتوزيع الاستثمارات فالصعيد بأكلمه‮ 9‮ محافظات لا يستحوذ إلا علي‮ 26.‬7٪‮ من اجمالي الاستثمارات،‮ كما أن هناك هوة واسعة بين متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي في القاهرة وباقي المحافظات وفي الوقت الذي يحتاج فيه المواطن بمحافظة القليوبية إلي‮ 16‮ سنة ليتساوي مع نصيب الفرد في محافظة القاهرة فإن مواطني محافظتي قنا والمنيا بحاجة إلي‮ 24‮ سنة،‮ وأسيوط‮ 31‮ سنة للوصول إلي مستوي نصيب الفرد،‮ كما أن احصاء القري الألف الأكثر فقرًا قد أكد أنها تقع في‮ 9‮ محافظات تتقدمها المنيا وأسيوط وقنا وسوهاج والبحيرة والشرقية‮!!‬
فالفقر وتدني الدخل عاملان أساسيان للفتنة،‮ بالاضافة لذلك وجود أيد خفية تبحث في أجنداتها عن أي نقاط نزاعية وتعمل علي تأجيجها‮.‬
والأخطر السياسة الاستعمارية التي اتبعها مبارك وهي‮ »‬فرق تسد‮« وشغل الناس بقضايا وهمية لشغلهم عن متابعة السياسات الاقتصادية والاجتماعية وعمليات النهب والاعداد لمشروع التوريث‮.‬
بينما يري عالم الاجتماع د‮. أحمد خيري حافظ‮ - بجامعة عين شمس أن هناك‮ 3‮ أسباب رئيسية للفتنة سواء تركزت في الصعيد أو خرجت بحوادث متفرقة في الإسكندرية والقاهرة والوجه البحير هي‮:‬
التراكم التاريخي للمشكلات بين المسلمين والأقباط وهو ما لم يجد حلولاً‮ عملية أو واقعية خلال فترة ما يقرب من‮ 50‮ سنة،‮ كما أن القصة الحقيقية للأزمة الطائفية يعرضها كل علماء النفس باسم الأقليات أو الجماعات الهامشية وهي موجودة في معظم دول العالم فالجماعة الصغيرة تخشي علي نفسها من جور الجماعة الكبيرة لذلك فمن المنطقي أن يتوجس الأقباط شرًا من الجماعة الإسلامية بحكم الأغلبية،‮ وفي المجتمعات الديمقراطية فهذه المشكلة تحل بالديمقراطية فحق المواطنة مكفول للجميع والقانون يطبق بحسم في مختلف الأحوال ويشير‮ »‬حافظ‮« إلي أن انتشار فقه البادية في الصعيد خلال ال30‮ سنة الأخيرة بعد الهجرة المكثفة لدول الخليج وهو الذي يميز بين فئة وأخري ويعترف بالجزية وما إلي ذلك هو الذي أدي إلي شيوع الاحتقان الطائفي‮.‬
كما أن انتشار الإرهاب في الصعيد مع انتشار تجارة السلاح ووجود خلل أمني كبير هو الذي أدي أيضا إلي تفشي الفتنة وجرائم الثأر ويحذر‮ »‬حافظ‮« من استمرار التهاون في التعامل مع هذا الملف محذرًا من الخطر الذي انتهت إليه بلاد كثيرة وحدث فيها الانفصال مثلما حدث في جنوب السودان والصومال والعراق فمن الممكن مع استمرار التوترات أن يتحول الصعيد إلي تجمع قبطي كبير متماسك ويؤدي فيما بعد إلي خطر لا يحمد عقباه‮.‬
في قنا‮.. الدين لله والوطن للسلفيين‮!‬
تصدرت أحداث‮ »‬قنا‮« المشهد السياسي والإعلامي بصورة‮ غير مسبوقة،‮ وصارت المحافظة المنسية منذ عشرات السنين،‮ قبلة للباحثين عن خبر ساخن وطازج‮.. تلتهمه مطابع الصحف،وتتناقله وكالات الأنباء،‮ ويفتح شهية القنوات الفضائية،‮ التي فتحت استديوهات برامجها علي البحري لمتحدثين تحت الطلب‮.. يطلقون الفتاوي في ما‮ يعرفون ولا‮ يعرفون‮.. فراح كل منهم‮ يفسر ويحلل ما‮ يجري من أحداث في‮ »‬قنا‮« علي هواه‮. باعتبار ان الجميع خبراء وعالمون ببواطن الأمور،‮ دون أدني دراية لأي منهم بالواقع وتداعياته وخريطته المعقدة،‮ في تلك المحافظة الملتهبة دوماً‮ بالأحداث والصراعات السياسية والاجتماعية والقبلية،‮ والأخري الفردية،‮ وسرعان ما تلقي عليها ظلال الطائفية البغيضة بفعل فاعل‮..‬
ما جري من أحداث مؤخراً‮ في‮ »‬قنا‮« مزعج ومخيف،‮ فقد اختلط فيه ما هو ثوري ومشروع بما هو‮ غير مشروع،‮ ولا‮ يبتعد عن الطائفية،‮ وترسيخ المفاهيم الدخيلة علي المجتمع من تطرف،‮ لاعتلاء خشبة المسرح السياسي ولو بالقوة ولي الذراع‮.‬
عشرة أيام ضبابية عاشتها‮ »‬قنا‮«.. وهي المدة الزمنية الفاصلة ما بين قرارين،‮ أصدرهما الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء‮... الأول‮ يقضي بتعيين اللواء عماد شحاتة محافظاً‮ ل»قنا‮«.. ضمن حركة المحافظين التي شملت عدة أقاليم‮. وعلي أثره اشتعلت الأحداث‮.. والثاني بتجميد قرار التعيين لمدة ثلاثة أشهر،‮ يتولي فيها السكرتير العام مهام وأعمال منصب المحافظ‮..‬
لكن ما الذي جري خلال الأيام العشرة‮... ولماذا جري؟‮. ما أن أعلنت الحكومة عن تعيين اللواء عماد شحاتة‮.. انفجرت الأحداث،‮ اعتراضاً‮ علي القرار بادعاءات‮ غير منطقية،‮ تارة أنه قبطي‮.. وتارة أخري،‮ لأن المحافظ السابق فشل في تحسين أوضاع المحافظة‮.. تبع ذلك موجة من الاحتجاجات الواسعة،‮ التي تنامت بفعل فاعل‮.. وامتدت الي حد العبث‮. بارتكاب أعمال ترقي الي مستوي العصيان المدني،‮ وارباك الدولة،‮ وأجهزتها المختلفة‮... مثل قطع السكة الحديد،‮ وافتراش القضبان،‮ واقامة الخيام للمبيت فيها،‮ ومنع عمل القطارات وقطع الطريق البري المتجه الي كل من أسوان،‮ والغردقة،‮ والتهديد بقطع الكهرباء،‮ واغلاق خط أنابيب المياه المغذية لمحافظة البحر الأحمر‮.‬
علي خلفية تصاعد الأحداث الملتهبة أوفدت الدولة شخصيات سياسية،‮ ودينية،‮ لاجراء مفاوضات مع المحتجين بغرض انهاء الأزمة،‮ ولم تتوصل المفاوضات الي نتيجة‮.. فقط طلبوا مهلة لتنفيذ ما‮ يرغب فيه المتظاهرون الذين افترشوا الميدان المقابل لمبني المحافظة‮.. وقبل نهاية المهلة بيوم واحد صدر قرار تجميد لتعيين المحافظ لتهدئة الأوضاع وعودة الأمور الي طبيعتها في‮ قنا وهو ما حدث بالفعل‮.. عاد عمل القطارات مرة أخري ولم‮ يذهب المحافظ الذي حلف اليمين القانونية أو‮ يتسلم عمله‮..‬
القراءة الدقيقة للمشاهد المحيطة بأحداث قنا،‮ تشير الي اننا امام وضع عبثي‮.. أسوأ ما فيه ان الحكومة تقف امام أية احتجاجات علي أنها مطالب ثورية حتي ولو كانت تعبيراً‮ عن مطالب‮ غير ثورية بالمرة‮.. وتصبح عاجزة عن التصدي لها‮...‬
فمنذ بداية الأزمة علت النبرة الطائفية‮.. وليس سواها‮!! حتي لا‮ يتم القفز علي الواقع وحقائق الأمور هذا ما جري فعلاً‮ ولكن لأن نبرة الطائفية كريهة ومنبوذة‮.. حاول من أطلقوها الخروج من المأزق الفاضح،‮ عن طريق ترويج مقولات أخري‮.. مثل أن هناك بعض الأقباط‮ يرفضون قدوم المحافظ‮.. ثم مرة أخري‮.. الرفض له لأنه من وزارة الداخلية ذلك علي‮ غير حقيقة الاحتجاجات التي تهدف لسيطرة التيارات السلفية،‮ التي ظلت علي الهامش لسنوات طويلة ووجدت متنفساً‮ لها بعد ثورة ‮52 يناير لتفرض سطوتها علي الحياة السياسية والاجتماعية في ظل تغييب كامل للعصبيات القبلية التي تمثل صمام الاستقرار في تلك المحافظة عبر العهود المختلفة‮.‬
المثير أن الدولة تعلم تمام العلم بحقيقة ما‮ يجري في قنا من أحداث وتدرك مخاطر وتداعيات ذلك،‮ لكنها التزمت الصمت وفوضت الشيخ محمد حسان،‮ والشيخ صفوت حجازي،‮ لانهاء الأزمة وغابت الدولة بمؤسساتها الفاعلة وهو امر‮ يطرح العديد من التساؤلات‮.. وخاصة ان الأرض خصبة الآن لتنامي نفوذ وسطوة هذه الجماعات،‮ التي لا‮ يفرق أعضاؤها ما بين إسقاط النظام ورموزه‮.. وكيان وهيبة الدولة وقوة القانون،‮ فالاعتراض علي‮ تعيين المحافظ هو مساس واضح بهيبة الدولة التي‮ يحاول البعض‮ »‬السلفيين‮« اسقاطها جهاراً‮ نهاراً‮ لفرض دولتهم بعيداً‮ عن عيون الإعلام‮.‬
فلا‮ ينكر أحد أن بذرة الأزمة‮.. بدأت برفض عماد شحاتة لأنه‮ »‬قبطي‮« ومن سبقه كان قبطياً‮ »‬مجدي أيوب‮« الأمر الذي‮ شعر فيه المحتجون وآخرون معهم،‮ أن الحكومة جعلت من محافظة قنا‮ »‬موصوف لها‮« قبطي في نظرهم وهذا‮ يمثل لمجتمعات قبلية في الأساس‮.. وتربة خصبة لجماعات الإسلام السياسي نوعاً‮ من الاستهانة بهم،‮ وهو الخطير في الأمر برمته‮!.‬
فهذه المحافظة التي زارها وزير الداخلية اللواء منصور العيسوي لحث المتظاهرين علي انهاء احتجاجاتهم‮.. كان نشاط السلفيين‮ يتنامي بظهور الأشخاص التي كانت مستترة ولا تفصح عن انتماءاتها عبر السنوات الماضية‮.‬
أمام هذا التنامي،‮ لم‮ يكن‮ غريباً‮ ان تصبح‮ »‬قنا‮« ملتقي لقيادات السلفية وشيوخها فعلي هامش الأحداث الملتهبة كانت اللافتات تنتشر في مداخل‮ »‬قنا‮« ونجع حمادي،‮ تحمل عبارات الترحيب ب»محمد حسين‮ يعقوب‮« صاحب مصطلح‮ غزوة الصناديق،‮ والشيخ‮ ياسر برهاني وساهمت الاحداث التي جرت في التعرف علي النوايا الحقيقية لتلك الجماعات التي ترغب في‮ تغييب دور الدولة‮.‬
أما الحديث عن عدم رضا الأقباط علي تعيين عماد شحاتة‮.. فله اسبابه الموضوعية،‮ التي لا‮ يمكن اغفالها من بينها ان تجربة المحافظ السابق مجدي أيوب كانت قاسية‮. لأدائه السلبي اثناء الأحداث الطائفية المتعددة التي جرت في‮ عهده سواء التي كانت في مدينة نجع حمادي‮.. أو فرشوط‮.. وهي تلك الأحداث التي جعلت مجدي أيوب لا‮ يستطيع الاقدام علي أية خطوة من شأنها‮ يتم اتهامه بالميل تجاه الاقباط،‮ او الميل تجاه الطرف الآخر من الأزمة،‮ فالأقباط لا‮ يريدونه قبطياً‮ ربما لهذه الأسباب التي لا‮ يمكن اغفالها‮. وليس تضامناً‮ مع التوجهات الدينية السلفية التي‮ يغلف أطرافها تصرفاتهم بأنها ليست دينية ولكنها للمصلحة العامة‮..‬
لكن أغرب ما في الأحداث التي استمرت عشرة أيام في محافظة قنا،‮ ان المسئولين داخل الحكومة في القاهرة،‮ أداروا الأزمة بطريقة عرفية وليست رسمية وهو من الأمور المقلقة علي مستقبل هذا البلد،‮ وخاصة ان ايفاد قيادات من شيوخ السلفية للتشاور كبديل عن الدولة في أحداث قنا،‮ وقرية‮ »‬صول‮« في‮ »‬أطفيح‮«.. يدفع لتجاهل او تهميش أدوار مهمة للعصبيات،‮ فيخطيء من‮ يظن ان الأزمة وأطرافها هي الدولة والجماعات السلفية دون الأخذ في الاعتبار وجود طرف ثالث مهم وحيوي قادر علي صياغة الحياة السياسية التي تحفظ الاستقرار في قنا،‮ وهو الأمر الذي تجيد السلطات الحاكمة التعامل معه،‮ هذه العصبيات التي‮ غابت عن المشهد بفعل فاعل،‮ هي‮ العرب الاشراف الهوارة‮.‬
وأفرزت تلك العصبيات عبر الأزمنة رموزاً‮ وقيادات سياسية لديها القدرة،‮ علي جلب المكاسب لأبناء الاقليم‮.. لكن ضعفت تلك العصبيات بانهيار النظام‮.. لأن الرموز والمصالح كانت دائماً‮ في‮ الولاء للسلطة القائمة‮.. وغياب هذا الدور ساهم بشكل فعال في ظهور التيارات السلفية،‮ كبديل عن تلك العصبيات ورموزها التي نحس خطواتها وأفعالها الآن‮. في‮ ظل الأوضاع السياسية الحالية‮.‬
علي هامش الاحتجاجات نشطت بورصة الانضمام للأحزاب سواء التابعة لجماعة الاخوان او الاحزاب الأخري،‮ وقد وجدت التيارات الدينية المناخ ملائماً‮ في تلك الأحداث للاعلان عن مواقفهم ومطالبهم بدولة الخلافة المرجوة‮.‬
أخطر ما جري في قنا،‮ هو انه نذير لبداية احتجاجات قادمة في مناطق أخري،‮ وان الاستجابة من الحكومة لتلك الاحتجاجات ومطالبها سيفتح الباب علي مصراعيه للنيل من كيان الدولة وترسيخ هيبتها،‮ فاذا كانت الحكومة أخطأت الاختيار عليها فرض هيبة الدولة وإعمال القانون‮.‬
القضية هنا ليست السلفية‮.. انما الأمر‮ يتعلق بمستقبل الدولة واستقرار المجتمع‮..‬
"‬الوفد‮" داخل مصنع العزيز بالله لإنتاج المتطرفين
دولة السلفيين في‮ الزيتون
أفتي‮ السلفيون بتحريم الثورة لأنها خروج علي ولي الأمر وبعد الثورة تغيرت آراؤهم وأعلنوا عن رغبتهم في المشاركة في الحياة السياسية وفي الفترة الأخيرة اشتطوا وأصدروا فتاوي ليس لها علاقة بالإسلام كهدم الأضرحة ومعاقبة تارك الصلاة بالضرب أو القتل وتشويه وجوه البنات التي لا ترتدي الزي الشرعي كل‮.. هذه الفتاوي أدت إلي إثارة الذعر والخوف بين الناس ونسي‮ هؤلاء الأشخاص الذين‮ يلصقون أنفسهم بالمذهب السلفي البريء من هذه الفتاوي بسبب الأفكار الهدامة والمدمرة لمجتمعنا المصري أن الدين الإسلامي لم‮ ينتشر بالسيف بل بالحجج والبراهين وكما‮ يقول الله تعالي‮ لنبيه‮ (‬ولو كنت فظا‮ غليظ القلب لانفضوا من حولك‮) كل هذه الفتاوي والتي ليس لها أساس من الصحة أثارت العديد من التساؤلات بين المواطنين حول المذهب السلفي‮ وأتباعه وهل من الممكن أن‮ يعود الإرهاب مرة أخري علي‮ أيديهم أو‮ يسبهم؟
حاولت‮ "‬الوفد الأسبوعي‮" أن تقترب من أصحاب التيار السلفي المتشدد لترصد عن قرب أفكارهم وتصرفاتهم‮ وتحاول أن تتعرف علي بعض معتقداتهم وطريقة إلقائهم الدروس الدينية‮.‬
ذهبنا إلي شارع العزيز بالله بمنطقة الزيتون وبمجرد دخولنا إلي الشارع‮ فوجئنا بأن هذا الشارع ملك للسلفيين وأن الغالبية العظمي من سكان هذا الشارع‮ ينتمون إلي التيار السلفي‮.‬
قمت بسؤال أحد المارة عن مكان المسجد فأشار بيديه إلي مبني ضخم جدا مكون من‮ 10‮ أدوار مخصص للتعاليم والدروس الدينية التابعة للتيار السلفي وأثناء ذهابي إلي المسجد وجدت في داخل المبني مستشفي إسلامياً‮ مخصصاً‮ لأهالي المنطقة من السلفيين وأسرهم فقط‮ ثم توجهت إلي المسجد وفي مدخل المسجد فوجئت بشخص‮ يجلس علي مكتب خشب ويحمل في‮ يده ماسورة حديد ويضع في أذنه سماعات تليفونه المحمول ويردد‮ "‬لو قابلوك صحابي وسألوك عليا‮" ثم نظر لي والخوف‮ يملأ عينيه وشد السماعات من أذنه تخيلت أنه أحرج مني وخشي من أن أبلغ‮ شيخ المسجد ولكن خوفه ليس مني بل من الشيخ الذي كان‮ يقف خلفي ثم قال له ماذا تفعل فقال له كنت أستمع للقرآن الكريم‮ يا سيدنا الشيخ فدخل الشيخ وقال له‮ (‬شوف الأخت عايزة إيه‮) فنظر لي وسألني‮ ماذا تريدين‮ يا أخت فقلت له أريد الدخول إلي مصلي السيدات فقال لي أصعدي إلي السلم في الدور الأول وأثناء صعودي السلم وجدت إحدي الأخوات تنزل وترتدي النقاب والزي الأسود كل هذا لم‮ يلفت انتباهي ولكن الشيء الغريب الذي لفت انتباهي هو أنها تحمل سماعة طبية فحاولت أن أتحدث معها فادعيت أني مصابة بدوار وطلبت منها أن تساعدني وبالفعل أدخلتني إحدي‮ غرف المسجد ثم أحضرت جهاز الضغط وقامت بقياس ضغطي وأثناء قيامها بالكشف سألتها هل أنت طبيبة؟ فأجابت‮: نعم،‮ فقلت لها ولكن المعروف عن زي الأطباء هو اللون الأبيض فما سر ارتدائك للون الأسود والذي‮ يدعو المريض للاكتئاب؟ فأجابت بحدة أنت عايزاني أبقي كافرة عموما أنت كويسة دلوقتي ثم تركتني وذهبت وبعد ذلك جاءت لي سيدة تحمل في‮ يدها زجاجة برفان وتضعها بالقرب من أنفي لكي أفيق ثم قالت لي سلامة الله عليكي‮ يا أخت فقلت لها ولكن البرفان حرام فإذا تعطرت المرأة ومرت علي قوم فهي زانية فضحكت ضحكة سخرية ثم تركتني وذهبت فوجدت سيدة من الأخوات تأخذ جانباً‮ وتجلس فيه بمفردها وتحمل إحدي المجلات وتقرأها فجلست بجوارها وقلت لها وأنا ابتسم ابتسامة خفيفة ماذا تقرأين فالمكتوب معروف أخبار مبارك هي هي نفس الأخبار ومفيش جديد فسألتني عن اسمي قلت لها اسمي فاطمة فقالت تحلي بالصبر‮ يا أخت فاطمة فإن لكل كافر نهاية ومبارك إن لم‮ ينل عقابه فسوف نوقع عليه الحد ألم تستمعي للخطبة السابقة فقلت لها لا فقالت الشيخ وعدنا بأن مبارك إن لم‮ ينل جزاءه هو وأتباعه الكفرة فسوف نقيم عليهم الحد فقلت لها بارك الله فيك‮ يا أخت فتركتها ووجدت‮ غرفة أمامي‮ يصدر منها صوت ضحك عال فدخلت الغرفة ووجدت أكثر من خمسة أخوات‮ يجلسن وجميعهن‮ يرتدين الزي الأسود ثم نظرن لي وكأنهن رأين أمامهن فتاة متبرجة علي الرغم من أنني كنت أرتدي اسدال الصلاة ولكنه كان ملونا فسألتني إحداهن بكل حدة ماذا تريدي؟ فأجبتها أريد أن أعرف مواعيد الدروس الدينية فأجابت كل‮ يوم بعد صلاة المغرب فتركتها وذهبت ثم عدت في اليوم الثاني قبل صلاة المغرب ولفت انتباهي وجود بنات صغيرة لا تتعدي أعمارهن خمس أو ست سنوات ويرتدين إسدالات سوداء جئن بصحبة أمهاتهن ليتشربن من تعاليم التيار السلفي المتشدد وهن صغار حتي‮ يكبرن متمسكين بهذه التعاليم حتي وإن كانت خاطئة‮.
وفوجئت بأعداد كبيرة جدا من السيدات التابعات للتيار السلفي المتشدد وكن‮ ينظرن لي‮ باستنكار نظرات‮ غريبة علي اعتبار إني مش مرتدية الزي الأسود والنقاب كما لو كان المسجد ملك لهم وليس من حق أحد أن‮ يدخله ونسوا أن المساجد كلها لله‮.‬
اقتربت مني واحدة من الأخوات اسمها هدي وسألتني أنت متجوزة؟ قلت لها لأ مش متجوزة قالت لي سبحان الله نظرتي في محلها ثم سألتها ليه قالت لي أنا بدور علي عروسة هنا في المسجد لأخ فاضل من إخواننا السلف أصل هو راجل مقتدر شبه مليونير عمره‮ 57‮ عاما ومتزوج من اثنتين وأب لخمس أبناء ويريد الثالثة علشان‮ يرجعله شبابه ثم أخرجت ورقة وقلماً‮ وقالت لي قوليلي بقي سنك ووزنك وطولك ولون شعرك ولون عينيكي كما لو أنها تختار بضاعة ونسوا إن الزواج سكن ومودة ورحمة بين الطرفين فقلت لها طب ممكن آخد رأي أهلي وبعدين أكلمك فأخذت مني رقم هاتفي فسألتها طب وإنتي ليه ماتتجوزيهوش فأجابت أنا لسه خالعة جوزي ولا أفكر في الزواج في الوقت الحالي ثم تركتها وذهبت لأخري وسألتها هو إنت بتحضري دروس هنا كل‮ يوم فأجابت طبعاً‮ وسألتها عن اسمها فأجابت فاطمة فقلت لها اسمك علي اسمي وعدت أسألها إنت متزوجة فقالت لأ لكن الشيخ نشأت أحمد إمام المسجد عاوز‮ يجوزني لأخ من الإخوان فقلت لها والله الشيخ نشأت ده ربنا هايكرمه جداً‮ ياسلام لو بقي رئيس الجمهورية فقالت لي كلنا نتمني كده علشان نعمم المذهب السلفي علي المصريين جميعا وتبقي دولة إسلامية‮. تركتها وجلست بمفردي لكي استوعب ما‮ يدور حولي ثم دخلت علينا سيدة من الأخوات وتقول لنا جميعا لو حبيتوا تاخدوا حسنات إخوانا السلف انشئوا جمعية لتيسير الزواج ولو حد عايز‮ يتجوز سواء رجل أو بنت‮ يا ريت‮ يتصل برقم الجمعية ويقول لهم علي المواصفات اللي عايزينها ولازم‮ يبعت لهم كارت شحن علشان‮ يتصلوا بيه لما‮ يلاقوا طلبة ووزعت علينا جميعا ورق مكتوب فيه رقم موبايل الجمعية وفي نفس الوقت فوجئنا بإمام المسجد‮ يردد نفس الكلام في الميكروفون‮.
وفي أثناء ذلك جاءتني واحدة من الأخوات وكان‮ يبدو علي وجهها علامات الغضب وكادت أن تفترسني وسألتني أنت ليه لابسة كده؟ أجبتها بدهشة لابسة إزاي‮ يعني؟ قالت ازاي تنزلي من البيت وأنت لابسة إسدال ملون ده حرام سوف تلفتي‮ نظر الرجالة بالشكل ده وهتشيلي وزر المفروض اللبس الملون للبيت بس وسألتها المفروض ألبس إيه وأنا نازلة؟ قالت زينا كده لبس شرعي ومش ملفت استغربت لكلامها لاني‮ غير مقتنعة بأي كلمة هي بتقولها بدون حجج دينية وعاجزة عن الاستشهاد بأية قرآنية أو حديث شريف كله كلام مرسل تحفظه وتلقنه للآخرين دون وعي‮ أو تفكير وعندما استشعرت منها الغضب والتحفز قلت لها إن شاء الله المرة الجاية هالبس الزي الشرعي وتركتها، وأثناء تجولي في المسجد لاحظت وجود واحدة من الأخوات جالسة علي كرسي وكانت تبكي بصوت مسموع أخذني الفضول لمعرفة السبب قربت منها وسألتها مالك بتبكي ليه؟ ردت‮: أبكي‮ علي حالي جوزي عايز‮ يتجوز عليه من واحدة سايبة معندهاش لا دين ولا أخلاق ومش كده وبس ده عايز‮ يتجوز بنت خالتي إحلوت في عينيه ولما حاولت ارجعه عن اللي في دماغه قال لي ده حقي الشرعي وأنا لي‮ أربع زوجات طلبت منه إنه‮ يتجوز أي واحدة تانية‮ غير دي لأنها قريبتي و قلت له أنا مستعدة أدورلك علي واحدة تانية بنفسي‮ قال أنا عايز دي وهتجوزها علي سنة الله ورسوله سألتها هو متدين قالت لي طبعا ده سلفي كمان وأنا النهاردة جيت هنا علشان اشتكيه لشيخ المسجد‮ يمكن‮ يرجعه عن اللي في دماغه،‮ وفي أثناء كلامنا دخلت واحدة من أمن المسجد وفي ايديها صندوق خشبي ومرت علي كل واحدة من الأخوات وطلبت منهم أن‮ يتبرعوا بمبلغ‮ من المال للمسجد‮.‬
ثم لاحظت وجود واحدة من المنتقبات تجلس وتعطي دروس انجليزي لبعض الأخوات داخل المسجد‮.‬
بعد ذلك دخل الشيخ نشأت أحمد وبدأ الدرس الديني وكان موضوع الدرس عن العلمانية والإسلام استغربت من طريقة إلقاء الشيخ للدرس حيث بدأ كلامه بجملة‮ غريبة جدا‮ (‬لا تقولي علمانية ولا فتة ولحمة وملوخية‮) إيه علاقة الدين بالأكل؟‮! وأخذ‮ يردد العلمانية كفر وإلحاد وطالب بإقامة دولة دينية‮ يحكمها السلفيون كما طالب الاخوان السلفيين بالتبرع للمسجد لشراء الأراضي الفضاء الموجودة في الدولة لكي‮ يقيموا عليها مباني ومساجد خاصة بالسلفيين حتي‮ يتمكنوا من الانتشار في البلد ونشر الدعوة السلفية الجهادية وأخذ‮ يردد‮: السلفيون قادمون‮.‬
وعدت في اليوم التالي لحضور درس ديني آخر تحت عنوان‮: »‬الجهاد في سبيل الله‮« ووصف الشيخ مبارك وحاشيته بأهل قريش ثم قال البرادعي كافر لأنه عميل للأمريكان وأخذ السلفيون‮ يرددون كلمة كافر علي كل اسم‮ يذكره الشيخ‮.‬
بعد انتهاء الدرس خرجت من المسجد وأثناء تجولي في شارع العزيز بالله رأيت تجمعات كثيرة من‮ الرجال السلفيين‮ يرتدون الجلباب الأبيض القصير وينتشرون في الشارع وكان أحدهم‮ يمسك بجريدة مكتوب علي صفحتها الأولي السلفيون قادمون لاحظت أيضا انتشار الباعة المتجولين من الرجال والنساء وكلهم تابعون للتيار السلفي ذهبت إلي واحدة من البائعات علي أني زبونة وكانت تضع بضاعتها علي قفص خشبي وسألتها أنت بتشتغلي هنا من زمان قالت لي أنا هنا من فترة كبيرة لكن إخوانا السلف اشترطوا عليا وقالولي لو عايزة تاكلي عيش في الشارع ده لازم تكوني منتقبة وإلا هيمنعوني من دخول الشارع بحجة إن وجه المرأة عورة،‮ ما لقيتش حل‮ غير إني ألبس النقاب،‮ علي الرغم من أني‮ ست‮ غلبانة ولبسي كان محتشم،‮ واضطررت في الآخر إني أقبل لأني محتاجة الشغل علشان جوزي ميت وولادي لسه صغيرين وأنا اللي بصرف عليهم ثم سألتني هو حرام إن الست تبين وجهها،‮ ولو كان حرام ربنا ماكنش خلقه تركتها، ودخلت إحدي المحلات التجارية الموجودة بالمنطقة وكان‮ يعرض عبايات نسائية وكتب دينية لالتقط بعض الصور،‮ وفوجئت أن الفتيات اللاتي‮ تعملن في المحل كلهن منتقبات وقلت للبائعة أنا عايزة أصور العباية دي علشان أفرجها لأمي لأنها ماتقدرش تيجي لحد هنا ولو عجبتها هارجع تاني وأشتريها فوافقت علي الفور، وقمت بإلتقاط الصور‮ - وجذب انتباهي لافتة المحل وكان مكتوباً‮ عليها دار أعلام السلف‮.‬
بعد إنتهاء جولتي في شارع السلفيين انتابني إحساس‮ غريب إن هؤلاء‮ يعيشون في عالم مختلف عن عالمنا رغم أننا جميعا ننتمي‮ إلي‮ دين واحد هو الإسلام إلا أن الخوف والفزع انتابني‮ وسألت نفسي‮ أين هؤلاء من سماحة وبساطة الإسلام‮ .. هم أول من خرج علي‮ القرآن والسنة حين روعوا المسلمين الآدميين وأصدروا فتاوي‮ تخالف الإسلام دين الأمن والسلام‮. لماذا هؤلاء الأشخاص رسموا طريقاً‮ لحياتهم مليء بالتشدد والعصبية الدينية وأنهم بذلك أعطوا الفرصة للغرب لمهاجمة الدين الإسلامي ووصفنا بالإرهاب وكيف أباحوا لأنفسهم إصدار الفتاوي بتحريم أشياء معينة دون الاستناد والرجوع إلي القرآن والسنة ونسوا أن ديننا دين تسامح وسلام‮.
الغزوات العشر تهدد بإشعال الفتنة خلال الأيام القادمة
السلفيون‮ يعتصمون "‮ الجمعة " أمام مسجد النور ويتوجهون للكاتدرائية للمطالبة بعزل المغني‮ والبابا شنودة‮!‬
عشرة مطالب للسلفيين قد‮ يؤدين الاصرار علي‮ تنفيذها الي‮ تأجيج الصراع الطائفي‮ وإشعال نيران الفتنة خلال الأسابيع القادمة،‮ خاصة بعدما اعلن عدد من قياداتهم أنهم بصدد الاعتصام أمام الكاتدرائية المرقسية بالعباسية الاسبوع القادم في‮ حالة عدم تنفيذ مطالبهم‮. المطالب العشرة للسلفيين التي‮ طالما حاولوا اخفاءها طوال عهد الرئيس المخلوع حسني‮ مبارك خشية الاصطدام معه ومع جهازه الامني،‮ جهروا بها واعلنوها صراحة وبالفم المليان وذلك خلال تنظيمهم وقفة احتجاجية لهم‮ يوم الاحد الماضي‮ امام مسجد القائد ابراهيم بالاسكندرية حيث اعلن اكثر من عشرة آلاف سلفي‮ مطالبهم رداً‮ علي‮ مقتل سلوي‮ عادل عطا التي‮ أشهرت إسلامها منذ عام‮ 2005‮ ولقيت مصرعها واطفالها الثلاثة علي‮ يد اشقائها الذين قتلوها‮ يوم الجمعة الماضي‮ عقابا لها علي‮ اشهارها اسلامها وتزوجها من عقيد متقاعد خالد ابراهيم الذي‮ يرقد حالياً‮ بمستشفي‮ المعادي‮ العسكري‮ بعدما طعنه اشقاء زوجته عدة طعنات كادت ان ترديه قتيلاً،‮ الامر الذي‮ جعل التيار السلفي‮ يسرع في‮ تنظيم وقفة احتجاجية امام مسجد القائد ابراهيم بقيادة الدكتور‮ ياسر برهامي‮ عضو المجلس الرئاسي‮ للدعوة السلفية بالاسكندرية والدكتور أحمد فريد والشيخ احمد المحلاوي‮ وعدد من رموز التيار السلفي‮ بالاسكندرية وطالبوا بالقصاص الفوري‮ من قتلة سلوي‮ وابنائها واعلنوا مطالبهم العشرة الاخري‮ خلال اعتصامهم وعلي‮ رأسها اخضاع البابا شنودة والانبا بيشوي‮ واعوانهم للقضاء العسكري‮ ومحاكمتهم باعتبارهم احد فلول النظام السابق وثانياً‮ تفتيش الاديرة والكنائس واستخراج الاسلحة منها،‮ ثالثاً‮ استرداد كامليا شحاتة ووفاء قسطنطين و70‮ متأسلمة من كنائس البابا شنودة،‮ رابعاً‮ اسقاط الجنسية المصرية من أقباط المهجر مثل مرقص عزيز ومايكل منير،‮ خامساً‮ حراسة المساجد أسوة بحراسة الكنائس سادساً‮ ضبط القساوسة والافراد المسئولين عن المسرحية الشهيرة المسيئة للرسول والتي‮ تم عرضها بمحرم بك عام‮ 2005،‮ سابعاً‮ ضبط قاتل المسلمين في‮ ابو قرقاص والقصاص منه وهو المحامي‮ القبطي‮ علاء رشدي،‮ ثامناً‮ سن مشروع قانون‮ يحمي‮ المتأسلمين من الاعتداء عليهم،‮ تاسعاً‮ اقالة الدكتور علي‮ جمعة مفتي‮ الجمهورية باعتباره احد الذين هاجموا النقاب ووصفه له بانه عادة وليس عبادة واصدار المحكمة الادارية العليا الاسبوع الماضي‮ حكما بعدم جواز ارتداء النقاب في‮ الامتحانات استناداً‮ الي‮ فتوي‮ مفتي‮ الجمهورية وعاشراً‮ تقديم قتلة سلوي‮ عادل للمحاكمة والقصاص منهم بالاعدام‮.‬
ارتفاع سقف المطالب عند السلفيين لدرجة تصل الي‮ اقالة البابا شنودة واقالة المفتي‮ وتفتيش الاديرة والكنائيس لم‮ يأت فجأة أو دون مقدمات،‮ بل ان الغزوات السلفية التي‮ بدأت عقب خلع الرئيس السابق ابتداء من‮ غزوة الصناديق في‮ التعديلات الدستورية مروراً‮ بغزوة استرداد كامليا شحاتة و70‮ متأسلمة من كنائس البابا شنودة،‮ جعلت السلفيين‮ يكملون‮ غزواتهم خاصة بعدما وجدوا الساحة السياسية امامهم خاوية ولم‮ يجدوا من‮ يصدهم أو حتي‮ يحذرهم من الاستمرار في‮ غزواتهم ومعاركهم،‮ لدرجة ان المجلس العسكري‮ الذي‮ تقابل أحد أعضائه اكثر من مرة مع وفد ما‮ يسمي‮ ائتلاف دعم المسلمين الجدد كان اخرها‮ يوم الاحد الماضي‮ عندما قابل اللواء نبيل فهمي‮ قائد المنطقة الشمالية بالاسكندرية مع وفد من رموز السلفية بعد ان نقلوا اعتصامهم من مسجد القائد ابراهيم الي‮ المجلس العسكري‮ سيراً‮ علي‮ الاقدام خمسة كيلو مترات،‮ لتقديم مذكرة لمجلس العسكري‮ بمطالبهم العشرة وتزعم الوفد الشيخ أحمد المحلاوي‮ والدكتور أحمد فريد والدكتور حسام أبو النجاري‮ المنسق العام للائتلاف،‮ فأكد لهم اللواء نبيل فهمي‮ أن مطالبهم مشروعة وأنه سيقدم المذكرة للمشير محمد حسين طنطاوي‮ لبحث مطالبهم،‮ وهو الامر الذي‮ شجع السلفيين في‮ اكمال‮ غزواتهم وفعالياتهم التصاعدية،‮ لذلك قرروا الاعتصام‮ غداً‮ »‬الجمعة‮« امام مسجد النور وذلك للضغط علي‮ المجلس العسكري‮ لتنفيذ مطالبهم ونقل اعتصامهم بعد ذلك امام الكاتدرائية المرقسية بالعباسية حتي‮ يتم تقديم البابا شنودة للمحاكمة واسترداد‮ 70‮ متأسلمة داخل كنائس شنودة‮.‬
أما‮ غزوة النقاب التي‮ اعلنها السلفيون فإنهم سيبدأون في‮ تنفيذها‮ يوم الاثنين القادم،‮ وذلك بعدما أعلن الشيخ محمد الزغبي‮ احد زعماء التيار السلفي‮ الحرب علي‮ الدكتور علي‮ جمعة مفتي‮ الجمهورية وطالب شباب السلفيين بالجامعات بالاعتصام‮ يوم الاثنين القادم في‮ جميع جامعات مصر ونقل اعتصامهم أمام المجلس العسكري‮ للمطالبة بإقالة الدكتور علي‮ جمعة مفتي‮ الجمهورية وذلك بعدما اصدرت المحكمة الادارية العليا حكماً‮ بعدم جواز ارتداء النقاب خلال الامتحانات وطرد اي‮ طالبة ترتدي‮ النقاب خلال الامتحانات بالجامعات،‮ وهو ما اعتبره الزغبي‮ حكماً‮ صادراً‮ بناءً‮ علي‮ فتوي‮ علي‮ جمعة بأن النقاب من العادات وليس من العبادات،‮ الامر الذي‮ اعتبره الزغبي‮ ومعه عدد من شيوخ السلفية بمثابة بدء الحرب علي‮ جمعة ودار الافتاء لتطهيرها منه ومن شيوخ دار الافتاء المحسوبين علي النظام‮.‬
دعوة الزغبي‮ شباب السلفيين بالجامعات بالاعتصام في‮ الجامعات‮ يوم الاثنين القادم لاقت قبول‮ 20‮ ألف شاب سلفي‮ في‮ جميع جامعات مصر الذين اعلنوا في‮ بيان لهم علي‮ موقع‮ »‬نحري‮ قبل نقابي‮« علي‮ الفيس بوك الذي‮ انضم له حتي‮ الان قرابة سبعة آلاف شاب سلفي،‮ عن اعتصامهم‮ يوم الاثنين المقبل للمطالبة بإقالة المفتي‮ الحالي‮.‬
ورغم أن الشيخ الزغبي‮ دعا شباب السلفيين الي‮ الاعتصام لاقالة المفتي‮ إلا أنه في‮ عهد الرئيس المخلوع كان‮ يحرم المظاهرات ويتبني‮ فكر‮ »‬المدخلي‮« وهو الفكر الذي‮ ألفه الشيخ ربيع بن هادي‮ المدخلي‮ وهو من شيوخ السعودية الذي‮ ينادي‮ بعدم جواز الخروج عن الحاكم حتي‮ لو كان كافراً‮ أو ظالماً‮ أو فاسقاً،‮ وهو الفكر الذي‮ تبناه الشيخ محمد الزعبي‮ في‮ مصر واعتبر ثوار ميدان التحرير من الخوارج،‮ الا ان الزعبي‮ بعد الثورة‮ يبدو انه لا‮ يعتبر الخروج علي‮ المفتي‮ من المحرمات ويعتبر‮ غير المنادين بإقالة المفتي‮ من الخوارج‮.‬
مظاهرة الجمعة القادمة أمام مسجد النور الذي‮ سيطر عليه السلفيون عقب الثورة بعدما اعلن الشيخ حافظ سلامة انه ملكه وقام بطرد الشيخ احمد ترك امام المسجد المعين من قبل وزارة الاوقاف ومظاهرة شباب السلفيين في‮ الجامعات والمجلس العسكري‮ للمطالبة بإقالة المفتي‮ وابطال حكم الإدارية العليا بعدم جواز ارتداء النقاب في‮ الجامعات،‮ مظاهرتان تنذران بصراع طائفي‮ وشيك خلال الفترة القادمة،‮ خاصة بعدما استغل التيار السلفي‮ مقتل المواطنة سلوي‮ عادل من قبل أشقائها الأقباط استغلالاً‮ حركيا لتصعيد سقف مطالبهم‮.‬
لا تراجع ولا استسلام
من جانبه أكد الدكتور هشام كمال أحد أعضاء ائتلاف دعم المسلمين الجدد أن التيار السلفي‮ وائتلاف دعم المسلمين الجدد لن‮ يتراجع عن مطالبته بإقالة البابا شنودة من منصبه ومحاكمته أمام القضاء باعتباره أحد فلول النظام السابق،‮ مشيراً‮ إلي أن البابا شنودة تولي‮ البابوية بقرار جمهوري‮ بعدما كان معزولا قانونياً‮ في‮ عهد الرئيس الراحل أنور السادات،‮ لافتاً‮ أن مطالبات السلفية بعزل شنودة جاءت بعد احتجازه كاميليا شحاتة و70‮ متأسلمة في‮ كنائسه بالمخالفة للقانون وكذلك محاكمته الانبا بيشوي‮ بسبب تصريحاته المعادية للإسلام‮.‬
وأشار كمال إلي أن مطلب السلفية بتفتيش الكنائس مشروع،‮ وذلك لأن الكنيسة تحوز جميع أنواع الأسلحة بداخلها،‮ حيث تقوم الكنيسة بإدخال جميع أنواع الأسلحة داخل عربات الأسمنت دون أن تعرف ذلك الجهات الأمنية،‮ مشيراً‮ إلي أن الأنبا ويصا مسئول دير الكشح قام بطرد المسلمين بالكلاشنكوف خلال الأزمة من فوق سطح الكنيسة مشيراً‮ ان ذلك أكبر دليل علي‮ وجود أسلحة بالكنيسة‮.‬
ولفت كمال إلي أن مطلب السلفية باسترداد كاميليا ووفاء قسطنطين وغيرهما هو مطلب مشروع لاحتجاز مواطنين وإجبارهم علي‮ اعتناق المسيحية وتهديدهم بالقتل،‮ مشيراً‮ إلي‮ ان الكنيسة مازالت تسلك نفس منهجها قبل الثورة،‮ حيث قامت باختطاف المواطنة فاطمة محمد‮ يوم‮ 14‮ فبراير وبعد تنحي‮ الرئيس المخلوع بثلاثة أيام فقط،‮ وقامت الكنيسة أيضاً‮ بقطع الطريق في‮ طريق المقطم مشيراً‮ إلي أن الكنيسة هي‮ التي‮ بدأت العداء مع السلفيين وليس العكس كما‮ يتصور البعض‮.‬
وأشار كمال إلي أن السلفية سيعتصمون‮ غداً‮ أمام مسجد النور ثم سينقلون اعتصامهم أمام الكاتدرائية ما لم‮ يتم تنفيذ مطالبهم العشرة،‮ لافتاً‮ ان اعتصام الغد سيكون به أكثر من عشرين ألف سلفي،‮ مؤكداً‮ ان السلفيين لن‮ يسكتوا علي‮ طرد المنقبات من الامتحانات،‮ مشيراً‮ إلي ان الحكم بعدم جواز ارتداء النقاب لا‮ يستطيع أحد أن‮ ينفذه في‮ مصر‮.‬
من جانبه أكد الدكتور وحيد عبدالمجيد أن المطالب العشرة ليست للتيار السلفي‮ كما‮ يظن البعض،‮ وإنما هي‮ لمجموعة محدودة في‮ أوساط السلفيين،‮ مشيراً‮ إلي ان السلفيين أوساط وأطياف واسعة ومدارس مختلفة،‮ وليس معني‮ مطالبة‮ 1500‮ شخص منهم بهذه المطالب فإنها تعتبر مطالب لجميع السلفيين‮.‬
ووصف عبدالمجيد من‮ يطالب بإقالة شنودة ومحاكمته وإقالة المفتي‮ بأنهم مجموعة من متطرفي‮ التيار السلفي‮ الذي‮ يوجد به العديد من التيارات المعتدلة والشيوخ التي‮ تتبني‮ الفكر الوسطي‮ وليس التكفيري‮ أو المبني‮ علي‮ العنف مثل قيادات الجمعية الشرعية التي‮ يرأسها الدكتور محمد مختار المهدي‮ وجمعية أنصار السنة المحمدية التي‮ يرأسها الشيخ عبدالله شاكر‮.‬
وطالب عبدالمجيد بسرعة إجراء حوار عقلاني‮ مع الذين‮ يتبنون المطالب العشرة،‮ مشيراً‮ إلي أن مشيخة الأزهر‮ يجب عليها التدخل لوقف زحف السلفيين والتمادي‮ في‮ تصعيد مطالبهم‮.‬
أما الدكتور رفعت سيد أحمد مدير شركة‮ يافا للدراسات فأكد ان مطالب السلفية ستزيد خلال المرحلة القادمة إن لم‮ يتم مواجهتهم عن طريق تكاتف رجال الدين المعتدلين وشيوخ الأزهر،‮ مشيراً‮ إلي أن المواجهة السياسية مع السلفيين هي‮ الحل الوحيد لمواجهة فكرهم،‮ وليس المواجهة الدينية وأشار رفعت إلي أنه ما‮ يحدث في‮ محافظة قنا من إصرار السلفيين علي‮ إقالة المحافظ لأنه قبطي‮ أكبر دليل علي‮ ضرورة مواجهة السلفيين خلال الفترة القادمة‮.‬
وأشار رفعت إلي أن مطالب السلفيين ستزيد كلما اقترب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية،‮ حيث سيزيد نفاق بعض المرشحين للرئاسة لهم،‮ مثلما صرح حمدين صباحي‮ المرشح للرئاسة أنه مع حقوق السلفية،‮ حتي‮ يكسب ودهم وأصواتهم في‮ الانتخابات الرئاسية‮.‬
وتوقع رفعت أن‮ يتم تقسيم مصر إلي‮ دويلات وتفتيتها كلما أصر السلفيون علي‮ مطالبهم،‮ مشيراً‮ إلي أن السلفيين سوف‮ يواجههم متعصبون أيضا من الكنيسة الذين‮ يمثلون التنظيم السري‮ الكنسي‮ والذين سيحاولون صد‮ غزوات السلفيين بالقوة خلال الفترة القادمة‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.